صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

نقد "آيقونة التوحيد" السلفية والوهابية ولوازمها الشركية
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقدمة

رفع السلفيون بقيادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب راية التوحيد وجعلوا منه "آيقونة" بتعبيرنا المعاصر أو مَعلَماً أو شعاراً لحركتهم العدوانية تجاه المناطق المجاورة لهم في شبه الجزيرة العربية للأستيلاء عليها، وتجاه المسلمين في جميع بقاع الأرض لتخييرهم امّا ان يؤمنوا بآيقونة التوحيد السلفية أو ان يقبلوا بالتكفير والذبح!!

ومن الملفت للنظر ان مصطلح "السلفية" يماثل في اصالته أصالة مصطلح "أباء الكنيسة" عند النصارى!! فجيل السلفية الأول هو الجيل الذي انتجته البيئة الأموية المعادية للنبي (صلى الله عليه وآله) وآل البيت الأطهار (عليهم السلام). كما أنَّ آباء الكنيسة انتجتهم البيئة البولسيِّة[1] والمعادية للحواريين وتعاليم المسيح (عليه السلام).

كما أنَّ "السلفية" لديها سمة الإعراض عن تعاليم أهل البيت (عليهم السلام)، ولذلك أصبح لديهم توحيد يختلف عن توحيد أهل البيت (عليهم السلام) ولو انَّ "سلفهم" المؤسسون لمذهبهم لم يُعرِضوا من البداية عن إتِّباع آل البيت الأطهار (عليهم السلام) لاستفادوا من كلامهم ورواياتهم التي تبين لهم الاسلام المحمدي الحق والتوحيد الحق. ولكنهم بدلاً من اتّباعهم لآل البيت الأطهار (عليهم السلام) وإذا بسلفهم يعمدون الى معاداتهم! واقلَّ ما فعلوه من الاساءة اليهم أن عمدوا الى حديث الثقلين فحرّفوه وكتبوه كما في رواية مسلم بصورة مشوهة وغامضة ترضي السلطان وتغضب الرحمن (جلَّ جلاله)!

وهو ما رواه مسلم بسنده الى ان قال: [حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ: "انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا ، رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ ، يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا ، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَقَدُمَ عَهْدِي ، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا ، وَمَا لَا ، فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ ، ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا ، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ ، وَآلُ عَقِيلٍ ، وَآلُ جَعْفَرٍ ، وَآلُ عَبَّاسٍ . قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ"]!!

حسناً ألستم تقولون بصحة هذه الرواية، فما هو معناها؟ ماذا يريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من القول الذي نسبتموه له وقلتم عنه انَّه صحيح: (وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي)! فهذا حصين سأل زيد: (ومن أهل بيته)! ولكنه لم يسأله: (وماذا نفعل لأهل بيته)؟ فزيد نفسه ماذا فهم من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي)؟ هل فهم أن يتمسك بهم كما يتمسك بالقرآن؟ هل فهم ان يتبعهم كما يتبع القرآن؟ أم فهم شيئاً آخر لم يبينه؟ فما هو تكليف زيد تجاه أهل البيت (عليهم السلام) وفق هذا الحديث؟ لماذا لم يجب "السلف" عن هذا السؤال؟ سألوا فقط من هم اهل البيت ولكن لم يسألوا ما هو تكليفهم تجاه اهل البيت؟!!

ونحن نقول لكم ولسلفكم انهم ما داموا لم يسألوا عن تكليفهم تجاه أهل البيت (فالرواية تخلوا من ذلك) ومادامت الرواية لا ترشد الى حبهم ومودتهم فهي تعني شأناً آخر بعد أن اطلقت عليهم اسم (الثقل) كما اطلقت على القرآن أسم (الثقل) فهما ثقلان أن تمسكتم بواحد فهل تفرطون بالآخر ام تتمسكون به هو أيضاً؟

ما هو تكليفكم نحو هذا (الثقل) أيها السلف؟ يا زيد بن أرقم ويا حصين بن سبرة ويا يزيد بن حيان ويا بقية السلف من رواة هذا الحديث وممن سمعوا به؟!

وماذا اراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بتسميته بالثقل؟ هل تكليفكم ان تحاربوه كما فعل طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ أم تكليفكم أن تحبوهم دون ودٍّ[2]!! والا فما هي مظاهر ودِّكُم نحوهم سوى العمل بخلافه بقتلهم أو خذلانهم وعدم نصرهم في مواقع النصر التي تعرضوا لها؟!! أو ان تفعلوا كما كان يفعل أبو هريرة في صفين أن تصلوا خلفهم وتجلسوا على التل تتفرجون عليهم وهم يُقاتَلون من قبل أعدائهم؟!! أو ان تتركوا فقههم وتتمسكوا بفقه "السلف"!! بل لماذا أخرجتموهم من كونهم من بعض "السلف" الذين تأخذون منهم معالم دينكم واتخذتموهم ورائكم ظِهرياً[3] قديما وحديثاً؟!!

ألم يسأل السلف لماذا أطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم أسم (الثقل) كما اطلق على القرآن أسم (الثقل)؟ هل أنَّ معنى (الثقل) بالنسبة للقرآن يفيد الاهتمام به للعمل به، بينما معنى (الثقل) بالنسبة لأهل البيت (عليهم السلام) معناه حبّهم فقط!! وحتى على هذا المعنى نجد البيان القرآني يقول ان الحُبَّ لازمه الاتباع، كما في قوله تعالى: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))[4]، فهذا هو هدي القرآن الكريم، فماذا فعلت الأمة بأهل البيت (عليهم السلام) سوى الإعراض عنهم والإعراض عن علمهم وفقههم وتعاليمهم العقائدية، بل وانقسمت بين موغل في تقتيلهم وبين متفرّج على تقتيلهم دون اكتراث!! وفي كلا الحالتين فهو تفريط شنيع بـ (الثقل) الذي اوصاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) به!

لماذا تمسك السلف بالقرآن {الثقل الأول} وبالضد تمسكوا بالإعراض عن أهل البيت (عليهم السلام) {الثقل الثاني} وإهمال علومهم والتقليل من شأنهم[5] ليلاً ونهاراً؟!!

ثم هل يُعقل أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحث المسلمين على التمسك بالقرآن واتّباعه وعلى محبة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) ثم ينسى سُنَّته ولا يشير اليها ولا يذكرها ولا يحث عليها؟!! فما هو موقف السُنة النبوية من رواية مسلم التي نناقشها؟!! وهل السُنّة النبوية هي (ثقل) ثالث منسي، وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من النسيان في تبليغ دين الله عزَّ وجلَّ!!

فلا مفرَّ لكم أيها "السلفيون" المبتعدون عن أهل البيت (عليهم السلام) إلا ان تقولوا أنَّهم (الثقل) في الأتباع ومعرفة السُنّة ومعرفة علوم القرآن الكريم ومحكمه ومتشابهه وجميع العلوم الدينية، وانَّهم القرآن الناطق.

