• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله )).(1) هل لهذا القول اصلٌ في الإنجيل ؟ إن لم يقل يسوع ذلك ، من الذي قاله ؟ .
                          • الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري .

(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله )).(1) هل لهذا القول اصلٌ في الإنجيل ؟ إن لم يقل يسوع ذلك ، من الذي قاله ؟

  

 
انا استمعت إلى هذا الحوار الذي دار على غرف البالتاك كثيرا بين بعض المسلمين والمسيحيين . والمشكلة في هذا الحوار ان الطرف المسيحي يعرف ان محاوره لا يُركز على ما يقوله ، ولو ركز المحاور المسلم على خصمه المسيحي لأكتشف انه يخدعه. 
فكيف ذلك ؟ 
في الآية المذكورة أعلاه من سورة المائدة الرب هنا يطرح سؤالاعلى عيسى وليس اتهاما. اي ان كل من قالوا ان يسوع هو الله وان امه هي ام الله يجمعهم الله في عرصة واحدة ثم يوقف يسوع ويسأله ذلك السؤال امام الناس . وعيسى في النص المذكور يبدو مدافعا عن نفسه ونافيا ان يكون قد فعل ذلك لاهو ولا امه الصديقة. ولكن المحاور المسيحي يطرحه على شكل اتهام ثم يوجه سؤاله فيقول : اين ذلك ؟ أين قال عيسى ذلك وهذا الانجيل يخلوا من زعم عيسى انه الله ؟ إذن فإن القرآن (كاذب)!
وقبل يومين اتصل بي شيخ رجل دين وقور تعرض أيضا لمثل هذه الفرية ووضعت له الجواب مختصرا ولكني اليوم سوف اجعل الموضوع اكثر توضيحا. 
القرآن في سؤاله لعيسى لم ينطلق من فراغ ، بل ان الرب علم ان هناك نصا أقحم في الانجيل ومنه انطلقت عبادة يسوع وامه. وانطلاقا من هذا النص فإن الرب الله يسأل عيسى عن سر عبادة الناس له ولامه ؟ فيأتي جواب عيسى بالنفي ثم يقول لربه بانك يارب تعلم لو كنت انا من وضع هذا النص. 
فأين يوجد هذا النص؟
النص موجود في إنجيل لوقا وفيه اشارة إلى قول اليصابات ام يوحنا ما يُشير إلى ان ما في بطن مريم هو الرب وان مريم هي ام الرب كما يقول النص : ((فقامت مريم وذهبت إلى مدينة يهوذا، ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت اليصابات من الروح القدس، وصرخت بصوت عظيم وقالت: مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرةُ بطنك! فمن أين لي هذا أن تأتي أمَ ربي إلي؟)). (2)
هذا النص هو الذي جعل المسيحية تتخبط في من يكون في رحم مريم ؟ فاختاروا القول بأن الله نزل في رحم امرأة يهودية اسمها مريم لكي يولد بطبيعة بشرية حتى يغفر خطيئة آدم التي ورثها البشر عنه . ولكن المسيحية لم تلتفت إلى قول مريم مباشرة بعد قول إليصابات حيث انتبهت مريم إلى ان قول اليصابات لربما سوف يُستثمر من قبل بعض المنافقين فعقبت مباشرة بقولها : ((تُعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر إلى اتضاع امته. فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم ، واسمهُ قدوس)). (3)
فمريم في هذا النص كانها تستغفر الله من قول اليصابات ، ولكن ايضا قال المسيحييون ان قول مريم هنا تأكيد على أن الذي في بطنها هو (الله الرب). فكيف دخل الله تعالى إلى رحم العذراء مريم ثم خرج إلى هذا العالم ؟ 
يقول كتاب التعليم الديني المسيحي لطلبة المدارس الدينية ص 16 : (( أن كل أقنوم في الوحدة الإلهية هو الله بالكمال والتمام فليس هناك ثلاثة آلهة منفصلة . عندما انقسمت الخلايا الحية في رحم مريم مرة بعد أخرى ، كان الله بالكمال والتمام داخل مضغة نمت في الشهر الأول من حبلها إلى طول بلغ أقل من ربع أنش وكانت لها مجرد عينين وأذنين بدئية )) ومن هذا المنطلق لا يزال المسيحيون يتوجهون في صلاتهم كل يوم إلى مريم العذراء بصفتها أم الله التي لا ترد لهم طلب مرددين : ((في ظل مراحمك يا أم الله ؛ لا ترفضي تضرعنا وقت الضيق بل نجينا من التهلكة أيتها المباركة وحدك)). فقد رفع المتعبدون مريم من كونها ((أمة الرب )) المتواضعة ، إلى مركز (( الأم الملكة )) ذات التأثير الكبير في السماوات . ثم أعلن القادة الكنسيون رسميا أنها ((أم الله )) وذلك سنة (431 ) ب . م في مجمع أفسس.
يقول جفري آش في كتابه العذراء : إذا كان المسيح هو الله ، الأقنوم الثاني للثالوث ، فعندئذ تكون أمه في ظهوره البشري أم الله . ومن هنا استمد البابا يوحنا بولس الثاني قوله فقال : أن التعبد الحقيقي لأم الله متأصل عميقا في سر الثالوث الأقدس !
ثم قام البابا بيوس الثاني عشر بالإعلان رسميا عن تأييده لهذه العقيدة فقال عام ( 1950 ) وبكل وضوح : نحن نحددهُ كعقيدة إيمانية أعلنها الله أن أم الله خالية من الدنس ، مريم البتول دائما، عندما انتهى مسلك حياتها الأرضية ، أخذت في الجسد والروح إلى المجد السماوي ، وإذا تجرأ أي شخص أن ينكر ما حدّدناه أو يضعهُ عمدا موضع الشك ، فيلعلم أنه قصّر عن بلوغ مقياس الإيمان الإلهي الكاثوليكي.
