اللغة ثقافة وحضارة
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اللغة لصيقة بالفرد لأنها تولد معه ، بل هناك دراسات تقول أن الطفل يسمع الأصوات ومنها أصوات الألفاظ قبل أن يولد ، وإذا كانت لصيقة بالفرد فهي لصيقة بالمجتمع والأمة ؛ لذا فاللغة الحية تكون لأمم حية ، فحين تسود الأمم تسود لغاتهم معهم وتبقى اللغة في تلك المجتمعات وإن انحصر نفوذ تلك الأمم أو ضعف سلطانها .
- الأمم الحية تعاند كثيراً في قبول لغة الآخر لأنها تشعر بالأفضلية والاعتداد بالنفس وتحذر أبناءها من الانسلاخ أو التماهي في ثقافة ولغة الغير وإن غزاها ؛ فمن يسود بالجيش والقوة ليس كمن يسود بالعلم والدين والحضارة فالأول يبطش ويُرهِب فينال ما ينال من مظاهر الأشياء ، والثاني يكسب الود والقلوب فينال من عقول الناس وطرق تفكيرهم حتى يكون لهم أسوة وقدوة .
- في عهد النظام الديكتاتوري السابق منع تسمية المحلات التجارية بأي اسم اجنبي حفاظاً على اللغة العربية ومنعاً ( للتسلل الثقافي الغربي ) ، وأياً كانت نوايا السلطة في حينها فهو نوع من الممانعة ضد الغزو الثقافي واعتداد بما لدى الشعب من هوية ولكنه اعتداد ظاهري لا ينطلق من قناعة .
- حين يُجيز القانون أن نُسمي محالنا ومعاملنا وأسماءنا ما نشاء وتمتنع السلطات عن محاسبتنا حينها نكتشف مدى اعتدادنا بحضارتنا وهويتنا وارثنا الثقافي ، اعتدادنا بلغتنا ، لغتنا التي هي لغة القرآن وعنوان الإسلام الذي يدين به ربع سكان المعمورة .
- لهفتنا ولهاثنا خلف الاسماء الاجنبية التي باتت تغزو أسواقنا تكشف عن أزمة كبيرة نعيشها ، علينا أن نصارح أنفسنا لحلها ، أزمة تكشف عن حجم الإحباط الذي يصيبنا جراء الفجوة الكبيرة بيننا وبين الغرب في مجال العلوم والتكنلوجيا والقدرات والامكانات على مختلف الصعد .
- قد يعد البعض ذلك مبالغة لاداعي لها وتهويل لظاهرة عابرة أشبه بالموضة مستدلاً بذلك على الملايين التي تؤدي طقوسها الدينية كل عام ، ولكن التدقيق بما يرافق هذه الظاهرة من سلوك وأفكار تُنشَر يؤكد وجود مشكلة بهذا التأسي وأنه يمضي بوتيرة تصاعدية ، يستدعي حلولاً واقعية من المختصين بشأن التربية والتعليم والتوجيه على الصعيدين الحكومي والأهلي .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat