صفحة الكاتب : احمد الخالدي

أبو عبد الله الجعفري المصري: أفضلُ الطرق في الدعوة الى التشيع هي بالتعريف بمقامات أهل البيت عليهم السلام
احمد الخالدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد أن كان سلفياً متشدّداً صار موالياً لأهل البيت عليهم السلام 
 الموالي أبو عبد الله الجعفري المصري:
أفضلُ الطرق في الدعوة الى التشيع هي بالتعريف بمقامات أهل البيت عليهم السلام
حاوره: أحمد الخالدي
 حين تتضح الرؤية، وتتفتح البصيرة بسطوع مصباح الحقيقة، وتتوغل أشعته الى زوايا النفس البشرية، تتحدد لذلك الإنسان أبعاد الطريق، ويرى بنور تلك البصيرة بداية السبيل، ويعلم الى أي شيءٍ ينتهي فينشىء العزم على سلوكه لاطمئنانه للغاية التي سيصل إليها، وهذا ما حصل مع الموالي المصري (أبو عبد الله المصري) الذي كان من أشدِّ المخلصين للتيار السلفي، بل كان من أبرع الدعاة اليه.. فقد كان سلفياً (لحدِّ النخاع) كما يعبِّر هو عن نفسه، ومدرّساً لعقائد السلفية، وعضوا منظماً وقيادياً في الجناح العسكري لجماعة الاخوان المسلمين.. فتح اللهُ له طريقاً إليه ليستنقذه من الظلمات، وليزجّه في رحاب النور.. صدى الروضتين التقته في صحن أبي الفضل العباس(ع) فكان هذا الحوار:
صدى الروضتين: لماذا تُلقِّب نفسك بالجعفري؟
نحن سادة يرجع نسبنا الى الإمام جعفر الصادق(ع) من قرية(الجعافرة) في محافظة(اسوان)، هناك قرية قريبة من قريتنا تُسمّى بـ(العقايلة)، وهم ينتمون الى أحد أحفاد مسلم بن عقيل، حيث جاء معه ابن الإمام جعفر الصادق(ع) إلى مصر وأقاموا فيها، ومن هناك صارت القريتان تُسميان بـ(العقايلة والجعافرة) وهذا اللقب انما هو نسبة لقريتنا(الجعافرة).
صدى الروضتين: كيف كانت بداية تحولكم من العقيدة السلفية الى التشيع؟
 بتقدير من الله سبحانه وتعالى اجتمعت باثنين من الإخوة المؤمنين من المذهب الشيعي، وكان لابدّ لي من البقاء معهم، وبعد أحاديث ونقاشات طويلة معهما عن السنة والشيعة، وعن التربة والولاية والتبري والتولي، وعن كلِّ الأمور التي يختلف فيها أبناء المذهب الشيعي عن المذاهب الأخَر, وكنت أناقضهما بشدة، وكان يحصل بيننا اختلاف شديد ينتج عنه ارتفاع أصواتنا، وقد كنت أكفّرهم..! 
وفي يوم من الأيام قرأت هذه الآيات من سورة الكهف وكأني اقرأها للمرة الأولى وهي: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) الكهف:103-106, فعند قراءتي لهذه الاية كأني لم أقرأها قبل هذا اليوم, فأخافتني بشدة معانيها, وعلى إثر ذلك دعوت الله سبحانه في ذلك اليوم، وأنا حين أدعو ربي لا أستخدم اللغة الفصحى وغير ذلك، بل أخاطبه بعفوية تامة، وهكذا تعودت طوال حياتي فقلت له: (يا رب ليس من المعقول أن أدعو لك الناس أربعين سنة، وأعمل على تحفيظ القرآن، وأدرس الحديث، وأعلم الناس، وأجمع الشباب، وأدعوهم الى طاعتك، ووصل بي الأمر أني كنت من الناشطين في جماعة الاخوان المسلمين، حيث كنت من المنظمين للجناح العسكري فيه ثم من القياديين.. يارب ليس من المعقول أن هذا الجهد كله لمدة أربعين سنة يكون على لا شيء..! فيا رب استحلفك بحبك لمحمد(ص) إذا كان هذا الدم الذي يجري في عروقي هو دم رسول الله(ص) وعزيز عليك، فأرني الحق من الباطل, أين هو الحق يا رب).
