• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : اراء لكتابها .
                    • الموضوع : مع مقال ازمة العقل التشريعي الاسلامي .
                          • الكاتب : اصف اللعيبي .

مع مقال ازمة العقل التشريعي الاسلامي

من اهم اسس دراسة المذاهب الفكرية بصورة عامة هي الخوض في مصادرها العلمية واسسها الثابته عن معرفة وتجرد ولابد من التعاطي مع مفرداتهابشكل عقلائي ومنطقي يعتمد على تلك الاسس والمعطيات الخارجية الواقعية اما ان نحاكم المدرسة على وفق اصول اعتقد بها انا ثم احكم على تلك المدرسة بالخطأ بل الازمة بل الخانقة ونحو ذلك مماقيل في مقال الاخ الدكتور علي المدن مما دعاني للاشارة الى نقاط موجزة 
‏١-  ليس من الواضح ماهو  الموضوع الذي يريد جناب الدكتور ان يبحثه غير ان المتيقن انه يريد الاشكال على أحكام الشريعة بعد أن قرر الفصل بين الإيمان باللإله وبين التشريعات‏
وربما ما دعاه إلى ذلك - اي الفصل - هو أنه اراد ان ينأى بنفسه  عن أن يتهم بكفر ونحوه
‏ولكن الحق في المقام أن يقال أن الإيمان بالإله يستتبع التزامات يفرضها الإله على من يؤمن به وهذا أمر بيّن وهل يقبل مولى ان يتقرب اليه الناس بما يريدون وكيفما يشاؤون  ؟!
فقد اشاد بفكرة الفصل بين الايمان والتشريع دون ان يبين جدوى ذلك وربما كما ذكرنا لدفع استلزام انكار تشريع ما للكفر ولكنه توهم في ذلك فلا احد من فقهاء المسلمين المعتد بهم يقول ان عدم الايمان بتشريع يؤدي بك الى الكفر مطلقا نعم يقولون ان انكار الضروري يجر ويكشف عن ذلك لا مطلق الانكار 
اما ان يناقش في نسبة الموجود من التشريعات الى الإله فهو أمر ممكن ومتاح ولكن له ضوابطه التي لاينبغي ان يخرج عنها‏
ومن ثم لا يعلم عن أي عقل تشريعي يتكلم الكاتب وباي مستوى ؟ 
بل يصوغها في لغة جازمة لاتقبل الشك وكأنه ينطق عن حس ويرى شمسا وربما تستعمل مثل هذه اللغة لفرض الرؤية على القارئ غير الحاذق الذي قد تغيب عنه بعض المصادرات والمغالطات 
‏ويمكن أن يكون المراد غير هذا وأن هذه التشريعات صحيحة  من مصدرها الا أنها مختصة بزمان تشريعها دون ما سواه وهذا أمر ثالث وهو يقتضي نقصان الرسالة وعدم صلاحيتها الا لوقتها ومجموعة من اللوازم الفاسدة التي ربما يقول الكاتب بها فلاتلزمه لكنه يبقى مطالبا -للانصاف - بتقديم قانونه البديل ومصدر ذلك على وفق الموازين العلمية القطعية والاصول العقلائة الثابتة 
٢- ‏اقتبس عبارة وردت في آخر المقال وهي قوله بصدد الرد على الفقيه المرحوم السيد محمد باقر الصدر قدست نفسه وغيره من نسبة التشريع الى مشرع جامع للخيرات - على تعبيره - قال ( ‏أي فكرة العلم الإلهي المطلق بكافية في حل المشكلة لأن هذه المصادر بحاجة الى الاعتراف ضمنا بأن هذا المشرع يقصد فعلا في نصه ‏اختزال جميع الخبرات وفي ‏جميع المجالات التي يشملها العقل التشريعي الإسلامي وهذا يفتقر إلى دليل إضافي يثبت انه ذلك مقصود للمشرع وموضع عنايته حقا )
‏أنا افهم أن الاستاذ المحترم يحمل المسؤولية الى سوء لفهم فيبرئ ساحة المشرع 
في حين يقول في أوائل مقاله عليه النصوص الصحيحة الصريحة ‏من الكتاب والسنة فإن صح فهمي لما ذكره أخيرا فهو لا ينسجم مع ما ذكره أولا على منهجه
‏أما أنا فقد اجمع بينهما على نحو القضية الجزئية  ولا يمكن إنكار ما ذكره من النصوص الصريحة الصحيحة ولنقتصر على القرآن الكريم الذي هو قطعي السند بلاشك ولا ريب فيه الكثير من مالايقبل به البعض مثل للذكر مثل حظ الأنثيين والزواج مثنى وثلاث  والقتل للقاتل ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب
‏وجلد الزاني وقطع السارق وكذا قوامية الرجال على النساء وغيرها من الآيات 
هذه النصوص مضافا إلى قطعية سندهي فهي صريحة بما تريد فكيف يرمى القائل بها بسوء الفهم أو أن الاشكال ينجر إلى هنا فيشكك في سندها؟! 
‏لا أدري حيث ان المفروض ان انطلاقنا يكون من المسلمات الثابتة وهي ربوبية الله سبحانه ورسالة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وقد جاء بالقرآن من عند الله تبارك وتعالى 
اما الكلام في ما قبل هذه المرحلة فهو مفروغ عنه كما هو المفروض اما عدم القبول فلايمثل خللا في القانون واي نص قانوني يكون مورد ترحيب جميع البشر 

