صفحة الكاتب : عبد الناصر السهلاني

وقفة مع السيد كمال الحيدري في قوله: " ان أمير المؤمنين لعن الحسن " !!
عبد الناصر السهلاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

في مقابلة للسيد الحيدري في اطار نقده للمنهج الاخباري والتعريض بعلماء الشيعة من الاخباريين من جهة قطعهم بصدور الروايات في الكتب الحديثية الاربعة والتي تعد المصدر الرئيسي لتراث اهل البيت (عليهم السلام)، وهي (الكافي، من لا يحضره الفقيه، تهذيب الاحكام، الاستبصار) ومن ادلتهم على رأيهم هذا هو شهادة مؤلفي الكتب بانهم نقلوا الروايات الصحيحة في كتبهم هذه.
هذا الرأي للاخباريين لا يوافق عليه الاصوليون الذين هم الاغلب في عصرنا الحاضر وهم الذين يمثلون الحوزات الشيعية في النجف وقم وغيرهما بعد ان تراجع حضور من يمثل المنهج الاخباري كثيرا عما كان عليه سابقاً

اشكالنا على الحيدري ليس في مخالفته لرأيهم علمياً فلا مشكلة في ذلك فاغلب علماء الامامية في هذا العصر ايضا يخالفهم والسيد الخوئي (طاب ثراه) ناقشهم نقاشاً موسعاً في هذه النقطة في الجزء الاول من كتابه معجم رجال الحديث.
ولكن اشكالنا على الحيدري في تدليسه واخفاء المعلومات المتعلقة في المسالة وطرحها مبتورة للناس وتسييرها باتجاه احتمال واحد يريده هو من اجل توظيفه لاثبات مقالته بان التراث الشيعي مخترق وفيه روايات تسيء الى الائمة (عليهم السلام) وان بعض الشيعة يوافقون على ذلك.
فلم يكن اعتراضه موضوعيا علميا بل كان أسير نفسه العدائي اتجاه العلماء وغرامه في التهويل.
وما نريد ان نناقشه ذكره السيد الحيدري من الدقيقة 40 الى الدقيقة 44 من الحلقة العاشرة من مجموعة حلقات موسومة بـ (فكر السيد الحيدري): ورابط الحلقة المرئية من موقع السيد الحيدري هو:
http://alhaydari.com/ar/2018/02/64896/

واما الرد على مقالته الفاسدة: بأن (الامام امير المؤمنين لعن الامام الحسن!!!) نجعلها في نقاط:
🔹 أولا: ان علماء الشيعة من الاخباريين امثال الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة، والعلامة المجلسي صاحب كتاب بحار الانوار، وأمثال المحقق البحراني احب الحدائق الماظرة، وغيرهم من الاعلام، هم من علمائنا الكبار الذين لهم فضل كبير على العلم والعلماء بما حفظوه من تراث اهل البيت (عليهم السلام)، وأثروه علمياً وتحملوا المشاق في هذا السبيل، وانصافا انهم عندما قالوا بقطعية صدور الاحاديث فانه لا يعني بنظرهم ان كل رواية يجب الاخذ بها فهم يؤمنون ان بعض الروايات قالها الائمة تقية من الاعداء، وبعضها كانت لظرف خاص لا نعرف ملابساته وهكذا، وما لا يعرفون تفسيره يقولون نرد علمه الى الائمة (ع) ونتوقف في حجيته، ويأولون بعض الاحاديث التي ظاهرها غير منسجم مع العقيدة تأويلا عرفياً مقبولا بحسب القواعد العامة والموازين العقلائية، فهم امامية اثنا عشرية حالهم حال باقي الامامية يؤمنون بعصمة الائمة ولايقبلون بالاخذ بظاهر اي حديث يفهم منه اساءة للائمة (ع)، بل هم من المتشددين في ذلك.

