صفحة الكاتب : احمد محمود شنان

مدينة النجف الاشرف يضيء فيها الشعر حراً
احمد محمود شنان

 النجف الاشرف /احمد محمود شنان

 
على مدى أربعة أيام بلياليها غدت مدينة النجف الاشرف تتنفس الشعر وترنو إلى اصطفاف القوافي وتصغي إلى حفيف الحروف وهي تغازل همس الكلمات حيث فعاليات ملتقى عالم الشعر في نسخته الثانية الذي أقامه اتحاد أدباء وكتاب النجف الاشرف ورعته لجنة المنظمات الثقافية الغير حكومية التابعة إلى مشروع النجف الاشرف عاصمة الثقافة الإسلامية بمشاركة واسعة وحضور عربي وغيره تناوب فيه الشعراء لتقديم أروع ما جادت به قرائحهم و أجمل ما فاضت به مداد كلماتهم التي ما بُحَ صوت قائلها ولا سأمت إذن مصغيها.
 
رئيس اللجنة التحضيرية ورئيس اتحاد أدباء النجف الشاعر فارس حراّم وفي كلمته التي ألقاها مودعاً الملتقى وراثياً احد ابرز المشاركين العرب قال "بأسم اللجنة التحضيرية  أود أن انوه إلى أمر مهم ففي جلسة الافتتاح فارقنا شاعر جاء من دولة الكويت هو فلسطيني المولد أردني الجنسية كويتي الإقامة عراقي الهوى اشرف بنفسه على طباعة كتاب مهم عن الشعر العراقي جمع فيه أخر ما كتبه الشعراء العراقيين تحت عنوان (الشعر المعاصر في العراق)وقد طبع على نفقة مؤسسة البابطين ونحن ندخل غرفته وجدنا على منضدته مسودة قصيدة وكانت أخر عهده من الشعر تتحدث عن النجف وهي دليل على حب هذا الإنسان وامتنانه لهذه المدينة ".
 
ويضيف حراّم "كما شهد الملتقى في افتتاحه موت شهد في ختامه ولادات عديدة احدها تأسيس نواة لأسرة أدبية ولدت في رحم الملتقى حيث خطبت القاصة النجفية وعضو اتحاد وادباء النجف السيدة رؤى زهير من قبل القاص والإعلامي البغدادي وعضو اتحاد وادباء بغداد السيد حسين رشيد ،ولم تكن تلك الولادة الوحيدة بل ولدت عائلة ثقافية حملت اسم (منتدى الجواهري) اختير رئيساً له الدكتورة خيال الجواهري ابنة شاعر العرب الأكبر وقد فتح باب الانضمام إليه لكل من يرغب من الشعراء والأدباء والإعلاميين والمثقفين وسيكون مقره الرئيس في العاصمة بغداد الحبيبة والعاصمة الثقافية النجف الاشرف".
 
ومن باب الشكر والعرفان للذين ساهموا في إنجاح الملتقى قال رئيس اللجنة التحضيرية قائلاً "اشكر إدارة مشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية واللجان المساهمة في الملتقى وكذلك جامعة الكوفة والقادسية وكل الجامعات التي شاركت وساهمت في الملتقى وصناعة هذا الحدث".
 
وتابع الشاعر فارس حراّم شكره قائلاً "اشكر النساء الرائعات من النجفيات والعراقيات والعربيات اللواتي واصلنّ جلساتهنّ في الملتقى كدليل على امتزاج الثقافة لدى المجتمع النجفي ،كذلك الشكر لكل من ساهم بفكرة أو كلمة لهذا الحدث الذي صنعته النجف ولم تصنعه غير النجف فكانت مخططة ومنفذة ومحتضنة ومضيفة".
 
ابرز المشاركات وأكثرهنّ حضوراً الشاعرة أخلاص الطائي من محافظة الانبار تحدثت عن الملتقى بإعجاب قائلة " رأيت الملتقى فعّالاً جداً ورأيت النجف بأبهى صورة وهذا الشيء أسعدني كثيراً وأنا أدعو الله أن يمدكم بعونه لكي تكون النجف قطعة منيرة على الأرض".
 
وعن مستوى المشاركات قالت الطائي "لقد قرأ كل الشعراء ما لديهم ورسموا صور عديدة ومتحركة جميلة جداً وكذلك الجلسات النقدية كانت رائعة حيث أصرّ الشعراء على عدم التنازل عن مستوى هذا العطاء الجميل لكي يكون الشاعر في كل الأوقات هو القلم الكاتب والفكر المواظب لكل الحركات والسكنات التي تقع باستمرار على ارض الواقع ".
 
وعن ابرز المعاني التي جسدها الملتقى تحدثت عضو اتحاد أدباء الانبار قائلة " الملتقى جسد معاني كثيرة منها المعنى الأول والأبرز ونحن نعيش في خضم المناسبة العظيمة وهي انتصار سيدنا الحسين والحق على أذيال الباطل المتربصين لحد ألان بديننا ووطننا وعقائدنا وبنا جميعاً هذا الملتقى أشعرنا بجوانبه الصورية العديدة والجميلة بأن الحسين عليه السلام هو عبارة عن ولادات مستمرة لا تنتهي ولن تنضب ومن خلال ما سمعناه بأن ثورة الإمام الحسين عليه السلام هي ألف ملتقى وألف إنجاب لملتقى أخر على ارض النجف".
 
ابنة شاعر العرب الأكبر الدكتورة خيال الجواهري  وصفت الملتقى بالمبادرة الجميلة التي جمع فيها شملّ الشعراء والأدباء والفنانين والمثقفين مع بعضهم بحضور إخوتهم وأشقائهم من العرب والأجانب .
 
الجواهري افتقدت الحضور النسوي في الملتقى مثيرة علامات استفهام حول غياب العديد من الشاعرات النجفيات كأمثال الأديبة رنا عبد الحميد.
 
كما كشفت الخيال عن مقترح قدمته إلى محافظ النجف الاشرف يتضمن إقامة مكتبة مختصة  بأدب الطفل لقيت إعجاب واستحسان المحافظ الذي أوعز وبحسب الجواهري إلى استشارة فريق من المهندسين لتنفيذ المشروع الذي اعتبرته ضرورياً لأطفال النجف الأعزاء.
 
من بين المشاركين الشاعر والإعلامي البصري احمد المظفر الذي علل الحضور البصري المتميز في الملتقى قائلاً "سئل ذات مرة الشاعر نزار قباني عن عدد شعراء العراق فأجاب أنهم بعدد نخيل البصرة وكان يرمز إلى مدينة البصرة حيث الشعر والشعراء،فشعراء البصرة  ومثقفيها كثيرون وهذا أمراً معروفاً على الصعيد التاريخي في الشعر وكل فنون الأدب فمثلاً إخوان الصفا والأصمعي وابن الهيثم ومن المعاصرين رائد ومؤسس الشعر العربي الحر الشاعر بدر شاكر السّياب ونازك الملائكة.
 
فالشعراء العرب وبحسب المظفر يخافون المنصة بسبب الشعراء العراقيين وهم معروفين بإمكانيتهم اللغوية والصور الشعرية التي يرسمونها ابتداءاً بالجواهري وانتهاءاً بالشعراء الآخرين كالشاعر كاظم الحجاج من البصرة وموفق محمد من بابل.
 
الشاعر احمر المظفر كما كنى نفسه في قصائده التي اسماها بـ(زقزقات قصير جداً) التي عبرّت عن ميله للومضة في كتابة الشعر التي قد كتب منها قرابة الـ(200)نص وله في نصوص طويلة عزا ذلك إلى اتسامها بالغرابة والطرفة  وصف للملتقى بالمسابقة الجميلة حيث الحضور العربي والأجنبي الذي لم يجده في مهرجان المربد وكان ذلك في النجف الاشرف حيث ملتقى عالم الشعر الثاني.
 
المظفر الذي يعمل في المجال الإعلامي كان قد وجه انتقاده إلى ضعف التغطية الإعلامية وخصوصاً الفضائيات حيث قال "رغم حضور لبعض الفضائيات إلا أني لم أشاهد من خلال الشاشة أي تقرير عن الملتقى وخاصةً منها قناة كربلاء التي كانت تبث بشكل مباشر".
 
الشاعر والإعلامي مضر الالوسي تحدث عن دور النجف وريادتها في احتضان مثل تلك الفعاليات والأحداث الثقافية النوعية قائلاً "ليس غريباً على النجف الاشرف أن تحتفي وتحتفل بالشعر والشعراء والأدب والثقافة وليس غريباً أن تختار عاصمةً للثقافة الإسلامية ففيها مدرسة الكوفة وهي أم المتنبي وعلماء اللغة المعروفين ".
 
وتابع الالوسي قائلاً "في هذا الملتقى الذي جمع الكثير من الشعراء وهذا ما تميز به عن سنته الماضية بمشاركات عربية وربما غير عربية وبمشاركات للعراقيين المغتربين وهنالك مشاركة واسعة لأكثر من (230)شاعراً كما كانت هنالك جلسات مخصصة لأدب ما بعد عام 2003وهذا لم يكن معروفاً في باقي الملتقيات".
 