فما هو حالكم وهناك روايات أخرى في مصادركم تنص على الحث على التمسك بالثقلين حثّاً صريحاً، في مختلف كتب الصحاح والسنن لديكم. فما لكم من محيص لا من رواية صحيح مسلم ولا من بقية الروايات المتعلقة بالتمسك بالثقلين.

فما ظهور "آيقونة التوحيد" الوهابية سوى إرهاصة واحدة من إرهاصات ترك مودة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) ونبذ تعاليمهم الطاهرة الحقّة.

عموماً فقد تضمنت "آيقونة التوحيد" الوهابية معالم عديدة، نستعرض موجزاً عن أكثرها اهمية للتعريف بكيفية تسلل الأفكار الشركية والباطلة الى هذه الآيقونة التوحيدية التي يخدعون بها المسلمين زاعمين انهم على التوحيد الصحيح والمنهج القويم، بينما هم أبعد ما يكونون عن ذلك. ولا يمكننا في هذا المختصر استيعاب جميع المعالم الشركية لمختلف العقائد الوهابية المتعلقة بالتوحيد ولذلك سننتخب أبرز ما خاضوا فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب مبين. قال تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ))[6].

فمن أبرز معالم بطلان "آيقونة التوحيد" السلفية الوهابية ننتخب التالي:

1) بطلان قولهم بوجود الإله تبارك وتعالى فوق السماء.

2) بطلان أقوالهم في صفات الله عزَّ وجلَّ الذاتية والفعلية. ومنها:

أ‌- بطلان قولهم بأن صفات الإله غير ذاته.

ب‌- بطلان قول الوهابية بما اطلقوا عليه مصطلح: "الصفات الخبرية" بتسميات جسمية للإله كاليد والرجل والوجه[7]!

ت‌- بطلان قولهم بوجود "صفات فعلية غير معروفة السبب" كنزول الإله الى السماء الدنيا.

3) بطلان عقيدتهم بالخلق القديم وتسلسل الحوادث! وهي اسوأ في نتائجها من عقيدة (قِدَم العالم عند الفلاسفة)!

وسنشرح بإيجاز كل فقرة من فقرات بطلان معالم "آيقونة التوحيد" السلفية الوهابية وما تفرزه من لوازم شركية تجعل منها آيقونة للشرك السلفي والوهابي.

((وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ))[8].

تفصيل نقض "آيقونة التوحيد" عند السلفية والوهابية

السلفية وأتباعهم الوهابية يروِّجون لأنفسهم بانهم أهل التوحيد متوسلين الى ذلك برمي جميع طوائف المسلمين بالشرك، متوهمين أنَّ اتهام الآخرين بالشرك يدفع هذه التهمة عن انفسهم وعن عقائدهم الضالة!

وفيما يلي جولة سريعة في أبرز عقائدهم الضالة لنبيّن للمسلمين خطأهم وإنحرافهم، وأنَّ الشيعة الإمامية هم اهل التوحيد الحق.

أولاً. بطلان قولهم بوجود الإله تبارك وتعالى فوق السماء.

السلفية والوهابية تبعاً لهم يؤمنون انه سبحانه وتعالى فوق السماء أي يكون في جهة وله حد، فيكون مفتقراً ومحتاجاً لذلك الحد ولتلك الجهة! وهذه العقيدة تتسبب في إنحرافين: إنحراف الحد وإنحراف الجهة!!

وهذه العقيدة المنحرفة تعني انَّ الله تبارك وتعالى قبل خلق السموات والأرض (أي قبل خلقه العالم) كان محدوداً بحيز معين ثم خلق العرش والكرسي والعالم (وبضمنه خلق المكان) خارج حدود تحيّزه!! وبذلك أصبح محدوداً بالعرش والكرسي[9]والسماء العليا! واما قولهم بجلوس الإله على العرش والأطيط فهو من التجسيم الواضح، ولا يسعنا في هذا المختصر التطرق الى تفصيله! وسنكتفي بمناقشة قولهم بعلو الإله وانه فوق السماء وانه ذو حد!! تعالى اللهُ عمّا يصفون.

قالوا: (ومعنى أن الله سبحانه في السماء كما في قوله تعالى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {الملك:16}، أن الله عز وجل فوق السماء، وليس معناه أن الله في جوف السماء تعالى الله عن ذلك)[10]!!

ثم ينقلون عن أبن تيمية قوله: (وليس المراد بذلك أن السماء تحصر الرب وتحويه كما تحوي الشمس والقمر وغيرهما، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا يعتقده عاقل؛ فقد قال سبحانه وتعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {البقرة:255}، والسموات في الكرسي كحلقة ملقاة في أرض فلاة، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة، والرب سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. وقال تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ {طه:71}، وقال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ {التوبة:2}،وقال: يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ {المائدة:26}، وليس المراد أنهم في جوف النخل، وجوف الأرض، بل معنى ذلك أنه فوق السموات وعليها، بائن من المخلوقات؛ كما أخبر في كتابه عن نفسه أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش). فهذه هي عقيدتهم بلسان كبيرهم!

فكون مزاعمهم بأنَّ الإله فوق السماء يعني ان يكون في جهة، هي جهة السماء، وهذا يجعل للإله حداً مع السماء! فيكون الإله محتاجاً للجهة ليتواجد فيها ومحتاجاً للحد ليميزه عن السماء. والمحتاج فقير، فيكون الإله فقيراً وليس غنياً وهو بخلاف ما جاء في القرآن الكريم! وإذا كان محتاجاً فلا يمكن أن يكون أزلياً لاحتياجه الى أمر آخر هو الجهة او الحد، فيكون التركيب والحدوث نتيجة ذلك الاحتياج، والحدوث والتغيير لا يناسبان ازلية الإله، فهو إذن ليس بإله في هذه الحالة المزعومة!!

وايضاً بما انَّ الإله قديم فيكون الحد والجهة قديمين ايضاً فيتعدد القدماء!! وهو من جهة على حد الشرك، ومن جهة اخرى غير ممكن عقلاً. فكيف يكون في جهة وهو سبحانه خالق الجهة والمكان!!