🔹 ثانيا: الحيدري كلامه كله عبارة عن استحسانات واختراعات فهو يفسر الروايات بتفسير مسيء ويخترع القصص ثم يحمّل تفسيره لهم ويهول عليهم، ويمعن في اسقاطهم بسلوك غير اخلاقي بالمرة، ولنستعرض تهويلات الحيدري بحديثه القصير هذا:  
• ادعاء الحيدري بان امير المؤمنين(ع) لعن ابنه الحسن(ع) هو كذب محض لا وجود له في الروايتين، فهو قرأ من الروايتين ما يلي:
الرواية الاولى: ((عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل يبغض كل مطلاق ذواق.))
   الرواية الثانية: ((عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عليا قال وهو على المنبر: لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق،...))
فأين اللعن فيهما؟!!
• اثناء قراءته للرواية اخترع سبب كثرة الزواج من عنده عندما عزاه الى القضايا الشهوية الجنسية، فهل ذكرت الروايتين هذا الامر؟! كلا بل هذا فهم الحيدري الشخصي الذي يريد ان يسقطه على الرواية وكانه حقيقة لا تحتمل الخلاف!!!!
• عندما وصل في قراءته للرواية الى قوله: ( وهو على المنبر) اخترع من عنده قصة محاورة ان امير المؤمنين قال للحسن: (يابه لتزوج وتطلق هاي متناسب اهل البيت، والحسن مسمع منه، فاضطر لفضحه على المنبر !!!!) بربكم اين هذا في الرواية ؟!! فلو كان موضوعيا منصفاً لقال ان في هذا احتمالات وهذا ما اراه في النص من الاحتمال، لا ان يجعله هو القطعي المسلم ثم يحاسب غيره عليه !!!
اذن هذه هي طريقة الحيدري التي يستعملها لادانة خصومه ومن لا يوافقهم الرأي، والطريف في نهاية حديثه ينطق بما في خبايا نفسه عندما قال: ( شنو من كيسي اطلعها) نقول له نعم كل ما صورته واخترعته هو من كيسك.

🔹 ثالثاً: اذا رجعنا الى موضع الروايتين في كتاب الكافي سنجد كل رواية في باب من ابواب الطلاق تلاحظ فيه جهة وحيثية مختلفة عن الباب الاخر، فالرواية الاولى ادرجها المؤلف مع مجموعة روايات في باب عنوانه (كراهية طلاق الزوجة الموافقة) ويعني بالموافقة الملائمة المناسبة التي لا موجب لطلاقها.
والرواية تصف المطلاق بانه ذواق اشارة الى عبثية ما يقوم به من التطليق غير المبرر وعدم مبالاته في ذلك. فمصنف الكتاب يريد هذا المعنى في عنوانه للباب، بغض النظر عن هل هو محق او لا في ادخال الرواية في هذا الباب او ذاك فكلامنا حول فهم المصنف ونيته عندما ذكر هذه الرواية.
واما الرواية الثانية لامير المؤمنين(ع) بخصوص الامام الحسن(ع) ادرجها مصنف الكتاب مع مجموعة من الروايات تحت عنوان: (تطليق المرأة غير الموافقة) فمراد المصنف هنا غير مراده هناك، فهناك الكلام عن الطلاق غير المبرر، وهنا الكلام عن الطلاق المبرر، فكيف يجوز من الحيدري ان يجعل معنيين مختلفين كحد اوسط بين قضيتين ويصنع منهما صورة قياس منطقي باطلة.
فالمغالطة التي ارتكبها الحيدري كالاتي
اوجد مقدمة صغرى وهي: الحسن مطلاق
وجاء بمقدمة كبرى كلية وهي: كل مطلاق مبغوض ملعون
فالنتيجة تكون بحذف الحد الاوسط (مطلاق) فيثبت: (الحسن مبغوض ملعون)
هذه النتيجة الباطلة سببها الخلل المنطقي والمغالطة التي قام بها الحيدري فان من شروط صحة نتيجة القياس المنطقي ان يكون الحد الاوسط بنفس المعنى في المقدمتين لا ان يكون نفسه في اللفظ فقط دون المعنى وهذا الامر يدرس في المقدمات الاولية في الحوزة العلمية.
فقياس الحيدري الاعوج نظير هذا القياس
- الاسد زائر
- وكل زائر (زائر للحسين ع) مُثاب
- اذن كل اسد مثاب ؟!!!  هكذا هي قياسات الحيدري عندما يريد ان يمرر على الناس تدليساته.

