• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإنشطار بين الاقوال والافعال .
                          • الكاتب : علي شيروان رعد .

الإنشطار بين الاقوال والافعال

       نعم إنهُ ورم ،،، ورمٌ كبير، ولابد لعلاجه من مبضع الجراح، وإن الركام لهائل وإن التركة لثقيلة ولابد من تصفية الحساب كله، ومراجعة الكُتب والقيم والمبادئ وأصول الدين وفروعه كلها، والرجوع من جديد الى أول الطريق من اجل ان نميز بين التشيع الأصيل من التشيع الدخيل أو أن نميز بين الطقسنة المختلقة والتنوير في التشيع الأصيل .

 

لقد وجهة الدفة نحو طرق مخترعة من هذه الحوزة أو تلك على حساب الحوزة العلمية الأصيلة التي ذادت لسنين طوال عن وهن المذهب وتمزيق التشيع.

حذاري ؟! ....

لقد أصابنا مرض مزمن إنه تبلد الإحساس بما نقراء أو نسمع من سير أهل البيت عليهم السلام والصالحين وحكم الواعظين، أنها لا تعني بالنسبة لنا أكثر من أننا نسمعها أو نرويها ونمر بها كما يمر السائق السكران بإشارة المرور لا يعني ما تعني بالنسبة إليه ولا يثيره منها إلا زخرفتها أو حسن رسمها وجاذبية ألوانها! ولذلك حصل الانشطار بين أقوالنا وأفعالنا،

وأقول مرةً أخرى أن مصيبتنا أننا نقراء أقوال الأئمة للتباهي والمدح المجرد من الاقتداء والعمل، وإلا كم من ملهوف إذا استجارنا تركناه، ومسجد حصرناه، وزكاة منعناها وصدقات نفرنا منها، وصلاة لتقليصها هرعنا وبيوت هدمت على رؤوس الفقراء والمساكين امام أعيننا فلم نستجيب لنداء الغوث، وبيوتٍ أخرى بُنيت تحت أقدام الأغنياء والسارقين بسم الدين، ونحن من بصم عليها وأعطاها الشرعية، وتبقى تلك المقولة الخالدة من أفواه اهل البيت عليهم السلام مقياس للتفاضل وصحة الاقتداء من عدمه، (إن ولي محمد من أطاع الله وان بعُدت لُحمَته (نسبه) وان عدو محمد من عصى الله وان قربت قرابته)،

وفي متاهات التشتت والتمزق بين الاقوال والافعال التي أصابت المجتمع تحدثتُ مع العديد من الأفراد والجماعات فكنت أعرف وأخفي ومرةَ أنكر وأحياناً أجد عجباً فأقول: أين الحقيقة ؟!!

لاسيما وأن في هذه العجائب من الطقوس المروج لها والمدعومة بالمال والخطابة وبعض الأحيان بالدفاع الهمجي عنها ما يوقع بالحرج الشديد أمام العالم الناظر للتشيع الأصيل عن بعد، وتجد أن كل من يحاول جاهداً أن يمنع هذه الطقوس الدخيلة على التشيع والمسيئة لثورة الحسين عليه السلام ثورة المبادئ والقيم والحق ثورة الفقير ثورة النور والعلم .

يُتهم في علمة وانتسابه للتشيع ويحارب بشتى أنواع التهم الباطلة، وحين تتحاور مع الطقوسيون تراهم يدافعون عن بِدعهم بالعصبية القبلية المقيتة فتأخذهم العزة بالإثم وقد يبدو عليهم الضعف فيتلعثموا وهم يفتشون عن وسيلة للخروج من مأزق حُشروا فيه رغماً عنهم إنه نفق طويل لا يراه يخلص إلى شيء فإما السكوت وإما اللجام، وأحلاهما مر ! فما هو الحل؟

إنَّ الاكتفاء بالقول بأن هذا كذب، أو بالادعاء أنهُ مدسوس؟ وهو أمرٌ بات واضحاً بأنهُ ليس أكثر من وسيلة للتملص والهروب من الإحراج، وصاحبه أعلم به من خصمه !!