وقد حاول علماء الوهابية تمييع هذا الإشكال بقولهم انه اشكال لفظي!! انظر لكلام ابن عثيمين حيث يقول: (وكلمة (الحد) من الألفاظ التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة[11]، فليس في الكتاب أن الله يحد، ولا أنه لا يحد، ولا في السنة أن الله يحد، ولا أنه لا يحد. وإذا كان كذلك، فالواجب السكوت عن ذلك، فلا يقال إنه يحد ولا إنه لا يحد، وليس هناك ضرورة أن نقول: إنه يحد أو لا يحد[12]، ولو كان من الضروري أن نعتقد أن الله يحد أو لا يحد لبينه الله تعالى أو بينته السنة؛ لأن الله تعالى يقول: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ {النحل:89}، ولذلك اختلف كلام من تكلم به من السلف في: هل الله يحد أو لا يحد؟ فمنهم من أنكر الحد وقال: إنه لا يجوز أن نقول إن الله محدود، ومنهم من قال: يجب أن نقول إن الله محدود، وأن له حداً. ولكن يجب أن نعلم أن الخلاف يكاد يكون لفظيا؛ لأنه يختلف باختلاف معنى الحد المثبت والمنفي. فمن قال: إن الله محدود أراد أنه بائن من الخلق ومحاد لهم، ليس داخلاً فيهم ولا هم داخلون فيه، كما نقول: هذه أرض فلان، وهذه أرض فلان، كل واحدة منهما محدودة عن الأخرى، أي بينهما حد، فمن أثبت الحد أراد به هذا المعنى: أي أن الله تعالى منفصل بائن عن الخلق ليس حالا فيهم ولا الخلق حالُّون فيه، وهذا المعنى صحيح. ومن قال: إنه غير محدود أراد أن الله تعالى أكبر من أن يحد، ولا يحده شيء من مخلوقاته، ولا يحصره شيء من مخلوقاته، فقد وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يمكن أن يحده شيء من المخلوقات؛ وهذا المعنى صحيح، وكل السلف متفقون على هذا، وعليه فيكون الخلاف بينهم لفظيا بحسب هذا التفصيل. اهـ)[13]!!!

إذن في موضوع الحد يقول ابن عثيمين ان القرآن الكريم لم يبين ضرورة معرفة هل لله حد أم لا ولذلك لم يذكر هذا الامر فيه! ولكنه اغفل أنَّ القرآن الكريم لم يذكر أيضاً جملة من عقائدكم التي تعتنقونها منها: عقيدة أن صفات الله غير ذاته! ومنها: عقيدة عدالة جميع المسلمين الذين رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذين اصطلحوا على تسميتهم بالصحابة، وكأنما مجرد الرؤية أصبحت سبباً ليصبحوا اتقياء وورعين وضابطين لحفظهم ولا ينسون ولا يخلطون اذا تقدم بهم السن أو تبعاً لظروف الحياة المختلفة!! ولا ندري والحال هذه ما منزلة المنافقين آنذاك من هذه العقيدة العجيبة، بل ولم يذكرها القرآن الكريم أيضاً. ومنها: عقائد عديدة اخرى عندكم لم يذكرها القرآن فلماذا تصرون عليها كعقيدة الأطيط! والشاب الأمرد وغيرها؟!! أم هو الكيل بمكيالين!!

واما قول ابن عثيمين ان الخلاف لفظي في موضوع الحد سواء بالقول بوجود الحد أو القول بعدم وجوده، فهو تعمية على الخلاف الشاسع بين الطرفين ويدل على انه لا يستعمل المنطق والعقل لانه بعد ذلك يقول: (فمن قال: إن الله محدود أراد أنه بائن من الخلق ومحاد لهم، ليس داخلاً فيهم ولا هم داخلون فيه، كما نقول: هذه أرض فلان، وهذه أرض فلان، كل واحدة منهما محدودة عن الأخرى، أي بينهما حد، فمن أثبت الحد أراد به هذا المعنى: أي أن الله تعالى منفصل بائن عن الخلق ليس حالا فيهم ولا الخلق حالُّون فيه، وهذا المعنى صحيح)!!

نعم القول بانَّ الله تبارك وتعالى بائن عن خلقه صحيح ولكن ليس بالمعنى الذي يقصده الوهابية بوجود الحد!

روى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رضوان الله عليه) بسنده عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أنَّه قال: (هو واحد واحدي الذات، بائن من خلقه، وبذاك وصف نفسه، "وهو بكل شئ محيط" بالاشراف والإحاطة والقدرة "لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" بالإحاطة والعلم لا بالذات لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية)[14].

فهو سبحانه وتعالى بائن بغير حد، فلا يكون له مع مخلوقاته حد وهي مخلوقات مادية!

فالوجود في عالم المادة على ثلاثة أنواع يتنزه الله تعالى عنها جميعها فيكون بائناً من خلقه لأنَّ وجوده ليس أياً منها، وهي:

1) وجود الحال في المحلول، كالملح الذي يذوب في الماء.

2) وجود المكين في المكان، كالشىء الذي يكون في مكان محدد.

3) وجود الحرارة في الاجسام.

فإذا تنزه الله سبحانه وتعالى عن هذه الوجودات الثلاثة للمادة، فلا تكون له كيفية مادية في وجوده المبارك. فيكون بائناً من خلقه بما لا تدركه عقولنا المحدودة بعالم المادة وقوانينه وحواسّه.

فالقول بأنَّ الله سبحانه وتعالى محدود يختلف عن القول بأنه بائن عن خلقه، لأن الحد هو سمة وعلامة للمادة، وتعالى الله عزَّ وجلَّ عن أن يكون خاضعاً لقوانين عالم المادة الذي خلقه. والسموات والأرض هي مخلوقة وكل مخلوق هو مادة سواء كانت من مادة عالمنا أو مادة لطيفة أخرى[15]. ولكل مكان حد سواء كان محدوداً بمادة أو محدوداً بنهايته. وعليه لا يصح تفسير ان المراد بالحد هو البينونة عن الخلق لأن في هذا تعمية على المراد. فمن يرفض ان يقال انَّ لله تبارك وتعالى حد يقبل من جهة أخرى أن يقال انَّه سبحانه بائن عن المادة والتي هي عادة تكون مخلوقة له.

فابن عثيمين يصرّح انَّ معنى الحد هو الفصل بين كائنين أو موجودين، الله ومخلوقاته، فهل الله (تبارك وتعالى عما يصفون) من مادة حتى يصح ان يكون في مكان دون آخر كقولهم هو في السماء دون الأرض!! أو أن يكون له حد كما للموجودات المادية؟!! ألم تقرأوا قوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))[16]!!؟ ما هذه العقول المشوهة فطرتها ومنطقها!!

واما قول ابن عثيمين: (ومن قال: إنه غير محدود أراد أن الله تعالى أكبر من أن يحد، ولا يحده شيء من مخلوقاته، ولا يحصره شيء من مخلوقاته، فقد وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يمكن أن يحده شيء من المخلوقات؛ وهذا المعنى صحيح، وكل السلف متفقون على هذا، وعليه فيكون الخلاف بينهم لفظيا بحسب هذا التفصيل)!!