وعن مدى تحقق أهداف الملتقى تحدث الالوسي "ما أراه في هذا الملتقى ليس فقط التعارف والتلاقح الفكري فهذا أصبح سهل  المنال مع تطور تكنولوجيا الاتصالات ولكن ما يؤكده هذا الملتقى وكما أرى انه ليس هنالك من فروقات بين الشعراء الذين جمعوا ما لم يستطع جمعه السياسيون وأصحاب الموعظة الدينية ولعلي أتذكر بيت شعري لأبي تمام فيه يقول :
 
يختلف نسب ويؤلف بيننا                           أدبٌ أتمناه مقام الوالدين
 
نائب رئيس اتحاد أدباء وكتاب البصرة الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري هنأ النجف بهذا الحدث الثقافي قائلاً "اهنأ النجف وأهلها على ملتقى عالم الشعر الثاني وكذلك النخبة التي تعمل كخلية نحل وبحرص نحو هذه المدينة من حكومة محلية وشعراء وادباء ومثقفين ".
 
إلا أن البصري وتعليقاً على كثرة الشعراء المشاركين قال "ما يؤاخذ على الملتقى كثرة الشعراء وهذا لا يمنح الشاعر الفرصة الكافية للقراءة مما يضطره إلى اختيار نصاً قصيراً ويكون لزاماً على الحضور الاستماع إليه بينما هم يرغبون بسماع غيره ولهذا ادعوا أن تكون هنالك عدة أماكن للقراءة تفسح المجال أكثر لعدد الشعراء وتمنحهم الفرصة الكافية للقراءة وهذا ما في الدول الأوربية حيث توجد أربعة أو خمسة قاعات للقراءات الشعرية".
 
المسحة السياسية لكثير من القراءات وافقه حضور لبعض المهتمين بالشأن السياسي ومنهم المحلل السياسي الاستاذ حيدر سعيد الذي علق على دور المثقفين والأدباء في تبني العمل الثقافي بهدف الإصلاح والبناء السياسي قائلاً " عموم النشاط الثقافي منزوٍ وليس هنالك من دور ثقافي فيما يجري في العراق فلا الساسة مستعدون لسماع أصوات المثقفين ولا المثقفين الذين هم أسرى قوانين تاريخية تقيدهم وتكبلهم عن أن يكون لهم دور سياسي ربما القصائد التي تنتقد ولكن مع هذا أن يكون لها دور في عملية البناء السياسي وإصلاح المشهد ومجمل العملية السياسية أنا اشك في ذلك ".
 
سعيد ضرب مثلاً معللاً ذلك بما تعيشه لجان المشروع قائلاً  "فالصراعات السياسية التي أثرت على مشروع النجف الظاهر أن الصراعات السياسية والانتماءات الحزبية لأعضاء اللجان كان اكبر من انتمائهم للنجف للأسف الشديد وهذا سيؤثر بشكل كبير على الفعاليات دون أن تصغي لأحد أو تستشر احد ومنها الهيئة الاستشارية التي أنا احد أعضائها".
 
وقبيل ختام الملتقى قدم الفنان عزيز خيون قصائد شعرية ممسرحة لشاعر العرب الأكبر ورائد الشعر العربي الحر امتزجت فيها مشاعر الفرح والحزن فتارة تثير أحزان وأشجان الحضور حيث اختلطت دموع الحزن مع الفرح وهم يصغون إلى أنين الوطن وجراح أبنائه بينما الفخر والاعتزاز والتعالي على الجراح كانت مشاعرهم وهم يصغون إلى ترانيم قصيدة (سلام لأرضك) التي وشحت الحضور بوسام تأكيد وتعزيز الانتماء إلى ارض هذا البلد المعطاء الكريم وحفزت فيهم الأمل بغد مشرق تعلو فيه جباه العراقيين مع نخيلهم لتتطاول شموخ الرواسي.
 
ختام الملتقى الذي أقيم على قاعة غرفة تجارة النجف الاشرف وزعت الهدايا والدروع على العديد من الشخصيات الثقافية والأدبية والعلمية والسياسية تثميناً لدورهم البارز في إنجاح هذا الحدث الذي يعد الأول من نوعه في مدينة النجف الاشرف عاصمة الثقافة الإسلامية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد محمود شنان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/04



كتابة تعليق لموضوع : مدينة النجف الاشرف يضيء فيها الشعر حراً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net