يسكن شلش في بيت صغير , مع زوجته وابنه الوحيد واولاده , يقع البيت قريبا من دائرة الكهرباء .
وفي يوم من ايام تموز , حيث ارتفعت درجات الحرارة , وهجمت عاصفة رملية , انعدمت معها الرؤية , فتجمعت العائلة في غرفة محصنة , ضد الغبار , في هذه الاثناء , انقطعت الكهرباء .
شلش : يا مناعيل الوالدين كطعوها
الابن : يابه .. بلكت شويه وتجي .
وبعد قليل دارت المروحة السقفية , فبادر شلش .
- اللهم صل على محمد وال محمد
- اللهم صل على محمد وال محمد
واستمرت حالة الكهرباء على هذا الحال , فكلما انقطع التيار الكهربائي , صب شلش وابلا من السباب والشتائم على دائرة الكهرباء , وكلما يعود التيار باشر شلش وافراد عائلته بالصلاة على محمد وال محمد .
شلش : ها ي شلون مصيبة
الابن : بويه يمكن الشعب العراقي كله يدخل الجنه
شلش : اشلون ؟
الابن : من كثر ما يصلون على محمد وال محمد !!
فأنقطع التيار الكهربائي , وبدأ شلش يكيل الشتائم والسباب على موظفي الكهرباء .
شلش : شلون بالله .. نطلع بره ... الجو مترب ... نختل بالغرفه ... الجو حار
الابن : يابه ... اهل الكهرباء حسابهم عد الله عسير .
شلش : عصير لو بيبسي .
الابن : من الحرّ .. ابوي كام يحشش .
العجوز : شلش .. الجهال يريدون ينامون .. بس عاد اسكت
شلش : اسكت وجاي
الابن : صعد التحشيش
شلش : تحشيش لو تشويش
فنهض شلش , غادر الغرفة , وتوجه نحو دائرة الكهرباء .
العجوز : يمه الحك ابوك من يحشش يسويله طلابه
باب الدائرة كان مغلقا , لا احد في الخارج , فطرق الباب بعنف , خرج احد الموظفين .
شلش : ليش طفيتوها .. من طفا الله اعماركم .
الموظف : صار عدنه عطل
شلش : عطل لو جطل .
الموظف : شلش امحشش .. يا بويه .. خلي اشرد
هرب الموظف داخل الدائرة , واغلق الباب بأحكام , الا ان ذلك لم يمنع شلش من صبّ الشتائم , بل تسلق الحائط , محاولا العبور , فأمسكه ابنه , واحكم عليه , واعاده الى البيت , وهو يصرخ ويصيح .
- كتلنه الحــــــــــــــــــــــــــــــــــــرّ ... خنكنه التـــراااااااااااااااااااااااااااااااب
حاول الجميع تهدئته , دون جدوى , فطلب ان يذهب للحمام , كي يبرد جسده بالماء البارد , لكن زوجته العجوز اخبرته ان الماء مقطوع , حيث ان توفر الماء مرتبط بتوفر الكهرباء , فجن جنونه , فهاج وماج , وانطلق نحو دائرة الكهرباء , مغاضبا , مزمجرا , مكبرا , هرب جميع الموظفين من الدائرة عندما شاهدوا شلش مقبلا عليهم , وتصدى له حارس الدائرة .
الحارس : شلش ... اعصابك ... العصبية تقلل العمر
شلش : العمر لو التمر
الحارس : مو بس انته تعاني .. كله الناس مثلك ... بس انت مسوي خبصة
شلش : ولك ما تشوفني صاير تبسي ... وكل واحد من الجهال جنه عبسي
الحارس : جا وين عدنان ولينا ؟!
شلش : جا وين المدير والموظفين ؟
الحارس : والله كلهم راحو لمكان العطل .. راح ايصلحونه لجلك يا مواطن
الحارس : زين انت ليش ما تروح للزراعة ؟
شلش : للزراعة ... شسوي ؟
الحارس : حتى يخلصونكم من هذه التراب .. يسوون حزام اخضر لو أي شي .
شلش : أي معقولة .
الحارس : لو تروح للبيئة ؟
شلش : البيئة سعليها ؟ !
الحارس : حتى يشوفون حل للعواصف الرملية ... ليش هذه مو اختصاصهم ...جا المشكلة مو بس بالكهرباء ودائرة الكهرباء .
عاد شلش الى البيت بعد توسلات من ابنه والحارس , فتوهج المصباح , ودارت المروحة السقفية , فأبتشر شلش بالصلاة على محمد وال محمد , وما هي الا لحظات حتى انقطعت الكهرباء , لكن هذه المرة ليس عطلا فنيا , بل حان موعد الاطفاء المبرمج ! .
ارخى الليل سدوله , حيث استمرت العاصفة الرملية , ولا تزال الكهرباء متعثره , ولا تعرف الاستقرار , وتنعدم وفرة الماء , ظلّ شلش بين الصلاة على محمد وال ومحمد , والسب والشتائم , لكن هذه المرة ليس لدائرة الكهرباء , بل شملت الشتائم دائرة الزراعة والبيئة ايضا .
شعر شلش بالنعاس , فطلب من زوجته ان تعد له الفراش , بينما كان الاخرون مشغولون في امور البيت , العجوز تنظف , وابن شلش مشغول في جلب الماء من الانابيب الرئيسية المدفونة تحت الارض , انقطعت الكهرباء واشتعلت , فلم يسمع من شلش صلاة او سباب , فقال الابن مخاطبا امه .
الابن : يمه شو ابوي ضاع حسه ؟ .. لا صلى على محمد ... ولا شتم واحد
العجوز : يمكن نام ...
فقرر الابن ان يلقى نظرة , دخل الغرفة بهدوء خشية ان يوقظه , بدا شلش كأنه خشبه يابسة , فاتحا عيناه , فاغرا فاه , انا لله وانا اليه راجعون .
|