• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحداثة العربية الاسلامية وقفة تأمل .
                          • الكاتب : عبد العزيز لمقدم .

الحداثة العربية الاسلامية وقفة تأمل

ماهي الحداثة ؟ هل عرف العرب الحداثة ولو مرة في تاريخهم ام ان ما سميت حداثة عربية اسلامية كان العرب المسلمين مجرد ناقلين للعقل اليوناني ولعبو دور السائقين لهذا العقل حتى تلقفته اوروبا من خلا اعمال الترجمة او خلال التواجد العربي الاسلامي بالاندلس ؟ العقل العربي خلال ما عرف بين قوسين بالحداثة لم يشتغل قط ولم يكون ابدا هو المساهم في الحداثة الا يمكن ان العقل اليهودي هو صاحب الحداثة الفكرية وان العرب المسلمون اشتغلوا بمسائل جانبية كعلم الكلام مثلا ؟ الا يمكن القول ان الانسان العربي المسلم لم يعرف حداثته منذ ان اجهض المشروع الاسلامي الحقيقي ؟ وان الحداثة العربية الاسلامية الحقيقية لم تكن سوى الوجه المقنع للعقل اليهودي الذي نشط وازدهر ابن ميمون ابن مندل واخرون .. 
نعطي النموذج عن مشروع الحداثي الذي اجهض في مهده منذ الفتنة الكبرى الم يكن الانقلاب على ال البيت يحمل في طياته هذا الاجهاض لهذا المشروع الحداثي ذلك ان النتائج التي كانت منتظرة لم تات اكلها لحد الساعة لانه مشروع قد اجهض في مهده الم يقل علي ابن ابي طالب ذات يوم وهو بجانب نهر الفرات يحمل عصا يحرك بها مياه النهر . لو اردت لجعلت لكم من الماء نارا ونورا ؟ وقد ترك لنا الامام علي في نهج البلاغة الكثير من الافكار العلمية ومشاريع اعمال ودراسات علمية .بل والاكثر من هذا كانت كل حياته مرجعا في العلم والاخلاق والحكمة والتسامح الحقيقي المبني على الحق وليس التسامح كشعار يخفي وراء كل معاني الانبطاح والسكوت عن الحق .
الم تكن حادثة مقتل الحسين ابن علي تاكيدا ودعما لهذا الاجهاض الجنيني للحداثة الاسلامية لان في بقاء الحسين وال البيت عموما هو اضاعة الفرصة على العقل اليهودي كي يجد مكانا له في التربة العربية الاسلامية ؟ 
قال البروفيسور ديفيد ريختر استاذ التاريخ اليهودي الحديث في جامعة اكسفورد البريطانية في مؤتمر الخطر الشيعي على دولة اسرائيل الذي نظمته مؤسسات الكفاءات اليهودية في بريطانيا مساء يوم الاثنين 1.12.2014على مسرح قاعة هاتج ايند في منطقة بتر شمال شرقي لندن الخطر قائم وفي اية لحظة يظهر المنقد محمد حفيد محمد ويزيل دولة اسرائيل واضاف ان الحسين ابن علي بن ابي طالب لو استلم الحكم بدل يزيد ابن معاوية لاصبحت قارات العالم السبع على دين محمد مسلمة وانقرضت الديانة اليهودية وحتى المسيحية وعلى اليهود والمسيح تقديم الشكر ليزيد لانه قدم خدمة عظيمة لليهود والمسيح =البروفيسور ديفيد رختر استاذ التاريخ اليهودي الحديث جامعة اكسفورد البريطانية .
الا يحق لنا ومن خلال ماقاله الدكتور ريختر ان نراجع كل يقينياتنا عن الحداثة العربية الاسلامية ؟ وهل يمكن الحديث عن الحداثة في ظل وجود عقلنه للفكر وبكل تخصصاته هذه العقلانية ذات الطابع اليهودي وكما عبر عن ذلك صراحة الدكتور طه عبد الرحمان حين تحدث عن تاثير ابن مندل في الفكر الحداثي الاوروبي نفسه كالكانطية مثلا ؟ 
لقد ربط طه عبد الرحمان مفهوم الحداثة بالقومة وحاول ان ينحت عدة مفاهيم ضرورية لان تكون هناك قومة/حداثة كمفهوم الفتوة هذا المفهوم الذي يحيل الى عدة مرجعيات في القران وكان الفتى هو حامل المشعل التنويري الحداثي في كل زمان ومكان =حادثة الفتى ابراهيم في تكسيره لاصنام نمرود حادثة النبي محمد باعتباره احد فتيان العرب وعلي ابن ابي طالب = لافتى الا علي ولا سيف الاذو الفقار = والفتوة تكثف كل معاني الفروسية من شجاعة وميل الى نصرة الحق وما الى ذلك من المعاني التي كانت موضوعا لدراسات الفلسفية تحت مسميات العدالة الخير .
هل يمكن ان نجد هذه المفاهيم حاضرة الان والتي بدونها لا يمكن ان نتحدث عن حداثة التي لا سبيل الى تحقيقها في جو مليء ومشحون بالانبطاحية والتطبيع مع الكيان / العقل اليهودي. هل الخروج من حالة التخلف الى الحداثة ضروري ان يمر عبر شخصيات معينة مخصوصة تتحقق فيها شروط الفتوة او الفروسية ؟ لان كل التجارب التي مررنا بها لحد الساعة ولكي نكون حداثيين لم تخرج الينا / الى الوجود مثل هذه الشخصيات وما ستحمله من مشاريع حداثية وخصوصا وان المجتمعات العربية الاسلامية تعيش حالة من التململ على كافة الاصعدة ولم تجد تلك الشخصية الكاريزمية التي تخرجها من حالة اليتم والضياع الى حالة القومة والنهوض ؟ .الا تعكس مخاوف البروفيسور ديفيد ريختر تلك الهواجس الحقيقية التي باتت تؤرقه وهي هواجس تؤرق الغرب كافة وبكل اطيافه الفكرية والسياسية والاقتصادية من ان تنهض شخصية محمد وتقلب الطاولة على العقل الغربي وحداثته وتكون بداية نهوضه نهاية ازمنة وبداية ازمنة اخرى ؟ ان مشروع الحداثة هو اولا مشروع سياسي اجتماعي تقافي يستمد قراراته من استراتيجيات محكمة مدروسة يكون اولى اولوياتها مصلحة الامة فوق كل اعتباروالحديث عن حداثة في غياب هذه الامكانيات هو امر يبدو من قبيل العشوائية ودر الرماد في العيون.
المشروع الحداثي الصهيوني الذي ينشده هذا الفكر لم يكتمل بعد ولن يكتمل الا بتتويج شخصية المسيح او المسيا ليحكم العالم من خلا ل تربعه على عرش دولة اسرائيل واية حداثة نتحدث عنها نحن العرب المسلمون في ظل تحقق هذا المشروع الصهيوني الضخم؟ انهم سيعملون على استرداد كل البرادكمات النظرية التي اشتغل عليها ويشتغل عليها فلاسفتنا في الجامعات العربية وسيعتبرونها من فكرهم واجتهاداتهم الخاصة وهنا تحضرني مقالة في غاية الروعة كتبها ر. بيننفلد تحت عنوان =ديانة يهود بلا ديانة = والقاها امام الجمعية الاسرائيلية لعلم الاجتماع والانتروبولوجيا من العام 1937.وهو مقال يتحدث فيه عن خصائص الفكر اليهودي ومساهمات اليهود الفكرية في كل بقاع العالم هذه الخصائص ذات الاصل الديني التوراتي هي ما تحكم في كل انتاجاتهم الفكرية الروحية والتي كان هدفها التوطئة لحكم المسيا واليكم بعض هذه الخصائص كما يوضحها ر. بيييننفلد في المحاضرة يقول ما معناه ( ازعم لدى يهود بلا ديانة , اي الملحدون المنكرون لشعائر الرب ومناسكه بعض الخصائص الاساسية التي تواصل التواجد في ذهنيتهم والتي تحدد معنى الحياة لديهم وكذلك نزعتهم الروحية رغم الاحتقار الذي يكنونه للتقاليد اليهودية ,ان اليهود بلا ديانة يشكلون مجموعة خاصة يمكن ارجاعها الى هذا التماسك الروحي فيما بينهم وبمحيطهم وبديانتهم التي توارثوها ابا عن جد ولكن بكيفية لا شعورية.)