• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ‏‫جالياتنا وتراثنا المنسي .
                          • الكاتب : محمد الحميداوي .

‏‫جالياتنا وتراثنا المنسي

كُّلفت بموضوع فكري( رغم زائرة المتنبي) يتطلب الخوض فيه الوقوف على آراء الفلاسفة الغربيين ،لقد أتعبني هذا كثيراً فاحياناً اضطر لقراءة كتاب كامل من اجل العثور على سطر نٌقل عن هذا الفيلسوف او ذلك العالم !
انك لتعجب ان تجد فلاسفة كباراً تَرَكُوا بصمات إيجابية او سلبية على الفكر الإنساني يهوون في وادٍ سحيق بسبب تفكير فلسفي أقل مايقال عنه انه ساذج !
وكمثال على ذلك انظر تصور برتراند راسل وجان بول سارتر وجون ستيورات ميل وغيرهم عن العلة الاول ووقوفهم عاجزين عن جواب السؤال الطفولي (من خلق الله ؟) معتبرين عدم حاجة العلة الاولى الى علة نقضاً لقانون العليّة الذي يؤكد على ان كل معلول فهو له علة !
ان هذا تساؤل أجابت عنه الفلسفة الاسلامية منذ اكثر من الف سنة وبحثته بحثاً معمقاً ذُكر في كلمات فلاسفتنا المتأخرين باسم ( ملاك الاحتياج الى العلة ) و اروع مافيه نظرية صدر المتألهين -قد- في الإمكان الوجودي .
لقد دفعني هذا الامر الى اكثر من تساؤل اتمنى من العارفين ان يجيبوا عنها :
ماذا تفعل جالياتنا الاسلامية عامةً والشيعية خاصة ؟
كم مؤلف فلسفي او فكري تمت ترجمته الى العالم الاخر ؟
وكم هو عديد البحوث والمقالات التي تضمنتها الصحف الغربية لكفائاتنا الفكرية المتغربة تعرّف بتراثنا وفكرنا وموقفنا من المسائل الانسانية الحرجة ؟
واساساً هل توجد عندنا مراكز بحثية في بلاد الغربة تتكفل بهذه المسائل؟
وليس غياب العمل المؤسساتي بماهو احدى الادوات المؤثرة سلبا في عدم التعريف السالف على شدته بأشد من غياب الدافع وعدم الشعور بالمسؤولية وعدم الاستعداد للتضحية بالمال والجهد في سبيل الدين والفكر والا فالندن مثلاً بما لها من ثقل حضاري تعج وتضج بالحيتان ( العراقية ) المتورمة بالمال حد الإنفجار فهل فكر احدهم بانشاء دار للترجمة او مؤسسة بحثية لايصال معارفنا الى الاخر المختلف معنا فكرا وثقافة؟
لقد قامت احد الشخصيات المعروفة في بعض العواصم الأوربية من خلال مؤسستها بتضمين مؤلفات الشيعة على الشبكة العنكبوتية وجعلها في متناول الباحثين وهي خطوة تذكر فتشكر( رغم انه يندر ان تجد فيها كتاباً فلسفياً يناقش المذاهب الفكرية المناوئة لله والدين!) لكن اما كان اللائق بدلاً من ذلك ترجمة هذا الموروث بشموليته و بقدر الوسع والطاقة بلغة تلك العاصمة العالمية ليعد ذلك من حسنات الدهر ؟!
اليس هذا افضل مردودا واعم نفعا من بعض الفضائيات التي تسيل سفاهةً وتسطيحاً او تلك التي تطال السلم والامن المجتمعي في الصميم؟
لقد قال لهم الشيخ الوائلي -رحمه الله - ذات يوم ما حاصله ( انتم رسلنا الى الغرب )!


أترى لو تُرجمت هذه المعارف الفلسفية والكلامية التي تمثل نتاجات مئات الفلاسفة والمتكلمين وابداعاتهم فهل سترى انجلز احد مؤسسي الفكر الماركسي يقول :

