• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الهجر في القرآن الكريم ق 5 .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

الهجر في القرآن الكريم ق 5

   قال تعالى (( وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا )) . الفرقان / 30 
الاية الكريمة تبين حالة النبي محمد (ص) مع قومه ، فهو في حالة شكوى الى الله من قومه فبالرغم من المعاناة الكبيرة والعظيمة للنبي محمد (ص) والمداراة لقومه والصبر على أذاهم ، فقد كان الرسول (ص) يتحمل كل هذه المعاناة من اجل هدف أسمى وأعلى وهو ان يجعل قومه يعملون بالقران وأحكامه وهذه المعاناة هي قدر الداعية الى الله تعالى ، لكن مع كل هذا الجهد الكبير يرى قومه قد تركوا العمل بالقران وأكثروا من الاعتراضات واظهروا عدم القبول بأحكام الله فضاق صدر الرسول (ص) ، وشكاهم الى الله تعالى ولكن ليس بدافع ان ينزل الله بهم العقاب ، كما دعا نوح على قومه بعد ان فقد الأمل في إصلاحهم وهدايتهم ، بل كان دافع الرسول من الشكوى ان يرحمهم الله تعالى ويهديهم الى سبيله ، فكان الله تعالى يسلي  الرسول (ص) بان يذكره بالسنن الإلهية في ان الأنبياء والرسل دائما لهم الأعداء والمشاكسين ، فليس أنت الرسول الوحيد يا محمد في هذا الطريق ، بل سبقك الأنبياء الذين قبلك (( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين )) الفرقان /31 فلا تجزع نفسك يا محمد واترك أمرهم الى الله تعالى (( وكفى بربك هاديا ونصيرا ))   الفرقان / 31 (( هاديا الى مصالح الدين والدنيا ، ونصيرا على الأعداء )) فخر الدين الرازي ،  تهذيب التفسير الكبير ، ج5 . 
(( قول الرسول (ص) هذا وشكواه ، مستمران الى هذا اليوم من فئة عظيمة من المسلمين ، يشكو بين يدي الله ، أنهم دفنوا القران بيد النسيان ، القران الذي هو رمز الحياة ، ووسيلة النجاة ، القران الذي هو سبب الانتصار والحركة والترقي ، القران الممتلئ ببرامج الحياة هجروا هذا القران فمدوا يد الاستجداء الى الآخرين ، حتى في القوانين المدنية والجزائية )) الشيخ ناصرمكارم الشيرازي ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، ج11 .
الى ألان لو تأملنا في وضع الكثير من البلدان الإسلامية ، خصوصا أولئك الذين يعيشون تحت هيمنة الشرق والغرب الثقافية ، لوجدنا ان القران عندهم كتاب للمراسم والتشريفات ، يذيعون ألفاظه وحدها بأصوات عذبة عبر محطات البث ويستخدمونه في زخرفة المساجد بعنوان الفن المعماري ، ولافتتاح منزل جديد ، أو لحفظ مسافر ، وشفاء مريض ، وعلى الأكثر للتلاوة من اجل الثواب . ويستدلون بالقران أحيانا وغايتهم إثبات أحكامهم المسبقة الخاطئة من خلال الاستعانة بالآيات فيؤولونها حسب المفهوم الذي يريدونه بالاستفادة من المنهج المنحرف في التفسير بالهوى في بعض البلدان الإسلامية ، هناك مدارس في طول البلاد وعرضها بعنوان مدارس (( تحفيظ القران ) ) وفريق عظيم من الأولاد والبنات مشغولون بحفظ القران ، في الوقت الذي تؤخذ أفكارهم عن الغرب حينا ، وعن الشرق حينا آخر ، وتؤخذ قوانينهم وقراراتهم من الأجانب اما القران فغطاء لمخالفاتهم فقط ، نعم اليوم يصرخ النبي محمد (ص) (( ... يارب ان قومي أتخذوا هذا القران مهجورا )) (( من ناحية لبه ومحتواه ، متروكا من ناحية الفكر والتأمل ومهملا من ناحية برامجه البناءه )) الشيخ ناصر الشيرازي ، هذا الهجر والإهمال للقران الكريم أي ترك العمل بالمفهوم ألقراني الذي يريده الله تعالى والاتجاه بالقران في مسارات أوقعت المسلمين في مشاكل فكرية واجتماعية وثقافية وطبعت الإسلام بغير الطابع الأصيل له وغيرت الأهداف الحقيقية للقران في العدالة  والحرية وبناء العلاقات الاجتماعية الإنسانية بين المسلمين وغير المسلمين ، وغيّرت من مفهوم