نعم لا يمكن ان يحصر الله او يحيط به شيء من مخلوقاته، ولم يقل احد من المسلمين بهذا المعنى، فلماذا يثيره وهو غير وارد؟!! فكلامه هذا فيه تدليس! وأيضاً القول بالحد لا يشترط ان يكون محدوداً بشيء من مخلوقاته بل أيضاً قد يقال أنَّه محدود بانتهاء كيانه[17]في موضع معين كما في قولهم هو فوق السماء فيمكن أن يكون محدوداً بسماء من جهة وغير محدود بشيء من جهة أخرى. فما دام هناك قول بالحد يصبح يسيراً عليهم القول بالجهة!! فمن يخالف العقل بجهة يمكن ان يخالفه بجهات اخرى!!

فكلام ابن عثيمين هذا كسابقه يسيطر عليه الفكر المادي فيتصور الإله في عالم المادة بينما هو سبحانه منزه عنها.

والحق انَّ القول بأنَّه سبحانه غير محدود هو بمعنى عدم احاطة المخلوقات به وأيضاً عدم احاطته هو سبحانه بالمخلوقات احاطة مكانية مادية! بل سبحانه محيط بالكائنات بالاشراف والعلم والقدرة، ولا يحيطه مكان وهو خالق المكان والمادة.

وعليه فابن عثيمين لم يبين قبوله بأن الله تعالى غير محدود مطلقاً سواء غير محدود بخلقه أو غير محدود بكيانه - أي كيانه غير محدود بحجم معين!! - أو غير محدود بمكان أو بأي شيء!!

ويكشف احد السلف من أئمة الوهابية وهو عثمان بن سعيد الدارمي (متوفى 280هـ) عن حقيقة معتقدهم وتصورهم المادّي لله تعالى، فيقول: (والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن يؤمن بالحد ، ويَكِل علم ذلك إلى الله. ولمكانه أيضا حد ، وهو على عرشه فوق سماواته. فهذان حدان اثنان)! وما في هذا القول من تهافت واضح. فالحد ليس بمصطلح قرآني فمن يطلقه انما يعني به الحد بالمفهوم الذهني البشري الذي يعني أنَّ حد الشيء هو منتهاه. ولا يجوز ان نطلق مصطلحاً بشرياً مادياً على الله تعالى ثم نقول اننا نكل علمه الى الله تبارك وتعالى!! وليس الأمر كعلم الله سبحانه الذي نقول اننا نفهمه انه نفي للجهل والله سبحانه وحده يعرف ما هي حقيقة علمه وذلك لأن حقيقة وجود العلم الإلهي مذكورة في القرآن الكريم وهي حقيقة غير ماديّة ولا يعلم كنه ذلك العلم سوى الله تبارك وتعالى لأنه سميع بذاته المقدسة وبصير وعليم وقدير بها لا بصفة خارجة عنها كما يقول السلف والوهابية. اما القول بالحد فهو تعبير بشري لا يمكن اخراجه عن مفاهيمه البشرية والقرآن الكريم خالٍ منه وكذلك الاحاديث النبوية عندهم.

وهذا عثمان بن سعيد الدارمي كان معاصراً للإمام الهادي عليه السلام ولكنه لم يستفد شيئاً من علمه فكان من أهل الضلال المعاندين لعلوم آل محمد (صلى الله عليه وآله).

فقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن الامام ابي الحسن علي الهادي (عليه السلام) أنَّه قال: (سبحان من لا يحد، ولا يوصف، ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير).

فهذا الدارمي المخالف للحق من اين جاء بأن لله حد؟ فلا الحد تعبير قرآني ولا نبوي عندهم، ولا السلف الذين تعلم منهم معصومون، فكيف يفترض شيئاً ينسبه لله تعالى كالحد ثم يقول لا يعلمه أحد غيره!! فإذا فتحنا هذا الباب يمكن أن ننسب لله اي شيء ثم نقول لا نعلم كيفيته ، مثلا ان يُفترى انَّ لله (تعالى عمّا يصفون) عدّة ارجل وأيدي ورؤوس واجنحة لا يعلم احد كيفيتها غيره!! بل كما افترى النصارى فعلاً بالقول أنَّ الله مكون من ثلاثة أقانيم لا يعرف احد كيفية ذلك التكوين!! وأفترى بعض السلف انَّ الله تعالى بهيئة شاب امرد[18]!! وهكذا يستمر الافتراء على الله تعالى بتسميات شتّى بذريعة ان كيفيتها لا يعلمها احد غيره! ((ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))[19].

علّة قول عقيدتهم بعلو الإله فوق السماء: من خلال قراءة الفكر الديني عند الجيل الاسلامي الاول ومن تبعهم من السلف نجد أن الفكر الديني الجاهلي ظلَّ مترسباً في اذهان عدد كبير من الصحابة والمنافقين، نقلوه الى الجيل التالي من المسلمين (التابعين)، فقد كانوا في الجاهلية يؤمنون بإله في السماء وآلهة أصنام في الأرض تشفع لهم عند إله السماء. وبعدما اعتنقوا الاسلام بقيت مرتكزاتهم الفكرية بوجود الإله في السماء بعدما تم تحطيم الأصنام (آلهة الأرض). ثم انَّ هذه المرتكزات الفكرية اجتمعت مع النزعة التي سادت في مخالفة كل ما يصدر عن آل البيت الأطهار (عليهم السلام) من عقائد وفقه بتأثير الدعاية والسياسة الأموية الاقصائية لهم (عليهم السلام)! فترسخت عند السلف في فكرهم الديني فكرة علو الإله على خلقه تعالى الله عمّا يصفون علواً كبيراً!!

بعض الاحاديث التي استندوا اليها في القول بعلو الله فوق السماء!!: وليس عند الوهابية أي رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسند عقيدتهم إنما هو كلام نقلوه عمن اطلقوا عليهم "السلف" من صحابة وتابعين ورجال الدين عندهم!! وقالوا انَّها: {أقوال السلف تد ل على علو الله على عرشه}، مع ملاحظة أنَّ السلف غير معصومين عندهم فما هي حجية كلامهم إذن!!، منها:

1 ـ روى الزبير بن بكار عن أبيه أن حميد بن ثور وفد على بعض بني أمية فقيل ما جاء بك فقال: أتاكَ بي الله الذي فوق عرشه ** وخيرٌ ومعروفٌ عليك دليل. (تاريخ الإسلام حوادث ووفيات 60 – 81 هـ , ص / 111). وحميد بن ثور: أبو المثنى الهلالي، ممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم اي انه صحابي!!

فالحديث موقوف على هذا الصحابي حميد بن ثور!! والحديث يقول فوق العرش وليس فوق السماء. فإن قيل بقوله تعالى: ((وسع كرسيه السموات والارض))، فمعنى الكرسي عندهم غير معنى العرش كما جاء في الموقع الالكتروني الوهابي (الاسلام سؤال وجواب) باشراف الشيخ محمد صالح المنجد ونصّه: (الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي . والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق . وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً)[20].

ولكن قد يقال بأن الاستشهاد بهذه الرواية باعتبار انَّ العرش أعظم من الكرسي والكرسي وسع السموات والأرض.

