صفحة الكاتب : شعيب العاملي

38. الجُمُعَة.. عيد الولاية المظلوم!
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
أيامٌ ثلاثةٌ اشترك فيها (المسلمون).. جعلها الله لهم عيداً.. الفِطر والأضحى والجمعة.
 
وعيدان آخران انفرد بهما (المؤمنون).. عيد الغدير وهو (أَعْظَمُهَا وَأَشْرَفُهَا)، وعيدُ الغدير الثاني يوم فرحة الزهراء وهو (يَوْمُ فَرَحِ الشِّيعَة)..
ولئن ساغ أن يوصف هذان العيدان بأنّهما (عيدا الولاية) أو (عيدا الولاية والبراءة) فقد حقَّ أن يكون عيد الجمعة ثالثهما!
 
فقد روى الشيخ الكليني رحمه الله في الكافي الشريف عن أبي جعفر الباقر عليه السلام:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: كَيْفَ سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ؟
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَهُ لِوَلَايَةِ مُحَمَّدٍ وَوَصِيِّهِ فِي الْمِيثَاقِ، فَسَمَّاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِجَمْعِهِ فِيهِ خَلْقَهُ (الكافي ج‏3 ص415، وقريب منه ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي ص688).
 
وإذا كان الله تعالى قد اختار هذا اليوم من بين سائر الأيام كما في الحديث:
إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَيْئاً فَاخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (الكافي ج‏3 ص413)..
 
فلا عَجَبَ أن يكون قد اختاره لأجل ولاية محمدٍ ووصيّه عليهما السلام، أو (وَلَايَةِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ)..
وهل مِن أمرٍ أعظَمُ من أمرِ الإمامة والولاية؟!
 
ولا عَجَب حينها أن تكون ليلة الجمعة: غَرَّاء، وَيَوْمُهَا يَوْمٌ زَاهِرٌ.. كما عن الباقر عليه السلام..
وهل أزهرت الدنيا بغير أنوار محمد وآله الطاهرين؟!
 
حقَّ حينها أن يكون يوم الجمعة: عِيد الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى! (الخصال ج‏2 ص394)
 
عيدٌ أفضلُ من الفطر والأضحى لكنّه صارَ مظلوماً كسادات الوجود، سُمّي بالجمعة لأنّ الله جمع الخلق فيه لولايتهم عليهم السلام، ثم صار مجهول القدر كحالهم!
 
يحتفلُ المسلمون بعيدي الأضحى والفطر، وقد يستذكرون بعضاً من فضل يوم الجمعة.. لكنهم لا يجعلونه عيداً كسائر الأعياد، وكأنّهم يتناسون حقيقة فضله، ويغيب عنهم ما خصَّه الله به، مع أنّ الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله قد قال فيه: إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّام‏ (الكافي ج‏3 ص414)..
 
هكذا هي ظلامة العترة الطاهرة..
ظُلِموا في حياتهم وبعد موتهم.. في أعيادهم وأحزانهم..
فجلُّ من اهتمّ بيوم الجمعة من المسلمين نسي عترة الرسول صلى الله عليه وآله فيه!
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ، وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقَّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِين‏..
 
هي فقراتٌ من زيارة المولى أمير المؤمنين عليه السلام، الذي غُيِّبَ قدره واستُخفَّ بكلّ ما له صلة به، حتى يوم الجمعة..
وكان حرياً أن يكون: عيد الولاية الثالث.. عيدُ جَمعِ الناس في الميثاق لولايتهم..
 
لقد وردت أعمالٌ كثيرةٌ عظيمة الشأن جزيلةُ الثواب في يوم الجمعة..
 
ومن ذلك مُستحبّاتٌ في البدن.. كاستحباب الغُسل فيه، والتزيُّن والتطيب ولبس أنظف الثياب، وتسريح اللحية، وتقليم الأظافر..
ومستحبّاتٌ مع الأهل.. كإطرافهم بشيء من الفاكهة واللحم كي يفرحوا بالجمعة.. وغيرها من المستحبات..
 
لكن الذي يناسب كونه سيّد الأيام، وكونه يوماً يجمع الله فيه الخلق على ولايتهم، أن يكون أفضلُ الأعمال فيه مرتبطاً بهم..
 
فما أهمّ عبادة وعملٍ يوم الجمعة يا ترى؟
 
لقد روينا عن الباقر عليه السلام قوله:
مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ يُعْبَدُ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (الكافي ج‏3 ص429).
 
وعن الصادق عليه السلام قوله: مَا مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (الخصال ج‏2 ص394).
 
ههنا خصّكم الله أيُّها الموالون لآل محمد بأن أرشدكم لخيرِ الأعمال في سيّد الأيام، حيثُ تنزلُ: مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَمَعَهَا أَقْلَامُ الذَّهَبِ وَصُحُفُ الْفِضَّةِ، لَا يَكْتُبُونَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ص (من لا يحضره الفقيه ج‏1 ص424 عن الصادق عليه السلام)
 
أنزل الله تعالى ملائكةً يكتبون صلواتكم أيها الشيعة بأقلام الذهب.. ليس لهم عَمَلٌ سوى كتابة ذلك تمهيداً للثواب العظيم..
 
وقد وعد رسولُ الله صلى الله عليه وآله بقضاء حوائجكم.. في الدنيا والآخرة، فعنه (ص):
مَنْ صَلَّى عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِائَةَ صَلَاةٍ قَضَى اللَّهُ لَهُ سِتِّينَ حَاجَةً: ثَلَاثُونَ لِلدُّنْيَا، وَثَلَاثُونَ لِلْآخِرَة (ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ص156)
 
لا تُقبل الصلاة عليه صلى الله عليه وآله إن لم يقترن الآل بها، ومن لم يوالهم كان محروماً من كل ذلك الفضل، بل كان محروماً مما هو أعظم من ذلك..
 
لقد روينا عن الصادق عليه السلام قوله: 
وإن المصلي على النبي وآله في ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة (المقنعة ص156)
 
اكتسب المؤمن نوراً من صلاته على الأنوار المعصومين، فصار نوره يزهر في السماوات، ليس يوم الجمعة فحسب، بل إلى يوم الساعة!
هو عالَمٌ غريبٌ عنا لا نعرف عنه شيئاً.. سوى ما نقله لنا الاطهار.. وكلامهم حقٌّ ونورٌ..
 
أيُّ منزلةٍ أعطاها الله تعالى لمحمد وآله عليهم السلام، حينما جعل لمن صلى عليهم من أهل الإيمان نوراً يزهر في السماوات؟!
 
طبتم وطاب مُحبكم يا سادتي.. وفزتم وفاز متّبعكم والمصلي عليكم..
وكيف لا يفوز وقد روي عن الصادق في حق المصلي عليكم ليلة الجمعة: وان ملائكة الله عز وجل في السماوات ليستغفرون له، ويستغفر له الملك الموكل بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن تقوم الساعة.
 
السلام عليكم يا آل بيت رسول الله..
من اتّبعكم فالجنة مأواه.. ومن خالفكم فالنار مثواه..
 
اللهم ثبّتنا على ولايتهم في خير أيامك وفي كلّ يوم..
واجعلنا ممن عرفَ حقّ هذا اليوم.. يوم خروج وليك القائم.. ويوم قيام الساعة.. إنك سميع مجيب..
 
والحمد لله رب العالمين
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/05



كتابة تعليق لموضوع : 38. الجُمُعَة.. عيد الولاية المظلوم!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net