صفحة الكاتب : ايليا امامي

زواج النور من النور .. وسقوط الأوسكار . 
ايليا امامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تتنافس الأفلام السينمائية حول العالم ..  للحصول على جوائز عالمية مهمة كالأوسكار والگولدن گلوب وسيزار وغيرها من الجوائز .

وبحسب المقاييس والشروط الموضوعة لهذه الجوائز .. فإن من أهم أركان الدراما أن تكون هناك قصة حب بين رجل ومرأة ضمن حبكة السيناريو .. وبدون هذا العنصر الرومانسي فإن الفيلم يفقد عاملاً مهماً من عوامل ترشحه للفوز . 

يبدو لي .. أن هذا داخل أيضاً ضمن الحبكة التكوينية لهذه الكون  .. ففي سيناريو الحياة الدنيا شائت حكمة الله _ سيناريست هذا العالم _  أن تكون هناك قصة حب فريدة بين رجل _ بطل القصة _ ومرأة - بطلة القصة _ وتكون هذه الدراما فائقة التراجيديا . إنها قصة الحب والقداسة .. قصة زواج  علي وفاطمة عليهما السلام .. 

قد لايروق لأكثر الشباب اليوم أن يعيشوا هذا الحب الأفلاطوني .. وذلك بسبب الذائقة المشوهة التي أنتجتها الأفلام عن معنى الحب .. وكيف تصوره حباً ينطلق من أنانية كل طرف في الحصول على الآخر وإشباع رغباته النفسية والجسدية  .. أكثر من كونه حباً للطرف الأخر .. حتى بدون أن يحصل منه على شيئ .. أو حتى بدون أن يفهمه ذلك . 

قصة زواج النور من النور .. علي وفاطمة سلام الله عليهما .. إذا جردناها من العناصر الغيبية وتركنا الحديث عن حفل الملكوت السماوي الذي أعلن فيه الرب عن هذا الزواج .. وقصرنا النظر على الجانب السردي للقصة لتكون قدوة لشباب اليوم .. فانها تتكلم عن شاب في مقتبل العمر يحب تلك السيدة الطاهرة ولكنه لايبوح بذلك ولايتصرف على أساس هذا الشعور مطلقاً . 

تبدأ القصة بمشهد خارجي نهاري حيث تتحرك قافلة في وسط الصحراء يقودها ذلك الفتى الشجاع وكان عمره حينها 23 سنة .. ويضم الركب مجموعة من النساء منهن والدته فاطمة بنت أسد وكذلك السيد فاطمة _ بطلة القصة _ وكان عمرها حينئذ 8 سنوات . 

تحتفظ السيدة فاطمة في ذاكرتها بمشاهد بطولية لذلك الفتى عندما هدد المشركون تلك القافلة فدافع عنها بكل شجاعة وأجبرهم على التراجع وقاد الركب الى أن دخل المدينة المنورة . 

في السنة التالية .. يشاهد الفتى الناس تأتي وتذهب الى والدها لتخطبها منه ..  أما هو فكان يستحي من ذلك .. وأخيراً يقدم على الذهاب ويجلس بكل خجل بين يدي والدها ليطلبها منه . 

يبادر الوالد الحنون على ذلك الفتى الذي رباه بنفسه .. وكان له بمثابة الأب منذ طفولته .. فيدخل ليستشير بنته .. فتستحي البنت وتسكت عن الجواب .. ولكن ملامحها تشي برضاها وسعادتها .. فيبتسم الأب ويخرج من عندها معلناً الموافقة . 

كان الفتى قد شب يتيماً .. بعد أن مات أبوه في ظروف صعبة وكان  بمثابة الأب حتى لوالد الفتاة .. ولهذا فقد كان والد البنت يحمل عاطفة خاصة تجاه هذا الفتى الشباب . 

ينطلق الفتى محاولاً الإعتماد على نفسه في تحصيل تكاليف الزواج .. فيبيع درعه الذي لم يكن يستخدمه كثيراً في الحرب لأنه كان دوماً أسرع من عدوه  .. ويأتي بالمال ويضعه في حجر الوالد . 

يبدأ ذلك الوالد الحنون بتجهيز الأثاث والإحتياجات الخاصة .. ثم يباشر بنفسه طبخ وليمة الزواج من نفقته الخاصة .. ويدعو الناس اليها .. 

ولأن الفتى العريس كان قد أيفع ودرج على الكرم .. فقد أصيب بحرج وقلق شديد عندما شاهد عدد الحضور الى حفل الزواج .. لايتناسب مع الطعام القليل الذي أعده الوالد . 

وهنا يتدخل العنصر الغيبي في القصة .. مضيفاً المزيد من الإثارة للمشهد .. فيفهم الوالد شعور الفتى .. ويطمئنه الى أن الأمور تسير بخير .. ويرفع رأسه داعياً بالبركة .. وهكذا يأكل الجميع من ذلك الطعام .. ويكفيهم ويفضل منه . 

تمضي فصول القصة .. بين حروب يخوضها الزوج فتقف الزوجة الى جانبه وجانب أبيها وتساعدهم وتضمد جراحهم .. وبين فقر شديد يعيشه الزوجان .. ومتاعب كثيرة يتعرضان لها .. ولكن الصفة العامة والطابع الدرامي للقصة هو الحب المتبادل الذي كان يخفف من ألم الجراح وعناء الحياة . 

ثم تأتي اللحظات الحرجة والحاسمة لهذه القصة .. بفقد الوالد الحنون .. وتعرض بيت الزوجية الى أعتداءات متكررة تصيب الزوجة اصابات بالغة . 

يعاني الزوج ألماً نفسياً كبيراً لما تعرضت له زوجته .. وهنا تظهر أروع ملامح الحب الأفلاطوني .. فتتفهم الزوجة موقف زوجها الحرج .. فتدعمه وتؤيده بقوة .. رغم مابها من ألم وجراح . 

تظهر المشاهد أن حب الزوجة لزوجها منعها من التألم والشكاية أمامه .. حتى لايتأذى من ذلك .. وبهذا تتجلى أروع صور الحب الخالص .. والبعيد عن الأنانية .. الذي يجعل المحب يكتم أكثر مما يبوح .. ويخفي أكثر مما يبدي .. ويبني سوراً عظيماً بين مشاعره الداخلية .. ومايراه الآخر . 

هنا يسقط الاوسكار .. الذي يعجز عن توفير هكذا حبكة لم تعتد عليها الأفلام .. ولايمكنها أن تحتملها أو تفهمها . 

تنتهي فصول الرواية بفقد الزوج لزوجته .. لتبدأ بعد ذلك ملحمة تراجيدية من الذكريات اللاذعة .. التي تتفجر فيها مشاعر الحبيب حزناً وشوقاً الى حبيبه .. وتب

دأ الصور الماضية تمزق وجدانه بشكل لايقبل الوصف . 

وتشاء حكمة القدر .. أن يختفي ذلك القبر الذي كان الزوج يجلس بجواره .. ليختفي معه سر آخر من أسرار هذه القصة التي لم تتضح ملامحها الكاملة بعد .. قصة الحب والقداسة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايليا امامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/25



كتابة تعليق لموضوع : زواج النور من النور .. وسقوط الأوسكار . 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net