• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفهوم الحرية في الفكر الاوربي .
                          • الكاتب : د . مازن حسن الحسني .

مفهوم الحرية في الفكر الاوربي

     ساهم الفكر الاوربي مساهمة كبيرة في فلسفة الحرية وتنظيرها وقد حولها هذا المفهوم الى نظام سلوكي واجتماعي وسياسي واقتصادي ... الخ ، اذ يعتمد هذا النظام على الفردية المطلقة الذي آلت بنا الى وجود نظام راسمالي وامبريالي استعماري في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، كما سنت على اباحية السلوك الفردي للانسان من جانب والخروج على سلطة الكنيسة المطلقة والمهيمنة انذاك من جانب اخر ، ان كثير من المفكرين والعلماء والفلاسفة خاضوا ضمار مفهوم الحرية في هذه الحضارة المادية ، فعرف ديكارت الحريـــة بانها ( القدرة على فعل الشيئ والامتناع عن فعله ) ثــم وضـــح ذلك بقولـــــه ( والارادة قبل فعلها افعالها ، حــرة دائما ، لان لديها القدرة على الاختيار بين شيئين متعارضين ، ولكنها ليست دائما في حالة استواء الطرفين ، بل تخضع للبواعث ، والتي تظل ذات اثر فعال في الفعل الارادي ) فهو يعرف الحرية الداخلية بالقدرة على الفعل والترك وهو بذلك يتقارب مع تعريف المفكرين الإسلاميين ، واختلافه عنهم فهو يرى ان الحرية مقيدة بالبواعث والقابليات التي تصنع الموقف ، وبذلك يؤكد ديكارت عدم وجود حرية مطلقة تنشأ عن ارادة ذاتيـة واختيار ذاتي مطلق ، وان الموقف الذي يكون حرا وصادرا عن الاختيار فهو يصدر عن مقدمات ودوافع تفرض نفسها على الارادة ، ويتفق ( عمانوئيل كانت ) المفكـر الالماني ( 1724 م ) مع رأي ديكارت ومع بعض اراء المفكرين الإسلاميين فيرى ( كانت ) ان الحياة الانسانية ذات ازدواجية ، فمن جهة هناك وجودنا الحسي الذي يتمثل في سلطة الافعال التي تندرج تحت عالم التجربة في الزمان ، ولذا فهي مرتبطة كسائر الظواهر وتتسلسل وفق القوانين الاخرى ، ومن الجهة الاخرى هناك ذاتية حقيقية والتي تكون متعالية على الزمان ، وهي التي تتحكم بافعالنا سواء كانت خير ام شر ، وبمعنى اخر هي التي تخلع الطابع الخلقي على ظواهر السلوك وبناءا عليه فاننا مبدئيا نفسر حياة الانســان فــي مجموعهـــا كـــكل ، ويضيف ( كانت ) ( اننا احرارا مجبرون معا ، ( الاحرار ) من جهة ذاتنا الحقيقية المتعالية على الزمان ، ونحن  ( مجبرون ) من جهة افعالنا التي تتحقق في الزمان ، وايماننا بحريتنا يعود الى شعورنا بان افعالنا متوقفة علينا ) ويرى ( كانت ) ايضا ان كيفية اثبات وجود الحرية عند الانسان فينبغي ان يكون الطريق الى اثباتها هو التجربة الذاتية والشعور باننا قادرون على ان نختار ذلك لان الاختيار يتأثر بالبواعث النفسية والدوافع الخارجية المختلفة وليس بالحرية المحضة ، كما ينفي ان يكون البرهان المنطقي قادرا على اثبات وجود الحرية عند الانسان والقدرة على الاختيار الذاتي ويضيف الى هذا الدليل دليلا اخرا لاثبات وجود الحرية عند الانسان وهو الجانب الاخلاقي ويفسر ذلك بالشعور الذاتي للواجب ويتطرق الى الواجب فيعرفه ( انه ضرورة اداء الفعل احتراما للقانون ، وهو ينشأ فينا تلقائيا بفعل العقل نفسه ، واحترام القانون بالتالي هو الباعث الاخلاقي الوحيد ، وانما يحدد الارادة ليس اي مضمون تجريبي ، بل الصورة الخاصة للقانون ، والذي يتجلى انئذ على شكل نظام اخلاقي ، وليس شكل ضرورة طبيعية ) .