 

فلو كان الموضوع متعلق بمسائل بسيطة طفيفة لا ترى بالعين المجردة، أو كان الاعتراض على خط مسطور في كتاب مغمور أو منشور، لهان الخطب، أما والمسائل التي تخالف المنطق والعقل والذوق الرفيع وتناقض المنقول والمعقول وتجلب الوهن للمذهب وللشريحة المثقفة الكبيرة التي تنتمي له، بعد أن تعددت وتشعبت واستجدت أمور مخترعة كثيرة ومثبتة بثوب جديد يعرض على الشاشات الفضائية ومراكز التواصل الاجتماعي حتى أصبحت دين يُتعبد به ومع مرور الزمن تصبح من المسلمات فإذا قيل الترك قيل أنتركُ ديننا.

 

لابد من نكير وحزم اتجاه ما يعرض ويدرس للأجيال والأطفال الصغار وإنه لأمرٌ جلل فلا يكفي محاولات تكذيبه من قبل هذا الخطيب وذاك رغم عظم عملهم الإنساني وعلمهم العقائدي في علاج المرض لكن صيحاتهم لا تكفي ولا يعالج الامر بالترقيع ! ولابد من إجراء عملية جراحية (كبرى) تكون بفتوى المراجع الأربعة او الخمسة في قمة الهرم العلمي بعقد مؤتمر والظهور العلني لجميع المراجع والتحدث المباشر  بالصوت والصورة، فلا يمكن قبول الاعذار الواهية التي يدافع بها عن سكوت الحوزة العلمية في النجف الاشرف عن هذا التراكم في البدع والخرافات التي تدس داخل المذهب يوم بعد يوم، 

 

لكن المصيبة أننا نسمع من يقول :" بأن المراجع تتحذر ردود الافعال الغير محمودة من المدمنين على الطقوس التي توهن المذهب ويضربون مثلا بالعادات والتقاليد الراسخة والتي اعتاد عليها الناس، ثم يذكرون بأن الآثار السلبية للطقسنة المختلقة غير ملموسة بشكل مباشر ويحاولون إيجاد عذر للصمت الذي وقعت فيه بعض المرجعيات والمحققين والدعاة من اهل العلم بالقول انهم محاصرين بين "المطرقة والسندان".

 

أقول هذه الاعذار ليست من الصحة في شيء لأنه يجب التفريق بين السلطة الحاكمة التي تحتاج للحذر من ردود أفعال مواطنيها في التدرج  لمنع واصدار القرارات التي قد يكون لبعصها اثر سلبي على المصلحة للسلطة الحاكمة، وبين السلطة الدينية التي يفرض عليها فرضاً تبيين السليم من السقيم لان هذا( دين وليس بتين ) كما يقال، فالحلال بين والحرام بين وبينهم امور مشتبهات واجب على العلماء والمراجع والمرشدين تبينها للناس وقد امر ربنا الله بذلك فقال ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيٌم) البقرة 174،

 فلأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ميزات هذه الامة المسلمة وهي من أعظم الواجبات على المراجع والعلماء فلا يقوم الا بهما لذلك كان بيان الحق من الباطل للناس وعدم كتمانه أمر عظيم ففيه وعد عظيم بالجزاء الحسن لمن يقيمه بالتبين والقطع بالتبليغ الى الحق في جميع جوانب الدين من حلال وحرام وبدع ومحاسن ودون السكوت او المراوغة فمن كتم لأي سبب كان قد توعده الله تعالى بقولة ( إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) البقرة 159

 

لقد يأسنا من العمل الدفاعي الفردي لسماع صوت خافت من هنا أو هناك أن هذا من فعل العوام أو هذا من فعل الجهلة، ويعلم الله أن هناك حوزات تبنى وتقوى وتكبر على حساب الحوزة العلمية الأصيلة ومن المشاركين في خراب الدين والمذهب هم أناس صاروا يُعتمدون كمراجع عظام عند الفئات التي تتأثر بالأعلام المتكرر الممزوج بروح المرح أو الحُزن العاطفي أيعقل أن يكون منهجنا وثقافتنا الدينية يكتبها الجهلاء والمتعصبين ! فما هو دور العلماء والمراجع ولماذا هذا الصمت؟

 

إن هذه الممارسات أضحت يوم بعد يوم أن تعد من الممارسات الطبيعية مثل [ التطبير المفرط والتطبيل واللطم الغنائي والتطين بالطين والنبح كالكلاب (يصفون انفسهم كلاب اهل البيت ) والسحف على البطون المشي على النار أو حملها والدوران حولها بحركات راقصة الشعوذة المنتشرة تحت غطاء أهل البت عليهم السلام مثل التعامل بالسح بما يسمى (الكشاف والكشافة) وهم الذين يأخذون الخيرة أي يكشفون عن الحاجب بعلم الغيب كما يزعمون ليأكلوا أموال الناس بالباطل ]

وقد إعتاد الناس عليها وهم يعيشون حياتهم اليومية في مجتمع مليء بالخزعبلات المنسوبة للشعائر كذباً وزورا ! 