 فنمت بعد ذلك وتراءى لي فيما يتراءى للنائم، فرأيت نفسي في غرفة مظلمة حتى أنك لا ترى يديك من شدة ظلامها، وأنا جالس في أحد أركانها، وفجأة رأيت نوراً داخلاً الى الغرفة من الباب، وكان ذلك النور هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، فنظر إليّ الإمام نظرة معنوية، وابتسم لي ابتسامة خفيفة ولم يتكلم معي، وذهب الى ركن من الغرفة فيه تراب دون سائر أنحاء الغرفة التي كانت مفروشة بالسجاد، وقام يصلي فأسبل يديه في الصلاة, فاعتبرت صلاته(ع) علامة لي بمعنى (أن هؤلاء الناس الذين يصلون بهذه الطريقة هم أهل الطريق الصحيح), وبعد أن هداني الله ونويت اعتناق التشيع، رأيت في المنام جدتي فاطمة الزهراء(ع), حتى أن رفاقي الشيعة تعجبوا لما رأوني أقف معهم للصلاة وأسألهم أن يعلموني كيف أصلي وفرحوا فرحاً شديداً.. ومنذ ذلك اليوم بدأت أدرس الفقه الشيعي، وأدرس حياة الأئمة عليهم(ع)، واطلع على قصصهم وتراثهم وكراماتهم وأحاديثهم، وكل ما يتعلق بهم(ع).
صدى الروضتين: كيف تنظر الى النصوص الواردة في حقّ امير المؤمنين علي(ع)؟
كنت سلفياً (لحدِّ النخاع)، وكنت أنا مدرساً للمنهج السلفي وللعقيدة الطحوية، وأدرس علم الجرح والتعديل وعلم الحديث، وكنت أدرس كتب ابن تيمية، ومن أهمها كتاب (منهاج السنة النبوية في فضح الشيعة والرافضة)، وبعد ان قرأت كتب أهل البيت وحياتهم وكلماتهم(ع) أيقنت بسطحية عالم مثل ابن تيمية (وهو لا يستحق لقب عالم). وعندما كنت أقرأ بعض الأحاديث الموجودة في كتب السنة والتي صححها الألباني (وهو أحد كبار علماء السلفية)، وجدت أن رسول الله(ص) قد نصّ صراحة على الولاية، فمثلاً: ينقل الألباني هذا الحديث عن رسول الله(ص): (من أراد أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل جنّة عدن التي غرسها اللَّه ربّي بيده، فليتولَّ عليّ بن أبي طالب(ع))، وهذا حديث واضح جداً حول الولاية، وهناك عشرات الأحاديث التي تنصّ صراحة على إمامة علي(ع) وولايته مبثوثة في كتب السنة وصحاحهم: كحديث الثقلين الذي ترويه كلُّ كتب الصحاح.. ورغم ذلك لم نكن نقرأ هذه الأحاديث، وبل لم نكن نعلم بوجودها، رغم أني كنت من الباحثين والقارئين، وكان لي أكثر من لقاء مع الألباني.
صدى الروضتين: كيف يتلقى السلفي الحديث الشريف، وكيف يتعامل معه؟
إن عقلية السلفي حين يقرأ حديثاً أو تفسيراً لآية من القرآن الكريم في كتاب حفظها مثلما وجدها، ثم يبدأ هو بتعليمها للناس, وعنده هذا هو الحق وخلافه هو الباطل، ولا يترك مجالاً للنظر الى الوجهة الأخرى، وقد أغلقت عقولهم على مجموعة من الأفكار, وهم تنطبق عليهم هذه الآية: (قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ).
وقد وفقني الله سبحانه وتعالى أن أعمل بالدعوة الى محبة مذهب أهل البيت(ع)، ولكن بطريقة مختلفة، حيث لا أخاطب الطرف الآخر على اعتباره مخطئاً أو منحرفاً، بل بمجاراته ومسايرته وتعريفه خطوة بخطوة بمقامات أهل البيت(ع)، فأفضل الطرق في الدعوة الى التشيع هي بالتعريف بمقامات أهل البيت(ع)، وقد هدى الله تعالى على يدي أكثر من ستة وثلاثين شخصاً دخلوا في رحاب محمد وآل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد الخالدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/13



كتابة تعليق لموضوع : أبو عبد الله الجعفري المصري: أفضلُ الطرق في الدعوة الى التشيع هي بالتعريف بمقامات أهل البيت عليهم السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net