صفحة الكاتب : محمد تقي الذاكري

قصة المارشال تيتو
محمد تقي الذاكري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في دورة تدريبية مع مجموعة من الطياريين العراقيين ذهبنا الى يوغسلافيا وذلك بعد ان حصل العراق على الطائرات والمعدات الحربية الروسية، وبعد انتهاء الدورة حصل لنا الشرف بلقاء المارشال جوزيف بروز تيتو والقيادة الثورية التي نجحت في تغيير النظام في ذلك البلد.  

 وفي اللقاء طلب منّا المارشال ان نختار هدية تذكارية، وبما ان مجموعتنا كانت هي الاولى من الطيارين العراقيين ،قررنا ان لانطلب شيئاً دنيوياً، بل العكس طلبنا منه ان ينقل لنا تجربته الشخصية في سبيل نجاح الثورة.  

 استكبرنا وقال: لم اتصور منكم هذا الطلب، وبما انكم اول دفعة من الطيارين، سأنقل لكم أهم حدث في الثورة، ومن خلال قصتي ستعرفون طريقكم في المستقبل. 

 قال: انا بصفتي قائد الثورة (ورئيس المقاومة اليوغسلافية، ومؤسس حركة عدم الانحياز)، ورئيس الوزراء المقال كبرنا وترعرعنا في نفس البلد، وفي الثورة ايضاً، وكنا اصدقاء بما للكلمة من معنى.  

   

 حتى نجحت ثورتنا واستلمنا امور السلطة وبدأنا مشوارنا الطويل في الاصلاح، الا اننا فشلنا في خدمة البلد والشعب في الفترة الاولى، ولاندري من اين جاء الفشل، وأين هي الثغرات.  

   

 حتى وصلتني برقية من الاتحاد السوفيتي تفيد بوجود جاسوس في اعلى مستويات قيادة الثورة.  

   

 اجتمعت مع صديقي رئيس الوزراء و وضعته في الصورة، وتناقشنا فترة، ومن ثم ابلغنا مجلس الوزراء و وزير الأمن  بالامر وطلبنا منه التحقيق وكشف الموضوع.  

 وبعد ايام أبلغنا الوزير بأن البرقية غير دقيقة، وان المسؤولين كلهم شرفاء ومعتقدين بالثورة وباذلين جل جهدهم لخدمة البلد.  

 ابلغنا السوفيت بنتيجة التحقيقات.  

 وبعد ايام وصلتني برقية سرية تفيد بان الجاسوس في مجلس الوزراء(!).  

 اجتمعت مع رفيق دربي رئيس الوزراء وابلغته بذلك وطلبت منه التحقيق في الأمر.  

 وكانت النتيجة كسابقتها وكتبنا التقرير المفصل الى الدوائر المختصة في روسيا.  

 حتى استلمت برقية مكتب عليها ثلاث مرات (سرية للغاية).  

 وفيها ما ادهشني، طار عقلي، اخذت أمشي في غرفتي اكثر من ساعة، والغيت كافة المواعيد، حتى مع اقرب الاقربين، ولم اجيب على هاتف زوجتي التي كنت احبها حباً اكثر من العشق.  

 ثم قررت مفاتحة الجاسوس بنفسي، طلبت صديقي ورفيق دربي رئيس الوزراء وسلمته البرقية.  

 لم يندهش، ولم يستغرب، بل طلب مني الأمان ليوضح ملابسات الموضوع.  

 اعطيته الأمان، هو وزوجته وامواله التي اكتسبها من خلال الثورة والسلطة، ولاولاده والمقربين منه، بشرط ان يكشف لي التفاصيل، وضمنت له ان لا افضحه في الاعلام، وان يختار البلد الذي يريد الذهاب اليه وينقل ممتلكاته واسرته اليها. 

 نعم كان رفيق الدرب و ورئيس الوزراء هو الجاسوس الذي خرّب البلد وارجعنا القهقرى وتم تدمير البلد بواسطته.  

 قال: قبيل انتصار ثورتنا، وفي الوقت الذي كنا ورفاقنا نقدم التضحيات الكثيرة و ثورتنا لم تتوفق الا اليسير، التقيت بشخص من بريطانيا ومعه رسالة شفوية متوجة بنبأ انتصارنا ونجاح الثورة إن تم التعاون بيننا، وكان طلبه طلباً تافهاً بتصوري آنذاك.   

 وبعد التفكير ابلغته بالموافقة، ونجحت الثورة مع قلة التضحيات، واستلمنا السلطة ولم نخسر شيئاً على الاطلاق.  

 رفيق دربي اعلن استقالته لاسباب صحية، وجمع ماعنده وذهب الى بريطانيا مع أهله ....  

 أتعلم ماكان نص الاتفاق ، يقول صديقي الطيار العراقي الذي اغتيل فيما بعد؟  

 أما انا، كنت مندهشاً من كلامه، حتى انني لم التفت الى سؤاله، كنت انظر الى وجهه ودموعه تتقاطر على خديه.  

 استرسل كلامه قبل أن يبكي على العراق بكاءً عالياً ولفترة غير قصيرة.  

 قال : طلبت الحكومة البريطانية من رئيس الوزراء ورفيق درب المارشال تيتو الآتي:  

 عليكم انتخاب الوزراء والمدراء العامين، وعلينا تعيين مكان مسؤولياتهم من الوزارات و...  

 وعراقنا اليوم، هل من اتفاق ؟  

 النتيجة نفس النتيجة، ومن المستحيل ان تكون هكذا نتائج من دون اتفاق، فهل يخرج الينا مارشال تيتو العراقي لينهي زمن العمالة المؤدية الى تحطيم البلد؟  

 أو هل سنترحم على الديكتاتور الذي اوصل البلاد الى هذه الحالة.  

 اللهم عفوك عفوك.  

   
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد تقي الذاكري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/01



كتابة تعليق لموضوع : قصة المارشال تيتو
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net