بما ننا في القرن الواحد والعشرين ، فقد تفاقمت السنت مدعي التثقف بتقبل الاختلاف وتقبل الاراء المخالفة للفرد ، وباعتباها حرية قد كفلها الكل ، بما فيها الاقعل والمنطق ، وكأنهم جاءو بشيء جديد ، في حين انه موجود في زمن النبي الاكرم وفي سيرة اهل البيت ايضا ، ولكن الناس هي التي لم تتطلع على ذلك ، هذا بالنسبة للبشرية بكل اصناف البشر .
اما بالنسبة للمذهب الواحد فيوجد ايضا هناك اختلاف في الاراء ، ولكن هناك فرق بين الاختلاف في الرأي وبين الانحراف .
فالاختلاف في الامور الفقهية بين العلماء الذي نأخذهم مثالا على هذه المسألة ، شيء طبيعي ومقبول ايضا ، وهذا مستند على باب الاجتهاد الذي فتحه اهل البيت في زمن الغيبة الكبرى ، لكن ان ينحى هذا الاختلاف منحى الانحراف وبدعوى الاختلاف في الاراء والافكار ، ويصدقه بعض الناس ، هذا ما يحذر منه الله ورسوله واهل البيت ، لانه اخلال في الدين بواسطة الدين .
فكمال الحيدري عندما يقول ان (العدل ليس اصلا من اصول الدين ، وانما جاءنا من المعتزلة)! ، هذا ليس رأي مختلف فيه عن العلماء ، بل هو انحراف ، لان اصل عقائدنا نحن الامامية من اهل البيت واهل البيت اقدم من المعتزلة ، بل المعتزلة هم من يتبعوننا في مسألة العدل لا العكس .
او ان يقول اليعقوبي (التطبير توهين للمذهب ، وهو من اصول هندية وهندوسية او غيرها من الكلام التافه) ! فإن قلنا جدلا بإجتهاده ، فليس من حقه الحكم على كل العلماء الذين يجوزون التطبير ، بل البعض يجعله مستحبا ، فأن كان دليلك اوصلك للحرمة ، فقل الحرمة واصمت ، لا ان تقول فيه توهين ، لان الجواب النقضي لك سوف يكون كذلك وكل من لم يطبر فهذا يوهن المذهب ، لا ليس كذلك .
واستنتاجك وحكمك هذا يكون صبيانيا وتافه ، اذا حسبت الامور هكذا .
او الدعوى في جعل المرجعية العليا لمن كان عراقيا او عربيا ، وهذا من اتفه الاشياء التي نسمعها في وقتنا الحاظر ، بان اصحاب الدين يدعون الى ما قالته الجاهلية والجهلاء ، وكأنهم لم يعلمون ان المعيار هو التقوى ومخافة الله تعالى ، ولا دخل للقومية او اللون دخل في هذا الامر ابدا ، فان حسبت هكذا لقال العراقيون نريد نبيا من العراق حصرا لكي نتبعه ، ونريد مهديا من الناصرية فقط لكي يكون هو المنقذ ، وغيرها من المطالبات التي ما انزل الله بها من سلطان .
نستنتج ان في الاختلاف اثار ايجابية من ناحية العلماء في مستوى الفقه والفتاوى ، ولكن هناك انحرافات عند الذين يدعون الفقاهة ، عندما تصل المسألة في الاخلال باصول الدين او جعل كل من يعارض رأيك في خانة توهين المذهب .
فلابد من الانتباه الى التفريق بين الاختلاف وبين الانحراف ، تقبل الاختلاف الذي يدعو اليه العلماء وخصوصا السيد المرجع الاعلى في هذه الفرتة خصوصا ، الى تقبل الاراء المخالفة وبهدوء وعدم تعصب ، لان في تقبل الطرف الاخر توسيع لفكر الانسان وتمر عقله في الغوص في اعماق الكلمات والاقوال التي قد تبين انك على خطأ وانت لا تعلم ، وتصنع منك انسانا يسمو برقي عقله الذي اعطاه الله له ، وان يوضفه حيب ما يتطلبه الحق والحقيقة . |