ومع ذلك فالرواية موقوفة على هذا الصحابي الذي ربما التقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرة واحدة في حياته الشريفة.

لاحظوا قولهم في الرواية الأخيرة: (الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه)!! فالفكر التجسيمي متغلغل فيهم لاحظوا كيف يجسّمون الإله وأن لديه قدمين ويضعهما على الكرسي "في أصح الأقوال لديهم"!!! ولا ينفعهم بعد ذلك مزاعم القول بأن رجليه بحسب شأنه أو يليق بجلاله وأن وضعهما على الكرسي بحسب شأنه أو يليق بجلاله!!

2 - روى إبن عباس إنه دخل على عائشة وهي تموت فقال لها كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيباً وأنزل براءتك من فوق سبع سماوات. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند حسن).

فضلاً عن أنَّه موقوف على صحابي! فيردُّ مرادُ الوهابيةِ من هذا الحديث ما جاء في الموقع الالكتروني لأهل السنة والجماعة (أشعرية) في شرح المراد من القول (من فوق سبع سماوات): [معنى حديث وزوجني الله من فوق سبع سموات: أما تمسك المشبهة كالوهابية تبعا لليهود في عقيدة التشبيه بحديث زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم لإثبات الجهة لله تعالى فهو مردود لإقامة البراهين العقلية والنقلية أن الله منزه الذات عن الجهات فضلا عن الجهة الفوقية. فقد روى البخاري في صحيحه أنها كانت تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكنّ أهاليكنّ وزوجني الله عز وجل من فوق سبع سموات).

وفي رواية من طريق خلاد بن يحيى حدثنا عيسى بن طمهان قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: نزلت ءاية الحجاب في زينب بنت جحش وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما وكانت تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تقول: (إن الله أنكحني في السماء)

وقال شهاب الدين القسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري ما نصه: قولها: (وكانت تقول إن الله) عز وجل (أنكحني) به صلى الله عليه وسلم (في السماء) حيث قال تعالى: (زوجناكها) وذات الله تعالى منزه عن المكان والجهة فالمراد بقولها (في السماء) الإشارة إلى علو الذات والصفات وليس ذلك باعتبار أن محله تعالى في السماء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وعند النسائي بلفظ: (إن الله عز وجل أنكحني من السماء) قال الإمام السندي في حاشيته على سنن النسائي: قولها: (أنكحني من السماء) أي أنزل منه ذلك قوله: (زوجناكها) اهـ. وهذا يرفع الإشكال فقد قال شيخنا الحافظ العبدري حفظه الله في كتابه الصراط المستقيم فمعناه أن تزويج النبي بها مسجل في اللوح المحفوظ واللوح فوق السموات السبع وهذه كتابة خاصة بزينب ليست الكتابة العامة.

قال الإمام النووي في شرحه على مسلم ما نصه: قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى: (ءأمنتم من في السماء) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم. اهـ][21].

وهذا يبين بوضوح أن مذهب الوهابية السلفية يختلف تماماً بعقيدته عن مذهب باقي اهل السنة والجماعة.

3 – وعن ابن عباس في قوله تعالى (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ): «لم يستطع أن يقول من فوقهم؛ علم أن الله من فوقهم» (رواه اللالكائي في شرح أصول السنة بسند حسن).

ولكن لماذا لا يقول كما روي عن ابن عباس: (ولم يقل من فوقهم لأن الرحمة تنزل من فوقهم). كما في جامع البيان لأبن جرير الطبري ج8 ص181، وتفسير ابن كثير ج2 ص213.

ما هذه الانتقائية التي يمارسونها!! فضلاً عن أنَّ الحديث موقوف على صحابي غير معصوم!

4 - أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها. عن أنس أنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. (أخرجه البخاري).

وقد بينّا المراد منه في الحديث رقم (2) آنفاً. فضلاً عن أنه موقوف على صحابي غير معصوم.

5 - قال الصحابي عبد الله بن مسعود: (العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. (أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات بسند حسن).

لا دلالة واضحة فيه فضلاً عن انه موقوف على صحابي غير معصوم!

6 - قالت أم المؤمنين عائشة: وأيم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت – تعني عثمان – ولكن علم الله من فوق عرشه إني لم أحب قتله. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح).

موقوف على صحابية غير معصومة! ولا دلالة واضحة فيه كما اشرنا اليه في الحديث رقم (1). كما انَّ تحريضها على قتل عثمان نقلته التواريخ عند أهل السنة انفسهم، ولا مجال لتفصيل الخوض فيها هنا[22].

7 - عن زيد بن أسلم قال: مر ابن عمر براعٍ فقال هل من جزرة فقال: ليس هاهنا ربها فقال ابن عمر: تقول له أكلها الذئب , قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: فأين الله؟ فقال ابن عمر أنا والله أحق أن أقول اين الله فاشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم. (أخرجه الذهبي في العلو).

وأين الدلالة في هذا الكلام وهو من معتاد عوام المسلمين ان يقولوا ان الله تعالى في السماء! وهل أصبح تقرير الصحابي لكلام الناس من السُنّة!!! مع ان الصحابة ليسوا بمعصومين فكيف اصبح تقريرهم حجّة؟!!

8 - التابعي مسروق كان إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرئة من فوق سبع سماوات. (أخرجه الذهبي في العلو وقال إسناده صحيح).

وهو موقوف على تابعي! ومتى اصبح رأي التابعي حجة على المسلمين؟!!

9 - قال سليمان التيمي: لو سئلت أين الله لقلت في السماء. (أخرجه الذهبي في العلو).

كذلك هو تابعي ليس لرأيه حجية على المسلمين. وهو يقول الله في السماء وليس فوق السماء، وشتان بين القولين!!

والوهابية يذكرون العديد من طبقة تابعي التابعين والطبقات التالية ممن يستدلون بكلامهم على عقيدتهم الفاسدة، فإذا كان أساس البناء فاسداً فماذا سيكون ما يبنى عليه! فإذا كانت آراء الصحابة والتابعين فاسدة ولا يُعبأ بها لعدم عصمتهم فما قيمة آراء من يأتي بعدهم ويستند إليهم؟!!

فبعد ان ذكروا هؤلاء الذين اوردنا كلامهم وهم:

من الصحابة: حميد بن ثور، ابن عباس (على قولين متضادين)، زينب بنت جحش، عبد الله بن مسعود، عائشة، تقرير عبد الله بن عمر!

من التابعين: مسروق، أيوب السختياني، سليمان التيمي.

