• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثُلاثِيَّة الاتِّفاقِ الدَّوْلِي .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

ثُلاثِيَّة الاتِّفاقِ الدَّوْلِي

   *أَجرى الزّميل أمجَد الموسَوي يوم الخميس المنصرم (٢١ كانون الثّاني) الحوار التّالي لموقع (المواقِف) الاليكتروني، حول الاتَفاق الدّولي بين الجمهورية الاسلامية في ايران ومجموعة (٥+١) بشأن الملف النّووي.

   السّؤال الاول؛ لماذا لجأت الولايات المتّحدة ودول الغرب إلى الإتفاق مع الجمهورية الإسلامية في ايران؟.

   الجواب؛ انّ الاتّفاق هو نتاج رغبة متبادلة من الطرفَين، طهران والمجموعة الدّولية، لسلوك طريق المفاوضات لحلّ الملف النّووي، على الرّغم من اجتماع الرّغبة الشّرّيرة لنظام القبيلة وإسرائيل الّلذان رأوْا في الاتفاق منذ البداية مصدر تهديدٍ لهما على اعتبار أنهما لا يجدان نفسهُما الا في الأزمات.

   لقد تغلّبت ارادة الخير التي تحلّى بها المفاوضون من كلّ الاطراف على ارادة الشَّر، لتُنتج الاتفاق الدّولي.

   انّ اتّصاف المجتمع الدّولي بالواقعيّة وتحلّي طهران بالصّبر وسياسة النّفس الطّويل وتبنّيها المصالح الاستراتيجيّة العامة القوميّة والإقليميّة للمنطقة، ان كلّ تلك اجتمعت في بوتقة الحوار الماراثوني بين الطرفين لينتج الاتّفاق التاريخي.

   ولولا ثقة المجتمع الدّولي بطهران وكونها صادقة بتعهّداتها والتزاماتها لما وجد الارضيّة المناسِبة لمثل هذا الاتّفاق، فكما هو معروف فانّ اوّل شروط نجاح ايّة مفاوضات، وخاصّة على هذا المستوى وبشأن أخطر ملفّ في المنطقة والعالم، هو خلق الارضيّة المشتركة من الثّقة أولاً والتي تبني الاتفاقات الأوّلية ثانياً، وهذا ما كان.

   السّؤال الثّاني؛ هل حقاً کانت الجمهورية الإسلامية محتاجهة للإتفاق النّووي مع الغرب؟.

   الجواب؛ كلّ الأطراف كانت مُحتاجة لهذا الاتّفاق، ليس فقط الاطراف المعنيّة بشكلٍ مباشر به وانّما حتى الاطراف الاخرى، ولذلك رأينا كيف تنفّس العالم الصُّعداء عندما تمَّ الإعلان عن التوصّل الى التّفاهمات الأوّليّة في المفاوضات العام الماضي.

   فبعدَ حربٍ شاملةٍ فرضها المجتمع الدّولي على الجمهورية الاسلامية منذُ التّأسيس عام ١٩٧٩، باردةً وساخنةً، وعلى مُختلفِ الاصعدةِ كان أقساها الحصار والعقوبات الدّوليّة الظّالمة، وما تركت من آثار سلبيّة كبيرة على حياة النّاس وفي مختلف القطاعات العامة كالنفط والتجارة والزراعة والصناعة والتعليم وغيرها، فقد حان الوقت ليقطف الشّعب الإيراني الثّمار الطيّبة لصبرهِ وتحمّلهِ واصرارهِ على نيلِ حقوقهِ وحماية مصالحهِ.

   لقد وظَّفت طهران الدبلوماسيّة التي تعتمد الصّبر والنّفس الطّويل من أَجل تحقيق أهداف الشّعب الإيراني، وهي تعاملت بواقعيّة وحكمةٍ مع هذه المفاوضات حتى أنتجت هذا النّصر الذي استندَ الى قاعدة (نجاح الكلّ) على حدّ وصف وزير الخارجيّة السيد ظريف للاتّفاق، عندما قرّرت كلّ الأطراف العمل على تحقيق قاعدة (ففتي ففتي) كنتيجةٍ طبيعيّةٍ ومعقولةٍ ومقبولةٍ لهذا الاتّفاق التّاريخي. 

   السُّؤال الثّالث؛ هل سيؤثّر الاتّفاق النّووي على استراتيجيّة الجمهورية الإسلامية في المنطقة؟. 

   الجواب؛ انّ الاتّفاق سيكرّس استراتيجيّاتها في المنطقة، والتي اعتمدت منذ البداية على انتهاج سياسة التّعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كلّ الاطراف لتحقيق الأمن الإقليمي السّياسي مِنْهُ والاقتصادي والامني، بما يحقّق الرّفاهية لكلِّ شعوب المنطقة وليس لشعبٍ على حساب بقيّة الشعوب.

   انّ الاتّفاق اثبت بما لا يدع مجالاً للشكّ انّ استراتيجيّة طهران وتبنّيها للحوار بدل القطيعة او التّقاطع مع الآخرين هو الطّريق الأمثل والأنجح لتحقيق أهداف الشّعوب وتطلّعاتها في الحياة الحرّة الكريمة، بدل تبنّي سياسة صناعة الأزمات والحروب العبثيّة.

