صفحة الكاتب : د . عادل عبد المهدي

الدولار، وهروبه بين القانون والاقتصاد
د . عادل عبد المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كتبت قبل ايام عموداً بعنوان "الدولار، ضريبة الاغنياء على الفقراء". أعدت اسباب ارتفاع الدولار لعاملين رئيسيين: وطني، لاعتمادنا على النفط والاستيراد واهتمامنا بالموازنة على حساب الاقتصاد والقطاعات الحقيقية. وعالمي، بسبب رفع "الفيدرالي" اسعار الفائدة. وقد وردت تعليقات واسئلة اهمها:

1- ان الكلام عن ارتفاع سعر الدولار بسبب رفع "الفيدرالي" غير صحيح، بدليل ثبات اسعار عملات دول الخليج؟

والجواب، ان ثبات اسعار عملات الخليج يعود لطبيعة انظمتها النقدية، اي "Pegged Currencies" (العملات المرتبطة). اي ارتباط العملة الوطنية بسعر صرف ثابت لعملة دولة اخرى، فتتحرك صعوداً وهبوطاً بحركتها. ويوجد من هذه الدول والاقتصاديات المرتبطة بالدولار حوالي (20) دولة واقتصادا وحوالي (30) بعملات اخرى. ولعل سائل يسأل لماذا لا نتبع هذا النظام؟ وجوابنا، ان العراق اتبع هذا النظام، بعد اصدار الدينار العراقي في (1932) وربطه بالجنيه البريطاني حتى (1959)، وخروج العراق من منطقة الاسترليني. اذ يعتبر كثيرون -ونحن منهم- بان مثل هذا الارتباط ينتقص السيادة، فلا كلمة لنا في ادارة العملة التي نرتبط بها. بل هذا هو حالنا الان مع "الفيدرالي" وهيمنة الدولار. وان من يدعو لهذا الخيار عليه ان يحسب الاضرار البعيدة وليس المنافع القصيرة فقط. فالدولار مثلاً انخفض بعد ان تخلى عن قاعدة الذهب في (1971) وليومنا هذا اكثر من (60%) من قيمته. فخسر امام المارك الالماني (65%)، وامام السويسري (74%)، و(76%) امام الين الياباني، وقس على ذلك. وخسر منذ (1933) حوالي (92%) من قدرته الشرائية داخلياً. فيقترح الاقتصادي القدير مظهر محمد صالح سلة عملات في احتياطياتنا، لتعوض العملات الصاعدة خسائر العملات الهابطة.

ان من يتبنى هذا النظام يجب ان يمتلك احتياطات هائلة، وهو حال دول الخليج، او ان يحتضن الاقتصاد الام الاقتصاد التابع كلياً. لانه لن يكون بمقدوره الدفاع عن سعر الدولار ما لم يضحي بمبالغ عظيمة من احتياطاته المالية. وقبل تغيير 2003 كان هناك سعر صرف ثابت للدينار، لكنه انهار بسبب انهيار احتياطات البلاد. كما ان قوة العملة ليست بالضرورة هدفاً ثابتاً. فكثير من الدول تتبع سياسة "العملة التضخمية" و"التمويل بالعجز"، بل وتُخرج عملتها كلياً من سوق المضاربات. وهذه سياسات لا يمكن القول بايجابيتها او سلبيتها الا في اطار الاوضاع الواقعية التي تعيشها البلدان والاقتصاديات المختلفة. وعليه فان "العملات المرتبطة" و"سعر الصرف الثابت" وغيرهما، ليست كلها فوائد، بل قد تحمل الاضرار. الأهم هو الاقتصاد، الذي يجب ان يقود العملة، لا ان تقوده العملة.

2- طرح البعض، التهريب وغسيل الاموال والعقوبات على ايران كاسباب رئيسية لانخفاض الدينار؟

وجوابنا، ان هذا عامل قائم، لكنه يحتل مرتبة ادنى امام العوامل الاساسية المطروحة. اذ بلغت استيراداتنا من السلع والخدمات (79.4) مليار دولار في (2021)، حسب منظمة التجارة الدولية WTO، (وليس الاحصاءات الوطنية الناقصة)، بينما سجلت الواردات النفطية للعام نفسه (75.65 مليار دولار) وفق "سومو". فمعظم واردات النفط تذهب للاستيراد. واقتصادياً سيُحسب الاستيراد سواء جرى عبر المصارف او بوسائط اخرى، بفواتير اصولية ام لا. فان كان هناك من خلل (وهناك فعلاً خلل كبير) فيجب البحث عنه في هيكلية الاقتصاد، وضعف الانتاج الوطني اولاً. فالتهريب وخروج الاموال بغير الطرق الاصولية مخالفة قانونية، لكن خروجها -باية طريقة- حركة اقتصادية لا يمكن وضع سياسات صحيحة دون رصدها وفهمها.

وذكرت ايضاً بان سبب الارتفاع هو "العامل السياسي"، بمعنى ان هذا الموضوع يُستغل لاغراض المضاربة والربح السريع لقوى نافذة، او لتهيج الراي العام لاغراض سياسية. اشرنا لمضاعفات خفض سعر صرف الدينار الى (1450) دينار/دولار، في نهاية 2020، واثاره في ارتفاع اسعار السلع والخدمات. اما التقلبات اليومية الحالية ليصل سعره السوقي (1600) دينار/دولار واكثر، فسببه الاكبر العوامل الوطنية والخارجية التي تكلمنا عنها، يضاف اليها عوامل متغيرة اقل تأثيراً في قيمته، كالسعي للربح السريع والمضاربة والصراع السياسي والتصريحات المتناقضة التي تزرع الخوف وتزعزع الثقة. وهنا لا نتكلم عن معاناة الفقراء او الفساد او التهريب، بل نتكلم عن مؤشرات اقتصادية يجب فهمها لوضع المعالجات المناسبة لها. فلو لم يكن لدى العراق احتياطات كبيرة يستطيع فيها الدفاع عن عملته، لرأينا ارتفاع اسعار الصرف اضعاف التقلبات الحالية، كما يحصل في الكثير من البلدان الاخرى. مؤكدين ان الجزء الاعظم من خروج العملة يتم تحت غطاء القوانين الهشة والتعليمات المتضاربة، والمعاملات التي يسهل شرعنتها (تزويرها وفسادها) واعطاءها الصفة القانونية، وان وجهتها الاساسية ليس الجمهورية الاسلامية المحاصرة، بل مصارف الغرب والشرق ودبي وابو ظبي، الخ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

د . عادل عبد المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/31



كتابة تعليق لموضوع : الدولار، وهروبه بين القانون والاقتصاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : عمار العامري
صفحة الكاتب :
  عمار العامري


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net