• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سامراء الأيقونة الحضارية الوهاجة!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

سامراء الأيقونة الحضارية الوهاجة!!

 

سامراء أيقونة حضارية وينبوع ثقافي تأريخي لا يتوقف عن إرواء بيداء الأرواح والنفوس والعقول والخيال. 
هي مهجة الحياة العربية الإسلامية الساطعة في أرجاء الأجيال ومروج العصور ودروب الأحوال. 
مدينة الصيرورة الإنسانية الخلاقة والإبداعات الإشراقية والعمارة العربية العملاقة , التي تشير إلى ذروتها مأذنتها الملوية السامقة السبّاقة.
في قصورها حضرت عقول الدنيا وملوكها وأمراؤها وفقهاؤها وأئمتها وأعلامها وقادتها وأذكياؤها، وشعراؤها ونحويّوها ورجالات أحداثها، وأجمل ما فيها من الجواهر والفنون والمقتنيات والرؤى والتصورات الحضارية المتميزة.
وعلى أديمها دقّت حوافر خيول فتح الفتوح، وتباهت القامة العربية بقوتها ومجدها وسموها وقدرتها على التفاعل المتمكن مع الآخرين من حولها، فكانت مهابة مطاعة ذات سلطان مبين.
وفي هذه المدينة الرائدة المتألقة ، شيّد المعتصم قصر الخلافة ومن ثم الواثق قرر أن تبقى هي العاصمة , وأن تتميز بجمال المدينة العباسية العربية المعبّرة عن قوة الدولة ورمزها الفاعل في الزمان، وعندما تولى المتوكل الخلافة ، تنامت روعتها وتفتق جمالها وشعشع بهاؤها، وتشامخ جامعها الكبير بمأذنته الخالدة القوية التائقة للإنطلاق نحو آفاق الكون المديد.
وكان شعراء العربية وجهابذة منطقها وفكرها يتوافدون على مجالسها وقصورها الزاهية البهية التي بهرت الدنيا بروعة عمرانها فسميت "سر من رأى"، لأن الناظر إليها يعبق بالسرور والبهجة والحبور الفريد الذي يبقى متوطنا أعماق الروح والنفس والذاكرة ولا ينمحي أبدا.
ومن الشعراء الشاعر النابغة أبو تمام الذي عاصر خلفاءها وأجاد في القريض، حتى صار من ألمع شعراء العربية وأكثرهم قدرة على التعبير الجزيل , الذي كان يمثل ثورة شعرية متميزة في ذلك الزمان. 
وتبعه البحتري الذي أنشد روائعه في قصورها ومحافلها , المتواكبة مع قدرات الدولة المهيمنة على معظم أصقاع الأرض.
أما إبن المعتز فهو المولود فيها، وكان أبوه خليفة وهو خليفة لكنه لم يدم إلا لساعات، لكن شعره بقي مترددا في جميع العصور ولا يزال , فهو شاعر الحب والإحساس المرهف والقول الجميل، وكان يعشق مدينته التي ترعرع فيها، وتألم كثيرا لخرابها وذكر ذلك في العديد من أشعاره، ويحن إليها فيزورها ويتأمل أيامها السنية فيكتب بمداد حسراته وآلامه.
وفي سامراء عاش الإمام العاشر وإبنه وحفيده (ع)، وجاهد بحلمه ذائدا عن العروبة والدين، وبقي في المدينة التي تفاخرت بوجوده وأعزته وكرّمته وصانت مرقده على مر القرون، فهو إمام السامرائيين وعنوان هويتهم ونبراس مدينتهم الخالدة.
وفيها يتضاحك دجلة على ضفاف مجراه، وتترقرق أمواجه ويعذب ماؤه، فتنجذب إليه الأطيار، وتتكاثر الأسماك وتنمو مبتهجة بروعة المكان وصفاء الإنسياب والجريان.
وفي سامراء تشرق الشمس مرتين، مرة من المشرق وأخرى من سفوح القبة الذهبية الشماء التي تبعث بأنوارها نحو السماء، فترى الفضاء متوهجا بلون الروح والحياة، ومسرورا بالغبطة وبمهرجان الوجود الإنساني الدفاق.
فتحية لسامراء المحبة والقوة والزهو والجمال والعزة والكبرياء , والتمسك بالقيم والأخلاق العربية الأصيلة، التي تذود عن حمى الحقيقة وتعبّر عن أصل الدين وروحه السمحة النبيلة السامية الرؤى والتطلعات.
تحية المجد والفخر والأمل والأماني السعيدة والثبات على أن تبقى سامراء محافظة على وجودها العربي الإسلامي الصادق الأمين، ومعتصمةً بحبل مجدها وقيمها وهويتها الحضارية الرائدة المنيرة الباهرة.
فهل ستُحقق بأبنائها سرور الناظرين إليها؟!!
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84663
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28