    ان موضوع العقل هو الحق ومظهر الحق في الطبيعة هو الضرورة والالية وموضوع الارادة والخير تعبيرا عن الحرية ، وتلك الارادة هي القوة الحاكمة بين ماهو كائن وما يجب ان يكون بين الضرورة الطبيعية والحرية ) ، اما الفيلسوف الالمــــــاني ( هيدجز ) فيعرف الحريــة ( هي ترك الموجود يوجد ) فالحرية ( تتكشف الانا بوصفها هذا الذي يترك الموجود يوجد ) ، ويرى ( توماس هوبز 1599 م ) ان ( الحرية لاتزيد عن كونها فيزيائية او طبيعية تتحكم فيها اقوى الرغبات ، ويقصد القوى الطبيعية والحريات التي يتحدث عنها الفلاسفة ، انما هي حريات وهمية وكاذبة ، وان الذي يحرك الانسان للعمل هو الرغبة قي السيطرة على الطبيعة ، والحرية عنده تنفيذا لرغبته الجامحة التي لايستطيع صاحبها من الوقوف امامها او العمل على احباطها ) اما بالنسبة لـ ( دايفد هيوم ) الفيلسوف الانكليزي التجريبي ( 1711 م ) فيرى ان لاوجود لارادة حرة للانسان ، والضرورة التي هي تقيض الحرية مسيطرة على كل افعال الانسان واحداث الطبيعة ، وان افعال الانسان ناتجة عن دوافع معينة لابد من تتبعها افعالا معينة وبهذا لايوجد فعل حر للانسان ، يعرف الفيلسوف الوجودي ( كير كجارد ) الحرية فيقول ( ان الحرية ديالكتيك المقولتين ، هما الامكان والضرورة ) ويقول في موضع اخـــر ( ان الحرية هي الامكان ) ، اما ( سبينوزا ) فيقول ( لاتوجد في النفس ارادة مطلقة اي ارادة حرة بل ان النفس مجبرة على ان تريد هذا الشيئ او ذاك ، بمقتضى علة هي ايضا محددة بعلة اخرى وهذه العلة بدورها محددة بعلة اخـــــرى ، وهكذا الى ما لا نهاية  ، ويجد ( فولتير 1694 م ) الحرية محدودة او متغيرة ، وهي خضوع الفرد الى قوانين العمل ومبادئ الحياة ، وهي ليست حقيقة موضوعية ، بل مبدأ حياتي ، وان افعال الانسان مقيدة وتحدد ضمن قوانين على الرغم من وجود ارادة حرة للانسان ، وان من الخير ان يعتقد المجتمع انه حر ، امـــا الفيلسوف ( سارتر ) فيعرف الحريـــة بقوله ( ان الانسان لايمكن ان يكون حينا حرا وحينا  اخر عبدا وانه بأسره دائما حرا او هو ليس شيئا ) .
    اما في المنهج الليبرالي فيرى ( طوكفيل ) احد اقطاب الليبرالية في القرن التاسع عشر ( ان معنى الحرية الصحيح هو ان كل انسان نفترض فيه انه خلق عاقلا يستطيع حسن التصرف ، ويملك حقا لا يقبل التقويض في ان يعيش مستقلا عن الاخرين في كل ما يتعلق بذاته ، وان ينظم كما يشاء حياته الشخصية ، كما عرف ( هارولد لاسكي ) الكاتب السياسي المعروف الحرية ( على انها انعدام القيود على وجود الظروف الاجتماعية التي تتمثل في المدنية الحديثة ، الضمانات الضرورية للسعادة الفردية ، وانما اسعى الى استقصاء الشروط اللازمة لتحقيقها في العالم الغربي ، واحاول ايضا على الاخص ان استكشف قواعد السلوك التي يجب على السلطة السياسية ان تسير بمقتضاها لكي يكون رعاياها احرارا بالمعنى الحقيقي لها .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33925
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28