   هذه النّتيجة يجب ان تنتبه اليها أنظمة وحكومات المنطقة لتتعامل مع الاتّفاق بايجابيّة فلا تنظر اليه كمصدرِ قلقٍ ابداً، خاصّة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربيّة الذي يتحمّل مسؤولية كلّ المشاكل والازمات والحروب والدّماء والدّمار الذي حلَّ بالمنطقة منذ انتصار الثّورة الاسلاميّة في ايران عام ١٩٧٩ ولحدّ الان، عندما دفع بنظامِ الطّاغية الذّليل صدّام حسين ليكون رأس الحربة التي يُمسك بها لاثارة وإدارة الأزَمات.

   انّ عليه ان يتصرّف بقليلٍ من الحكمة ولو لمرّةٍ وَاحِدَةٍ لتتجاوز شعوب المنطقة أَزَماتها وتعيش بسلامٍ، والا فسيجد نَفْسَهُ وحيداً في المواجهة العبثيّة، ولقد جرّب خلال الأشهر القليلة الماضية حظّهُ في بناء تحالفات مختلفة فلم يحصد الا الخَيبة، بسبب اصرارهِ على التشبّث بعقليّتهِ القديمة التي لم تقدر على ان تستوعب المتغيّرات، فهل سيُتابع طريق الفشل؟!.

   السّؤال الرّابع؛ هل سیُساعد هذا الاتّفاق دول المنطقة، کالعراق و سوریا، على التخلّص من الإرهاب؟.

   الجواب؛ الجمهورية الاسلامية في ايران دولة عظمى في المنطقة، وهي دولة مهمّة في المجتمع الدولي، وهي يمكنها ان تلعب دوراً إيجابيّاً مُهمّاً في استقرار المنطقة، لولا انشغالها خلال العقد الماضي بأزمة الملفّ النّووي مع المجتمع الدّولي.

   والآن، اذ تمّ التوصّل الى هذا الاتّفاق الدولي فستجد نفسها متفرّغة اكثر فاكثر لمثلِ هذا الدَّور الإيجابي في حلّ أزمات المنطقة، والتّعاون مع المجتمع الدولي ودوَل المنطقة التي تمدّ لها يد التّعاون القائم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، للمساهمة في حلّ أزمات المنطقة وإيجاد الحلول المناسبة والمقبولة من قبل كلّ الاطراف للملفّات المعقّدة التي ابتُليت بها شعوب المنطقة وعلى رأسها الملفّ الامني والحرب على الارهاب، فلقد عبَّدَ الاتّفاق الطريق امام تعاون أوسع بين طهران ومختلف الاطراف المعنيّة بهذا الملفّ ومنها الولايات المتّحدة الأميركيّة. 

   السّؤال الخامس؛ لماذا لم نُشاهد أَيّ ترحیبٍ خليجيٍّ مُلفت للإتّفاق النّووي؟.

   الجواب؛ مشكلة نظُم القبيلة الحاكمة في دول الخليج انّها مسكونةً بعُقدة الماضي، يَوْمَ ان كانت ترى نفسها امام ايران الشّاه كعبيدٍ واجبهم ينحصر في تقديم فروض الطّاعة والولاء لشرطي الخليج! لذلك فهي لم تستطع ان تتخيّل مرَّةً أُخرى كيف يمكن ان تعود الأسر الحاكمة وملوكها وأمراءها كعبيدٍ يعودون القهقرى يقدّمون فروض الطّاعة والولاء للسّيّد الجديد.

   لن ننتظر منهم ترحيباً او تأييداً لمثل هذا الاتّفاق الذي أعاد طهران الى موقعها الطّبيعي في المنطقة والعالم، الا اذا تجاوزت نظُم الخليج هذه العُقدة التّاريخيّة القديمة، فطهران الان ليست طهران الشّاه، فهي لا تُريد منهم الا ان يقرّوا بحقوقِها الوطنيّة ووجودها في المنطقة كقوّة إقليميّة مهمّة لا يُمكن لأيِّ أحدٍ ان يتجاوزهُ او يُلغيه.

   السّؤال السّادس؛ هل سيؤثّر الاتّفاق النّووي علی أَسعار البترول؟.

   الجواب؛ البترول في هبوطٍ مستمرٍّ بالاتّفاق او بدونهِ، وان كان الاتّفاق يساهم في التّعجل في الهبوط، ولقد حان الوقت ليخرج (البترودولار) من لُعبة السّياسة الدّولية والإقليميّة والمحليّة وتأثيراتهِ عليها.

   ختاماً؛ شكرًا جزيلاً للزّميل السيد أمجد الموسوي الذي أتاح لي هذه الفرصة الثّمينة للحديثِ الى القُرّاء والمتابعين الكرام.

   كما أشكر موقع (المواقِف) الاليكتروني لاتاحتهِ لي هذه الفُرصة الثّمينة.

   ومنهُ تعالى نستمدّ العون والسّداد.

   ٢٣ كانون الثّاني ٢٠١٦ 

                       للتواصل؛

E-mail: nhaidar@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73509
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19