عندما داهمها اللّيل على حين غـرّة ، لم تتفاجئ أو ترفض عتمتة وسطوتها وهي قابعة وحيدة تنتظر بشغف ورودا حمراء حتى تشمّها وهي في كامل قواها العاطفيّة..بل صبرت وراحت تستطلع الأمر عـلّ طالعها سيمهلها بعض الوقت للفرح.
أمّا الآن وقد سقط عليها رداء اللّيل الحزين بلا منازع، لا شكّ في أنّها ستنتبه لعيونها اللّوزية حتّى لا تنتفضا ويصيبهما العمى وهي في ريعــان الحبّ والشبــاب.
كلّ من كان في الغرفة المجاورة ارتاب للأمر واستفسر عدم خروجها للبشرى السّعيدة...واقتطعوا من وقتهم الثمين ليروا مــا الأمر؛أمّا هي فقد بدأ اليأس ينخرُ ترانيم فرحها ، ويلبسها وشاحا من حداد.
"ما الذي تفعلينه في نفسك يا امرأة، لا تبقي رهينة عبوسك دعي عينيك تنوبان عنك وتخرج شياطين الحزن من بين أضلعك؟؟"
لم تكترث لنصيحتهم النابعة من الملل الذي اعتراهم من كثرة الانتظار،والتظاهر بالحب الأخوي لها، ألم يكونوا ذات يوم أشرارا يتصيدون لها المكائد في عزّ أوقات الحنان والفرح؟...لكن طيبتها أوقعتهم في مصيدة الأبرار وجعلت منهم ولو لبضعة سويعات ملائكة أخيارا.
مسحت أحمر الشفاه بغضب ، وراحت تزيل بفوضى ما أهدره الجمال فوق عينيها ونصيبا من مساحات وجهها البيضوي،أمّا شعرها الأشقر الفاتح فلم يثبت على تسريحته الباهرة وشاركها طقوس نرفزتها ، ليجعل منها انثى مستعارة من الزمن الحجري ، الذي لا يعترف بآيات الجمال...
خراب طال كامل جسدها ؛ بمباركة من عقلها الواعي بلا هوادة حتى تنتقم لكل النساء المهزومات على شرفات الانتظار..إلاّ عينيها فقد زجرتهما وغيّرت من طبيعة خلقتهما المدرارة للدموع.
:" لن أقترف جرما آخر كبقية بنات حوّاء، بل أكون السبّاقة للشهادة دون دمــــــــوع كعنوان لميلاد امرأة لا تنكسر.
بقلم: محجوبة صغير
|