صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الثَّامِنَةُ (٢٠)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ}.

السَّبب الرَّابع للخلافاتِ التي ليسَ لها حلولاً، هي ظاهرة تآمر بعض الفُرقاء ضدَّ البعضِ الآخر في الجماعةِ الواحِدة، وهو الأَمر الذي يُدمِّر الثِّقة بينهُم ويزيدُ من حالاتِالظَّن والتَّشكيك ما يحولُ بينهُم وبينَ الإِتِّفاق على حلُولٍ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِيإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.

وفي هذهِ الحالةِ تتحوَّل المجموعةِ إِلى [أُذن] يسمعُ بعضهُم الدَّعايات والتُّهم ضدَّ البعضِ الآخر من دونِ تثبُّت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنتُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.

فيستحكم سوء الظَّن في الجماعةِ ويذهبُ حُسنَ الظَّنِّ الذي يصفهُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) في عهدهِ للأَشتر {إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلًا} في مهبِّ الرِّيح.

ويشيعُ الظَّن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚوَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.

إِنتبِهُوا إِلى أَنَّ المُخاطب في الآيتَينِ هُم [المُؤمنُون]!.

وقتها ينقلبُ الإِيثار {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚوَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} إِلى استئثار {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِى يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُسَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} والتَّمكينُ كما يصفهُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) [تُصادفُ اللَّيلة ذكرىاستشهادهِ في محرابِ الصَّلاة في مسجدِ الكوفة عندَ صلاةِ الفجرِ على يدِ عدوِّ الله المُجرم عبد الرَّحمن بن مُلجم عام (٤٠) للهجرةِ] {وَأَيُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَجَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَرَأَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلًا فَلْيَذُبَّ عَنْ أَخِيهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ} إِلى تربُّص {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌمِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ}.

هذهِ الحالات إِذا مرَّ عليها الوقت فستتحوَّل إِلى سببٍ لعدمِ تحمُّلِ أَحدٍ لمسؤُوليَّاتهِ إِذا ما وقعَ السَّيفُ بينَ صفُوفِ الجماعةِ الواحدة، تحتَ شِعار [إِمساك العصا منالوسط] وهي النظريَّة السَّخيفة التي ما أَنزل الله تعالى بها من سُلطانٍ ورفضها القُرآن الكريم، لأَنَّ الموقِف مسؤُوليَّة والمسؤُوليَّة يُحاسبُ عليها المرءُ فهي لها آثارٌ وضعيَّة فيالدُّنيا ويومَ القيامةِ {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْـُٔولُونَ}.

في هذهِ الآية لا معنىً لنظريَّة [إِمساكُ العصا من الوسط] يقُولُ تعالى {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِيتَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

لا معنىً لموقفِ المُتفرِّج، وإِذا كانت الأُمور مُلتبسةً عليكَ فواجبُكَ أَن تستَوضحَها في أَسرعِ وقتٍ أَو أَنَّك مُسرِفٌ!.

مخبُولٌ مَن يتصوَّر أَنَّ بإِمكانهِ أَن يفلِتَ منها {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقولهُ تعالى {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًايَلْقَاهُ مَنشُورًا} وقولهُ {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَايَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}.

السَّببُ الخامس؛ هو طُغيان البعض في الجماعةِ بمُجرَّد أَن يُحقِّقَ بعض النَّجاحات فيسعى لفرضِ إِراداتهِ بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكال والتي تتحوَّل شيئاً فشيئاً إِلى نَوباتٍ[ثوريَّةٍ] وهزَّات وبراكين تنتهي إِلى تمزقِ صفُوف الجماعة.

يقُولُ تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ}.

وهذا سببهُ ضَعف الإِيمان بالعملِ الجمعي والنُّزوع إِلى التنمُّر والتسلُّط والأَنانيَّة المُفرطَة.

حلُّهُ في القانُون الذي يلزم أَن يَكُونَ حاكِماً في علاقاتِ الجماعةِ وفي طريقةِ ترتيبِ مواقعِ المسؤُوليَّات.

قالَ تعالى {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} و {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا}.

إِنَّ أَي تجاوُز للحدودِ والقوانين المُنظِّمةِ للعلاقاتِ يُعدُّ ظلماً {ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فقدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.

والجماعةُ الفَوضويَّة التي لا يُنظِّم القانُون علاقاتها والتزاماتها وطريقة حساب النَّجاح والفشل لهِيَ جماعةٌ تُبطن عوامل التَّدمير الذَّاتي ولَو بعدَ حينٍ.

كما أَنَّ اعتماد [الإِنصاف] و [العقلانيَّة] و [العلميَّة] في التَّعامُل مع القانُون يُساهم في التَّوصُّل إِلى حلُولٍ {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْأَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}.

*يتبع..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/02



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الثَّامِنَةُ (٢٠)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net