كي لا تتحول التظاهرات إلى مشاغبات
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
التظاهر وسيلة حضارية تكفلها قوانين الدول الديمقراطية للفت أنظار الحكومة إلى خللٍ هنا أو تقصير هناك ، أو للضغط عليها لاتخاذ قرار مترددة في اتخاذه نتيجة حسابات الربح والخسارة ، أو ثنيها عن قرار اتخذته ولم تقدّر بشكلٍ جيد ردود الفعل التي يتسبب هذا القرار ، وكما أنها حق مكفول في الدساتير الديمقراطية فإنه مقيد بشروط يأتي على رأسها الحفاظ على النظام العام واستمرار سير المرافق العامة وتأديتها لواجباتها اتجاه عموم الأفراد ناهيك عن إعلام الحكومة بسير التظاهرات وقياداتها ومطالبها قبل مدة معقولة لتوفير الحماية اللازمة .
لا يشك أحد أن التظاهر يرهق الحكومة أي حكومة وإن كان بدرجات متفاوتة ، وفي دول الشرق الأوسط فالتظاهر يتطلب إجراءات واحترازات إذ غالباً ما يصاحبه عنف ، واستفزازات لرجال الأمن وتسلل بعض المندسين ، ومخالفة التعليمات عن سير التظاهرة وزمانها وكلما تكرر ذلك كلما زاد من النفقات والإجراءات الاحترازية .
التظاهرات اختبار جيد لقوة وشعبية وانضباط طرف سياسي ما ، وهي في ذات الوقت وسيلة من لا يجيد الحوار والتفاوض وإدارة الصراع السياسي عبر ممثليه في البرلمان ، وأحياناً يكون وسيلة من أُغلِقت بوجهه كل سبل الحوار لتحقيق مكسب ما أو استعادة حق ما . وفي هذه الحالة يجنح التظاهر نحو المشاغبة مع سبق الإصرار ، لأن الشريك السياسي استبد بحقوق شركائه ، لكن التظاهرات (المشاغبة) لن تكون في مأمن من انحرافهاعن الخط المرسوم خاصةً عندما يدرك الخصم السياسي أنها مصممة للمشاغبة وإرهاق الحكومة لثنيها عن قرار ما . وتحت ظل هذا الجدل ، وانسداد السبل بين الأطراف المتصارعة أو بتعبير أدق المتنافسة في إطار اللعبة الديمقراطية ينبغي على القادة السياسيين أن يدركوا حدود لعبة التظاهر وسقفها المسموح به في ضوء دراسة الواقع الذي يعيشونه ، وهذا يأتي من تقييم دقيق للفوائد والأضرار الناجمة من هذه اللعبة ، فليس في كل مرة تسلم الجرة كما يقال .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat