يُعتَقد في هذه الايام بان العُنف الاسلامي " السني " قد ظهر في السنوات الاخيرة بعد الاحتلال الامريكي للعراق , و هذا غير صحيح , فقد كان الاسلام " السني " الدموي قد ظهر بشكله المُسمَّى" السلفي الجهادي " منذ حوالي ثلاثين عاماً بعد انتشار ظاهرة المجاهدين الذين ذهبوا الى افغانستان لمقاتلة السوفيت الكفار المحتلين الى اخره !!
حيث ظهر هذا النوع من الاسلام على ايدي الامريكان و صنائعهم ال سعود و العوائل الوهابية الخليجية الاخرى الحاكمة في مشايخ الخليج و لَحِقَ بهم وهابيو العَرب و المسلمين الاخرين , و كذلك اشتركت معهم باكستان العسكرية و استخباراتها من اجل مصالحها و ارتباطاتها , و هو امر معروف للجميع !
و قبل ذلك كانت مرحلة اخرى للاسلام " السني " الوهابي الدموي في الجزيرة العربية ضد المخالفين لهم و ضد الشيعة في غزواتهم المعروفة , و حتى ضد الاتراك السُنَّة بسبب صراع النفوذ بينهما في وقتها .
و قبل ذلك ايضاً , فان الاسلام " السني " لعب ادواراً دموية قَلَّ نظيرها في تاريخ البشرية من خلال " الدولة العثمانية " التي استمرت لاكثر من 400 عام , حيث قامت هذه الدولة بسَفك دماء الملايين من البشر , مسلمين و غير مسلمين , و اعتدت على بلدان كثيرة و اختطفت الملايين من النساء و الرجال و سَخَّرتهم عبيداً لها او جنوداً يقاتلون من اجلها .
و كانت افعال تلك الدولة مَبنية على حُجَج دينية اسلامية " سُنية" ايضاً , و هي نَشر الاسلام و الغزو في سبيل الله !! على قاعدة ( ماغُزي قوم في عُقرِ دارهم الا ذُلُّوا ) و قاعدة ( من مات غازياً في سبيل الله فقد ادخل الجنة ) الى اخره من تلك النظريات الجهادية المعروفة !!
و الحقيقة ان الدولة العثمانية كانت دولة اسلامية " سنية " تعتمد المذهب الحنفي حصراً , و لم تكن سَلفية و لم تتقبل الفكر الوهابي ابداً , بل ان الاتراك العثمانيين يعتبرون الوهابيين مارقين من الدين الى اخره ... ! , و قد قاتلوهم اكثر من مرَّة , حتى ان الوهابيين تحالفوا مع الانكليز للغَدْر بهم , و هو امرٌ معروف في مَسيرة نشوء الدولة السعودية الوهابية و مراحل الصراع الطويل بينهم .
و العنف الذي مارسته الدولة العثمانية " السُنية الاشعرية الحنفية " ضد الشيعة و ضد الشعوب الاخرى لا يَقلُ عنفاً و دمويةً عن عُنف و دموية الوهابيين , بل ان العثمانيين صاروا مثالاً يُحتذى في القَسوة و قطع الرؤوس و سَبي النساء و الاستحواذ على املاك الناس بحُجَة الغنائم التي احلَّها الله للمسلمين !! , و تاريخهم في هذا الشأن معروف .
العثمانيون " السُنة الاشاعرة الاحناف " مارسوا العنف و الاعتداء على البَشر و لمئات السنين و الوهابيون " السُنة الحنابلة " مارسوا نفس تلك الاعمال و بنقس المستوى ... فاننا نتسائل !
ماهو الفرق بين هؤلاء و هؤلاء ؟! فكلُّهم " سُنَّة "و اعداء للشيعة و كلهم مارسوا الجريمة ضد الناس الاخرين تحت شعار نشر الاسلام و حُكم شَرع الله و في سبيل الله الى اخره من هذه الشعارات !
فما هو الفرق بينهم اذن ؟! ... لا فَرق في الحقيقة !!
و هذا يقودنا الى استنتاج واقعي ... و هو ان المذهب السُني كلُّهُ , بجميع مذاهبه و ارائه الفقهية , سواء كانت اشعرية الاصول كالمذاهب الاربعة , كما يُشاع , او حنبلية سَلفية و تطوراتها من اضافات ابن حزم الاندلسي و تلفيقاته و ابن تيمية و تنظيراته الاجرامية الى محمد بن عبد الوهاب , منظرهم الاكبر للعنف و السَبي في العصر الحديث الى القرضاوي المنافق الى مُنظِّري ( فقه الدماء ) في حركات التكفير في القاعدة و مشتقاتها امثال عبد الله عزام و المقدسي و المودودي و قبلهم سيد قطب , و غيرهم , هو مذهب دينيٌ سياسي الاهداف , و هو مذهب يعتمد العنف و الجريمة ادواةً لهُ في تحقيق غايات سياسية مُحددة , و لكنها متغيرة بتغيِّر طبيعة علاقات الاطراف التي تتحكم بطبيعة المشهد السيايسي في كُلِ وقت .... !! |