في خطوة غريبة ومثيرة للشكوك قررت وزارة الكهرباء عدم توزيع رواتب منتسبيها قبل نهاية كل شهر من سنة 2016 وربما يبدو الامر لاول وهلة طبيعيا جدا ولكن من لديه معلومات عن موعد توزيع الرواتب في هذه الوزارة اسوة ببقية وزارات الدولة سينتابه الشك عن مصير عشرات المليارات التي ستنجم عن فرق الموعد حيث كانت هذه الوزارة تباشر بتوزيع رواتب المنتسبين يوم العشرين من كل شهر فاذا علمنا ان توزيع راتب شهر كانون الاول لسنة 2015 كان في نفس الموعد المقرر وان راتب شهر كانون الثاني لسنة 2016 سيكون بعد نهاية الشهر بسبعة الى عشرة ايام فان هناك عشرون يوما تمثل ثلثي الراتب تبخرت وبمرور الوقت حتى بلوغ نهاية العام سيختفي راتب شهر كامل ولا يمكن معرفة مصير هذه المليارات التي ذهبت الى جهة مجهولة .
ترى لماذا قررت هذه الوزارة ان يكون مراجعة المديريات لغرض استلام الرواتب بعد يوم 27 من كل شهر وان يتم توزيع الراتب يوم30 وهذا بطبيعة الحال لا يمكن تحقيقة إلا بعد مرور ما يقرب من اسبوع بسببب الاجراءات القانونية التي يتطلبها الموضوع وهذا ما اقلق الكثير من منتسبي هذه الوزارة التي لم تدار بصورة مهنية منذ عام 2003 وتعتبرها مافيات الفساد البقرة الحلوب التي سال لعاب الكثير من الاحزاب المتنفذة لتولي حقيبتها ورغم عشرات مليارات الدولارات التي انفقت على هذا القطاع الحيوي الا انها ذهبت ادراج الرياح وبقي المواطن يعاني من استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويل خصوصا في موسم الصيف العراقي القاسي لاسيما في الجنوب.
هذه الخطوة الغريبة لوزارة الكهرباء تأتي في ظل ازمة مالية خانقة يمر بها العراق نتيجة انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية بسبب التخمة التي تعاني منها لكثرة المعروض وقلة الطلب مما تسبب بازمات اقتصادية تفاوتت شدتها بين دولة واخرى ولكن العراق يعتبر من اكثر الدول تضررا كون تصدير النفط يمثل نسبة 90% من الناتج المحلي في بلد عصفت به مافيات الفساد من عقد من الزمن نتيجة للمحاصصات السياسية الناجمة بسبب التنوع المذهبي والاثني للعراق الذي يتصدى لهجمة شرسة من تنظيم داعش الارهابي استنزفت منه مليارات الدولارات كنفقات دفاعية لشراء الاسلحة والتجهيزات لادامة زخم المعركة التي تخوضها القوات الامنية جنبا الى جنب مع قوات الحشد الشعبي وابناء العشائر العراقية الغيورة بغية تطهير ارض العراق من بقايا هذه الزمرة الارهابية التي تنفذ اجندات خارجية مدعومة من قبل جهات دولية لا تخفى على المواطن البسيط كلها تهدف للنيل من وحدة العراق ارضا وشعبا .
وعودا على بدء نقول لماذا انفردت وزارة الكهرباء بتأخير توزيع رواتب منتسبيها دون بقية الوزرات العراقية رغم انها بررت ذلك لمنتسبيها بان هذا الامر جاء بعد مدوالتها ومراجعة البيانات مع وزارة المالية التي من جانبها اعلنت انها باشرت بتوزيع رواتب الموظفين قبل العشرين من الشهر الجاري بغية طمئنة هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة بأن رواتب الموظفين لسنة 2016 مؤمنة ولا صحة للاشاعات التي تطلق بين الحين والاخر وان القلق الذي تعيشه خمسة ملايين عائلة عراقية غير مبرر رغم ان وزير المالية هوشيار زيباري سبق أن صرح لوسائل الاعلام في وقت سابق أن وزارته غير قادرة على توزيع الرواتب بعد شهر نسيان القادم كما ان السيد رئيس الوزارء قد سبقه الى التصريح بذلك اثناء زيارته الى جمهورية الصين الشعبية مطلع العام الجاري وهذا يعكس مدى تخبط الحكومة في تصريحاتها النارية التي ادخلت الرعب في قلوب الملايين واسهم بارتفاع المواد الاستهلاكية لاسيما المواد الغذائية في الاسواق المحلية ولكنها تداركت خطأ التصريح فاصدرت بيانات كذبت فيها هذا الامر .
بقي امر واحد يجب ان نختتم به هذه السطور وهو ان جميع الوزارات العراقية ستقوم بتسليم رواتب منتسبيها قبل نهاية سنة 2016 باسبوعين كونها نهاية سنة مالية وقبل الحسابات الختامية التي تطلبها وزارة المالية وديوان الرقابة المالية عدا وزارة الكهرباء التي ستبقى مصرة على موقفها وستسلم راتب منتسبيها مطلع شهر كانون الثاني لسنة 2017 وبمعادلة حسابية بسيطة يتبين ان هناك راتب شهر كامل لا يعرف مصيره فهل سيدخل في جيب احد المافيات العبقرية .
|