أن التداخل الجغرافي والحدودي والعشائري والقومي والديني والمذهبي والأجتماعي ورابطة اللغة بين الدول العربية، فرض عليها واقع التأثر والتأثير أحداها على الأخرى، فأذا مرضت أحداها شعرت الأخرى بأنين ذلك المرض والوجع حتى وأن لم تستطع أن تقدم لها أي شيء!. ومع كل ذلك ومع كل مواقف العراق عبر التاريخ الحديث بالوقوف مع أخوانه العرب ونجدتهم عند أول نداء ألا أن العراقيين ولحد هذه اللحظة لم يجدوا سببا مقنعا لهذا الكم الهائل من الكره والحقد الدفين والحسد من جميع الدول العربية ودول الجوار والأقليم والتي لا تريد له الخير أبدا!! ليس الآن ولكن منذ أزمان بعيدة! وهذا هو قدرالعراق وشعبه أن يكون جيرانه من الأخوة العرب والمسلمين بهذا السوء! وأن تكون حدوده البرية والبحرية متداخلة ومتشابكة مع هذه الدول ولا أنفكاك ولا خلاص من ذلك أن كان مع سوريا أو مع باقي دول الجوار. سوريا تعيش وسط عاصفة من الموت والدمار والخراب والتي تتصدرمانشيتات الصحف والأخبارمنذ أكثر من سنتين بسبب ما يجري فيها من قتال بين نظامها البعثي الحاكم وبين من يدعون ويسمون أنفسهم بالمعارضة أو الجيش السوري الحر( وهم خليط غير متجانس من السلفيين وأخوان المسلمين وتنظيمات القاعدة وجبهة النصرة الأرهابية ومن انشق من الجيش وغيرهم من المقاتلين الذين يحملون الجنسيات الأجنبية!)، هذا الجيش والمعارضة الهجينة التي لا تمثل الأرادة الحقيقية للشعب السوري والمدعومة وبضوء أخضرأمريكي! من قبل(تركيا –والسعودية –ودويلة قطر- والأمارات) عسكريا وماليا ومخابراتيا ولوجستيا، خلطت كل الأوراق داخل سوريا وعلى أرض المعركة لكي تتهم نظام بشار الأسد بكل صور وأحداث الموت التي تجري في سوريا ، فصار من الصعب أن تعرف أن من يسقطون قتلى في سوريا برصاص من سقطوا؟ هل برصاص الجيش السوري النظامي وطائراته ومدفعيته أم بسكاكين السلفيين و جبهة النصرة المدرجة على لائحة الأرهاب الدولي والتي تسيطر على بقية الفصائل المقاتلة على الساحة السورية. سوريا تتصدر الأخبارالآن وعلى مدى (24 ) ساعة حيث يترقب العالم اشارة الرئيس الأمريكي المسلم أوباما!! لبدء الهجوم الصاروخي على سوريا بعد أن حصل على التفويض من (الكونغرس) الأمريكي!. وكما الكثيرين من العراقيين لست من المحبين للنظام السوري! ويكفيه انه نسخة سوداء أخرى من نظام البعث العفلقي العراقي الذي عانينا من سطوته على مدى (35 ) عاما من الخوف والموت والرعب ولم يترك العراق ألا وهو خراب ودمار بشرا وحجر، ضرع وزرع فكلا النظامين هم وجهان لعملة واحدة عنوانها الأستبداد والظلم والدكتاتورية، كما أن غالبية العراقيين متيقنين تماما بأن الرئيس بشار الأسد ملطخ اليدين بدماء عشرات اللألاف من العراقيين الذين قتلوا على يد تنظيمات القاعدة التي كانت تدار وتتدرب في سوريا على يد المخابرات السورية وترسل الى العراق منذ الأحتلال الأمريكي للعراق وقد اعترف بشار الأسد بنفسه بذلك عندما كان يقول أنا اللاعب الرئيس في المنطقة؟!. بنفس الوقت أن طيبة العراقيين لا تنسى موقف سوريا التي أحتظنت مئات اللألاف من العراقيين على أختلاف توجهاتهم الفكرية والثقافية والسياسية وكانت