تمر علينا في مثل هذه الأيام ذكرى فاجعة حلبجه ففي السادس عشر من آذار سنة 1988 سقط الآلاف من القتلى والجرحى من أبناء شعبنا الكردي نتيجة السياسة الرعناء لنظام دكتاتوري وقاده دمج لايفقهون من المهنية العسكرية قيد أنمله النظام الذي جعل من علي كيمياوي فريق أول ركن وهو لايعرف غير الاستاعد والاستاريح ماذا تنتظر منه غير الهمجية العسكرية العشائرية وتهميش غالبية الضباط الركن المعروفين بقدراتهم وتكتيكهم الحربي .
حلبجة مدينة أنعم الله عليها بنعمة الجمال،تحتضنها جبال كردستان بطبيعتها الساحرة.. تتوسد بساطاً سندسياً أبدعت أنامل الألوان في نسجه، وتلتحف غطاء صافياً بزرقته لم تتوقع أن ينزل عليها الدمار وطبيعة حلبجه الجميلة والتي تحيطها جبال هورمان الرائعة بمصيفها احمد آوى وقرى خور مال وبالقرب منها بحيرة دربدخان جعل من مدينة حلبجة درة الجبل لتكون محط أنظار الطامعين فكانت إيران ومنذ القدم تخطط لضمها وخاصة إن الحدود لا تبعد عنها سوى بضعة كيلو مترات فكانت مسرحا للعمليات بين كر وفر أثناء الحرب العراقية الايرانيه
لأكثر من سبب يهتز الوجدان الإنساني لمن يقرأ مأساة حلبجة أولها إن تأتي تقنيات هذا السلاح المرعب من بلاد يفترض أنها في قمة الحضارة ويفترض أنها اكتسبت خبره من الحربين العالميتين أهوال الحرب المدمرة للبشرية وثانيها السكوت لكثير من الأنظمة الدولية وإسهامها في التعتيم الإعلامي . وبعد درس هورشيما وناكازاكي كثرت المؤتمرات واللقاءات لشرح مضار السلاح الكيماوي والاباده البشرية وكثير من العالم استبشر خيرا إن ذلك السلاح سوف يلغى من القاموس العسكري وسوف يطمر تحت الأرض وصرفت المليارات على تلك المؤتمرات واللقاءات وكانت هواء في
شبك مجرد لقاءات بروتوكوليه الغاية منها تطمين الشعوب عن ذلك إلا إن اغلب الدول المشاركة في هذه المؤتمرات والمحافل واللقاءات هم من يصنعون المواد الكيمياويه ويسوقونها للانظمه الدكتاتورية ومن طبيعة الحال إن جميع النظم الدكتاتورية تحافظ على عروشها حتى لو أبيد نصف الشعب المهم الدكتاتور ملحوم بأوكسجين على العرش ولما استخدم السلاح الكيماوي ضد أبناء شعبنا الكردي بقي العالم والإعلام الغربي صم بكم وذلك بغلق أفواههم بالكوبونات النفطية والتعاقدات النفعية ببيع النفط بابخس الإثمان هكذا هو نفطنا وبال علينا ولم
ننعم به نتيجة تلك السياسات الرعناء
في العام الماضي سافرت إلى اربيل وعند تجوالي في أسواق اربيل لفت انتباهي هنالك الكثير من ألباعه بجوار قلعة اربيل التاريخية أناس معوقون نساء ورجال وهم باعه يفترشون الأرض لتصريف بضاعتهم أبوا أن لا يستجدوا أو يكونوا عاله على احد . التقيت السيدة أم سيروان (50 سنة) التي جلست قرب القلعة التاريخية عارضة مجموعة من أغطية الرأس النسائية وكذلك الرجالية منها المسماة (المشكي والعرقجين المطرز) وعندما طلبت منها أن تناولني العرقجين وقطعة قماش انكورا وجدتها بذراع واحدة، وعندما قامت لتستدير استندت على عكاز طبي، أحزنني عوق تلك السيدة
التي تحمل ملامحها صور المأساة، سألتها ما أسباب ذلك العوق قالت إنها مذبحة حلبجة التي طالت الكثير من أهلها،شأنهم شأن الأشجار والطيور والحيوانات التي نفقت و التي لم تسلم هي الأخرى، جراء الآثار المدمرة التي طالت المدينة، وبلغة الحزن قالت:
كان عمري آنذاك 27 عاما كنت احمل طفلي الصغير على كتفي في باحة الدار عندما دوى انفجار هائل هز المنطقة وتطايرت أشلاء الجميع وشاهدت الغرفة التي كان ينام فيها زوجي قد تساوت مع الأرض، وسقطت على الأرض مغشيا علي وعندما صحوت وجدت نفسي مع مرضى آخرين في مستشفى متنقل لمنظمة الصليب الأحمر والتفت فلم أجد ساقي اليمنى ولا إحدى الذراعين، بكيت من هول الصدمة إلا أن الطبيبة المعالجة هونت علي الأمر وطلبت مني الهدوء. وبعد يومين تم نقلي الى مستشفى اربيل العام، وهناك طلبت الاتصال بشقيقتي وزوجها اللذين جاءا لتسلمي،وسرعان ما تماثلت للشفاء إلا إن الآثار
التي حملتها وعوقي وحياتي بدون ذراع ولا ساق جعلتني لا أنسى
في ذكرى تلك الفاجعة، اعتمدت على نفسي وأخذت اعمل بائعة للحجاب النسائي وأشياء أخرى بسيطة،
لقد أعجبني من السيدة المتحدثة قوة عشقها للحياة وصلابة موقفها، وأكدت ام سيروا ن ا ن العدالة السماوية قد اخذت حقنا وشاهدنا من دمرنا وهو على حبل المشنقه وهذا جزاء من قتلنا ونحن احياء .ولماذا لا تفصحين عن اسمك لي اجابتني انها متعلقه بوليدها سيروان وكان عمره عامان وقتل وابقى انا ام كاكا سيروان .
استشهاد حلبجة.. لايسعني إلا أن أقول المجد والخلود لشهداء حلبجه ونبقى نحن والاخوه الأكراد عراقيون عراقيون رغم كل ما تفعله الانظمه ألهمجيه الرعناء بسياساتها العنصرية والطائفية شاءوا أم أبوا نحن عراقيون وتحت خيمة العراق الواحد
|