٣- ‏التوجهات السائدة في المجتمع وتغير الأعراف والرؤى  نحو ما ينفع وما لا ينفع وما هو جيد أو غير جيد فأنا أحتاج إلى الكلام فيها مستقبلا كبحث  يشبع بشواهد ونظريات اجتماعية 
ولكن أقول مجملا ان المنهج الفكري الذي يقوم مجتمعا او نظرية ما مجتمعية ينبغي ان يخضع لاستقراء في مدى تأثر وتأثير هذه وتلك بعامل الزمان والمكان ومحاكمة ذلك بعد الكسر والانكسار ولايقاس ذلك بما هو سائد في مجتمع لهو ايجابيات في بعض جوانبه فنتوهم ان كل مالديه حسن ولا بارتفاع الصوت المطالب بذلك فان ما يعرف من المساواة بين المرأة والرجل وحقوق المرأة وحقوق الإنسان ونحو ذلك ‏كلها شعارات نرى في واقعنا المعاصر كيف تستخدم في ما يريدون وتوظف لهدف ما ويغض الطرف عنها في أحيان كثيرة لعدم المصلحة لهم في ذلك 
فامريكا الدولة العظمى هي الحافظ لحقوق الانسان وقولها وقانونها ضابط لذلك وهكذا فرنسا مثلا التي تتمتع بحضارة ما هي الحامي ونرى ماتصنع في افريقيا وصمت العالم عن مجازر في انحاء مختلفة من العالم 
 ومع تجاوز ذلك فإن هذه الأحكام ليست مما فيه تجاوز على تلك‏ الحقوق و المسميات في واقعها إلا ظاهرا فهناك اعتراض موضوعي يكشف عن قصور في النص القانوني وعدم تلبيته للغرض وهناك من الاعتراضات ماهو غير موضوعي ويندرج تحته الخلط بين التطبيق الخاطئ وبين اصل الحكم كما يندرج تحته التأثر بمفاهيم خارجية تعارض النص الموجود فيتوهم صحة ماتأثر به وخطأ النص  وكما قلت أن هذا الموضوع مثير للجدل ولا تكفية الإشارة إلا إنني اردت أن أقول انه لا يصلح ميزانا للحق والباطل
٤- ارى اجحافا ما في قول الاخ ان داعش وامثالها اكثر توافقا مع نفسها وقد كرر المعنى وكأنها من الفرق الفكرية الاسلامية والحال ان المسلمين يجمعون على انه فكر شاذ وخارج عن الاطر المعهودة بل لعل في قوله نحو تخبط فإن الداعشية لا تحتفظ في سلوكها بالدين الاسلامي كتشريع بل تمارسه كرغبة نازية بالشكل الذي تريده وبالطريقة التي تشتهيها كما ربما يتلائم ذلك مع دعوى تجديد الفقه بما يشتهيه الانسان مما يتوافق مع التقدم الحضاري المدعى

٤- ان القرآن الكريم في الفقه الشيعي كما غيرهم من المسلمين  مسلم مرجعيته وهو المصدر الاساس للتشريع غايته يشتمل على محكم ومتشابه ويمتازون عن غيرهم بأن الشرح والتوضيح والتشريع يمتد من عصر النبي صلى الله عليه واله الى زمن الغيبة اي اكثر من مائتي سنة عاش المشرع في ظروف مختلفة ونتج خلال ذلك موروث كبير من حيث الاصول والتقعيد الى الفروع وهو مايعطي حيوية بالغة للحكم الشرعي والفقه الذي اخذ بالتطور والازدهار ولكن في اطر واسس ثابتة كما غيره من العلوم ولنا مما وصل من ذلك تراث ضخم ولكن الفقهاء لايأخذونه كمسلمات صدرت من المشرع فهو من هذا الجانب مختلف عن الكتاب المجيد   فنرى ان الكثير من الروايات قد لاتصمد امام البحث العلمي ولايقال بثبوتها كما ان بعض الاحكام يختص وجوبه بزمن الامام بشرائط خاصة كما في صلاة الجمعة والعيد وبعضها الاخر ثابت لامجال للتغيير فيه كما في الطلاق والنكاح مضافا الى سائر العبادات وربما يرد عنوان ثانوي يوقف العمل بالحكم الاولي او يعلق كما في مثل الطلاق الذي بيد الزوج حصرا لكنه اذا اجحف بحق الزوجة واراد ان يذرها كالمعلقة فيدخل الحاكم الشرعي ليطلقها رغما عنه بعد ثبوت تمرد الزوج وعدم التمكن من اجباره على احد الامرين وهكذا اذا ثبت الاحتكار واقتضت ضرورة مجتمعية لشراء حاجات الاكل المحتكرة فيتخلى عن تسلط الناس على اموالهم ويجبر على البيع بسعر معقول او يباع عنه ذلك ويعطى المال وهكذا الامثال في المورد كثيرة فلايمكن القول بان هذا تجميد للحكم من دون مبرر ولا تأويل من دون شاهد بل العلماء يميزون جيدا بين النص الزمني والمطلق كما يميزون بين نص حاكم ومحكوم ونحو ذلك مما هي بحاجة الى متخصص حتى يميز بين صحيحها وسقيمها لا ان يرى البعض ترك بعض الاحكام فيرميهم بالتجميد ونحوه بلا تروي كما فعلها من قبل رجال 
والخلاصة اني لا انكر ولا اظن ان احدا ينكر تفاوت المختص في الفهم وخطأه احيانا لكن ذلك لاينجر باي حال من الاحوال الى خطأ المنظومة الفكرية او حاجتها الى ادخال ماليس فيها فان ذلك خطأ اعظم فليس لي الا ان اتقدم بالدعاء والدعوة للاخ الدكتور لمراجعة هذه الافكار بموضوعية وحرفية دون تأثر من هنا او هناك
مع فائق تقديري له 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95270
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28