• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كيف نحيا واحفادنا بلا مستقبل .
                          • الكاتب : د . ماجد اسد .

كيف نحيا واحفادنا بلا مستقبل

  ليس وفق حرية التعبير، أو لأن الإنسان ولد حرا ً، أو لأن الديمقراطية تسمح بعدم مصادرة الرأي ـ ورأي الآخر، أو لأن الاختلاف، إن كان مثنويا ً أو ديالكتيكيا ً أو عبر الصيرورة، يسمح بالحوار، ليس لهذه الدوافع أو الأنساق يحدث لعدد من المفكرين، والفلاسفة، والمشتغلين في صناعة الأفكار، والأدب، إبداء وجهة نظر تقلل من شأن محاولات (الإنسان) العبور من مرحلة إلى أخرى اقل تعرضا ً للتعسف، والاستلاب، بل وتدفع إلى رؤية يتكرر عبرها الظلم ـ بمختلف أنواعه ـ ولا تؤدي إلا إلى أحادية الرؤية، وأحادية التطبيقات...
    فقد ظهرت تجارب كبرى، لديها هذا التصوّر الذي لا يوازن، في الأخير، بين حقوق (الإنسان)، وفي مقدمتها: حقه في الحرية، وفي العمل، وفي إدامة زمن الحياة الكريمة، وبين قيادته إلى المجهول.
   فقد ظهرت بدوافع شبيهة بـ: ذئب جريح ووحيد يعوي في البرية ..، أو فقير يخرج شاهرا ً سيفه بسبب الجوع ...، أو امرأة تستغيث لان كرامتها تعرضت للانتهاك ...، أو عويل طفل مشرد، أو غيرها من حالات الاستلاب، والجور، والإذلال ...الخ
   ولكن، بالمقابل هناك من يفقد الأمل...،ومن يتشبث بالسؤال الواقعي، العميق، وهو: كيف نحيا. أي: كيف يتم قهر عوامل القهر، والعودة إلى الحياة العادلة، التي لا يتحول فيها البشر إلى: أشياء، أرقام، ودمى، وضحايا.
      ففي الفكر العراقي، منذ سومر حتى يومنا هذا، ظهرت علامات لم تغفل تعقيدات لغز الحياة، بدءا ً بالوجود وانتهاء ً بما بعد الموت، ولكنها ـ كما فعل عظماء فلاسفة العالم وحكمائه ـ تبنت الحقوق الطبيعية لمكونات (الحياة) كاملة: الإنسان/ البيئة/ والمثل العليا.
      فكم نحن اليوم، وبعد قرن (1914 ـ 2017) من الأزمات، والانقلابات، والعنف، والأنظمة الأحادية، وسفك الدماء، وهدر الثروات...الخ، بحاجة إلى قراءة صحيحة تستند إلى قوانين الحياة ذاتها، وليس إلى من يدمرها، لأي سبب من الأسباب، أو بأي شعار من الشعارات. فمن يريد الذهاب إلى (الجنة) ليذهب إليها، فهو حر، ولكن ليس بحرمان الآخرين من حقوقهم الأساسية: حق الحياة، والتعلم، والعمل، والصحة، والابتكار.
      وهذا ـ تحديدا ً ـ يتطلب عودة إلى الذات، والى التاريخ، لاستخلاص أمثلة تسمح للغالبية باتخاذ المبادىء التي لا تسمح للظلم ان يدوم، ولا للتطرف ان يسود، ولا للفقر ان يؤذي أفراح الأطفال، والأمهات، والأبرياء..!
  فمراجعة الذات، وقراءة الأزمات، قراءة واقعية، في هذا السفر، سيجعل مستقبل الجميع، لا يتكون، إلا بتبني صناعة المستقبل، بدل الأحادية، والتعصب، والقسوة، حد سلب الآخر حقه بتنفس الهواء !
    فمن لا يمنح الآخر حقه في التعبير، قد لا يجد ـ مع اشتداد الأزمات والمتاهات ـ حتى فرصة للاعتذار، ولا فرصة لطلب الغفران !



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=90376
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19