إن الصفحة الثقافية في كل صحيفة موضع اهتمام ومتابعة المثقفين على اختلاف درجاتهم ومشاربهم , لأنها تعكس الطابع الثقافي في البلد , وان لها مردوداتها الايجابية الحيوية في تغذية وانتشار الأنشطة الثقافية , وهي الكفيلة بخلق براعم ثقافية جديدة . ومد المثقفين بنسغ صاعد يغذي إمكاناتهم وقدراتهم على الخلق والإبداع والنهوض الثقافي المنشود .
وهنا تبرز أهمية المحرر الثقافي , لأنه يواجه أركان الثقافة وروادها وبراعمها , حيث يكون محط تقييم وانتقاد , فإذا كان مفتقرا إلى الثقافة ويفترش بساط الاستفلاس المعرفي والأدبي والثقافي , فانه يظل في معرض الطعون والانتقادات .
فالصفحة الثقافية ينبغي , بل يجب أن يحررها محررون أكفاء يمتلكون مستودعا واسعا من القدرة الكلامية , والتحليلية , والفنية , والثقافية , وان يكونوا مطلعين ومواكبين لكل التيارات والاتجاهات التي تسير في منعطف الثقافة والتثقيف . ولكن الذي يثير استغرابنا هو أن بعض محرري الصفحات الثقافية , ليس بمثقفين بل يحسبون ويحشرون في خانة الإبداع الثقافي , وهم حفاة بؤساء لا يستطيعوا حتى كتابة موضوع يستقطب انتباه القراء وينتزع إعجابهم وتواصلهم , كما نجد ظاهرة مستهجنة عند بعضهم , فأنهم ينشرون كل ما هو غث ومتردي ومتخلف لأسماء غير معروفة , ولعطاءات غارقة بالسطحية والأمية , فهذا سلوك شائن يوصد أبواب الإبداع ويجعل الصفحة الثقافية بائسة تراوح في متاهات ممتدة , فالمحرر الثقافي البارع هو الذي ينتقي المواضيع والمقالات التي يمور فيها ماء التألق والإشراق . ولا يلتزم وينشر ما هو تافه لعناصر له بهم صلة , فهذا السلوك مقبرة للثقافة والتثقيف .
فالثقافة أعلا وأسمى من العلاقات الشخصية والرشوات النفعية , من اجل إبراز أسمائهم الهزيلة على صدر الصفحة . إن الأغلبية الغالبة من القراء والمتابعين ينحون باللوم والأئمة على كل من لا يعانق التطلع والتفتح والانفتاح والإشراق , فعليكم يا أيها المحررون أن توزعوا شرايين الصفحة على من يمتلكون حضورا ثقافيا متميزا وإبداعا ملحوظا وتفردا مشهودا . ولا تحولوا صفحاتكم إلى إقطاعيات موزعة على من تحبون أو ترتبطون وإياهم بوشائج وصلات انتم اعرف بها مني , وحذاري.. حذاري .. من أن تكون الصفحة محتكرة إلى من تربطكم بهن روابط تثير الشبهات علما بان مقالاتهن لا تحمل دسما فكريا ولا بريقا ثقافيا , وجواز مرورهن على صفحتكم متأتي من اعتبارات انتم أدرى بها من الآخرين , أما أقلام اللواتي لا تمت لكم بصلة ولا يجمعكم بهن جامع فهن مهمشات ومقالاتهن مهملات , رغم أنها تفوح مسكا وعنبرا وتشع أفكارا وأراء وتثقيفا , ولكن كل هذه الاشراقات مطفئة عندكم ! . فأفيقوا لكل الهنات والعثرات كي تسلموا من الانتقادات . وان عمودي هذا من باب الحرص على سمعتكم وديمومة العطاء الثر النافع النزيه للقراء الذين يمتلكون حسا نقديا قد يحرقكم لهيبه .
Majidalkabi@yahoo.co.uk
|