منذ ان استوزر السيد علي الاديب التعليم العالي والبحث العلمي كنا نتوقع ان تقوم جهات معروفة بشن هجوم وتسقيط اعلامي للوزير تحت غطاء الوزارة ، ولكننا كنا ننتظر الافعال لنحكم على الاقوال .
وراقبنا الامر لمدة طويلة ووجدنا ان الوزارة قامت بانجازات كبيرة وعديدة تستحق الثناء وحدثت انتقالات وقفزات نوعية في المؤسسات التابعة للوزارة جعلتها تعد من انشط الوزارات العراقية فعلا لا قولا .
وما يحسب للوزير ولوزارته انهم عملوا بدأب ونشاط دون ضجيج اعلامي فهم لو يقولوا اكثر مما يفعلوا بل تركوا افعالهم تتحدث .
ولعل الامر المثير للاهتمام في عمل الوزارة هو تركيزها المستمر على التعاطي مع الطلبة وفق الاحداث التي يمر بها البلد فترى قراراتها تكون نابعة من حجم الهواجس والإرهاصات التي يتعرض لها الطلبة بعيدا عن الاشتراطات اللا منطقية والمتنصلة من المعاناة التي يمر بها الطالب .
ولذلك عمدت الوزارة وبأمر وزيرها الى تضمين تعليماتها كل ما من شأنه ان يخفف الاعباء عن كاهل الطالب وهو ما ينعكس بمحصلته النهائية بالتخفيف عن كاهل عوائلهم .
وكان الطالب في الجامعة سابقا اذا ما رسب في مواد معينة وحصل بالإضافة الى ذلك على معدل (مقبول ) فانه يعيد الامتحان بالمواد التي رسب بها بالإضافة الى المواد التي حصل فيها على معدل (مقبول) وهو ما شكل اجحافا وإرهاقا للطالب ووضعه في زاوية قد يصعب الخروج منها .
ولذلك عمد السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي على التصدي لهذا الامر وتم اقرار تعليمات تعتبر الطالب الذي حصل على معدل (مقبول) ناجحا وغير ملزما بأداء الامتحان بالمواد التي حصل فيها على ذلك المعدل ، وإنما يعيد الامتحان في المواد التي رسب بها حصرا .
وقد لاقى هذا القرار ارتياحا وترحيبا واسعا من الطلبة الذي اعدوه منصفا وأعاد لهم حقا كان مسلوبا سابقا باعتبار ان معدل (مقبول ) يعني ناجحا ولو بأقل ما تعنيه درجة النجاح .
ثم ان هذا القرار خفف عن ذوي الطلبة الاعباء المالية واللوجستية تجاه ابنائهم كما منح الطالب امتيازين الأول :- اعطاء الطالب فرصة للمسير بتقدمه باتجاه المراحل الاخرى والثاني :- ادى الى رفع المعنويات لدى الطلاب وشكل بارقة امل للحصول على الشهادة الجامعية .
ولو تفحصنا هذا القرار من الناحية الانسانية والاجتماعية لوجدنا انعكاساته الايجابية تتجاوز حدود الطالب نفسه ، فهو شكل منعطفا اجتماعيا ووطنيا لا غبار عليه بحكم ما سيخلفه من نتائج مستقبلية تخدم الطالب وعائلته ووطنه .
فنجاح للطالب يعني فرحة للأهل وانتهاء لمرحلة من حمل ثقيل قد يرهق ميزانية العائلة بالإضافة الى كونه شحن عاطفي وإنساني للطالب نفسه لكونه المعني بالأمر .
والشيء الاخر ان تلكؤ الطالب في مرحلة دراسية معينة لا يعني بالضرورة انه فاشل وغير ذي جدوى للمجتمع والوطن ، بل قد يكون هذا التلكؤ سببا في التألق والتميز في مراحل لاحقة،
الامر الذي يتطلب ان يمنح فرصة اخرى لإثبات جدارته بعد تجاوز العارض او الخلل او الطارئ الذي ادى الى ذلك التلكؤ .
فكم من طالب تأخر في مرحلة دراسية معينة لكنه اصبح علما واسما يشار له بالبنان ، واستنادا لهذا المبدأ عمدت الوزارة على منح الطالب فرصة لترتيب اوضاعة والعودة به الى حالته الطبيعية .
لأنه ليس من المنطق ان نحكم بإعدام مستقبل طالب نتيجة تقصير قد يكون لأسباب خارجة عن ارادته ونغلق مسيرة ربما تكون مؤثرة ونافعة للمجتمع والوطن بالاعتماد على حسابات خاطئة بعيدة عن روح المواطنة والشعور بالمسؤولية فنحصد ما زرعنا نادمين ( والعياذ بالله ) .
ولذلك فان ما فعلته وقررته وزارة التعليم العالي بعدم اعادة امتحان المواد التي حصل الطالب الراسب فيها على درجة (مقبول) قرارا صائبا يعبر عن نظرة واقعية ونفحة انسانية تحسب للوزارة والوزير .