🔹 رابعاً: نأتي الى دلالة الرواية الثانية لامير المؤمنين بخصوص ولده الحسن، فنقول ان الشيعي عنده اصل مسلم به وهو امامة الامام أمير المؤمنين والامام الحسن (عليهما السلام) وعصمتهما بالافعال والاقوال وهذا الاصل لا يختلف فيه الاصولي والاخباري وبالتالي اي رواية تكون صريحة لا يوجد فيها احتمال آخر تخالف هذا الاصل ستكون مطروحة عندهم ولا يأخذون بها.
بعد ان اتضح الكلام السابق نأتي الى الرواية محل الشاهد فنقول هل وصلت هذه الرواية الى هذا الحد من الصراحة بحيث لا يمكن تأويلها او فهمها من جهة اخرى لا يكون فيها محذور عقائدي يضر بالامامة والعصمة، او اخلاقي حتى، ام ان هناك احتمالات اخرى يمكن معها تصحيح الرواية بلا محذور؟!!
الحيدري عندما ذكرها لم يقرأها بكاملها وقام باقتطاعها، والجزء المقطوع مهم في تفسيرها، والرواية الكاملة كالآتي:
((عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عليا قال وهو على المنبر: لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق، فقام رجل من همدان فقال: بلى والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وابن أمير المؤمنين عليه السلام فإن شاء أمسك وإن شاء طلق.))
فالرواية (بناء على صحة صدورها) يمكن ان تفسر بهذا النحو:
ان الناس في عهد خلافة امير المؤمنين (ع) وجدوا بعض الحرية فصاروا يتحركون ويتكلمون بلا خوف او رقيب بعد ان كان القمع سائدا في عصر الثلاثة الذين سبقوا الامام في الحكم، فاصبح الناس يلتمسون اي وسيلة لكي تكون لهم صلة برسول الله واهل بيته (ع)، ومن هذه الوسائل هي الزواج فهو احسنها في نظرهم، فكانوا يأتون الى الامام الحسن (ع) ويعرضون عليه الزواج من بناتهم ويلحون عليه من اجل تحقق هذه العلقة لعلها تستمر، ومن اخلاق الامام الحسن (ع) انه كان لا يردهم مع ابداء حبهم له، ويشهد على اهتمامهم ما جاء في ذيل الرواية الذي اقتطعه الحيدري، عندما اجابوا امير المؤمنين باصرار وقسم: (( والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وابن أمير المؤمنين عليه السلام فإن شاء أمسك وإن شاء طلق.)) لهذا الحد يريدون تحقق العلقة وان كانت مؤقتة.
بعد ادراك هذه الحيثية في المسالة فان قول امير المؤمنين (ع) يمكن فهمه ( وهذا الفهم ليس بمستحيل عقلا ) بانه من باب الرأفة بالحسن (ع) حتى يكف الناس عن مضايقته واحراجه، واما كونه مطلاقا فانه كما اسلفنا سابقا بان ليس كل مطلاق مبغوض مذموم والقرينة على ذلك عنوان الباب الذي ذكره المصنف الذي يفهم منه سبب الطلاق هو عدم الوفاق والملائمة. فهناك روايات في نفس الباب تجعل الحل في الطلاق عند عدم الوفاق.
مشكلة الحيدري انه يتعامل مع العرف في ذلك العصر كما يتعامل مع العرف الاجتماعي الآن، ويقوم باسقاط  ظروف عصرنا  على ذلك العصر من دون دراسة الظروف والعوامل التي لها دخل في تقييم السلوكيات والحوادث مما لا يصح بحال.
هذا التفسير اذا تبناه الاخباريون يكونون في حل من كل اشكالات الحيدري السابقة التي بناها على تفسيره هو للحادثة وعقلها برؤوس الاخباريين تدليساً وافتراءً ليخترع نتيجة باطلة وهو قبول الاخباريين بروايات مسيئة الى الائمة !!!! وهم براء وكل الامامية من ذلك.

والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله ابداً
وأسألكم الدعاء


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الناصر السهلاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/19



كتابة تعليق لموضوع : وقفة مع السيد كمال الحيدري في قوله: " ان أمير المؤمنين لعن الحسن " !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net