ذكروا أيضاً من تابعي التابعين ومن جاء بعدهم ممن نسبوا اليهم نفس عقيدتهم في علو الله فوق السماء: مقاتل بن حيان[23]، أبو حنيفة زعيم مدرسة الرأي!، الأوزاعي، سفيان الثوري، مالك بن أنس[24]، ابن عيينة، حماد بن زيد، الفضيل، أحمد بن حنبل[25]، عبد الله بن المبارك[26]، جرير بن عبدالحميد الضبّي، عبد الرحمن بن مهدي، أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي، منصور بن عمار، الشافعي[27]، يزيد بن هارون الواسطي، سعيد بن عامر الضبعي، القعنبي[28]، عاصم بن علي، هاشم بن عبيد الله الرازي، بشر الحافي، محمد بن مصعب العابد، نعيم بن حماد الخزاعي، أبو عبدالله ابن الأعرابي، أبو معمر القطيعي، إسحاق بن راهويه[29]، قتيبة بن سعيد، محمد بن أسلم الطوسي، الحارث بن أسد المحاسبي، عبدالوهاب الوراق، أبو عاصم خشيش بن أصرم، محمد بن يحيى الذهلي، أبو زرعة الرازي، ابن قتيبة الدينوري، أبو حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي، أبو عيسى الترمذي، أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني، عثمان بن سعيد الدارمي[30]، ابو العباس ثعلب، أبو مسلم الكجي، عمرو بن عثمان المكي، ابن أبي شيبة، زكريا الساجي، محمد بن جرير الطبري، ابن الأخرم، ابن خزيمة[31]، أبو الحسن علي البربهاري، الوزير علي بن عيسى، أبوبكر الصبغي، ابو إسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان المالكي، أبوبكر الآجري، أبو الشيخ، أبوبكر الإسماعيلي، أبو الحسن بن مهدي، أبو عبدالله بن بطة العكبري، أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي، ابن مندة، ابن أبي زمنين، أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني الأشعري، أبوبكر بن محمد ابن موهب المالكي، الإمام العارف معمر بن أحمد بن زياد الأصبهاني، أبو القاسم اللالكائي!!

وغيرهم!!

جعلوا هؤلاء الذين اطلقوا عليهم أسم "السلف" قادة للأمة الاسلامية تأخذ عنهم عقيدتها بدلاً من آل البيت الأطهار (عليهم السلام) بفعل التأسيس الأموي لتنفير الناس عنهم وإيجاد بديل من عامة الناس يترأسونهم ويلقون إليهم بآرائهم العقائدية وبظنهم انَّ هذا يطمس زعامة آل البيت الأطهار (عليهم السلام) الحقيقية للأمة الإسلامية! فأين الثرى من الثريا.

فالوهابية الذين يخدعون الأمة بأنهم اتباع القرآن والسُنّة كاذبون فهم إنما يتبعون آراء هؤلاء الرجال الذين يطلقون عليهم أسم "السلف" ولذلك يسمون انفسهم بالسلفية لأنهم حقاً يتبعون أقاويل هؤلاء لا ما ورد في القرآن الكريم وسنّة النبي (صلى الله عليه وآله).

ومن لوازم عقيدتهم أن يكون الإله مجوّفاً!!: وهناك مشكلة أخرى تتعلق بعقيدتهم وجود الإله فوق السماء! وهي أنَّه اذا كان الإله فقط فوق السماء، وبما ان العلم الحديث قد كشف كروية الأرض وان السماء تحيط بها وبالمجرات جميعها، من جميع جهاتها، فيكون الإله محيط بالأرض من جميع جهاتها وليس فيها، اي انه يكون مجوفاً!! وهي ليست صفة كمال! قال حسان بن ثابت:

ألا أبلغ أبا سفيان عني *** فأنت مجوف نخب هواء[32]

ألم يقرأ هؤلاء قوله تعالى: ((اللَّهُ الصَّمَدُ))[33]؟! ألا يعلمون انَّ احد معاني (الصمد) من بين عدّة معاني هو: "الذي لا جوف له"! ومعنى انه لا جوف له يتضمن معنى أنَّه سبحانه لا حد له خارجه ولا داخله تعالى عمّا يصفون.

وممّن ذكر انَّ معنى (الصمد) هو (الذي لا جوف له):

· قال عمرو بن أبي عاصم في كتاب السنّة: (ثنا أبو بكر ثنا ابن إدريس ووكيع عن شعبان وثنا أبو موسى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال: الصمد الذي لا جوف له)[34]. فمجاهد وجميع من روى عنه هم من السلف عند الوهابية!

· وقال بسند آخر: (حدثنا المقدمي، ثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك قال: الصمد الذي لا جوف له)[35]. أليس هؤلاء من السلف!

· وفي المعجم الكبير للطبراني: (حدثنا حفص بن عمر الرقي ثنا محمد بن عمرو الرومي ثنا أبو مسلم قائد الأعمش عن صالح بن حيان عن بن بريدة عن أبيه رفعه قال الصمد الذي لا جوف له)[36].

ونكرر انهم من السلف عندكم ويقولون بهذا القول، فلماذا يا وهابية تقولون ما يلزم معه ان يكون الإله اجوف؟!!

· وقال ابن حجر في فتح الباري: (قوله الصمد: الذي لا جوف له)[37].

· وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: (وقال الخازن قال ابن عباس الصمد الذي لا جوف له وبه قال جماعة من المفسرين ووجه ذلك من حيث اللغة أن الصمد الشئ المصمد الصلب الذي ليس فيه رطوبة ولا رخاوة ومنه يقال لسداد القارورة الصماد فإن فسر الصمد بهذا كان من صفات الأجسام ويتعالى الله عز وجل عن صفات الجسمية وقيل وجه هذا القول أن الصمد الذي ليس بأجوف معناه هو الذي لا يأكل ولا يشرب وهو الغني عن كل شئ فعلى هذا الاعتبار هو صفة كمال)[38].

· وفي موضع آخر قال: (وقيل هو الذي لا جوف له)[39].

· وقال الإيجي في المواقف: (وقيل الصمد ما لا جوف له)[40]... (وقيل الصمد ما لا جوف له أي المصمت)[41].

· وفي الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي: (الصمد: الذي لا جوف له)[42].

· وفي كنز العمال للمتقي الهندي: ("قل هو الله" الصمد الذي لا جوف له)[43].

· وقال المناوي في " فيض القدير شرح الجامع الصغير": (الصمد الذي لا جوف له، يقال شئ مصمد لا جوف له وهذا قاله في تفسير قوله تعالى * (الله الصمد) * لما سئل عن تفسيره. (طب عن بريدة) بن الحصيب ورواه عنه أبو الشيخ والديلمي)[44].

· وقال ابن الجوزي في زاد المسير: (انه الذي لا جوف له، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وابن جبير، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسدي. وقال ابن قتيبة: وكان الدال من هذا التفسير مبدلة من تاء، والمصمت من هذا)[45].

· وقال الشوكاني في قتح القدير: (وقال الحسن وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله ابن بريدة وعطاء وعطية العوفي والسدي: الصمد هو المصمت الذي لا جوف له)[46]... (قال: الصمد الذي لا جوف له، ولا يصح رفع هذا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: الصمد الذي لا جوف له)[47].

وقال علماء اللغة العربية:

· قال ابن منظور: (والصمد: من صفاته تعالى وتقدس لأنه أصمدت إليه الأمور فلم يقض فيها غيره، وقيل: هو المصمت الذي لا جوف له، وهذا لا يجوز على الله[48]، عز وجل. والمصمد: لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له)[49].

· قال الزبيدي في تاج العروس: (وقيل: الصمد مصمت، وهو الذي لا جوف له وهو المصمد أيضا، عن ميسرة، وهذا لا يجوز على الله تعالى)[50].

وقال المفسرون من سلف الوهابية:

· قال ابن كثير في تفسيره: (وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضا وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي "الصمد" الذي لا جوف له. وقال سفيان عن منصور عن مجاهد " الصمد " المصمت الذي لا جوف له)... (وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده وقال حدثني العباس بن أبي طالب حدثنا محمد بن عمرو بن رومي عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش حدثنا صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لا أعلم إلا قد رفعه قال "الصمد الذي لا جوف له" وهذا غريب جدا والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة. وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له بعد إيراده كثيرا من هذه الأقوال في تفسير الصمد وكل هذه صحيحة وهي صفات ربنا عز وجل هو الذي يصمد إليه في الحوائج وهو الذي قد انتهى سؤدده وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك)[51].

· وقال الواحدي في تفسيره: (وقيل الصمد الذي لا جوف له)[52].

· وقال البغوي في تفسيره: (قال ابن عباس ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير الصمد الذي لا جوف له)[53].

· وقال العز بن عبد السلام في تفسيره: (الصمد: المصمت الذي لا جوف له)[54].

· وقال القرطبي في تفسيره: (وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير: الصمد: المصمت الذي لا جوف له)[55].

· وقال الآلوسي في تفسيره: (وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لا أعلمه إلا قد رفعه قال الصمد الذي لا جوف له وروى عن الحسن ومجاهد ومنه قوله: شهاب حروب لا تزال جياده * عوابس يعلكن الشكين المصمدا وعن أبي عبد الرحمان السلمي عن ابن مسعود قال الصمد الذي ليس له أحشاء وهو رواية عن ابن عباس وعكرمة هو الذي لا يطعم وفي رواية أخرى الذي لم يخرج منه شيء وعن الشعبي هو الذي لا يأكل ولا يشرب وعن طائفة منهم أبي بن كعب والربيع بن أنس أنه الذي لم يلد ولم يولد كأنهم جعلوا ما بعده تفسيرا له والمعول عليه تفسيرا بالسيد الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج والمطالب وتفسيره بالذي لا جوف له وما عداهما إما راجع إليهما أو هو مما لا تساعد عليه اللغة)[56].

· وذهب الى القول بأن الصمد هو من لا جوف له: السيوطي في الاتقان[57]، وفي الدر المنثور[58].

ثانياً. بطلان أقوالهم في صفات الله عزَّ وجلَّ الذاتية والفعلية.

فرغم انَّ الوهابية تبعاً لأجيال السلف الذين يتعبدون بأقوالهم يرفعون شعار التوحيد كواجهة لمذهبهم الا أنَّهم في نفس الوقت يؤمنون تبعاً لأقوال السلف بعقيدة في صفات الله عزَّ وجلَّ باطلة تخدش التوحيد الحق، وأبرزها قولهم بالتالي:

أ‌- إنَّ صفات الله تبارك وتعالى غير ذاته المقدسة!!

ب‌- قولهم بوجود صفات ذات تسميات جسمية كاليد والوجه والرجل إلخ!!

ت‌- قولهم بوجود صفات فعل مجهولة السبب كالحركة والنزول!!

وفيما يلي شرح لإبطال هذه العقائد المنحرفة من خلال المطلبين التاليين:

المطلب الأول - قول السلف بان صفات الله غير ذاته!

إنَّ عقيدة الوهابية بكون الصفات غير الذات يعني أن الإله يكون مركباً من الذات والصفات، وهذا غير ممكن لأن المركب لا يمكن أن يكون قديماً لأحتياج اجزاءه الى بعضها ولأن التركيب يستلزم الحدوث وهذا خلاف الحق لأن الله تبارك وتعالى قديم.

ومنذ احداث السقيفة وما تلاها من مظالم لحقت بآل البيت الأطهار (عليهم السلام) وتأسيس الخلافة الأموية وإقصاء المعصومين الأطهار (عليهم السلام) عن دورهم القيادي للأمة، بقيت الأمة الاسلامية دون مرجع يرجعون إليه في قضاياهم الدينية والمصيرية. وحاول الأمويون إنتاج طبقة بديلة عن آل البيت الأطهار (عليهم السلام) من الصحابة والتابعين تحاول أن تحل محلهم في قيادة الأمة فكرياً وتشرح لهم أمور دينهم وحيث انَّ تلك الطبقة لم تكن مؤهلة لهذا الدور حيث عاشت اغلب حياتها يلهيها الصفق في الأسواق! فقد كانت هي الأخرى خاوية من العلم الديني ومن معرفة تأويل آيات القرآن الكريم، ولذلك كانت تواجه كل مشكلة وسؤال وشبهة عند الأمة لاسيما تلك التي تخص التوحيد بسلاحين: الأول هو التعبد بلفظ القرآن الكريم حتى لا يضطروا للبحث في تأويل ما يحتاج منه الى تأويل! ولذلك نتجت أقوال أن لله وجه ويد ورجل بناءً على وجود تلك الألفاظ دون أن يدركوا حقيقة تأويلها ومعانيها! والسلاح الثاني هو التشبيه بين الخالق والمخلوق في صفاته ولاسيما وقد روى بعضهم روايات قد يفيد معناها الظاهري المشوه الذي نُقل إليهم ان هناك تشابهاً بين الخالق والانسان في خلقه! ولذلك حينما سُئِلوا عن صفات الله تمثلوا الانسان فقالوا أنَّ له صفاتاً ليست هي ذاته كما أن للانسان صفات ليست هي ذاته، وساندهم في ذلك بعض المرويات اليهودية التي تسللت اليهم من اليهود الذين اظهروا الاسلام! ثم بنوا على كل ذلك عقيدتهم دون ان يرجعوا الى المصدر الصحيح والنقي للعقيدة الاسلامية عند آل البيت الأطهار (عليهم السلام) بسبب تبعيتهم للسياسة الأموية!

