• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الامام الخوئي : يوم الغدير من ايام الله الزاهرة .
                          • الكاتب : مهرجان الغدير العالمي الاول .

الامام الخوئي : يوم الغدير من ايام الله الزاهرة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته قائد البشرية ونبيها العظيم الخاتم محمد وآله الطاهرين .

والسلام على إخواننا المؤمنين المجتمعين من مختلف بقاع العالم الإسلامي وأقطاره المعمورة لإحياء هذه الذكرى العطرة أخذا بقوله تعالى: ]ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ[، واسأله تعالى شأنه ان يجمع كلمة المسلمين على حب نبيه الأمين6وأهل بيته الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأن يوحّد مواقفهم وأهدافهم في هذا الزمن العصيب الذي ابتلي به الإسلام والمسلمين بمن يفرّق شملهم ويوسّع دائرة الخلاف بينهم ليسهل بعد ذلك على أعداء الله ورسوله السيطرة على إرادتهم، والتسلط على بلادهم، والتحكم بمصادر ثروتهم .

وإذا كان لي ان أنبه إخواني المؤمنين ـ وهم في مهرجانهم العظيم هذا ـ إلى شيء بعد التمسك بشعائر الله سبحانه وتعالى، والتأسي بسنة رسوله الكريم، فليس هو إلا التنبه إلى ما يثيره هؤلاء الأعداء من تفريق كلمة المسلمين وتشتيت هدفهم بإثارة البغضاء والشانئان بين إتباع مذاهب كلها تتمسك ـ والحمد لله ـ بحبل الله وحبل رسوله، ولا تختلف يف التقرب إلى الله بحب أهل بيت نبيه6، وإحياء ذكراهم العطرة في مختلف مناسباتهم الدينية . وأؤكد على هؤلاء المؤمنين ـ وفقهم الله لمراضيه ـ إلا يجعلوا مواطن اختلاف الرأي والاجتهاد المذهبي سبباً من أسباب فرقتهم .
والمسلمون ـ بعد ذلك ـ يعلمون ما عليه كل مذهب من عقائد يتبناها أبناؤه ولا ينبغي ان تكون هذه العقائد محوراً يستغله المتربصون بهم لتعميق الهوة بينهم ومن ثم أضعاف شوكتهم جميعاً .
من هذا المنطلق كتب لي بعض أخواننا المؤمنين من عزمهم على إقامة مهرجان إسلامي مقدس بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً على نزول الركب النبوي في غدير خم ؛ طالبين منا افتتاح هذا المهرجان المبارك المعقود لذكرى إعلان النبي 6لامته ولاية أمير المؤمنين علي 7تنفيذاً للأمر الإلهي في قوله عز من قائل: ]يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ[ .
وأنني إذ أفتتح باسم الله وعونه تبارك وتعالى هذا المهرجان، نبتهل إليه تعالى ان يعصم المسلمين من الفرقة وان يجمعهم على الحق وان يرسخ وحدتهم في مواجهة البغي والعدوان .
ان الحقيقة التي ينبغي أن تكون واضحة للجميع ان الاحتفال بيوم الغدير الخالد ليس احتفالاً بيوم من أيام الله الكبرى فحسب ؛ ولا مجرد احتفاء عاطفي بحديث نبوي شريف أبان فيه ـ الذي لا ينطق عن الهوى ـ مقام أمير المؤمنين{ع}فضله، وان يكن في كل من هذا وذاك من معاني السمو والشأن ما يجعله أهلاً للحفاوة والاحتفال على كل حال .
ان ليوم الغدير ـ عند مَنْ تدبر وأمن النظر ـ معنى أدق وأعمق من محض التكريم والتبجيل لشخص أمير المؤمنين{ع}؛ وبُعداً أعم وأوسع مدىً من ذلك، وخصوصية لا نجدها في كثير من أيام الله الزاهرة التي عاصرها المسلمون الأوائل في ظل النبوة، ذلك لأن هذا اليوم مرتبط كل الارتباط بمسألة تعد من الأركان الكبرى في العقيدة الإسلامية ؛ وهي مسألة الإمامة في الدين التي يعدها الشيعة الأمامية ـ تعبداً بما استنبطوه من النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة ـ جزءاً متمماً للرسالة واستمراراً لوجودها. وكان يوم الغدير يوم تأكيد هذه الحقيقة وإعلانها على رؤوس الأشهاد متمثلة في علي{ع}الذي أجمع المسلمون على ما حبه به الله تعالى من الفضائل التي امتاز بها عن غيره .
