“مدرسة عدل علي”.. الحفاظ على حقوق الغير وتجنب كل ألوان الظلم
السيد فاضل علوي آل درويش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إنها العدالة التي خطها أمير المؤمنين بأنامله الشريفة؛ ليقدم نموذجا رائعا وفريدا للبشرية لتتجه نحو العلياء والسمو الروحي بعيدا عن الظلم والأحقاد.

الإنسانية المكرمة في الفكر والمشاعر والعطاء والتكافل والحنو على الضعفاء تجسدت في أعلى درجاتها في شخص أمير المؤمنين ، والذي كان أروع مثال في تطبيق طريق الفضيلة والتفاني، لقد أسلم علي نفسه لله عز وجل فبذل عمره الشريف في كل تنوعاته وتقسيماته لرضا المعبود، لم تكن العبادة عنده تقتصر على المصداق الأبرز من الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم، بل كانت كل كلماته وسكناته وحركاته عبادة يقصد بها وجه رب العالمين، ففي منطقه الحكيم الذي يقدم للناس تلك التوجيعات التربوية والفكرية ميدان عبادي يقصد به إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، وهذا الكنز الثمين بين أيدينا – وهو نهج البلاغة – يحتوي على لآليء ثمينة حري بكل واحد من السائرين على نهجه أن يتقلد إحداها تدبرا وفهما وتطبيقا، فهذا التراث المعرفي لم يكن لمجرد القراءة والاطلاع، بل هو منهج تطبيقي لا غنى عنه في تهذيب وتربية أنفسنا وأبنائنا على حب الكمال والصفات الحميدة.

وعلي في عبادة حينما يعتلي منبر التنوير والمعرفة فينهل منه تلاميذه ويغرفون من معينه العذب، وهو في عبادة حينما يتفقد أحوال الآخرين ويسأل عن شئونهم، فلا غنى لأحد عن نظراته الرحيمة ويده الحانية وكلماته الرقيقة التي ترفع عن المحتاجين واليتامى ألم الحرمان، وعلي في عبادة حينما يضحي بنفسه في سوح الوغى دفاعا عن بيضة الإسلام ودفعا لمكر أعداء الله عز وجل، فما راعه الموت يوما بل رسم في مخيلة الناس كلها اسمه بالرعب وارتعاد الفرائص في ساحة القتال، إنه بحق التحفة الإنسانية المهداة لجميع البشر ليتأملوها ويستلهموا الدروس والعبر من سيرته الغراء.

وكفانا تعريفا بشخص ومكانة أمير المؤمنين ما ورد على لسان أفضل الخلق النبي محمد ﷺ حينما جعله ميزانا للعدل والحق، فقال ﷺ: علي مع الحق والحق مع علي»، نعم فتجسيد وتطبيق مباديء وقيم الدين الحنيف لا تفارق أبدا ظلال علي ، وجعله ﷺ مع بقية العترة الطاهرة عدل القرآن الكرين حينما قال: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، فهو القرآن الناطق العالم به والعامل به والمعرف بأحكامه ومعانيه، فهو من الراسخين في العلم الذين وعيت أفهامهم المقاصد القرآنية.

كما أن سيرته تبين مقامه الرفيع وتحليه بالقيم والأخلاق بأعلى مستوياتها، فهو باب مدينة العلم والحكمة التي حوت علم رسول الله ﷺ وكان الوعاء الذي يتلقى منه المعارف، ولقد كان في عدله مدرسة أعطت الدروس في الحفاظ على حقوق الغير وتجنب كل ألوان الظلم، وفي سوح الوغى فهو ذلك البطل الصنديد الذي حمل روحه بين يديه دفاعا عن الحق والقيم الإسلامية، وقد صرع بسيفه الأبطال الشجعان فكانت ضرباته الآحاد علامة على الطرف المقاتل الآخر.

لم يكن يوما أمير المؤمنين يمايز في التعامل بين الناس على أساس عنصري أو طبقي، بل كان يتعامل وفق المبدأ الإنساني فلا فرق عنده بين واحد وآخر إلا على أساس الحق وحفظ الحقوق، فيأمر بالعطاء من بيت مال المسلمين لكل محتاج وفقير بغض النظر عن انتمائه، بل وكان منصفا حتى مع أعدائه فما حركه يوما الهوى أو العاطفة الحاقدة العمياء – حاشاه -، وفي تعامله مع قاتله ابن ملجم ما يدل على الروح الإنسانية العالية عنده، فإنه أمر بأن يكون طعامه من نفس الطعام الذي يقدم له ، كما نوه على ترك روح الانتقام الأسود في التعامل معه إن هو استشهد، بل قال : فإن مت فإنما هي ضربة بضربة، أي يمنع التعرض لابن ملجم بالتمثيل والتشفي منه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد فاضل علوي آل درويش

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/07



كتابة تعليق لموضوع : “مدرسة عدل علي”.. الحفاظ على حقوق الغير وتجنب كل ألوان الظلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net