صفحة الكاتب : حيدر زوير

العائلة العمل الذي يزاوله الجميع 
حيدر زوير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ ايام و قضية الضحية الفلسطينية اسراء الغريب تشغل الاعلام العربي خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي و مما زاد من اشتعالها تضامن كبار الاعلاميات و الفنانات العربيات معها . و على الرغم من عدم الاهتمام العراقي بالموضوع بالشكل الذي يحصل في بلدان اخرى الا ان الموضوع على قدر كبير من الاهمية بمشكلة حقيقية يعاني منها الجزء الاكبر من المجتمع العراقي كما يبدو انها تمثل مشكلة المجتمعات العربية . 
يتعلق الامر بموضوع تكوين العائلة. و الكيفية التي تتم بها هذه العملية . و موضوع العائلة يشكل احد الموضوعات الرئيسة لكل المدارس السوسيولوجيا و الانثروبولوجيا على الاطلاق . بل الى انها كانت تحضى باهمية اكبر من " الدين " في المرحلة الاولى لهذه المدارس . و ليس هذا المقال مخصص لاستعراض هذه التوجهات بل للتأشير على بعدين فقط استنادا الى هذا التراث .
الاول: يتفق الجميع ان العائلة مرت بمراحل مختلفة بيد ان تفسير تنوعها يختلف من مدرسة لاخرى . الا ان الثابت ان لا شكل ثابت للعائلة عبر التاريخ و عبر الثقافات رغم ان الشكل الذي يعده التطوريون ارقى اصناف العائلة و هو رجل زوج امراة زوجة و ابنائهما هو من يشكل الشكل النمطي و الانموذجي لمفهوم العائلة المعاصرة.  بيد ان الاشكال التي يراها هؤلاء التطوريون انها تمثل مراحل سابقة لهذا الشكل من قبيل تعدد الزوجات و تعدد الأزواج و المشاعية و الإباحية الجنسية و غيرها . لم يعد هذا الراي ذا قيمة بعد تطور الدراسات التي جاءت بعد المدرسة البنائية الوظيفية و الخصوصية التاريخية  فضلا عن ما بعدهما من المدارس . و هنا يمكن البناء على هذا البعد بما يتعلق بالبناء الثقافي للعائلة و قيمته و خصوصيته.  اي ان شكل الزواج و تكوين العائلة هذا يمثل خصوصية ثقافية ينبغي الوقوف امامها بوصفها نوع و ليس مرتبة عليا او دنيا . و هي مرتبطة بثقافة كل مجتمع و تغيرها او تغييرها هو الاخر مرتبط بما يطرأ على هذه الثقافات عبر العمليات المختلفة للتغير و التغيير 
ثانيا: و هو البعد المهم و المتعلق بكيفية صناعة العائلة . و يلاحظ رغم ان البحث يدور حول الزواج الا ان البناء النظري يتحرك في التوجهات العلمية للعائلة استنادا الى القول بنوع الزواج و انه هدف تكوين احد النظم الارتكازية في البناء الاجتماعي و هي العائلة . و هنا يقع التداخل ما بين الثقافي " النوع " و الدرجة او المرتبة ، اي ان ثقافة الزواج تمثل مستوى اجتماعي و لا تمثل نوع . و بشكل اكثر صراحة الشكل الثقافي للزواج اي الكيفية التي تتم بها هذه العلاقة هي معبرة و علامة من علامات التقدم و التخلف الاجتماعي . 
لو اردنا ان نجيب على سؤال كيف يتزوج العراقيون ؟ بشكل واضح ان اغلبية الشباب الذي يصلون لسن و لقدرة الزواج هنالك من ياخذ لهم الجزء الاكبر من قرار اختيار الزوج او الزوجة . لا يرتبط الامر بالأشخاص بل بالقواعد التي تمارس دور قاهر كذلك   و علينا ان نركز بمقولات مهمة في هذا الشأن " ادور لبني على مرة . تعال ازوجك عندي خوش مرة . شلونها فلانه و شلون اهلها نريد نخطبها لابنه / لبنتنه . راس براس   خوش بنية ومن عدنه . فقيرة و تتحملنه . تصبر علينه . و الخ " كل هذه تعبر عن ان هنالك جزء محرم رغم اهميته في عملية الزواج و هو الجزء الذي يتيح اقامة علاقة يتعرف فيها كل من الرجل و المرأة خارج إطار الخطوبة و الزواج ، و هنالك ما لا يقل عن هذا فداحة و المتعلق بالتصورات الاجتماعية للزواج و العائلة . و على هذا البعد تبتني كل عناوين الخداع و الكذب التي يمارسها الكثير من الشباب و الشابات في مرحلة ما قبل الزواج فقط للظفر بصيد الهدف . و كأن الزواج هو الهدف و ليس العائلة . لذا لا يمكن التعويل على العلاقات العابرة او المتكلفة في تشكيل قرار الزواج من عدمه . بل ينبغي اعادة النظر بالعلاقات و التواصل بين الجنسين بما يتيح الوصول الى قناعة حقيقية في الاختيار و هذا مثلما هو متعلق بالتطويرات القانونية هو كذلك يستلزم تحديث فقهي و تربوي 
الجزء الاكثر اهمية و الذي من غيره لا يمكن تحقيق اي هدف ايجابي يتعلق بفهم ماذا يعني الزواج و ماذا تعني العائلة . فهذه المؤسسة – اي العائلة – رغم اهميتها العظمى لحياة الافراد و المجتمع هي الصناعة الوحيدة التي يزاولها الاغلبية العظمى من غير تعلم و دراسة و فهم ، و هذا يحتم الاهتمام بتدريس ما يتعلق بهذا الشان في المراحل الممتدة من المتوسطة الى الإعدادية.  بل ينبغي اشتراط اجتياز اختبار لكراس يضعه اساتذة العلوم  الاجتماعية لاجراء عقد الزواج 
حيدر زوير


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر زوير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/03



كتابة تعليق لموضوع : العائلة العمل الذي يزاوله الجميع 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net