(وطافت بي الذكريات)
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
(حضوركم وفاء للشهيدات) هكذا خُتمت دعوة وجهتها عائلة ابتلاها الله بأن قدمت شهيدة وشهيد وسجينة وسجين من أولادها في عهد النظام السابق ، تعهدت هذه العائلة ببناء مقبرة رمزيةللشهيدات في وادي السلام بالنجف الأشرف ، فوجهت دعوة لحضور افتتاحها ، حضور لافت منالنساء والرجال في جوف الصحراء حيث اقيمت المقبرة المذكورة في المقبرة الحديثة . لم أكن أعلم أنالانسان بعد الستين أكثر عاطفةً وأرق حساً من ابن العشرين ، ولم أكن أعلم انه بهذا العمر قد يبكيوهو يسمع محنته من شخص آخر ، أي يبكي على نفسه ، لا أدري أهو الخيال الواسع الذي يتراكممع الأيام فيجسد تفاصيل تلك الآلام ، أم انه الإحساس بقرب الأجل وتصرم العمر وقلة العمل ، أم أنالذكريات دوماً تُشفع بالحنين فتداعب المشاعر ،وكلما تقادمت الأيام فاستذكارها يعني نبش العمقالعاطفي النقي الذي لا تصل اليه مطالب الدنيا وحاجاتها وما ترتبه من ركام مادي . فتيات بعمرالورود لم يتخطين الخامسة والعشرين من العمر ، تتلوى على اجسادهن سياط الجلادين ،تتفحصهن عيون الذئاب ، وتعبث بثيابهن أيادي العتاة ، يُنادى عليهن الى المشانق فيودعنأخواتهن في الايمان اللاتي لم يحن دورهن بعد ، ويمضين الى الموت بهدوء ووقار غير آبهات ولانادمات ، أو هكذا يُبدين ، البعض منهن ولدن داخل السجن ، وعليهن تدريب اطفالهن للفراق الذي لابد منه ، ولكن أنى لطفل لم يبلغ الثانية أو الثالثة من العمر ان يقبل بفراق امه مهما أوتي من تدريب؟ قصص كثيرة عشناها وسمعناها قبل اربعين عاماً ولكننا لم نكن نبكي ، هل كنا قساة ، كلا ، ربمالأننا لم نعرف بعد طعم الابوة والبنوة ولا مذاقها . اليوم المتحدثة تتحدث في الحفل وأنا سارح فيتساؤلاتي ، كيف لتلكم الرياحين ان تتقدم للمشانق ، ماذا كانت تقول وهي ترى حبل المشنقة الذيطالما أرهب رجالاً شداداً ؟ هل تراءت لها صورة طفلها الذي تركته عند السجينات الاخريات ؟ هلتذكرت امها أباها أخواتها ؟ وما للمرأة والمشانق ؟ ألهذا الحد كنَّ يشكلن خطراً على النظام والحكم؟ لا أظن ولكن الأعداء على صنفين ، عدو عاقل ، وعدو حاقد جاهل ، وهكذا كان صدام .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
(حضوركم وفاء للشهيدات) هكذا خُتمت دعوة وجهتها عائلة ابتلاها الله بأن قدمت شهيدة وشهيد وسجينة وسجين من أولادها في عهد النظام السابق ، تعهدت هذه العائلة ببناء مقبرة رمزيةللشهيدات في وادي السلام بالنجف الأشرف ، فوجهت دعوة لحضور افتتاحها ، حضور لافت منالنساء والرجال في جوف الصحراء حيث اقيمت المقبرة المذكورة في المقبرة الحديثة . لم أكن أعلم أنالانسان بعد الستين أكثر عاطفةً وأرق حساً من ابن العشرين ، ولم أكن أعلم انه بهذا العمر قد يبكيوهو يسمع محنته من شخص آخر ، أي يبكي على نفسه ، لا أدري أهو الخيال الواسع الذي يتراكممع الأيام فيجسد تفاصيل تلك الآلام ، أم انه الإحساس بقرب الأجل وتصرم العمر وقلة العمل ، أم أنالذكريات دوماً تُشفع بالحنين فتداعب المشاعر ،وكلما تقادمت الأيام فاستذكارها يعني نبش العمقالعاطفي النقي الذي لا تصل اليه مطالب الدنيا وحاجاتها وما ترتبه من ركام مادي . فتيات بعمرالورود لم يتخطين الخامسة والعشرين من العمر ، تتلوى على اجسادهن سياط الجلادين ،تتفحصهن عيون الذئاب ، وتعبث بثيابهن أيادي العتاة ، يُنادى عليهن الى المشانق فيودعنأخواتهن في الايمان اللاتي لم يحن دورهن بعد ، ويمضين الى الموت بهدوء ووقار غير آبهات ولانادمات ، أو هكذا يُبدين ، البعض منهن ولدن داخل السجن ، وعليهن تدريب اطفالهن للفراق الذي لابد منه ، ولكن أنى لطفل لم يبلغ الثانية أو الثالثة من العمر ان يقبل بفراق امه مهما أوتي من تدريب؟ قصص كثيرة عشناها وسمعناها قبل اربعين عاماً ولكننا لم نكن نبكي ، هل كنا قساة ، كلا ، ربمالأننا لم نعرف بعد طعم الابوة والبنوة ولا مذاقها . اليوم المتحدثة تتحدث في الحفل وأنا سارح فيتساؤلاتي ، كيف لتلكم الرياحين ان تتقدم للمشانق ، ماذا كانت تقول وهي ترى حبل المشنقة الذيطالما أرهب رجالاً شداداً ؟ هل تراءت لها صورة طفلها الذي تركته عند السجينات الاخريات ؟ هلتذكرت امها أباها أخواتها ؟ وما للمرأة والمشانق ؟ ألهذا الحد كنَّ يشكلن خطراً على النظام والحكم؟ لا أظن ولكن الأعداء على صنفين ، عدو عاقل ، وعدو حاقد جاهل ، وهكذا كان صدام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat