• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح247 سورة المؤمنون الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح247 سورة المؤمنون الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ{23} 

تنعطف الآية الكريمة لتحقق (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ) , ارسالية "بعثة" نوح "ع" الى قومه مرسلا من قبله عز وجل , (  فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) , غاية رسالته ان يدعوهم الى عبادة الله تعالى وحده , وان ينبذوا ما يعبدون سواه جل وعلا , (  أَفَلَا تَتَّقُونَ ) , الا تخافون ان يسلبكم نعمته , او يوقع بكم عذاب اليم في الدنيا والاخرة .       

 

فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ{24}

تروي الآية الكريمة رد القوم عليه "ع" (  فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ ) , كبراء القوم من الكفار , وفي النص المبارك دلالة على وجود من آمن به "ع" بدلالة (  الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ ) , اي كبراء وسادة القوم الذين كفروا , اما الذين آمنوا من القوم لم يعنوا في الخطاب , (  مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) , كبراء الكفار يخاطبون عامة القوم , ان نوحا "ع" ليس الا بشر كسائر البشر , لا يختلف عنكم في شيء , فكيف يكون مرسلا من الله تعالى , (  يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) , لكنه بدعوته هذه يطلب التفضل والسيادة عليكم , (  وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً ) , لو اقتضت مشيئة الله تعالى لأرسل ملائكة بدلا من ان يرسل لنا بشرا , (  مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ) , التوحيد الذي جاء به نوح "ع" لم نسمع به في موروثات ابائنا واجدادنا .         

 

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ{25} 

تستمر الآية الكريمة برواية كلام كبراء القوم من الكفار (  إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ) , اي مجنون , وهذه تهمة ثانية وجهت له "ع" , بعد ان اتهموه بطلب التفضل والسيادة والرياسة , (  فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ) , طالما وانه مجنون , انتظروه حتى يفيق من جنونه .   

 

قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ{26} 

تروي الآية الكريمة كلامه "ع" متوجها فيه الى الله عز وجل (  قَالَ رَبِّ انصُرْنِي ) , بإنزال العقاب والهلاك عليهم , (  بِمَا كَذَّبُونِ ) , بسبب تكذيبهم بما جئتهم به من عندك .    

 

فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ{27} 

تبين الآية الكريمة (  فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ) , ان الله تعالى اوحى اليه "ع" , (  أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ) , اصنع السفينة , بحفظنا , (  وَوَحْيِنَا ) , بأمرنا وتعلمينا لك كيفية صنعها , (  فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا ) , الوعد بالهلاك , (  وَفَارَ التَّنُّورُ ) , وعلامة نزول العذاب ان يفور الماء من التنور , وقد اخبرته زوجته بذلك , (  فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) , فأن كانت هذه العلامة فأركب او ادخل في السفينة , ولتدخل معك ذكرا وانثى من كل الحيوانات , (  وَأَهْلَكَ ) , زوجته واولاده , وزوجات اولاده واولادهم , (  إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ) , يستثني النص المبارك من سبق عليه القول بالعذاب من اولاده , كأبنه كنعان الذي اعتصم بالجبل , (  وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ) , ان تدعوا لنجاتهم , (  إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) , مغرقون لا محالة .       

 

فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{28} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقاتها (  فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ) , فاذا اعتدلت انت ومن معك على ظهر السفينة , (  فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) , فاحمد الله تعالى , (  الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) , الذي انجانا من القوم الظالمين لنا بتكذيبهم , وظالمي انفسهم بإيرادها موارد العذاب والعقاب .      

 

وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ{29} 

تخاطب الآية الكريمة نوحا "ع" (  وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ) , ان يدعوا الله تعالى طالبا ان ينزل او ترسو السفينة في مكان مبارك , كثير الخيرات , (  وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) , وانت خير من انزل . 

يستفاد من الآية الكريمة دروسا في ادب الدعاء .      

( قال النبي صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام يا علي إذا نزلت منزلا فقل اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ترزق خيره ويدفع شره ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .   

 

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ{30} 

تستمر الآية الكريمة مبينة امرين : 

1- (  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ) : يؤكد النص المبارك ان ما تقدم من قصة نوح "ع" وسفينته ونجاته ونجاة المؤمنين واهلاك الظالمين , فيه دلالات على لطفه عز وجل على من آمن به وقدرته عز وجل على عقاب واهلاك الكفار .  

2- (  وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ) : يؤكد النص المبارك تعرض العباد لموارد الامتحان والاختبار .     

 

ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ{31} 

تبين الآية الكريمة (  ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ ) , بعد هلاك قوم نوح "ع" , انشأ الله تعالى (  قَرْناً آخَرِينَ ) , يكاد يجمع المفسرون على انهم قوم عاد , ويضيف لهم البعض قوم ثمود .   

 

فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ{32} 

تبين الآية الكريمة انهم عبدوا غير الله تعالى (  فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ ) , فارسل الباري عز وجل لهم رسولا منهم , ولد وعاش وترعرع بينهم , هودا "ع" في حالة المقصودين هم قوم عاد , وصالح "ع" في حالة ان يضاف لهم قوم ثمود , (  أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) , هي نفس رسالة نوح "ع" , وعليها مدار كل الرسل والانبياء "ع" , التوحيد , (  أَفَلَا تَتَّقُونَ ) , الا تخافون ان يسلبكم نعمته , او يوقع بكم عذاب اليم في الدنيا والاخرة .         

 

وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ{33}

تروي الآية الكريمة رد القوم عليه "ع" (  وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ ) , كبراء واسياد القوم , (  الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ ) , الذين كفروا منهم وكذبوا بيوم الاخرة , والمصير اليها , (  وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) , وهؤلاء كانوا مترفين متنعمين , (  مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) , قالوا يخاطبون العامة من القوم , ان هودا "ع" ليس الا بشر مثلكم , لا يختلف عنكم في شيء , (  يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) , لا يختلف معكم حتى في موارد الاكل والشرب .    

 

وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ{34} 

تستمر الآية الكريمة بنقل كلام كبراء القوم من الكفار (  وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ ) , فيها قسم وشرط , (  إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ) , جواب الشرط , ستكونون مغبونون في حالة طاعتكم له .     

 

أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ{35} 

تستمر الآية الكريمة بنقل كلامهم (  أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً ) , هل يعدكم انكم اذا متم وتحولت اجسادكم  الى تراب , لم يبق منها الا العظام البالية , (  أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ) , سوف تبعثون , تخرجون من قبوركم احياءا .     

 

هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ{36}

تستمر الآية الكريمة بنقل كلامهم (  هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ) , بعد ما توعدون به , (  لِمَا تُوعَدُونَ ) , من الخروج من القبور ليوم الحساب , و اللام زائدة للبيان .    

 

إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ{37}

تستمر الآية الكريمة بنقل كلامهم (  إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا ) , ليس هناك حياة اخرى , سوى هذه الحياة , (  نَمُوتُ وَنَحْيَا ) , يموت البعض منا , ليحيى اخرون , (  وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ) , ولن نحيا مرة اخرى , وهو تمام انكارهم للبعث .      

 

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ{38}

تستمر الآية الكريمة بنقل كلامهم (  إِنْ هُوَ ) , الرسول , (  إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ) , اختلق ذلك على الله تعالى , (  وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ) , مصدقين اياه في دعواه تلك .        




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=54389
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 11 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19