منذ اكثر من شهر , انطلقت الدعاية الانتخابية بمختلف الوانها واشكالها لمرشحي الكتل السياسية لانتخابات مجالس المحافظات , فهناك الملصقات المترفة , والبرامج التلفازية والاذاعية للقوائم ذات القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية , الى جانب المؤتمرات والمهرجانات التي رعاها زعماء ورؤساء القوائم لدعم مرشحيهم . ولوحظ ان المال الحرام والسلوك المحرم شرعا والممنوع قانونا كانا حاضرين في الحملات الدعائية للكتل ومرشحيها , وفي مقدمة المال الحرام والسلوك المحرم ان الاموال التي انفقت في الدعاية كانت في اغلبها مما سرق من المال العام لان الدعاية كما رايناها مكلفة باذخة لا ينهض بها راتب المرشح الموظف , وهذه السرقة كانت بشتى الوسائل كالنسبة التي يفرضها المسؤول المرشح لنفسه على العقود في مشاريع الحكومة , او الرشوة التي يفرضها على المواطن لانجاز معاملته او تعيينه في الوظائف الحكومية وغيرها من الوسائل والطرق التي لايعرفها على وجه الحقيقة غير الشيطان .
ومن السلوك المحرم شرعا والممنوع قانونا الذي طغى على الحملات الدعائية استخدام ممتلكات الدولة من قبل المرشحين كالسيارات الحكومية لتوزيع الملصقات واستخدام مقرات الدوائر الحكومية للاتصال بالناخبين وتوزيع البطاقات الشخصية , والتغيب عن الدوام الرسمي من قبل المرشح الموظف من اجل دعايته الانتخابية , فكان الشعار العام لاغلب المرشحين : وظيفتي من اجل دعايتي .
ومما يؤسف له ويؤشر خللا خطيرا في الدعاية الانتخابية دخول رجل الدين المستقل جزءا من الدعاية لهذه الكتلة او تلك , ويتمثل الخطر هنا في اضفاء طابع القداسة والارشاد الديني على اراء ووجهة نظر رجل الدين , خصوصا ونحن مجتمع ذو صبغة متدينة لاتميز اغلبيته بين الفتوى الملزمة والارشاد العام غير الملزم . ولم تقف دعاية رجل الدين لكتلة معينة على حدود التلميح بل كانت في جزء كبير منها تصريحا , ويمكننا تفهم دعاية رجل الدين لكتلة معينة ومرشحين معينين اذا كان منتميا لتلك الكتلة او الحزب , ولا حرمة في هذا الانتماء حتى لمن كان بدرجة اية الله , فقد شهد حزب الدعوة الاسلامية مثلا انتماء علماء مجتهدين اليه من امثال السيد الحائري والشيخ الاصفي والشيخ التسخيري والسيد مرتضى العسكري , وفي ايران كان على قيادة الحزب الاسلامي في الثمانينيات اية الله بهشتي واية الله الخامنئي .
ان الخطورة تكمن ان تتحول المساجد وهي لله تعالى " انما المساجد لله فلاتدعوا مع الله احدا " ولعامة المسلمين وكذلك الحسينيات ومنابر صلاة الجمعة الى مسارح للدعاية الكتلوية والشخصية , فتتحول الموعظة والخطبة وعبر مكبرات الصوت الى خطاب دعاية مفروض على رواد المسجد ومصلي الجمعة سماعه .
في هذه الاجواء يظل السؤال المثير : من ننتخب ؟ محور الجدل , وقبل ان ندلي بوجهة نظرنا نذكر بان جمهور الناخبين ينقسم الى ثلاث فئات هي :
1 – جمهور مع قائمة او مرشح محدد , وهذا الجمهور حسم امره ولن تؤثر في قناعاته الدعاية ولا الارشاد , واغلب هذا الجمهور هم المنتمون للاحزاب والكتل ومن يسير معه .
2 – جمهور ضد قائمة او مرشح محدد , وهذا لايمكن تغيير قناعاته بالدعاية وغيرها , فجمهور التيار الصدري عموما لن يصوتوا لقائمة ائتلاف دولة القانون , ولا جمهور المجلس الاعلى يمكن يصوتوا لقائمة التيار الصدري .
3 – جمهور المنطقة الرمادية , وهو جمهور مردد لم يحسم امره , وهذا الجمهور هم هدف الدعاية الانتخابية لكسبه واقناعه , وهو الذي يحسم الفوز والخسارة .
جمهور المنطقة الرمادية هو صاحب السؤال : من ننتخب ؟ وهو من تتوجه اليه ارشادات المرجعية بالعناوين العامة وتطالبه بالنظر في سيرة المرشحين وكفاءتهم ونزاهتهم , ويمكننا بيان معالم عامة نهتدي بها في خياراتنا الانتخابية :
1 – يحبذ عدم انتخاب اعضاء مجالس المحافظات الذين تولوا المسؤولية سابقا , لان شكوى المواطنين عامة من عدم توفر الخدمات وهي من اهم واجبات المجالس يؤشر عدم كفاءة اولئك الاعضاء .
2 – عدم انتخاب مرشح تدور حوله شبهة فساد , او يوجد لدى النزاهة ملف فساد حوله , او وزع اموالا في حملته الانتخابية لانه ممن لا يتورع عن الرشوة , او اعطى وعودا اكبر من حجمه كالتوظيف او توزيع قطع اراضي او شقق سكنية لان هكذا وعود تدل على كذبه .
3 – عدم انتخاب مرشح استخدم اموال وممتلكات الدولة كالسيارات والموظفين في دعايته الانتخابية .
4 – عدم انتخاب المرشح الجيد اذا كان ضمن قائمة فاسدة , لانه سيكون ضعيفا لا يستطيع عمل شيء , خصوصا ان اعضاء القوائم يعملون بتوجيهات رؤساء قوائمهم كما نلاحظ ذلك في مجلس النواب .
5 – يمكن انتخاب القائمة الجيدة حتى مع وجود مرشحين غير جيدين او فاسدين فيها , وذلك بعدم التاشير على اسماء الفاسدين وتخليص القائمة الجيدة منهم , لان القائمة وربما لظروف خاصة او ضغوط معينة ادرجتهم ضمن مرشحيها .
6 – ابعدوا عنكم عند الانتخاب مقولات ثبت كذبها مثل : قائمة المرجعية او المؤيدة من قبل المرجعية او قائمة المذهب او غيرها من التسميات لان المرجعية قالت وبلسان واضح انها لاتؤيد قائمة معينة , وانها على مسافة واحدة من الجميع .
7 – اذا كنت ممن لا ينتخبون احدا لعدم قناعتك بالجميع فاذهب لابطال بطاقتك الانتخابية حتى لا تستغل وتستخدم من قبل غيرك .