ان ما يمكن استنتاجه من هذا الكلام مسالتين اساسيتين اولا *عزوفهم عن اداء المناسك الدينية بل وذهب اغلب مفكريهم الى اكثر من ذلك الى نفي الفكر الديني كما فعل ماركس وفرويد مثلا .ثانيا *تشبتهم بالدين لكن بكيفية لا شعورية باعتباره اي الدين اساس وحدتهم وجوهر وجودهم .ولنواص عرضنا لخصائص فكر ديانة اليهود بلا ديانة من خلال قراءتنا لمجموعة من النصوص وكما اوردها ر.بيينفيلد في المحاضرة والتي يمكن الخروج منها بما يلي , لقد تميز اليهود في مناطق الشتات وداخل المجتمعات التي اوتهم بحكم اقامتهم في هذه المجتمعات داخل كيتوهات ,هذه الاقامة/الوضعية كانت في نظرهم تحفظ لهم خصوصياتهم وهوياتهم التي ينتمون اليها لكنهم في المقابل كانوا يتنشرون في هذه المجتمعات ويمارسون شتى انواع المهن بصنفيها العقلي او اليدوي لكن هذا التوجه كان يفرضه خيارين لا ثالث لهما ,اما التقيد بالتعاليم اليهودية التوراثية واحياء المناسك المرتبطة بها والتدثر بلباس الدين والانعزال عن المجتمعات وعدم اختراقها الا ان هذا الخيار في نظرهم يشكل عائقا امام هدفهم الذي يعملون على تحقيقه =تحقيق الحداثة الحقيقية التي ستبدأ بتتويج المسيا على راس اسرائيل الكبرى واما الانتشار داخل المجتمعات المضيفة لهم والعمل على تسخير كل ملكاتهم وخبراتهم لاجل الوصول الى مبتغاهم =دائما كان ولا يزال هم اليهودي هو تحقيق الحلم بدولة تجمعهم لتكون هي مركز لتركيع كل العالم يقول ر بيننفلد ما معناه (...لقد كان اليهود مخيرين بين البقاء في العزلة عن المجتمعات التي احتضنتهم والتمسك بمناسكهم الدينية او نبذ هذا الخيار الذي يشكل عائقا امام مساهماتهم الروحية باوروبا والعمل على اكساب المجتمعات التي يندسون داخلها الافكار التي تشكل جزءا من تقاليدهم الا وهي المساوات الاخوية ,العدالة , اعطاء الاولوية للعل والعلم .لقد اختار اليهود الخيار الثاني لانه يعطيهم امكانية تحقيق الفكرة الاساسية الا وهي الزعامة الروحية باعتقادهم بفكرة المسيح المخلص الذي سيقود العالم وعملهم على تحقيق هذه الفكرة انطلاقا من المنفى.) يمكن للقاريء ان يستنتج عدة افكار اهمها ان سبب هجر اليهود لديانتهم هي ان هذه الاخيرة تشكل عائقا امام تحقيق تلك الافكار التي خططوا لتحقيقها فالشرائع اليهودية صارمة في بعض المسائل وهم سيسخرون بعض الاعمال القذرة التي تتناقض مع الشريعة التوراتية. ان المتأمل هذه الافكار الثلاث كالمساوات الاخوية والعدالة واعطاء الاولوية للعقل والعلم يجدها هي الافكار النواة في اية حركة فكرية او سياسية او اجتماعية وما شعار الدولة الفرنسية الا خير دليل على ذلك كما ان شعار كل الحركات التحررية والعلمانية لا تخلو من هذه المباديء الثلاث .