• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السبب في عدم زواج عبد الكريم قاسم .
                          • الكاتب : خير الله علال الموسوي .

السبب في عدم زواج عبد الكريم قاسم

هناك قول رائع لسماحة عميد المنبر الحسيني الشيخ احمد الوائلي : (عادة الصيغة التي يبحثونها الكتاب في الاغلب الاعم ما تكون صيغة نصوص ) .

تتبع النص او البحث عن النصوص اوالاعتماد على النصوص فيه نسبة من الصحة ومن الخطأ .

ان بعض النصوص قد لا تكون حقيقية او صادقة ،فانا ارى اننا نستطيع ان نحسب بعض الامور حسابا رياضيا ،فعندما تسأل هناك سيارة سارت من البصرة الى بغداد وقطعت المسافة بخمس ساعات علما ان المسافة كانت مثلا خمسمائة كيلو متر فكم كانت سرعة السيارة ؟.

فتقول :كانت سرعتها مئة كيلومتر في الساعة ،وهكذا بعض الامور نستطيع ان نحسبها حسابا رياضيا ان لم تتوفر لنا معطيات حقيقية صادقة عن أي حالة .

عبد الكريم قاسم شخصية عاشت فقيرة ووجدت في بيئة الفقر هذا ما صرح به هو في غير مرة ،ثم ان هذا الفقر ولد عنده حقدا عميقا على الحكومة بصفتها هي الاب وهي القادرة على رفع معانات الناس او الشعب ،وهذه الفكرة اختمرت في اعماقه دون ان يبوح بها الى احد ،لأنه كان كتوما جدا ،وهذا الكتمان هو السبب الرئيس في نجاح انقلابه العسكري .

عاش الزعيم العوز والفقر والتهميش مما ترك اثره على نفسيته وكان هذا الاثر قد ولد الانتقام من الوضع وهو يعلم ان تغيير الوضع السياسي لم ولا يكون الا عن طريق الانقلاب العسكري ،فالذي يعتقد ان انقلاب 14تموز جاء صدفة او هو من تدبير الضباط الاحرار فهو متوهم جملة وتفصيلا بل هو من تخطيط عبد الكريم قاسم ومن انتاج فكره ومنذ زمن ليس بالقصير ،اما من يعزو تأثر الانقلاب بانقلاب مصر ،نعم قد كان له الاثر المهم في انقلاب العراق ،لاننا نلاحظ اليوم ثارت تونس فانتشرت الثورات في جميع انحاء الوطن العربي .

كان عبدالكريم قاسم يعلم ان ما في رأسه هو احلام اليقضة ولايمكن ان تتحقق ولسبب واحد هو عدم قبول ابناء الناس العامة في الجيش كضباط ،وبعد ان اكمل دراسته تعين معلما في المشخاب كي يدرس اللغة الانجليزية هناك .

وبعد مرور سنة او اكثر سمحت الحكومة العراقية الى جميع العراقيين ان يتقدموا الى الجيش ليصبحوا ضباطا فيه ،مما جعلها عبد الكريم قاسم فرصة العمر التي لا تعوض لذلك انخرط في صفوف الجيش العراقي كضابط وكان من المع الضباط حيث عمل من اجل ان يخلق له سمعة طيبة كي يحقق اهدافه من خلال كسب ود الاخرين او هو بطبيعته منضبط ومتفاني ،مما جعله يكون ذو شهرة واسعة على مستوى الجيش العراقي .

دخل عبد الكريم قاسم حروب فلسطين وكان متميزا فيها وفي جميع الواجبات التي توكل اليه مما جعله يحصل على اوسمة وانواط لشجاعته في ذلك الزمن .

ثم جاءت الفرصة المناسبة لتحقيق هدفه الابرز في الحياة وهو الانقلاب على النظام الملكي ،وكان النظام الملكي نظام بسيط وغير محصن ومن الممكن ان يحصل عليه انقلاب بكل سهولة ،ولكن يبقى الانقلاب او التفكير فيه امرا ليس بالهين .

وكان قبل الانقلاب تقول له اخته : (نريد ان نفرح بك) اي نريدك تتزوج.

فيرد عليها : (ان شاء الله عن قريب ) ،وبعد ان نجح الانقلاب جاء لاخته وقال لها : (هذا هو زواجي ) نستشف من ذلك انه عاش من اجل هذا الهدف ، حتى لا تشغله الاسرة من عدم تحقيق هدفه ،او ربما اذا اخفق الانقلاب لا يريد ان يترك خلفه ايتام .

نجح الانقلاب فلماذا لم يتزوج ؟.

اعتقد ان حبه للفقراء خاصة وللبلد عامة خاف ان تشغله العائلة من اداء واجبه اتجاه البلد ،لاننا وباعترافاته هو يقول : (انا انام ساعتين في اليوم ،واذا نمت اكثر اكون خائن بحق الشعب ،لان هناك الكثير من الاعمال التي يجب ان تنجز)، لا كما يصوره امير الحلو انه تعرض الى مرض واثر ذلك على جهازه التناسلي ،ولو كان كذلك لكان رجل منهارا تماما لانه يشعر بالنقص اتجاه الاخرين مما يجعله ينسحب عن الحياة العامة ويذهب الى الانطواء والانزواء بعيدا عن كل شيء ومن حقه لانه ميت يمشي على الارض .

فعبد الكريم قاسم ولد قبل عصره وربما العراقيون بعد خمسمائة سنة يستحقون شخصا مثل عبد الكريم قاسم يفهمونه ويفهمهم ويقدرونه ويقيمونه وربما لم ولا يصلون الى تقبل شخصا مثل عبد الكريم قاسم في حياتهم ابدا.

وانا من اشد المعجبين بعبد الكريم قاسم شأني شأن اغلب العراقيين ،ولكن يجب علينا ان نتحرر من العاطفة ،نعم عبدالكريم قاسم عجزت الامهات ان يلدن مثله وانه خدم العراق والعراقيين ونزيه ومخلص ،ولكنه للاسف هدم بنيان من اعظم ما بني في العصر الحديث هدم المملكة العراقية التي كان فيها السياسيون سياسيون ،وكانت تلك التجربة تشبه الى حد كبير هذه التجربة السياسية التي نعيشها الآن ولكن الفارق كان السياسيون آنذاك انضج من السياسيين اليوم ،فعبدالكريم قاسم هدم هذا البناء العظيم ثم جاء ببناء عظيم آخر ،ولكن للاسف الشديد لم يحافظ على هذا البناء وهدمه ،لانه سلم نفسه وجهده وروحه الى قرود لا يستحقون الحياة من امثال علي صالح السعدي ،واحمد حسن البكر .

وحصل بجميع الذين شاركوا في الانقلاب على الملكية ما وعدهم به السياسي الداهية نوري السعيد حيث قال : (اذا نجح الانقلاب العسكري في العراق سيشنق العسكريون بعضهم بعضا) وهكذا ليقتل العسكريون بعضهم بعضا الواحد تلو الاخر ،والذين اصبحوا اسودا على عبدالكريم قاسم اذلهم صدام ذل ما بعده ذل وقتل منهم من قتل واهان من اهان هكذا لتنتهي فترة مهمة ومريرة من تاريخ العراق ثم تصل الى يد هدام الذي دمر البلد .

فكان لزاما على عبدالكريم قاسم ان لايقوم بالانقلاب ،وان فعل كي يأتي بما هو افضل منه كان يجب عليه ان يحافظ على ما جاء به حفاظا على دماء واروح الناس والشعب الذي سحق على ايدي الجلادين امثال هدام .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4972
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28