صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

النزول من الجبل
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تتسابق الكتل السياسية العراقية في مراثونات إنتخابية، للفوز بالأغلبية التي تمكنها من تشكيل الحكومة، لكننا الى اليوم لم نر أن الحكومات العراقية تكونت على أساس الأغلبية والمعارضة، وإنما كانت الأغلبية عبارة فضفاضة تغيرت على مدى الدورات المتعاقبة.

فمرة تتشكل الحكومة من الكتلة الفائزة الأكبر ومرة من الكتلة البرلمانية الأكبر، أما الدورة الحالية فلا هذه ولا تلك، وإنما خرجت الحكومة حصيلة إتفاقات سياسية بين كتل تختلف في برنامجها وطرحها السياسي، لكنها أرادت إقتسام السلطة فيما بينها، فرأينا اليوم أقصى اليمين يتحالف مع أقصى اليسار، للظفر بالمناصب الحكومية ورسم سياسات الدولة، التي تارة تذهب مع هذا الطرف وتارة مع ذاك.

ليس غريبا أن نرى هذا التهافت على الظفر بالوزرات والمناصب الحكومية وتقاسمها بين الكتل الفائزة في الإنتخابات بحسب تمثيلها البرلماني، فهذا ما سارت عليه العملية السياسية وأصبح تفكير كل الكتل منصبا بالحصول على حصتها من مغانم السلطة، يخدم من خلالها بنائه التنظيمي ويبني دولته الحزبية، على حساب الدولة وبناء مؤسساتها، فالغالبية يريد قوة حزبه على حساب قوة الدولة، لأن العلاقة عكسية بين قوة الحزب وقوة الدولة تجعل الجميع يفكر في إضعاف الدولة، من أجل بقاء كيانه السياسي قويا ومؤثرأ، وهذا ما شهدناه من بعض الأحزاب التي أغلقت أبوابها بمجرد فقدها لمناصبها الحكومية.

الغريب أن هذه الكتل لم تترك منصبا صغيرا ولا كبيرا إلا وتسابقت عليه محاولة إلتهامه، حتى تجاوز الأمر جسد الدولة المتحرك وهو الوزارات الى جسدها الثابت وهو الدرجات الخاصة، التي يجب أن يكون معيارها الخدمة الوظيفية والخبرة العملية والتدرج الوظيفي والكفاءة والنزاهة والمعرفة بتفاصيل العمل، دون ان يكون للتأثيرات والولاءات السياسية دور في اختيار الشخصيات المؤهلة لشغل هذه المناصب، لعلاقتها ببناء الدولة على الأمد البعيد تكون فيه المؤسسات التابعة لها على قدر من الكفاءة لتأدية الواجبات الموكلة إليها، بعيدا عن المحسوبية والحزبية التي أثرت على الواقع الإجتماعي والإقتصادي للفرد العراقي.

لذلك نرى أن الحكومة ما زالت معطلة عن القيام بدورها، ولم تكتمل كابينتها الوزارية بعد مرور عام على تشكيلها، بسبب رغبة كتلتين رفعتا شعار الإصلاح والبناء في الإنتخابات، لكنهما ما لبثتا أن نزلتا من سفح الجبل للظفر بهذه المناصب، وتأسيس حكومة ظل آخرى، معيارها المحاصصة والحزبية على حساب الكفاءة والمهنية، تبقى تتحرك وفق رغبات الكتل التي جاءت بها، تؤدي دورها في تقوية الأحزاب على حساب ضعف الدولة، الذي عانت منه طوال السنين الماضية.

من يريد الإصلاح حقا وهمه بناء العراق، عليه أن يترك المجال لرئيس الوزراء لإختيار كفاءات وطنية لشغل المناصب والدرجات الخاصة، يراعى فيها نسب المكونات العراقية، ولا " يسير " نحو " فتح " ثغرات معطلة في جسد الدولة، وإلا فنحن في طور تأسيس دولة عميقة أخرى بشخصيات جديدة وتسميات مختلفة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/06



كتابة تعليق لموضوع : النزول من الجبل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net