اذن كيف للمثقف العربي المسلم ان يحمل شعار الحداثة لامته ومجتمعه وهي شعارات سبقه اليها المفكرون اليهود الذين يمكن اعتبارهم بمثابة الرواد في هذا المجال وان عمل اي مثقف مهما كانت نواياه صادقه سيسقط حتما في في مشروع ديانة يهود بلا ديانة بل وسعتبر فكره مجرد رافد يصب في تلك الانهار الكبرى التي خطتها ايادي المفكر اليهودي وهنا نكون امام امر واقع فكري لا يستطيع اي مفكر او فيلسوف الخروج منه الا بما عبر عنه الافيلسوف طه عبد الرحمن يقول ,(ونحن العرب نريد ان نكون احرارا في فلسفتنا /فكرنا ,وليس السبيل الى هذه الحرية الا بان نجتهد في انشاء فلسفة خاصة بنا تختلف عن فلسفة اولئك الذين يسعون بشتى الدعاوي الى ان يحولوا بيننا وبين ممارستنا لحريتنا الفكرية ,ولا ريب ان اقرب الطرق التي توصل الى ابداع هذه الفلسفة هو النظر في هذه الدعاوي نفسها التي يرسلونها ارسالا ويبثونها فينا بثا كما لو كانت حقائق لا ياتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها , ويأتي في مطلع هذه الدعاوي القول بان الفلسفة معرفة عقلية تشمل الجميع افرادا كانوا او اقواما اي ان الفلسفة معرفة كونية )الحق العربي في الاختلاف الفلسفي . د طه عبد الرحمن ص22 الطبعة الثانية 2008 . اذن لتلخيص كل ما قيل ان حداثتنا لن يكون لها وجود ان لم نقطع مع كل دعاة النوس او العقل وان ننحت مفاهيمنا الاصيلة التي بدونها لا نستطيع ان نقلع او ان نلج باب الحداثة والقطع مع دعاة العقل يجب ان يفهم في محله فاليهود كما اوضحت من خلال محاضرة ر بييننفلد ابتعدو عن التدين وهو الخيار الاول وهي الخطة التي كانت من نصيبنا بل هم من كان في الظل ويوجه تلك الحكومات التي عملت الدين شعارا ومظلة لها منذ العهد الاموي الى الفكر الوهابي وتداعياته الداعشية التي تهدف الى الرجوع بالامة العربية الاسلامية الى عصور الظلام ناهيك عن كونها احد العقبات وعلى عادتها في وجه كل حركات الفتوة /الفروسية بالمعنى الاخلاقي وهي فتوة صاحبة مشروع حضاري اصبح العالم باسره ممثلا في شرفاءه ينتظره وينشده . لقد اعتمدت هنا مفهوم الفتوة وهو مفهوم صاغه الفيلسوف طه عبد الرحمن اثناء حديثه عن محركي الانتفاضة الفلسطينية باعتبارهم وقفوا في وجه الظلم والطغيان وباساليب تعكس اصعب المعادلات كان بعتمد المنتفض على ادوات مقاومة بدائية في مقابل اسلحة جد متطورة وهو مفهوم / الفتوة له مدلولاته في كل الثقافات الدينية التي كان حاملي مشاعلها يقفون دائما في وجه الطغيان والاستكبار الم يحمل الفتى ابراهيم معوله ويحطم الاصنام؟ الم يأو الفتية الى كهفهم اتقاء بطش الظالمين ؟ الم يحمل علي ابن ابي طالب سيفه ويقهر به كل جبار متكبر تلك هي خطى اطفال الحجارة التي سارت على نهج كل من يحملون خصال الفروسية الم يقل ديفيد ريختر ان الخطر قائم وانه في كل لحظة يظهر المنقذ محمد ويكون بذلك قد تجاوزنا مفهوم الفتوة واطفال الحجارة لننتقل الى مفهوم الامامة وهو المفهوم الذي ربما سكت عنه الفيلسوف طه عبد الرحمن لغاية في نفس يعقوب وهو مفهوم قد نبه اليه المستشرق هنري كوربان في كتابه الامام الاثنا عشر .لقد صرح البرت انشتاين ذات مرة قائلا (انا لا اعرف الاسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الثالثة ,ولكني متأكد من ان اسلحةالحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة ).
--------------------------------------------------------------------------------------
المصادر والتوضيحات .
*الحق العربي في الاختلاف الفلسفي طه عبد الرحمن الطبعة الثانية 2008. 
*http://users.skynet.be/fb125004/bienenfeld.htm.
*الامام الثاني عشر هنري كوربان



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=56530
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28