فانه 7وليد الكعبة، وهو أول من أسلم، وهو الذي نص عليه النبي {ص}بالوزارة والوصاية والخلافة في أول البعثة عندما خطب في عشيرته الأقربين، وهو الذي فدا النبي{ص}بنفسه في مبيته على الفراش ليلة الهجرة، وأشرك في كل حروب الإسلام مجاهداً وفعل الأفاعيل بأعداء الله ورسوله، وهو الذي كرمه الله ورسوله باختياره زوجاً لفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وهو الذي جعله رسول الله{ص}باب مدينة العلم وشهد انه أقضى الصحابة، وهو الذي كان من النبي بمنزلة هارون من موسى، وهو الذي ضربت بزهده وورعه الأمثال .
أليس هذا الرجل الذي اجتمعت فيه كل هذه المزايا والمناقب وكثيرٌ غيرها ممّا يضيق الوقت بتعداد بعضها فضلاً عن سردها بجمعها هو المؤهل الأمثل لحمل ثقل الأمانة، والحري حقاً بان يكون ولي كل مؤمن ومؤمنة .
وبهذا يكون الاحتفال بهذه الذكرى العطرة احتفالاً بيوم عظيم من أيام الله الخالدة، وبموقف تاريخي شامخ من مواقف رسول الله {ص}المعنية بمستقبل الأمة، وباختيار موقف سديد لضمان استمرار المسيرة الإسلامية في طريقها السليم وصراطها المستقيم، بعيدة عما يفسدها من مساوئ التحكم ومنزلقات التسلط وشوائب الأهواء ونوازع النفوس الأمارة بالسوء .
ان أبناء علي{ع}إذ يحتفلون في جميع إنحاء العالم الإسلامي بذكرى الغدير المجيدة، فأنهم يحملون في صميم عقيدتهم بالإمامة والولاية عقيدتهم بالوحدة الإسلامية التي وضعها أمير المؤمنين {ع}في المرتبة الأولى من اهتماماته وبذل من اجلها اكبر تضحياته حين تجنب أي موقف يمكن ان يؤثر على الوحدة بين المسلمين وقال كلمته المشهورة في إحدى أشد لحضات حياته إيلاما:
لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن جور إلا علي خاصة

بارك الله لكم جميعاً مهرجانكم ومجتمعكم، وشكر الله مساعي القائمين بذلك والمشرفين عليه، وسدد الله خطا المشاركين فيه ببحوثهم ومحاضراتهم ومناقشاتهم العلمية، ]وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[ والله تعالى من وراء القصد، وهو خير موقف ومسدد ومعين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .

السيد ابو القاسم الخوئي

(عن مجلة الموسم العدد السابع 1990 - هولندا)

المصدر 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : زائر ، في 2012/10/28 .

" ان أبناء علي{ع}إذ يحتفلون في جميع إنحاء العالم الإسلامي بذكرى الغدير المجيدة، فأنهم يحملون في صميم عقيدتهم بالإمامة والولاية عقيدتهم بالوحدة الإسلامية التي وضعها أمير المؤمنين {ع}في المرتبة الأولى من اهتماماته وبذل من اجلها اكبر تضحياته حين تجنب أي موقف يمكن ان يؤثر على الوحدة بين المسلمين وقال كلمته المشهورة في إحدى أشد لحضات حياته إيلاما:
لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن جور إلا علي خاصة "
ما اروع هذا الكلام



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23675
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29