• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الآثار الاجتماعية للحياء : (القسم السابع ) .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

الآثار الاجتماعية للحياء : (القسم السابع )

الحياء من الخصال الأخلاقية التي يتميز بها الإنسان المؤمن عن غيره من سائر الحيوانات , وان الحياء والإيمان خصلتان أخلاقيتان متلازمتان , وكلاهما قرين الأخر, فإذا زال الحياء زال الإيمان , وهكذا العكس , وهذا ما أشار إليه باقر علوم الأولين والآخرين الإمام محمد بن علي الباقر عليه وعلى أبائه آلاف التحية وأزكى السلام فيقول : ( الحياء والإيمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه(1) .
إن زوال الحياء يؤدي إلى إخراج الإنسان من الإيمان , وعندما نتحدث عن الآثار السلبية في ترك الحياء في الحياة الاجتماعية نتحدث عن فقدان الإيمان والارتباط بالغيب , وتمزق المجمتع على جميع الأصعدة والمجالات , فلو أخذنا مثلا شبكات التواصل الاجتماعي مثل ( facebook) , ( twitter ), أو تلك البرامج المجانية التي تجلب لك الأرقام ومعرفة الأسماء لكلا الجنسين ودولهم , ومحل إقامتهم , والاطلاع على خصوصياتهم كل ذلك بدون حياء , وبدون رقابة , هكذا حالنا شبابنا وفتياتنا الآن يسيرون بدون هدف , بسبب البطالة , وقلة الرادع الديني , ونزعهم لجلباب الحياء بكل أقسامه وأجزاءه .
نحن لا ننكر أن البعض يستخدمها بصورة صحيحة , ولا يقع بالمحذور , إلا إننا نؤكد في الأعم الأغلب ممن يستخدم هذه الشبكات مصابون بقلة الحياء , فما أكثر الشتائم , والسباب والكلام البذيء, والألفاظ الفاحشة , وبدون رقابة , وما أكثر أولئك الذين يعرضون صورهم عارية , وأرقام هواتفهم على الهواء الطلق ويطلبون من الآخرين بممارسة الرذيلة معهم , وما أكثر الكلام المعسول والمجاملات المتبادلة في رسائل البرامج المجانية مثل ( viber ,tango ,whatsapp ), وغير ذلك الكثير أليس هذا من مصاديق نزع ثوب الإيمان, وخلع ملابس الدين الذي هو الحياء بحسب الروايات , فقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ( أحسن ملابس الدين الحياء (2) , وقال عليه السلام : ( تسربلِ الحياء , وادّرع الوفاء , وأحفظِ الإخاء , واقلل محادثة النساء , يكمل لك السناء (3) , وورد أيضا : ( من كساه الحياء ثوبه خفي عن الناس عيبه )(4) . 
فكما أن في الحياء أثار ايجابية , وفيه تعمر البلاد والعباد, وتصلح المجتمعات , وتكثر الخيرات , كذلك في تركه ونزعه لباسه يوجد أثارا سلبية تدمر , وتلوث المحيط الاجتماعي , فالحياء صفة طاهرة تطهر بها المجتمعات الإنسانية , وعلى العكس فان تركه يمهد المناخ لاتساع دائرة الانحراف ونشر الرذيلة , فلا بد من وضع الخطط والبرامج وطرق العلاج والمحافظة على الحياء الاجتماعي وتنميته , وقد خصصنا قسما من هذا البحث في علاج قلة الحياء كمحاولة لإيجاد طرق عملية تكمن ثمراتها في هذا القسم .
ومن هذه الآثار الاجتماعية التي تحافظ على العفة والطهارة والنقاهة للمجتمع الإنساني :
منها : غض البصر , ففيه العجائب على جميع الأصعدة والمجالات النفسية والصحية والاجتماعية والدينية, وقد قال الإمام علي بن أبي طالب : ( غضوا أبصاركم ترون العجائب )(5) , وان حقيقة الحياء ومعناه هو غض الطرف عن أي شيء نهى الله تعالى في النظر إليه , فقد ورد عنه عليه السلام : ( الحياء غض الطرف ) , ما أكثر المشاكل الاجتماعية التي تحدث بسبب هذا الفعل المقيت , وما أكثر تلك الآثار السلبية التي تنتج من النظر إلى المرأة الأجنبية .
منها : إن ترك الحياء هو وقاحة , والوقاحة فيها العديد من الآثار السلبية التي تمزق الأعراف الاجتماعية , وهي خلاف الفطرة البشرية السليمة , ورد عن الأمير علي بن أبي طالب عليه السلام : ( وقاحة الرجل تشينه ) (6). وان التارك للحياء ليس فقط وقح بحسب الروايات بل وصف بشر من ذلك , وهو منبع الشر وشر الأشرار فقد ورد عنه عليه السلام : ( شر الأشرار من لا يستحي من الناس (7) .
وعنه عليه السلام : ( ما أبعد الصلاح من ذي الشرّ الوقاح ) (8), ( القحة عنوان الشر) (9) .
منها : وجود الحياء عند الإنسان دلالة على سلامة العقل لديه , وعلى وجوده , وان من أراد أن يحافظ على عقله عليه أن يحافظ على الحياء الفطري لديه , فان العقل بمنزلة الشجرة والحياء بمنزلة الثمرة , وان أكثر الناس عقلا أكثر الناس حياء , وفي هذا الباب ورد عنه أيضا عليه السلام : ( العقل شجرة ثمرتها الحياء والسخاء (10) , وقال عليه السلام : ( أعقلكم أحياكم (11) , ومن لا حياء له لا عقل له وهكذا العكس . 
منها : قلة الورع دليل على قلة الحياء , وكلما انعدم الورع أكثر زال الحياء , ( من قل حياؤه قل ورعه (12) , وصار إلى الكفر اقرب , بل هو الكفر بعينه ,(قلة الحياء كفر (13) , وكلما زاد الحياء عند الإنسان دل على كمال الإيمان , والإيمان هو الثمرة اليانعة من شجرة الحياء , فقد ورد عن علي عليه السلام : ( حياء الرجل من نفسه ثمرة الإيمان ) (14), ( كثرة حياء الرجل دليل إيمانه (15) , ويوجد الكثير من هذه الآثار اعرضنا عنها خوفا من الإطالة .
المصادر والهوامش :
1- بحار الأنوار: ج 75 , 177. 
2- شرح غرر الحكم /2/ 398
3 - شرح غرر الحكم /3/301
4 - غرر الحكم /8616.
5 - مستدرك الوسائل : ج14 , ميزان الحكمة : ج4 , 3289. 
6 - غرر الحكم /527
7 - غرر الحكم /2 / 47
8- غرر الحكم /5789
9 - شرح غرر الحكم /6/ 76
10 -المصدر السابق : 1 / 93 
11 - غرر الحكم / 1323
12 - شرح غرر الحكم /2/370
13 - عيون الحكم والمواعظ : ج1 , ص 182
14- شرح غرر الحكم : 4 / 590



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43866
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28