مقاومة الظلم والظالمين الى المهادنة والسكوت والرضا عن الحاكم حتى وان كان في أعلى درجات الانحراف والابتعاد عن مصالح الأمة . هجر القران الذي اشتكى منه الرسول هذا الذي أوقع المسلمين في انحرافات كبيرة منذ عهد الرسول الكريم (ص) حتى وقتنا الحاضر ، لو لم يهجر المسلمون القران ووضعت الأمور في نصابها الصحيح لسار الإسلام مسيرته الطبيعية التي أراداها الله تعالى ، لكن الهجر للقران أدى الى ان يستلم الأمويون الإسلام ومن بعدهم العباسيون ليطرحوه الى الأمة بالشكل الذي أرادوه وليس بالشكل الذي أراده الله تعالى .هذا الانحراف عن المسار الطبيعي للإسلام ولد مشاكل كبيرة للأمة لازلنا نعاني منها ومن أثارها . إذ جعل الأمة تهتم بالطقوس على حساب المضمون تهتم بالشكل على حساب المقاصد والغايات ، ومن خلال الاطلاع على سيرة الامام علي (ع)، كونه وليا على الإسلام الذي أراده الله تعالى والنبي محمد (ص) كان لا يهتم بطقوس الدين وشكلياته ، على حساب اهتمامه بمقاصد وغايات الإسلام من عدل وحرية وكرامة إنسانية ، مما يؤثر عنه (ع) قوله (( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء ، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم )) الامام علي (ع) هنا يتكلم عن إسلام الشكل والمظهر وعن إسلام الحقيقة والمضمون والإخلاص  (( أن المشكلة التي جابهها الامام علي (ع) في حياته ، نجابهها نحن اليوم كمسلمين على أبشع صورة ، فنحن واقعون بين مفهومين متعاكسين للدين ، من الناس من يدعو الى دين الطقوس والشعائر ، ولا يبالون بما سوى ذلك وثمة اخرون يدعون الى العدل والمساواة والى تقليص الفروق الاقتصادية بين الناس ويعدون ذلك قوام الدين وأساسه الذي يبنى عليه )) علي الوردي ، وعاظ السلاطين .
وبسبب هجر القران وصلنا الى حالة حرف الدين بمقاصده الإنسانية وغاياته التي تخدم الإنسان الى اتجاهات بعيدة عن هذه الغايات والمقاصد منها مثلا أصبحنا في وضع نهتم بوجه من وجوه الإسلام وهو الشكل  ونغفل عن الوجوه الأخرى ووصلنا كذلك الى وضع توظيف الدين لخدمة السلطة وخدمة الحاكم الظالم ، وطمس الوجوه الحيوية للإسلام التي تحاسب الظالم وتوقفه عند حده ، وبسبب هجر القران اتجهنا لخدمة الحاكم الظالم ، وتركنا المحكوم في مظلوميته وفقره ومرضه ومصادرة حرياته ، وبسبب هجر القران أخذنا نعلم أجيالنا ان اصبروا على الظلم وضياع الحقوق ليعوضكم الله ذلك في الجنة ، وهذه الشعارات وغيرها هي التي يشيعها الحاكم الظالم فتصبح بمرور الأيام من المسلمات ، كل هذه المفاهيم الخاطئة سببها هجر القران . وارى ان أعداء الإسلام إنما يركزون على ان يكون الدين طقوسا ورسوما وشكليات لاغير ، لذا نرى الدول العظمى بمخابراتها وأعلامها وسياسييها أنما يعملون ويدعون علنا أو من طرف خفي يشجعون على قيام دولة أسلامية تبني سياستها على أساس الطقوس والشكليات وتتبى إسلام المظاهر بعيدا عن أسلام الحقيقة والجوهر بعيدا عن إسلام العدل والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية بعيدا عن أسلام التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي ، أعداء الإسلام من الصهاينة وغيرهم يدعون ويدعمون دولة أسلام المظاهر والشكليات ويعتبرونها ممثلة عن الإسلام وبديلا عن الإسلام المحمدي العلوي ، كذلك يؤيد أعداء الإسلام ويدعمون المذاهب والأفكار الإسلامية التي همها الطقوس والشعائر وارى ان دولة الطقوس والرسوم هي الدولة المطلوبة لأمريكا وإسرائيل وأعداء الإسلام ، ونرى بعض المستشرقين اهتموا في دراستهم للإسلام على التركيز على هذه الدولة الطقسية ، وأهملوا وتجاهلوا دولة الفكر الإسلامي الأصيل ، لان دولة الفكر تهديد لهم ولأفكارهم في الاستغلال والاستحواذ على الثروات ومصادرة الحريات والارادات . 
