تختلف المعارك باختلاف أزمانها وقادتها وتغير خططها وتطور أسلحتها سواء على المستوى المادي او المعنوي وتبعا للظروف التي تمر بها البلاد، فمثلا كانت وسائلها السيف والخيل، ثم تطورت إلى ما هو عليه الآن، من دبابات وطائرات وغيرها، لكن يبقي عنصر القيادة هو من يتحكم بمصير الشعوب وحروبها.
لو أعدنا ذاكرتنا قسرا وقهرا، إلى ذلك اليوم المشؤوم، العاشر من حزيران، وما تلاها من تلاطم الأحداث وتفاقمها، وانهيار المنظومة الأمنية، وانشغال المسؤولين المعنيين بحالهم المخزي، فبدلا من يبحثوا عن حلول، أخذوا يتهمون جنودهم بالتسرب، أو يتهمون بعضهم البعض الآخر بالخيانة، وهنا لا يمكننا رفع المسؤولية عن أي أحد، وابتداءا من القائد العام للقوات المسلحة.
لأننا لو لم نضع اللوم على القيادة، نضرب بكل القوانين المنطقية العسكرية والسياسية عرض الحائط، ونتجه بأنفسنا للدفاع عمن يُتهمون ببيع العراق، وكانت السبب الرئيس في تفتيت المنظومة الأمنية والعسكرية بل وحتى الاجتماعية، وما رافقها من قتل وتهجير وتشريد وسبي وتصليب، وتخريب للبنى التحتية، وسرقة وتجريف ما تبقى من الآثار.
لكن اليوم تغير الحال، بفضل القيادة الحكيمة لمرجعية السيد السيستاني، ومن لبى نداءها من القادة الشجعان، وأبناء العراق البررة، فتغيرت قواعد اللعبة، واُستعيدت العقيدة الوطنية، التي سرقت من قبل القادة الفاسدين السابقين، وأصبح الجندي الضحية، يعود للمعركة ويرد الصاع صاعين لداعش.
الأمر الحاسم الآخر، هو الحضور الميداني لرموز دينية وطنية لمناطق القتال، وخاصة في وقت احتدام معركة صلاح الدين الأخيرة، حيث ذكر الخبير العسكري وفيق السامرائي، بأن حضور القادة، وخاصة السيد عمار الحكيم لخطوط التماس مع العدو، أعطى دفعا عظيما للقادة الميدانيين وجنودهم، للتضحية والثبات، وجعل العدو يلوذ بنفسه، من هول الصدمة التي سببتها له، المعنويات المرتفعة للقوات المشتركة.
القول الفصل في المعارك، للقائد الشجاع، والمتعقل بعقال الحكمة، الذي يبحث عن أسباب النصر، لا لتبرير الهزيمة، فمن يتحصن بأسواره وحماياته، ومطلقا لسانه وأذنابه لتسقيط الآخرين، لا يأتي منه الا السوء.
يبقى رهاننا وأملنا، على قائد يقف مع الجيش والحشد الشعبي قلبا وقالبا، ليكون رمزا وطنيا حكيما معتدلا، يلتف الجميع حوله وقت الملمات، وشجرة مثمرة يُستظل بها عند قائظ الأيام، وخيمة يجتمعون فيها، وقت الشدائد وعند اختلاف الآراء.
|