ملاذا آمنا لهم منذ تسعينات القرن الماضي وقبلها ثم أثناء الحرب الطائفية في العراق(2005 -2007 )، وقد أنتعش أقتصاد سوريا وباقي الدول العربية ودول الجوار بشكل كبير من مجريات الأحداث في العراق منذ الأحتلال الأمريكي له بعد أن توقف عن البناء والأنتاج وصار فقط ساحة لتصفية الحسابات الدولية والأقليمية!. أستنفرت أمريكا كل قواتها العسكرية وأسطولها البحري السادس للتهيأ لضرب سوريا بعد أن تجاوز نظامها الخط الأحمر! باستعماله السلاح الكيمياوي في الحرب الدائرة بينه وبين معارضيه؟! حسب الأدعاء الأمريكي؟!.فلا يهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية المطبلين من دول الغرب للحرب على سوريا أن يموت مئات اللألاف من السوريين بطائرات النظام وبمدفعيته وصواريخه ( السكود)؟!، ولكنهم أستنفروا جيوشهم وأساطيلهم البحرية عندما مات أكثر من ألف سوري بالسلاح الكيمياوي الذي لم تعرف لحد الآن الجهة التي أستعملته ؟! هل الجيش النظامي أم المعارضة؟!، بمعنى آخر أن يموت السوري بطلقة قناص أو بشظية مدفعية أو هاون هذا أمر وارد !!أما أن يموت بأستنشاق غاز الخردل أو السارين فهذا لا تسمح به أمريكا ولا باقي دول الغرب؟! وهذه هي النظرة الأنسانية لأمريكا!. لا أستبعد أن يقوم النظام السوري بأستعمال كل شيء في سبيل قمع معارضيه والبقاء في الحكم أطول مدة، ولكن ان يستعمل السلاح الكيمياوي في حربه الدائرة مع معارضيه فهذا أمربعيد؟ حيث أن روسيا والصين وأيران فد حذروا بشار الأسد من مغبة أستعمال السلاح الكيمياوي، لتفويت الفرصة على التدخل الأمريكي، وبنفس الوقت نصحوه بأن ينقل السلاح الكيمياوي في أماكن محصنة وبعيدة وآمنة خوفا من أحتمال وقوعها بأيدي معارضي نظامه الذين لا يتوانون بأرتكاب أفضع الجرائم ،وصورة أحد معارضي النظام من تنظيمات النصرة الأرهابية الذي مزق جسد أحد جنود النظام المقتولين وقام بأخراج كبده وأكله والتي انتشرت على جميع وسائل الأعلام والمواقع الألكترونية لا زالت هذه الصورة ماثلة في عقول الكثير من الناس!.كما أن بشار الأسد ليس بحاجة الى أستعمال السلاح الكيمياوي فلديه من الأسلحة التقليدية والمتوسطة والثقيلة والطائرات ما ترجح كفته على معارضي وأعداء نظامه وبأمكانه أن يقاتلهم الى عدة سنوات؟!!. ولأن أمريكا جعلت من أستعمال السلاح الكيمياوي حجتها في التدخل وضرب سوريا؟، أذا والحالة هذه لا بد من أختلاق القصص والذرائع وأتهام النظام السوري بها!، ما دامت اجواء الحرب ودخانها خلط كل الأمور؟!، ولست وحدي على يقين تام بل هناك الكثير من المحللين السياسيين في الغرب اتهموا جبهة النصرة الأرهابية تحديدا وباقي فصائل المعارضة التي تقاتل النظام بأستعمال السلاح الكيمياوي والذي حصلت عليه من (تركيا – السعودية – قطر – أسرائيل!!) وبتوجيه وضوء أخضر من أمريكا!. وقد كتبت الكثير من الصحف الغربية عن أمكانية المعارضة من أستعمال السلاح الكيمياوي لأيجاد الذرائع للتدخل الأمريكي!! في الشأن السوري وبشكل مباشر، وهذا ليس بجديد على أمريكا عندما تبدأ بتلفيق التهم وأختلاق القصص المفبركة!. ومن الجدير ان أذكر هنا: كيف هيأت أمريكا الأجواء كلها وشغلت الأعلام العالمي كله لكي تجد الذريعة بضرب ليبيا عام 1986 !! فقد بدأت بشن حملة اعلامية منذ عام 1981 مفادها : أن هناك فرقة أغتيالات ليبية دخلت الحدود الأمريكية من خلال نفق بين مدينة (وندزو) الكندية ومدينة (دترويت) الأمريكية! وذلك لأغتيال الرئيس الأمريكي آنذاك (ريغان)!! رغم عدم وجود أي دليل على ذلك، وظلت أمريكا تطرق على هذا الأمر يوميا !