إنني أدعو كل يوم وأقضى اليوم كله داعيا أن تنكشف لى الحقيقة . لقد أصبح الدعاء هوايتى منذ وجدت الشكوك طريقها إلى قلبى ؛ إننى لا أستطيع أن أقبل عقائدكم إن قلبى يفيض بالدموع الغزار وأنا أكتب هذه السطور ، قلبى يبكى عينى تبكى ولكننى أشعر أننى لست بطريد من رحمة الله بل آمل أن أصل إلى الله الذى أتمنى رؤيته بكل قلبى وروحى وأقسم بحياتي أن عشقي وبحثي هذا لمحة من روح القدس . ولن أقلع عن تفكيرى هذا ولو كذبه الإنجيل المقدس عشرة آلاف مرة )!
الاسلام يتحدى –وحيد الدين خان ص288

او تكون نهاية راسل كما قيل :

تخبرنا كاترين تيت Katharine Tait ابنة راسل في كتابها \"أبي، برتراند راسل\" أن فيلسوفنا العظيم كان يشعر دائماً بوجود مكان شاغر في عقله وفي قلبه. مكان كان يشغله الرب عندما كان (راسل) صبياً، ثم أصبح خاوياً ولم يعثر على شيء يملؤه. وتقول كاترين بأن والدها كان يشعر دائماً أن جوهر الإنسان لا ينتمي إلى هذا العالم المادي، وأنه أخذ منذ بداياته الفلسفية وطوال حياته يبحث عن الإله باهتمام ومثابرة. خرافة الالحاد –دكتور عمرو الشريف ص324
اذكر ان السيد الشهيد الصدر-قد- قال في اليوم الموعد من الموسوعة المهدوية ماحاصله: ان هولاء المفكرين لم ينفروا من الدين بعمومه بل من دين خاص تضمنته جغرافيتهم ولو كان المسلمون على مستوى المسؤولية وأوصلوا لهم رؤية الاسلام عن إشكالاتهم لتغير موقف الكثير منهم !

بماذا نخاطب هولاء الفلاسفة والمفكرين ان اجتثثنا البحث الفلسفي كما ينادي من يُظهر الغيرة والحمية على الدين واهله ؟
هل نخاطبهم من خلال نتاجات فلاسفة التوحيد كابن سينا والطوسي والفارابي وابن رشد ومير داماد وصدر المتألهين والطباطبائي ومطهري والصدر ( ان صح عدّه -قد- فيلسوفاً بالمعنى الاصطلاحي) وغيرهم من أفذاذ الفكر ؟
او من خلال قال الله وقال الرسول وهم لا يعترفون لا بالله ولا بالرسول ؟!
لقد زرت بعض المراكز البحثية المعروفة عندنا فوجدت مخرجات قسم الترجمة لاتعدو كتيبات وكراسات صغيرة ربما تصلح للمتعلمين من الناشئة !
كم هو مثير للشفقة والبؤس ان ترى احدهم يباحث خارجاً ( لم أتأكد هل هو على ملاك البحث الخارج فعلا اومن فضائيّ هذه الايام !) ويرد على الفلاسفة قائل :
اذا قال الفيلسوف ان قدرة الله لا تتعلق بالمحالات ( المستحيلات) قلنا له : ( ان الله على كل شيء قدير ) !
مولانا الاجل وعالمنا الفذ وهل المستحيل شيء حتى تتعلق به قدرة الله ؟
على كلامك هذا يلزم ان تقول : ان الله قادرٌ على خلق شريك له ،وقادرٌ على إعدام ذاته وووووو( تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ) !

قيل ان شخصاً جاء إلى أمير المؤمنين -ع- فقال يا أمير المؤمنين : أيستطيع ربك أن يجعل الدنيا على كبرها في البيضة على صغرها؟
قال ويلك إن الله لا يوصف بعجز ولكن الذي تقول لا يكون.

اي لا تتصور أن الله يعجز عن شيء لكن ان هذا الذي تقوله ليس فيه قابلية أن يتحقق فالمشكلة ليست في فاعلية الفاعل بل في قابلية القابل.

عوداً على بدأ

------ قال احد الكتاب العائدين من سفرة قصيرة الى احدى العواصم الأوربية بعد ان سألوه عن انشغال بعض الجاليات في نشر الدين الحنيف والمذهب الجليل ( انهم مشغولون بالولائم والاحتفاليات )!

من المؤكد انني لا استطيع الأخذ بهذا التعميم وبخس حق من يتكبد العناء في سبيل إيصال فكرنا ومعرفتنا أفراداً كانوا ام مؤسسات بيد اني غير ملّم بشراشر الموضوع حتى أبدي فيه رأياً قاطعاً ,ولكن من المؤكد ايضا انه دون المستوى المطلوب بكثير.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55518
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 12 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28