وهكذا نرى المعسكر المعادي للإسلام يقف بقوة بوجه الفكر الإسلامي الأصيل ويحارب مذهب الفكر ورجاله الذين يدعون الى المبادئ الإسلامية الأصيلة في العدل والمساواة ومقاومة الظلم والظالمين والمطالبة بالحقوق والبناء الاجتماعي الأخلاقي السليم والبناء الاقتصادي والرفاهية ، وقيام حكومة العدل والقانون ، لهذا السبب نرى الحكومات الإسلامية الرسومية مدعومة من المخابرات الغربية والصهيونية ، بل تنبثق حكومات ودول ومذاهب بين فترة وأخرى حسب مصالح الدول الغربية ومصلحة إسرائيل الغاصبة ، فترى اليوم منظمة القاعدة الارهابيه  فكرا وتأسيسا تدعي الإسلام والفكر الإسلامي ، وفي الواقع العملي تمثل الفكر المنحرف المشؤه للإسلام والمدعوم من مراكز القوى الخفية في العالم ، والفوضى التي نعيشها اليوم نحن المسلمون وليدة هجر القران ، مما سمح بولادة الفكر الإسلامي المتطرف الذي يدعو الى التكفير والقتل والعنف وسفك دم الإنسان البرئ تقربا الى الله تعالى ، وولادة الفكر المنتسب الى الاسلام و القائم على التكفير وعدم الاعتراف بالأخر هو احد نتائج هجر القران الكريم وتطور هذا  الفكر لدى الكثير من أتباعه الى تبني القتل العشوائي كواجب ديني ، بل سنتطرق الى بعض اعتقادات رجال هذا الفكر  والتي لها علاقة بدراستنا ( هجر القران ) فهذا المنهج الاسلامي المتطرف أصبح الناطق بأسم الإسلام بدعم من المعسكر المعادي للإسلام وهذا ما يخدم مصالح هذا المعسكر في ان يصبح الممثل للإسلام مثل هذا المنهج الدموي المتطرف  وفكره المتخلف المنحرف ، ولا نقصد بالمعسكر المعادي للإسلام حكومات فقط بل هناك مؤسسات وجمعيات ومنتديات ونواد تعمل في الخفاء في هذا الاتجاه وتصرف ملايين الدولارات وترعى عشرات بل مئات الأفكار خدمة لهذا الهدف ، لإظهار الإسلام مشوها دمويا متخلفا قاصرا عن مواصلة مسيرة الحياة المتطورة لخدمة الإنسان وحريته وكرامته .
