واحدة من أهم الأسباب التي تجعل الانكليز باردي الأعصاب وهدئي المزاج وقليلي الانفعال توفر أسباب الراحة والطمأنينة للفرد ثم التأمينات الصحية والمعاشية التي تجعل الفرد لا يفكر بالمستقبل، فحياته مكفولة إذا كبر وإذا مرض مقابل مبلغ قليل مستقطع من راتبه كضمان صحي في المستقبل، فحياتهم قائمة عل النظام واحترام الأفراد بعضهم لبعض والعمل بحرية دون التعرض لحرية الآخرين.
إن مراجعة المستشفيات الحكومية يجعلك تدور في فلك مسحور،والمواعيد ربما تهين المريض وممن معه من أفراد عائلته،قد يخيرك الطبيب فيها بين الجناح العام أو الخاص عند مراجعته في عيادته الخاصة ، فإذا اخترت الخاص قد يكون موعد العملية الجراحية بعد شهر أو أكثر، بعد دفع المبلغ المطلوب إلى المستشفى ، أما إذا اخترت العام قد يصلك الموعد بعد عام كامل أو يزيد، مما يضطر المريض إلى أجراء العملية في أحدى المستشفيات الأهلية،وإن من يحدد سعر العملية الجراحية الطبيب المعالج وليست إدارة المستشفى، لأنها تستلم أجور المبيت لليلة الواحدة يدخلها الطبيب المعالج ضمن حساباته عند احتساب المبلغ، لان هناك مريضاً يرقد في المستشفى ليلة واحدة أو أكثر حسب نوع العملية،وقد تصل أجرة البقاء لليلة واحدة إلى 250 ألف دينار أو أكثر .
وعند الحديث عن المستشفيات الأهلية، يتطلب الأمر منا أجراء بحوث عن أماكن تواجدها ونوع الخدمات التي تقدمها للمرضى وهي تبث إعلاناتها التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتجيبك عن كافة الأسئلة التي تريد معرفتها، باستثناء الأسعار التي تأتيك على المراسلة الخاصة وليست على العامة،وذو اللب من يفهم .
من أهم الفحوصات الطبية التي يستخدمها الطبيب في تشخيص الحالات المرضية، الأشعة الملونة، التحليلات المرضية، السونار،الدوبلر وغيرها، والتي تكلف مئات الألوف، وليس كما يقال بأن الأسعار مدروسة وغير مبالغ فيها.
أما أطباء الأسنان، ومجمعاتهم الطبية، التي انتشرت كثيراً، فان مراجعتهم تستنزف دخلك السنوي وليس الشهري، فهم يقلعون أسنانك ويزرعون لك أسناناً جديدة، ويجعلون ابتسامتك ابتسامة هوليوود كما يقولون،وإذا كان الفحص الطبي عند البعض منهم مجانا،فليس الأمر من باب المساعدة الإنسانية، وإنما هم يعرفون المريض الذي يعاني من مرض الأسنان، فهو إما أن يأتي لقلع أسنانه أو لإغراض التحشية أو التنظيف أو العناية باللثة،عندئذ كأنهم يقولون له "لقد وقعت في الفخ".
وكثيرا ما نسمع عن بعض مرضانا أنهم يسافرون إلى دول الجوار والى الهند وأوربا لغرض زراعة الأسنان الفورية لان هذه الزرعات مناسبة لمرضى السكري والمدخنين ولا تحتاج إلى عمليات أضافية كرفع الجيوب الأنفية وزراعة عظم صناعي أو نقل عظم من أجزاء أخرى من الجسم لغرض زراعتها في الفك.
إضافة إلى ظهور مختبرات التحليلات المرضية المتقدمة بأحدث الأجهزة الطبية ولكافة الفحوصات الطبية أو ما يسمى التحليل الدوري الشامل من اجل الاكتشاف المبكر للمرض ومعالجته بأسرع وقت سواء داخل المختبر أم في المنزل، ولكل سعره الخاص .
علاوة على ذلك انتشار عيادات التجميل والليزر التي تغري المرأة من أجل استعادة شبابها ولكي تتخلص من التجاعيد والترهل التي يسببها التقدم في السن بعمل الخيوط الذهبية الأمريكية التي تدوم مدة ثلاث إلى خمس سنوات وبنتائج مضمونة وحقن الفلر وحقن البوتكس التي تستنزف دخل العائلة وتجعلها تبحث عن سياسة تقشفية جديدة، وسببها هنا المرأة التي عصت الله وأنزلت أدم إلى الأرض وجعلته عدوا.
اليوم من الصعب على المواطن البسيط والموظف الحكومي أو احد أفراد أسرته إن يتعرض لمرض مستعص أو إلى مرض طارئ،لأن دخله الشهري غير كاف لسد نفقات العلاج المكلفة على الرغم من أن موظف الدولة محسود على الراتب الذي يتقاضاه مقارنة بغيره من الآخرين .
إذن ألا يجدر بحكومتنا المركزية وبالأخص وزارة الصحة أن تنظر بجدية إلى هذا الأمر وتعمل على إيجاد حلول جذرية له من اجل تحسين الواقع الصحي للشعب المسكين الذي عانى ما عانى من حروب وحصار اقتصادي وقتل وتهجير على أيدي دواعش العصر؟
وطالما إن أرض الله واسعة، فأنا أقول أرض العراق واسعة، و تستوعب بناء آلاف المشافي الاختصاصية، بدلا من ترك المواطن يتخبط على أبواب المشافي الحكومية والأهلية وبدون ضمان صحي، يبحث عن العلاج له ولعائلته، فليس هناك أشد ألما على النفس، من الشعور بأعراض الشيخوخة، وهي تزحف زحفا بطيئا إلى أجسامنا، وهو شعور طبيعي، وخاصة إننا نعرف أنه ليس هناك مهرب أو مفر منها، فنحن قد نفقد علامات الشباب الظاهرة، ونحن نسير في قطار الحياة ونمضي به من سنة إلى أخرى، ومن جيل إلى جيل.. وقد تترك هذه السنون آثاراً واضحة على وجوهنا وأجسامنا وقاماتنا التي تنوء بحملها.
مع هذا وعلى الرغم من المصاعب التي مرت بنا نستطيع إن نحتفظ دائما بتلك الروح الشابة المليئة بالحياة والأمل، تلك التي غمرت نفوسنا في مستهل حياتنا وشباب عمرنا المليء بالحروب والحصار والتقشف وظلم وتعسف الحكام ، ولكننا نبقى نفتخر دوماً بأننا من جيل السبعينيات، جيل العباقرة.
|