عقيدة صعود مريم إلى السماء للجلوس على يمين الله ابنها استمرت بالنمو حتى انتقلت إلى الخيال الفني ليقوم رسامون كبار على غاية من الشهرة أمثال : رافاييل ، كوريدجو ، تيتان ، كاراتشي ، روبنز . وغيرهم بتزيين جدران الكنائس والكاتدرائيات بلوحات فنية تمثل صعود مريم إلى السماء بالجسد يحف بها سكان الملأ الأعلى .
في نص مبهم أورده متى سأل يسوع من الفريسيين هذا السؤال : (( ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو ؟قالوا لهُ: ابن داود. قال لهم : فيكف يدعوه داود بالروح ربا؟فإن كان داود يدعوه ربا، فكيف يكون ابنه؟)) .(4) في هذا النص زعم كاتب إنجيل متى أن يسوع هو الله. 
وفي نص آخر جاء في يوحنا قال فيه : (( أجاب توما وقال له : ربي وإلهي، فقال له يسوع : لأنك رأيتني يا توما آمنت؟)).(5) وهذا النص هو الذي اقام المسيحيون عليه الدنيا وقالوا بكل صلافة أن يسوع هنا يقول انه الله لأنه سكت على قول توما له : ربي وإلهي. وهذا ما تجسد في اقوال المفسرين حيث يقول القس انطونيوس فكري : ((علينا أن نفهم أنه مهما هاج العالم ضد الكنيسة فهو مازال تحت سيطرة رب المجد فهو الله)). (6) 
بولص أيضا يعتبر احد اهم الذين ارسوا عقيدة ان يسوع هو الله فهو يذكر وبكل وضوح في إنجيله : ((بل إني احسب كل شيء أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي)). (7)
إذن من كل ما تقدم يتبين ان سؤال الرب الله ليسوع استفهامي امام كل القائلين بربوبيته فالبلاء الذي عم المسيحية إنما جاء من الأباء المقدسين بعد رحيل يسوع. لا يستطيع منكر ان ينكر ذلك وهذه اقوالهم تملأ كل كتب التفسير في عمليات بائسة لسحب النصوص لكي تلائم ما في افكارهم المريضة . 
فهنا يقول البابا شنودة : ((هناك العديد من الشواهد على الوهية السيد المسيح .. منها مثلا قوله : أنا والآب واحد وقال ايضا : الذي رآني فقد رأى الأب)).(8)
ويقول موقع تكلا : ((أما ظهوره في شخص المسيح بالجسد من القديسة مريم فهو أمر حادث له في زمان هذا العالم من أجل رسالة معينة للبشرية هي رسالة الخلاص. كمان أن تجسده لم يحد من لاهوته ولم يغير من صفاته الإلهية، لأن اللاهوت لا يُحَد وصفاته لا تتغير)). (9)
وفي كفرٍ صريح يثبت القمص عبد المسيح بأن يسوع هو الله ، وذلك من خلال قول بولص (الله ظهر في الجسد)) . حيث يقول : يعلن بولص بكل جرأة أن يسوع هو الله . ثم يقول أيضا : والكتاب يقول أيضا أن الرب يسوع المسيح نفسه هو هذا الربّ الواحد الأب الذي منهُ جميعُ الاشياء ونحن له. ورب واحدٌ: يسوع المسيح الذي يقول عنه القديس بطرس : هذا هو رب الكل)). (10)
إذن ان القائل بأن يسوع وامه آلهة ليس يسوع بل الناس هم قالوا بذلك ومن هنا فإن الله في القرآن المقدس سأل يسوع على سبيل الاستفهام قائلا : (( يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله )). قال الرب هذا القول لكي يُسمع كل من زعم بأن يسوع وامه آلهة حيث يقف هؤلاء وجها لوجه مع يسوع وامه في حضرة قاضي السماء. 
ولكن الشيء العجيب الذي فات على المسيحيين هو أن كل الناس يعرفون عيسى وأمه البشريين ولم يكن يُعرف عنهما أي صفة إلهية كما يذكر متى في إنجليه حيث ينقل لنا تساؤلات الناس: ((أليس هذا ابن النجار ، أليست أمه تدعى مريم واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا)) .(11) 
((يا أولاد الأفاعي! كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرارٌ؟ فإنه من فضلة القلب يتكلمُ الفم.إن كلَ كلمةٍ يتكلم بها الناس سوف يُعطونَ عنها حساباً يوم الدين)). (12)
 
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- سورة المائدة آية : 116 .
2- إنجيل لوقا الاصحاح 1 : 43. 
3- نفس المصدر فقرة : 49. 
4- انظر إنجيل متى 22: 44. 
5- إنجيل يوحنا 20: 28 
6- انظر شرح الكتاب المقدس ، القس انطونيوس فكري تفسير إنجيل متى. 
7- رسالة بولس الرسول إلى فيلبي 3: 8
8- راجع : اسئلة متكررة عن المسيحية والعقائد الدينية استفسارات الاخوة المسلمون : ألوهية السيد المسيح ، هل قال يسوع أنا الله أعبدوني. 
9- سنوات مع إيميلات الناس، أسئلة اللاهوت والايمان ، هل المسيح إنسان أم إله.
10- كتاب هل قال المسيح إني أنا ربكم فاعبدوني؟ - القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
11- إنجيل متى الإصحاح 13 : 55
12- إنجيل متى 12: 34

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : عادل ، في 2018/10/09 .

بارك الله بيك أيتها الباحثة القديرة ايزابيل وجعلك الله من أنصار الحق أينما كان ...بوركتم



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40495
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10