الارتكاز على العدم في كل شيء، في محاولة لفهم الواقع،يعني الضياع وغياب الهوية، ووقوع في منزلق اللانتماء، والتمحور حول السلب لانكار كل الحقائق، بما فيها الاحساسات المادية والعواطف، يعد سير خلف السراب.
هكذا هو الإلحاد، مشهد حافل بالقتامة، ليس فيه إلا العدم، حاضر في كل زواياه، فاقد لكل معاني العيش اليسيرة، فأالله عدم، والاخلاق عدم، والمدركات العقلية عدم، والشعور والبواعث والدوافع كلها أعدام، لايمكن تصور شيء اسمه الذات؛ لان العلم لم يتحقق وجودها بعد، هذه نظرة الالحاد الى الاشياء، فهي تطل على الكون كله من نافذة واحدة، اسمها العدم.
تغييب محورية الله سبحانه وتعالى عن الحياة، وابدالها بمحورية الأشخاص، مبدأ ينادي به دعاة الإلحاد، الإ أن العجيب ان مع تأكيدهم على محورية الانسان، غير أنهم يجردونه من كل مشاعره وأحاسيه ومدركاته؛ لأنها من الامور الغير محسوسة، ويرشحون جسده فقط للخوض في خضم الحياة.
هذه السطور بعيدة كل البعد عن الجدل العقدي، ذلك أن له اصحابه من المختصين بدراسة عقائد الاديان، هنا فقط توصيف لحالة الملحد من خلال زوايا ثلاثً، اعتقد أن لها انعكاسات نفسية وشعورية على بنية ذوي الإلحاد، فالملحد ليس له مبدأ، لانه نتاج تفاعلات الطبيعة وضرورة التطور، فهو كما يقال ابن البئر، والملحد فاقد للهدف والغاية، فهو لايختلف كثيرا عن ماكنة الخياطة، وكذلك الملحد قد استغنى عن الاحتياط العقلي، الذي يعد ضرورة ملحة في بؤرة الضياع.
عيش من دون مبدأ ومن دون هدف ولاتراعى فيه مكنونات الاشخاص له الضياع بعينه، يفرز كائنات حيوانية تعيش لحظتها فقط من دون انتماء ولاهوية. |