 

لقد أنزل الله تعالى دينه للناس كدين يسمو بالإنسان ويرتفع به عن القاذورات والدنايا ويبتعد به عن الانانية الضيقة الى التكافل والإيثار الفسيح، أما هذه التصرفات والتحولات المدعومة أو المسكوت عنها، فعلى العكس تماما إنها تنحط بالإنسان وتسفل به فحاشا أن تكون مبادئ سامية أو منهجاً واقعيا نادى به اهل البيت ع أو ساروا عليه.

إن أئمة أهل البيت عليهم السلام - شأنهم شأن كل المصلحين الكبار - قد ظلموا مرتين !! مرةً من الأعداء _ ومرةً  من الأتباع !! 

أما الأعداء فطعنوا فيهم وشوهوا سيرتهم وأشد ذلك الطعن والتشويه ما كان مبطناً مستترا ! وأما الاتباع فكان ظلمهم أشد حين انخدعوا بمقولات الأعداء المبطنة بأن هذه شعيرة وتلك عبادة فصدقوها وتبنوها وعملوا بها، بل وتحمسوا لها فأذاعوها ونشروها فيا للمصيبة.

 

لقد بدأت بدايات الهرب والاختفاء من الأقوال التي كنا ومازلنا ندافعُ عنها من سيرة أهل البيت عليهم السلام، كنا نقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أزهد الناس وأبعدهم عن زخارف الدنيا وملذاتها، وكان في شغل في دينه ودعوته عن حاجات نفسه ومطالب أهله وقرابته !

فقد حرم على نفسه وأهل بيت الزكاة والصدقات الخاصة وسماها أوساخ الناس، ليضرب المثل الأعلى بنفسه وأهل بيته في العلو والتسامي، أما وحياة أمير المؤمنين (ع) ترجمان أمينا لأقواله ووصاياه، عاش عيشة الفقراء حتى وهو على رأس السلطة !

منع أهله وأقاربه من متع الدنيا على حساب المال العام والتبسط فيها ليبقوا مثلاً يقتدي به المقتدون.

فكان عليه السلام، ينفق جميع ما في بيت المال ويوزعه على المستحقين ثم يكنسه بنفسه ويرشه ليصلي فيه ركعتين هما نصيبه منه!

ثم خلفت من بعده خلوف تكنس المال كنسا ! وتسرق الذهب والفضة وتأكل أموال الفقراء في وضح النهار، وزيد على ذلك الاستهانة والاستخفاف بعقول الناس حتى أحدهم عند ترشيحه لرئاسة ما أو وزارة ما يُغير مهنته ويلبس ثوب جديد يلق بالوزارة الجديدة التي ليست من اختصاصه ولا تمت له بصلة لا من قريب ولا من بعيد، والكلام يطول عن الفساد المتفشي في أموال البلد الذي كان يحلم مواطنية ان يمنحهم الله دولة تحمل العدل والحكم بنهج ال محمد ولطالما هتفوا لها ( ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري ) لكن يا للخيبة كمن صام وافطر على ريقه.

 

نعم إنه ورم كبير في العقائد والأخلاق ولابد لعلاجه من مبضع الجراح وإن التركة لثقيلة ولابد من تصفية الحساب كله ومراجعة الدفاتر كلها والرجوع من جديد لأول الطريق من أجل أن نميز الشعيرة من الوهن والبدعة من الدين والأخلاق من الفساد والمحسوبية لابد من التمييز بين التشيع الأصيل والتشيع الدخيل ولابد من بقاء الأمل وأن له بصيص، بالأخذ عدة الجد والعمل كي نواصل الطريق إلى الهدف، ومعرفة الحقيقة وسط أنوار الحق الساطعة.      

                       المجاز بالقراءة والاقراء للقرآن الكريم 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي رعد الفتلاوي ، في 2015/02/03 .

وافر من الشكر لموقع كتابات في الميزان على نشر مقالي الجديد ، متمنيا لهم التطور في خدمة الثقافة والادب .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57073
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28