صفحة الكاتب : احمد الخالصي

الأخطر من عمليات التطبيع الجارية والسابقة.
احمد الخالصي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لايمكن لناطحات السحاب مهما علت إن تبلغ ارتفاع الضمير، ولايمكن لجمال المباني إن يلمع قبح التفكير، هذه الجزئيات لاتخضع للمال ولايمكن لها إن تظهر بانقلاب عسكري كما يحلو لهؤلاء.

لاجديد في الأمر مجرد إشهار لعلاقة زنا كانت تتم بالخفاء، ومن غير ذكر المزيد من التشبيهات في هذا الصدد حفظًا لوقارها، لذلك سندخل مباشرة للحديث عن اتفاق السلام بين إسرائيل ومحمد بن زايد، إذا إنه مفتوح على مصرعيه لاحتمالات صحيحة وإن أخطأت نتيجة وحدة الغاية التي تشكل رابط بين كل هذه الاحتمالات، فهل من الممكن عد هذه الخطوة سحب البساط من السعودية وإن تستأثر بمنصب شرطي المنطقة، لا أعتقد إن لهذا الأمر صحة إذا ما تتبعنا الداخل السعودي الهش وكذلك عملية الكر والفر داخل العائلة المالكة وما أُثير مؤخرًا من نزاع متجدد بين بن سلمان وبين ولي العهد المعزول من قبله (عمه) ومقبولية الأخير وعلاقاته الواسعة، وكذلك قضية الجبري الجنائية وماسيخلفه من آثار لم يعد يحتملها الغرب ويغفرها لمحمد بن سلمان أمام الرأي العام العالمي، كل هذه المعطيات وغيرها تثبت إن اليد النافذة قبل إقرار هذا الاتفاق كانت لمحمد بن زايد، وبالتالي لايعد لهذا الأمر أي أهمية تذكر إلا في نطاق ضيق، كما تدخل قضية الانتخابات الأمريكية ودعم ترامب فيها في حيثيات هذا الإعلان مضاف لذلك عوامل أخرى تولى توضيحها بعض المحللين لذلك لاحاجة في إعادة سردها، لإنه يوجد ما هو أهم وأخطر من ذلك ألا وهو القبول الشعبي بحتمية التطبيع، والذي يعود لعدة أسباب لكن سأكتفي بذكر أهمها تأثيرًا ألا وهي الإعلام بشقيه المرئي والإلكتروني، فبعد البرمجة الإعلامية والنفسية التي سعت لترسيخ فكرة إن الرخاء والتنمية للبلدان تدور وجودًا وعدمًا مع إسرائيل،فيتحدث  الشباب العربي اليوم عنها كما لو أنها عصى موسى التي ستبتلع مآسيه، كما وأنهم يطرحون قضية السلام بشكلٍ يجلعونا نتسائل فيه هل هم يتحدثون حقًا عن الكيان الصهيوني أم سويسرا؟، ومرد ذلك بكل تأكيد يعود لسيطرة وصدارة الإعلام الصهيو أمريكي  وتوابعه من الوسائل الخليجية على الشاشة والمتصفح العربي، وعمل هؤلاء على الترسيخ النفسي المتكرر على المتلقي  عبر خلق العدو الوهمي، ومن ثم التركيز عند تناول شؤون  بلدان المنطقة  على العلاقة السببية بين وجود أي مقاومة أو رفض للكيان الصهيوني مع وضع البلد المزري، وهم بذلك يعملون وفق مبدأ الضرب اللا مباشر للشيء، خصوصًا وهم متأكدون   من  انعدام الوعي لدى أغلب الفئات الشعبية  وضيق نطاق تفكيرهم الذي يسير وفق عملية ترديد المطروح الإعلامي دون تفحصه والتأكد من سلامة تثبته، كذلك الاتجاه اللا منطقي في قضية الربط والتعميم، إن هذا العمل التدريجي الذي ابتدأ من سنوات والمتوافق مع الاستراتيجيات الذكية للقوى الكبرى باعتبارها محمية تابعة لها قد أنتج وعيًا مشوهًا هو أخطر من الجهل، كما إن تصدر هؤلاء للمشهد الثقافي  ساعد  في ترسيخ هذه المفاهيم، لذلك نحن نعيش في ظل التطبيع الشعبي لا الحكومي، وهي مرحلة أخطر حتى من نشوء الكيان الصهيوني ذاته، لأنها تنطوي على تغييب كامل للقضية الفلسطينية وهيكلة جمعية للذاكرة العربية، والأشد من ذلك الاقتناع بإن الخنوع للكيان الصهيوني  دبلوماسية!.

في الختام ولدت وستولد لدينا طبقات شبابية تبلور لديها مفهوم معاكس بل لا إنساني من حيث لوم الضحية على مقاومته وتثمين دور المعتدي على شراسته، وهو ذروة مراحل العهر، وهم بذلك  بلغوا من الدونية التي تنحدر لقاع الخيانة  دون إن يعلموا حتى، ولايمكن لهم إن يعلموا، لأنهم لايفكرون فأفكارهم مستنسخة من الطروحات الإعلامية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد الخالصي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/14



كتابة تعليق لموضوع : الأخطر من عمليات التطبيع الجارية والسابقة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net