في الشهور القليلة الماضية كنت في زيارة لحبيبي العراق,وكان عليَّ ان أنجز بعض الامور التي تتطلب مني ان استقل السيارة, لقضاء حاجاتي.
كانت الشوارع تختنق بالازدحامات التي وجِدت عمداً, في جميع الشوارع وفي مختلف المناطق في بغداد الحبيبة, نعم أنت مجبرٌ, لتشعر ان من بيدهم زمام الامور ومابيدهم, انهم اوجدوا تلك الطريقة القاتلة والمؤلمة في نفوس العراقيين بحيث تقرأ اليأس في الحياة,وانعدام الامل في اية بشرى قد تنقذهم مما هم فيه, لقد ملوا من الوعود الكاذبة التي صورت لهم ان الحياة ستغدو جنة من جنات الاحلام بمجرد انتخابهم لشخصية من تلك الشخصيات القمئة التي ملأوا الشوارع بها وحتى بعد انتهاء عملية الانتخابات المزعومة فان صورهم بقيت لاشهر وهي تزين الشوارع واي تزيين؟
في غمرة هذا الحزن واليأس الذي يعتصر القلوب وقفت السيارة التي كنت استقلها عند احد اشارات المرور, واذا بطفل عراقي لايتعدى عمره الستة اعوام كان يحمل بعض من الدعايات الخاصة بنادي اربيل وهي توزع مجاناً, كان سعر الواحدة يبلغ ال250 دينار, اعطيته ثمن اربعة وقلت له لااريد هذه الجاجيات فانا لااحتاجها , بيعها لاخرين, هذا الطفل العراقي الذي لاتزال ملامحه عالقة في ذهني, ابى ان يأخذ نقودا دون ان اشتري منه, قلت له بحق الحسين الشهيد لاترد مااعطيته اياك من نقود , واعتبرها هدية مني اليك, أجابني بصوت قوي ذي نبرات تنم عن الكبرياء حتى تخايل لي ان من يتكلم يبلغ من العمر عتيا, وحق ابي عبد الله لااستطيع تقبُّل ماوهبتيني اياه, بكيت بدموع ملؤها الحزن, والتأسي, لكني في تلك اللحظة شعرت بكبرياء كل العراق وقد تجلت امامي في صورة ذاك الطفل وتألمت كيف فاتني ان اطلب منه الذهاب معه الى بيتهم, لألتقي بوالدته علني اقبلها من جبينها الشامخ الذي يعلو وجهها ,, ولأقدم لها فخري بها وكيف أستطاعت ان تغرس في نفس ولدها الذي لايتعدى سن الستة اعوام ان يكون بذاك الشموخ وعزة النفس العراقية الاصيلة.
ياترى كم من الذين يتولون الحكم الان يملكون جزء الجزء من عزة واباء ذاك العراقي؟سؤال يصعب الرد عليه. |