وخير منهج يعكس الصورة المشؤه عن الإسلام هو منهج القاعده وطالبان ، ففي موقفه من السنة النبوية الشريفة ، يأتي الى الحديث الذي يقتنع فيه خاصة الأحاديث التي فيها شق لصفوف المسلمين فيتبناه رغم الخلل الموجود في سنده أو متنه ، وفي حالة تعارض الحديث مع القران الكريم ، يلجا الى تأويل الاية أو الآيات القرآنية لتنسجم مع مفهوم الحديث الذي يعتقده هذا المنهج صحيحا ، وبذلك نهج على عكس ما سار عليه علماء الإسلام بأن يجعلوا القران هو الأساس في صياغة المفاهيم ، اما ان كان الحديث متعارضا مع القران اما ان يسقط بسبب خلل في السند أو خلل في المتن ، وفي حالة صحة السند والمتن يلجأ علماء الإسلام الى تأويل الحديث ليكون منسجما مع المفاهيم القرآنية السليمة المتفق عليها بين علماء المسلمين ، وفي موقف المنهج الاسلامي الذي تنتمي اليه القاعده وطالبان هذا  ، يصبح ممن يصدق عليه مصداق الاية الكريمة التي تفيد معنى الهجر في القران الكريم (( اتخذوا هذا القران مهجورا )) ، وبسبب هذا الهجر للقران الكريم الذي وقع فيه هذا المنهج وضع فقهاء هذا المنهج انفسهم في منزلة النبي محمد (ص) ، حيث كان الفقيه منهم يدعو الى ان يتقبل المسلمون أفكاره بالجملة ومن يعترض على فكره أو جزء من أفكاره فأنه يكّفر المعترض فكان من جملة هؤلاء الفقهاء محمد ن عبد الوهاب حيث لا يعتبر نفسه عالما من علماء المسلمين وأفكار كل عالم فيها الخطأ والصحيح والنسيان ، بل كان يريد من كل مسلم (( ان ينكر كل ما يقول به أو يتبعه كله وهذا لا يلزم إلا في دعوة الأنبياء الذين يجب أتباعهم في كل ما يقولون به ويأمرون به وينهون عنه اما سائر الناس من الخلفاء والعلماء ، فالناس قد خالفوهم في بعض الامر  ، فلم يصبهم التكفير ولا القتال )) حسن بن فرحان المالكي في كتابه( داعية وليس نبيا .)
ونتيجة هذا المنهج من التفكير الذي أوصله الى ان  يضع نفسه بمستوى الأنبياء والرسل ويتصرف كأنه نبي اعتمد على بعض السنة النبوية ووظفها لهذا المنهج بغض النظر عن مدى تطابق فكرة الحديث مع منهج ومقاصد الشرع المأخوذ من القران الكريم ، فمثلا كفر المسلمين الساكنين في الأوطان الإسلامية الأخرى والذين لم يهاجروا أليه ويتركوا أوطانهم واعتبر الهجرة الى موطن دعوته الوهابية الجزيرة ، هجرة شرعية ، تاركها يعد كافرا في شرعه وهذا (( خطا  لان الهجرة الشرعية التي تجب ويكفر من تركها مستطيعا كانت الهجرة الى النبي (ص) اما الهجرة بعده ، فتجب بشروط دون تكفير لتاركها وقد لا تجب لمصالح أخرى مثل زماننا هذا ، فأنه لا يجوز لنا تكفير المسلمين المضطهدين في العالم الذين لا يريدون الهجرة من ديارهم )) حسن بن فرحان المالكي ،( داعية وليس نبيا .)
وقد سار أتباع محمد بن عبد الوهاب من بعده على نهجه في التكفير لكثير من المسلمين من السنة والشيعة فإتباعه مثلا يقولون (( لا تكفر إلا من كفره الله ورسوله )) (( فهذا الكلام جميل في ظاهره ، وقد ينخدع به من لا يعرف حقيقة الكلام ، فيستغرب لماذا انتشر عنهم التكفير ! لكن عندما تقرا تفسيراتهم يزول العجب لأنك تجدهم يظنون بان الله ورسوله يكفرون المؤمنين الركع السجود )) حسن بن فرحان المالكي (، داعية وليس نبيا .) 
ويعزو الباحث الإسلامي حسن المالكي سبب وقوع الوهابية وبعض المسلمين الآخرين في هذا الخطأ المنهجي في التعامل مع الأحاديث النبوية بسبب هجرهم القران الكريم (( فنتلوه ولا نتدبر ولا نجمع بين الآيات في الموضوع الواحد ، ولا نحاول ان نستنتج من النظريات العامة التي تعيننا عند القراءة في الأحاديث المروية وسدّ مااهمله الرواة أو نسوه عند رواية الأحاديث ، بحيث أصبحنا نفاجأ بكثير من الأحاديث ـ التي صححها بعض العلماء ـ تخالف القران الكريم أو ان تفسيرنا لها ـ يخالف القران الكريم )) حسن بن فرحان المالكي (، داعية وليس نبيا .) 
وبسبب هجر القران الكريم وعدم دراسته لمعرفة غاياته الإنسانية والتربوية والأخلاقية أصبح المسلمون يفتقرون الى (( الدراسات القرآنية التي تهيمن ـ أو يجب ان تهيمن ـ على المنطلقات الفكرية والحكم على الأمور عند المسلم ولما كان المسلمون في هذا التشتت الفكري الكبير ، فهذا يتمسك بايه وهذا يتمسك بحديث وهذا بقول عالم ..... فاختلطت عندنا الأمور لأننا لم نعمل على أنشاء هرم استدلالي بحيث نرجع فيه الظني القطعي والمشتبه للصريح ومضمون السنة لصريح القران الكريم وكلام العلماء للنصوص     الشرعية )) حسن المالكي ، داعيه وليس نبيا . 
ومشكلة المسلمين مع الحديث النبوي قديمة ترجع الى عهد الرسالة الأول كما هي مشكلتهم مع هجر القران الكريم ، فكما هجر الكثير من المسلمين القران ، كذلك هم اخطاوا في نسبة كثير من الأحاديث الى النبي محمد (ص) ، فقد كذبوا على رسول الله (ص) على عهده حتى قام خطيبا فقال (( أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة فمن كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار )) ، لكنهم كذبوا عليه ، وزادوا في الكذب بعد وفاته ، فوقعوا في الوهم والاشتباه ، وعملوا بالحديث المتقاطع مع القران وبنوا عليه إحكاما بل لجا قسم منهم الى تأويل الاية المتعارضة مع الحديث ، بدل ترك الحديث المتعارض أو على الأقل تأويله بما يتناسب والمعنى ألقراني ، فكانت النتيجة هجر القران الكريم ، ولازلنا نعيش أثار هذا الهجر حيث ولد أفكارا وأراء كلها بعيدة عن مقاصد الشريعة التي أرادها الله تعالى ، وبدل ان تجلب لنا هذه الأفكار النفع والأمان ، جلبت الكوارث والويلات ، وهذا ما نلمسه ونشاهده اليوم من فكر القاعدة السائد في كثير من البلدان الإسلامية الذي يدعو الى التكفير والقتل ، وقد تبنى أعداء الإسلام رجالات هذا الفكر ودعموهم إعلاميا وسياسيا وماديا تشويها للإسلام وإيغالا من هؤلاء في إبعاد قطاع واسع من المسلمين خاصة قطاع الشباب  عن الإسلام الأصيل ، هذا الدين الشكلي البعيد عن الجوهر تتبناه كثير من النظم السياسية العربية والإسلامية وهو ما يريده الغرب ، لان التشهير بالإسلام سيتم بعناوين عربية وإسلامية ، والعجيب في الأمر ان بعض الأنظمة عندما يقوم إسلام العنف والتكفير بعمليات في بلدانها يتحول هؤلاء الى دعاة ضلالة ، وهؤلاء أنفسهم عندما يتحولون الى أماكن أخرى كالعراق أو أفغانستان أو بلدان أخرى في العالم تصبح عملياتهم جهادية وعندما يقتلون يتحولون الى شهداء .
هذا الإسلام الدموي سببه هجر القران الكريم الذي أصبح خطرا يهدد المسلمين ولا علاج إلا بالرجوع الى القران الكريم ، النبع الإلهي الصافي الذي يتجدد في كل عصر وزمان قال تعالى (( ان هذا القران يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجرا كبيرا )) الاسراء / 9 .
 وقال رسول الله (ص) (( ان هذا القران ، هو النور المبين ، والحبل المتين ، والعروة الوثقى ، والدرجة العليا والشفاء الاشفى والفضيلة الكبرى والسعادة العظمى )) .
وقال الامام علي (ع) (( ان هذا القران هو الناصح الذي لا يغش ، والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب ، وما جالس هذا القران احد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في الهدى ، ونقصان في عمى ، واعلموا انه ليس لأحد بعد القران من فاقة ، ولا لأحد قبل القران من غنى .... )) . 
 
عـــلـــي جــابـــر الفـــتــــلاوي
a_fatlawy@yahoo.com 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=6728
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18