• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بهذه الطريقة استطعنا معرفة التيارات الادبية .
                          • الكاتب : منشد الاسدي .

بهذه الطريقة استطعنا معرفة التيارات الادبية

كان الكاتب العراقي والى وقت قريب جداً يعيش تحت دائرة تضيق كلما اتسعت لدى المواطن العراقي آفاق التطلع نحو ثقافة اكثر اتصالاً والتصاقاً مع ثقافات الامم الاخرى.
ولأن كل ممنوع مرغوب لجأ مثقفوا العراق وادباءه ومن كان يحاول معرفة ما يجري ويدور خارج اسوار البلد الى (الكتاب المستنسخ) فكانت تجري في اوقات خاصة جداً ولساعات متأخرة من الليل عملية استنساخ الكتب التي 
 
  دخلت دائرة المحظورات رغم كل ما تحمل هذه العملية من مخاطر ومهالك.فكانت الكتب تستنسخ الى عشرات او مئات النسخ ثم تجلّد بعناوين تمويه اخرى كأن توضع داخل غلاف لكتاب شائع سياسي او ادبي وربما حملت بعض مؤلفات كبار المفكرين والمؤلفين العراقيين عناوين قصص للاطفال!!.
اولى وقفاتنا كانت مع السيد (عباس طلال).. صاحب مكتب الاداب للاستنساخ في باب المعظم سابقاً.والذي تحدث الينا قائلاً:
- عملت في مجال الطباعة والاستنساخ مدة خمسة عشر عاماً وكانت بحق مهنة حضارية ولطيفة.. نعم كنت امضي ساعات وساعات في استنساخ الكتب المحظورة وغالباً ما كان يجري ذلك ليلاً وقد كنت ادرك حجم المخاطر وراء ذلك.. لكن حقيقة كان يدفعني شيء عجيب لهذا العمل.. لقد كنت اعتبره رسالة يجب ايصالها ولعل الامر كان محاولة منا للتعبير عن الرفض بهذا الشكل.. لقد استنسخت كتب ذات قيمة عالية وعناوين بارزة اذكر منها (الاسس المنطقية) و(المسالك والمهالك لحميد المختار) و(مجلة الهدى للسيد الصدر) وغيرها كثير.. وقد كان من رواد مكتبي العديد من الادباء منهم من هو موجود الان في الساحة مثل (فاضل ثامر وعبد الخالق الركابي وشوقي كريم ومنشد الاسدي والمرحوم عناد غزوان)..
لقد تعلمنا لأجل الاستمرار في ذلك الكثير من البدع للتعامل مع الكتاب المستنسخ وحدثت لي انا الكثير من المفارقات والضغوطات اجبرتني اخيراً على بيع المكتب والاجهزة والاتجاه نحو الصحافة.
وفي شارع المتنبي الاشهر في العراق.. كان لابد لنا ان نتحدث مع السيد (زين احمد النقشبندي) الذي يمتلك باعاً طويلاً في التعامل مع الكتاب المستنسخ فلم يبخل علينا بحديثه قائلاً: الكتاب المستنسخ انتشر في مرحلة التسعينيات وازدهر بعد ذلك واستطيع القول  ان الكثير من الكتب هي سياسية او دينية بشكل خاص.. ومن بينها مؤلفات أقطاب النظام السابق مثل (حردان التكريتي) وغيره حيث يجد فيها القارئ ما خفي من حقائق واسرار.
اما باقي العناوين التي كانت مرغوبة ومطلوبة بكثرة وحذر فهي مؤلفات الشهيد الصدر.
واحب ان اضيف معلومة وهي ان في شارع المتنبي كان يُعرف في تلك الفترة مجموعة من الشباب الاختصاص في الكتاب المستنسخ المحظور.. منهم الاخ (سعد) المتخصص في الكتب السياسية وكذلك (مازن) المتخصص في الكتب الدينية والتاريخية.
ولم يكن الاخ مازن ببعيد عنا حيث اضاف لنا:- نعم صحيح الكل هنا يعرف اني كنت ابيع الكتاب المحظور كنا نستنسخ ونقوم بترويج الكتب بين الطلبة حينما كنت طالباً في الجامعة المستنصرية.. وابرز الكتب التي كنا نتعامل معها هي كتب (محمد حسين فضل الله) وكتاب (دليل المجاهد لكاظم الحائري).. وعموماً الكتاب الشيعي كان محظوراً بشكل عجيب.. وعلى اثر ذلك جرى اعتقالي وحُكم عليّ بالسجن (7 سنوات) وفق المادة (208 ق.ع) امضيت ثلاثة منها.
وخلال جولتنا استوقفنا الناقد (ناظم السعود).. وبعد تبادل التحايا اضاف للموضوع قائلاً:- هذا الموضوع مهم جداً اذ ان الادباء العراقيين حُرموا لسنوات من الاصدارات العربية والعالمية بل وحتى محاولة التلاقح مع الثقافات الاخرى فكانت تتم اعادة الحياة للكتاب بشتى الاشكال وعلى اثر ذلك استطعنا ان نتعرف على اهم التيارات الادبية ان ظاهرة الاستنساخ ليست عراقية فقط بل وعربية ايضاً فخلال جولة لي في مصر رأيت هذه الظاهرة موجودة في مكتبة المدبولي وسوق الازبك.. لكن هذه الطريقة فيها الكثير من السلبيات اهمها ضياع حقوق المؤلف.
وعن الطريقة التي كان يتم فيها تداول الكتاب المستنسخ بكل ما تحمل من مخاطر عرفنا ان التداول كان يتم ايضاً في اوقات خاصة جداً.. بينما كان البعض يلجأ للمقاهي المنعزلة لاستلام وتسليم الكتب.. التي كان البعض منها يصدّر للمحافظات ومن بين العناوين التي يتفق انها كانت الاكثر رواجاً في عالم المحظورات والمستنسخات.. (شخصية الطاغوت لهادي المدرسي) و(صدام الخارج من تحت الدماء) و(المراجعات)( و(الشيعة والدولة القومية وعموم مؤلفات حسن العلوي)و (ايران من الداخل) فضلاً عن مؤلفات (شهداء آل الصدر) وكذلك كتب (مفاتيح الجنان و(ضياء الصالحين).
ومع عودة النسخ الاصلية الى رفوف المكتبات العراقية من جديد بهذه السرعة التي نشهدها الان حيث نرى ان دور النشر تتسابق لاحتلال المواقع التي شغرت لسنوات في رفوف المكتبة العراقية واعادت ابرز واغلب العناوين التي ذكرناها وغيرها بحلة جديدة وطبعة ممتازة ملحوظة جعلت جميع الاراء تتفق ان سوق (الكتاب المستنسخ) قد يؤول الى الكساد والزوال في وقت قريب جداً ايضاً هذه اشارة الى ان هذا الوطن الذي مازال للان ينزف دماً ظل كما كان يُعرف من قبل انه اكثر بلدان العالم قراءة. 
 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : Apri ، في 2012/05/20 .

That's a quick-witted answer to a diffciult question



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2780
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3