صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

الخطأ والخطيئة
د . محمد تقي جون

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أخطأ خطأ وجمعها أخطاء فهو مخطئ اذا فعل الذنب سهواً، وخطئ خطيئةً وجمعها خطايا وخطيئات فهو خاطئ اذا فعل الذنب عمداً. وفي القرآن توضيح لذلك (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (البقرة: 286)، (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (الاحزاب: 5)، (وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (الحاقة: 9)، (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (يوسف: 29).

وأعظم ما يقع بين الخطأ والخطيئة هو القتل، ففي هذه الحالة يكون بين الخطأ والخطيئة مسافة مستحيلة، والمخطئ والخاطئ لا يلتقيان أبداً. وقد بيًّن الله (جل جلاله) ان حالة واحدة من الحالتين مقبولة وبشرط وهي القتل الخطأ، وعد من اكبر الكبائر القتل العمد وليس عليه مغفرة.

قال الله (عزَّ وجلَّ): (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا (النساء: 92). أي ان الحالة الواحدة التي يتقبلها الله في القتل هي أن يقتل المؤمن أخاه المؤمن خطأ غير متعمد.

وهذه الآية خطيرة الأثر كبيرة المعنى في شرح الإسلام وفضح مدَّعية وطالبي تهديمه بخفاء مستغلين عدم معرفة الناس البسطاء بالقرآن وحقيقة الإسلام. فالآية تقول: إن الإنسان إذا أسلم وأعلن إيمانه بالله فقد امتلك (حصانة من القتل) فلا يجوز مطلقاً أن يقتل من قبل أخيه المؤمن. أي لا يقتله الا غير المؤمن ويكون مجرماً. اذن – حسب الاية – المؤمن في سلامة وحفظ من القتل يمشي بطوله وعرضه حسب قرار الله وقرآنه، ممنوع على المؤمنين قتله مهما اقترف عدا ما أوجب الله عليه القتل لكبائر ذنوب هي:

  1. إذا كفر بالله عندها يفقد حصانته التي منحت له.
  2. إذا زنى وهو متزوج.
  3.  إذا قتل مؤمناً عمداً.

وهذه الذنوب لا تسمح لكل شخص ان يقتله، بل الدولة، لحرص الإسلام على النظام وعدم الفوضى. أما سوى هذه الكبائر بما فيها السرقة والزنى غير المحصن (غير المتزوج) فهي لا توجب قتله، بل توجب عقوبات متدرجة أقل من القتل.

 ان هذه الاية موجبة العمل بها دولاً وافراداً، وهي تفضح من يقتل بحجة حفظ الدين كالدواعش وغيرهم. كما ان هذه الاية تدين من يقتل على الهوية. وعلى الافراد مراعاتها أيضاً؛ فاذا اعتدى عليك أحد بالضرب او الشتيمة، او سلبك حاجة، او استفزك، وغير ذلك مما نسمع ان جرائم قتل وقعت بسببها، فيجب عليك ان تتذكر بأنه لا يجوز لك قتل هذا الشخص مطلقاً ما دام يؤمن بالله. واذا وجدته مذنباً فاعلم بأنَّه يستحق عقوبة دون القتل، وتذكر ايضاً بأن تنفيذ العقوبة لست من يقوم به. فقد جاء في المرويات أن الإمام علي سرقت درعه وعرف السارق الا انه لم يستردها منه وهو القادر بوصفه الخليفة، بل التجأ الى القاضي ليأخذ حقه.

 وهذه الاية تجعل على القاتل سهواً غرامة (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ(النساء: 92). وتحرّم المعاملة بالمثل لمن قتل عمداً، فلا يجوز في الفصول العشائرية اخذ الفصل من القاتل عمداً واطلاقه لانه مجرم.

ان القرآن - كما قلت - يعطي لمن يتدبره السعادة في الدنيا، والنجاة في الآخرة. وعلينا ان نقرأه ونفهمه لكي لا يعرضه علينا اعداء الله بصورة مغلوطة تفوت علينا فيه الحقيقة، فصراط الله صراط مستقيم لا عوج فيه، ولا خطأ، ولا خلط، ولا شبهة، ولا اشتباه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/15



كتابة تعليق لموضوع : الخطأ والخطيئة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net