صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في النهضة الحسينية ح 4
حيدر الحد راوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

8- راس الحسين ]ع[

هناك ملاحظة جديرة بالانتباه والتأمل , بعد ان وقع الحسين ]ع[ من على ظهر الفرس , ولامس جسده الشريف الارض , ابقى ]ع[ رأسه مرتفعا عن الارض , ولو لمسافة قليلة , يقول اصحاب السير , ان الحسين ]ع[ كان ينظر نحو مخيم عياله , حتى جاء ذلك اللعين فأحتز رأسه الشريف , ورفعه اعلى ما يمكنه , كي يجعل الرأس الشريف مرئيا لكل الناس , وهو يهتف بصوت المتبجح المغرور بالنصر , حتى انتهى بهم المطاف ان يرفعوه على اسنة الرماح .
هناك حكمة بالغة لذوي النظر , فلو وقع راسه الشريف على الارض , لتلاشت ثورته المباركة , وتلاشى معها الاسلام , فابقى الحسين ]ع[ رأسه مرتفعا عن الارض , حتى جاء ذلك اللعين , فأحتزه , ولم يترك الراس الشريف كي يقع على الارض , بل رفعه من شدة غباءه وجهله , فلم يكن يعلم ان رفع رأس الحسين ]ع[ ايذانا ببدء الثورة المقدسة , والتي سيرتفع معها الاسلام .
بينما كانت زينب ]ع[ قد صعدت التل , الذي عرف فيما بعد بالتل الزينبي , كانت تنظر الى القوم , منتظرتا الاذن للبدء بالمرحلة الثانية من الثورة الحسينية , وكانت العلامة ان يرفع الرأس الشريف عاليا , حيث يستطيع ان يراه كافة القوم .
يا لغباء اعداءك يا حسين ! , رفعوا راسك الشريف اعلى ما يستطيعون , بجهلهم وغباءهم , حيث لم يكونوا يعلمون انهم قد اعلنوا بذلك ثورة ضد انفسهم  ! !    




9- تكنولوجيا ألطف
حاول مسلم بن عقيل (ع) جاهدا ان يرسل رسولا للحسين (ع) يطلعه على مجريات الامور في الكوفة , فلم يفلح , فقد امر ابن زياد (لع) بقطع كل الطرق التي تؤدي الى كربلاء , وهكذا لم يتسنى لاحد من محبي الحسين (ع) ان يغادر الكوفة , ويخبره بما جرى ويجري .
في اخر لحظاته , قرر مسلم (ع) ان يستعمل شيئا غير معهود في ذلك الزمان , لينقل امرين :
1-    التحية ( تحية الاسلام ) .
2-    ان يخبر الحسين (ع) بما جرى في الكوفة , وما جرى عليه .
بالرغم من المسافة الشاسعة بين الكوفة ومخيم الحسين (ع) , وصلت الرسالة بسرعة تفوق سرعة الضوء , فتسلم الحسين (ع) الرسالة , رد السلام واسترجع , وتوجه نحو حميدة بنت مسلم (ع) , مسح على رأسها , ولم يخبرها بشيء , لكنها علمت , فأجهشت بالبكاء وقالت له ( تمسح على رأسي , كما  تفعل مع الايتام ) , ضمها الى صدره الشريف , وكفكف دموعها .
لم تكن هناك حاجة لاخبار من في المخيم باستشهاد مسلم بن عقيل (ع) , فقد علم الجميع بالخبر , لما رأوا حالة الحسين (ع) مع حميدة بنت مسلم (ع) , الغريب , ان احدا لم يسأل الحسين (ع) عن كيفية وصول الخبر اليه , حيث لم يكن هناك وافد او رسول قد وصل المخيم توا ! .
هذا الامر من جملة غرائب طف كربلاء , فماذا فعل مسلم بن عقيل (ع) ليرسل تلك الرسالة بهذه السرعة ؟ , حيث لا يوجد هاتف نقال او انترنيت او فاكس او أي تقنية اخر ى , هناك احتمالات كثيرة , نذكر منها اثنان و نترك الاحتمالات الاخرى لمقام اخر انشاء الله :
1-    رابط  اسري : من قبيل ان الام تشعر بألم او وعكة او نوعا من عدم الارتياح , اذا ما لاح لولدها امرا خطيرا , وكذلك يحدث للاب الحنون , سيشعر بنوع من ضيق الصدر , اذا ما داهم ابنه او ابنته خطر ما , وكذلك للاخ عندما يقترب الخطر من اخيه او اخته , شيء من هذا القبيل قد يحدث حتى بين العشاق , فيشعر احدهما بما يعانيه الاخر , حتى ولو كانت المسافات بينهما بعيدة .
2-    علم خفيّ : اهل البيت (ع) كانوا منبعا ومعدنا للعلوم , وقد ظهر منها الكثير الكثير , وكانت على قسمين , ظاهرية وباطنية ( خفية ) , انتشرت علومهم الظاهرية لدى الكثير ممن تتلمذوا على ايديهم , واقتبسوا منهم , اما علومهم الباطنية فكانت لدى خواص اصحابهم وتلاميذهم , ومن تلك العلوم , علم البلايا والمنايا وقد برز فيه  رشيد الهجري (رض) , وما ظهر من كلام سلمان المحمدي (رض) مع الميت  وغير ذلك الكثير .
    ان مسلم بن عقيل (ع) سليل تلك الاسرة التي تزق العلم زقا , وقد تتلمذ على يد الامام 
    علي بن ابي طالب (ع) , واغترف من نبع علوم الحسن و الحسين (ع) , فلا ريب ان
    يظهر علما خفيا على يد مسلم بن عقيل (ع) , الجدير بالملاحظة والذكر , ان علوم اهل 
     البيت (ع) الخفية لا تظهر دائما , بل عند الضرورة القصوى و الحاجة الماسة فقط  .

 






10- الـتآخي في حب الحسين (ع)

لقد آخى رسول الله (ص) بين المهاجرين و الانصار , فغمرتهم علامات الفرح والسرور , وأزيلت عنهم كل علامات الفرقة والاختلاف , فلم يعد هناك فرق بين اعجمي وعربي , بين اسود وابيض , بين غني وفقير , {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103 .
هذا النوع من التآلف والائتلاف , كان من اهداف رسالته (ص) الكثيرة , لكن مع الاسف , ان هذا التآلف لم يدم طويلا , فبعد وفاته (ص) عادت تلك الاحقاد والاضغان كما كانت من قبل , بل اشد مراسا , واعظم فتكا . 
النهضة الحسينية اعادت هذا النوع من التآخي والائتلاف , يتضح ذلك بشكل جلي في زيارة الاربعين , حيث تقصد تلك الحشود المليونية كربلاء المقدسة , سيرا على الاقدام , فتجد على امتداد الطريق , الآلاف من المواكب التي توفر لهم الطعام والشراب , وكافة الخدمات الطبية واللوجستية , بفرح بالغ , رغم الفوارق الطبقية والعلمية , حيث تجد الطبيب والمهندس  , والمعلم والمدرس ... الخ , ساهرون من اجل توفير كافة مستلزمات الراحة لهم .
النبي (ص) آخى بين المهاجرين والانصار بأمر الباري عز وجل , اما الحسين (ع) فقد بذل دمه ومهجته وكل ما يملك من اجل ان يحيي هذا النوع التآخي , بعد ان كاد يموت و يتلاشى ! . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/15



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في النهضة الحسينية ح 4
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net