، حتى قصفت المجمع الرئاسي في طرابلس ليبيا عام 1986 في محاولة لأغتيال الزعيم الليبي السابق( القذافي)!!. ومن فبركات امريكا أيضا: أنه في نيسان من عام 1993 وأثناء زيارة الرئيس الأمريكي (بوش الأب) للكويت من اجل المشاركة بذكرى أخراج القوات العراقية من الكويت، سرعان ما أعلنت المخابرات الأمريكية عن كشفها لمؤامرة لأغتيال الرئيس الأمريكي في الكويت بسيارة مفخخة كانت معدة للتفجير من قبل كويتيين والطريف في الأمر أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي أكتشف أن أسلاك القنابل المستخدمة للتفجير تابعة للمخابرات العراقية!!!!. لست هنا من المدافعين عن النظام السوري وقد ذكرت ذلك آنفا، ولكن يتضح لي وللكثيرين غيري ان موضوع أستعمال السلاح الكيمياوي من قبل النظام السوري ما هو ألا مؤامرة رخيصة لضرب سوريا؟! ألم تفعل ذلك من قبل في العراق؟!!. من جانب آخر العراق هو من أكثر دول المنطقة تأثرا بالأحداث الجارية في سوريا، وفي حال توجيه ضربة عسكرية لها فلا شك ان التاثير سيكون أكبرواقرب وسرعان ما يصل ارتداده الى العراق أمنيا لتزداد الأمور سوء أكثر مما هي عليه الآن، فسقوط النظام السوري أن حدث معناه أن تدخل سوريا في فوضى كما في ليبيا أو تونس أو اليمن أو حتى مصر! التي بدأت تعرف وتسمع عن شيء أسمه السيارات المفخخة( أنفجرت قبل ايام سيارة مفخخة في القاهرة مستهدفة وزير الداخلية المصري)!، حيث سينتقل مقاتلي القاعدة السلفيين وجبهة النصرة الى العراق حيث القنوات الآمنة! لها عبر المناطق الشمالية والغربية(الموصل – صلاح الدين –الأنبار ) وخاصة عبر منفذ ربيعة الحدودي لتدور الدائرة من جديد على العراق!، لا سيما وأن المحافظات المتمردة الأنفة الذكر(الأنبار – الموصل – صلاح الدين –ديالى) تنتظر اللحظة المناسبة لتقوم بدورها بالعصيان والتمرد وقطع الطرق كما الآن ومن ثم أشعال فتيل الحرب الأهلية بالعراق وبنفس السيناريو السوري؟!. فموقف العراق الداعم لسوريا والداعي لحل الأزمة السورية بعيدا عن التدخل الأجنبي هو ليس حبا بسوريا التي سبق ان قدم العراق شكوى ضد النظام السوري بأعتباره المسبب الرئيسي لكل أعمال العنف التي حدثت بالعراق من بعد سقوط النظام السابق!، ونحن عندما ندين التدخل الأمريكي والسعودي والقطري والتركي في الشأن السوري هو ليس من باب الطائفية! كما يفهم البعض وكما تروج له بعض وسائل الأعلام المغرضة، ولكن خوفا على العراق الذي لم تستقر اوضاعه السياسية والأمنية منذ (10) سنوات ولحد الآن. حيث لم يعد خافيا على أحد بأن امريكا وبريطانيا وفرنسا ومن ورائهما أسرائيل ومنذ ما يسمى بأحداث( الربيع العربي)، هم الأعداء الحقيقيين للأمة العربية والأسلامية والذين يعملون على تدميرها وتفتيتها!.