ولبيان حقيقة الاحاديث التي رواها بعض السلف وتمسك بها الوهابية بخصوص تشبيه خلق الانسان بالخالق (تعالى عمّا يصفون) نذكر ما رواه الشيخ الصدوق في كتابه (التوحيد) بسنده: (عن أبي الورد بن ثمامة، عن علي عليه السلام، قال: {سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقول لرجل: قبح الله وجهك ووجه من يشبهك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مه، لا تقل هذا، فإن الله خلق آدم على صورته}. قال مصنف هذا الكتاب – أي الشيخ الصدوق – رحمه الله: (تركت المشبّهة من هذا الحديث أوّله، وقالوا: إنّ الله خلق آدم على صورته، فضلّوا في معناه وأضلّوا))[59].

ولبيان بطلان عقيدة السلف والوهابية في الصفات نقرأ ما كتبوه في موقع "الاسلام سؤال وجواب" ونصّه: [وأهل السنة يميزون بين مفهوم الصفة والذات، ويقولون: الله موصوف بالصفات، ولا يقولون: هي هو، أو هي غيره، لما في ذلك من الإجمال الذي يحتمل معنى فاسدا. قال ابن أبي العز الحنفي ....[60] في "شرح الطحاوية" (1/ 190): "وكذلك مسألة الصفة؛ هل هي زائدة على الذات أم لا؟ لفظها مجمل، وكذلك لفظ "الغير" فيه إجمال، فقد يراد به ما ليس هو إياه، وقد يراد به ما جاز مفارقته له. ولهذا كان أئمة السنة .... لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره، ولا أنه ليس غيره؛ لأن إطلاق الإثبات [أي إذا قيل: الصفات غير الله] قد يشعر أن ذلك مباين له، وإطلاق النفي [أي إذا قيل: الصفات ليست غير الله] قد يشعر بأنه هو هو؛ إذ كان لفظ الغير فيه إجمال. فلا يطلق إلا مع البيان والتفصيل: فإن أريد به أن هناك ذاتاً مجردة، قائمة بنفسها، منفصلة عن الصفات الزائدة عليها، فهذا غير صحيح. وإن أريد به: أن الصفات زائدة على الذات، التي يفهم من معناها، غير ما يفهم من معنى الصفة؛ فهذا حق، ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات، بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها، لا تنفصل عنها، وإنما يفرض الذهن ذاتاً وصفة، كُلاً وحده، ولكن ليس في الخارج ذات غير موصوفة، فإن هذا محال، ولو لم يكن إلا صفة الوجود، فإنها لا تنفك عن الموجود، وان كان الذهن يفرض ذاتاً ووجوداً، يتصور هذا وحده، وهذا وحده، لكن لا ينفك أحدهما عن الآخر في الخارج. وقد يقول بعضهم: الصفة لا عين الموصوف، ولا غيره، وهذا له معنى صحيح، وهو أن الصفة ليست عين ذات الموصوف التي يفرضها الذهن مجردة، بل هي غيرها، وليست غير الموصوف؛ بل الموصوف بصفاته شيء واحد غير متعدد[61]. والتحقيق: أن يفرق بين قول القائل: "الصفات غير الذات"، وبين قوله: "صفات الله غير الله"، فإن الثاني باطل؛ لأن مسمى "الله" يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى "الذات" فإنه لا يدخل فيه الصفات[62]؛ لأن المراد أن الصفات زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات، والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة. ولهذا قال الشيخ [أي الطحاوي] .... : (لا زال بصفاته)، ولم يقل: لا زال وصفاته؛ لأن العطف يؤذن بالمغايرة. وكذلك قال الإمام[63]أحمد .... في مناظرته الجهمية: لا نقول: الله وعلمه، الله وقدرته، الله ونوره، ولكن نقول: الله بعلمه وقدرته ونوره: هو إله واحد[64]سبحانه وتعالى. فإذا قلتُ: أعوذ بالله، فقد عذت بالذات المقدسة، الموصوفة بصفات الكمال المقدسة الثابتة، التي لا تقبل الانفصال بوجه من الوجوه. وإذا قلت: أعوذ بعزة الله، فقد عذت بصفة من صفات الله تعالى، ولم أعذ بغير الله. وهذا المعنى يفهم من لفظ الذات: فان "ذات" في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة، أي ذات وجود، ذات قدرة، ذات عز، ذات علم، ذات كرم، إلى غير ذلك من الصفات، فذات كذا، بمعنى صاحبة كذا تأنيث ذو، هذا أصل معنى الكلمة، فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه، وإن كان الذهن قد يفرض ذاتا مجردة عن الصفات، كما يفرض المحال" انتهى. وينظر: "الجواب الصحيح"، لابن تيمية (5/ 16). والحاصل: أن القول بأن الصفات عين الذات، قول باطل، وهو نفي للصفات وإثبات لذات مجردة، أو خلط وكلام فاسد لا حقيقة له][65].

انظر لقول الوهابية: (فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه) وهذا يعني أنَّ الإله عنده مركب من ذات وصفات! والتركيب غير ممكن على القديم تبارك وتعالى، لأنه يكون محتاجاً لأجزاءه غير غني[66]! وتكون الذات محتاجة للصفات حتى إن لم تكن منفصلة عنها بحال من الاحوال! فصفة الوجود للذات الإلهية المقدسة ليس فقط انَّه لا يمكن فصلها عن الذات المقدسة كما يدّعي السلفية في باقي الصفات كالسمع والبصر والقدرة، بل الوجود والذات المقدسة أمر واحد، وهذا من البديهيات العقلية. فلا يمكن ان تكون الذات الإلهية خالية من الوجود {غير موجودة} وتكون صفة الوجود خارجة عنها ولصيقة بها كما يدّعي السلفية الذين يحاولون خداع المسلمين بأفكارهم المخالفة للمنطق والعقل! وإذا كانت صفة واحدة - هي صفة الوجود - هي نفس الذات فهذا يعني انَّ بقية الصفات أيضاً كذلك.

وانظر لقولهم: (لأن مسمى "الله" يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى "الذات" فإنه لا يدخل فيه الصفات) والذي يدل على انَّهم يعتقدون بأنَّ الله تعالى مركب من ثنائية الذات والصفات! كما سبقهم بولس بالاعتقاد بثنائية (الأب والأبن) ثم جاء النصارى من بعده فآمنوا بالثالوث! [راجع رسالتنا: من ثنائية بولس الى ثالوث ترتليان]. فقال النصارى أن الأبن الذي هو المسيح يمثل صفة العلم والأب صفة الوجود، ثم اضافوا الروح القدس كصفة للحياة، وان ثلاثتهم يكونون الله (تعالى عمّا يصفون). فمفهوم "تركيب الإله" يتسلل الى الذهن السلفي كما تسلل من قبل الى الذهن النصراني! وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما روي عنه انَّه قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ؛ قلنا: يا رسول الله؛ اليهودُ والنَّصارى؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَن؟!) رواه البخاري ومسلم.

وانظر لقولهم: (فان "ذات" في أصل معناها لا تستعمل إلا مضافة، أي ذات وجود، ذات قدرة، ذات عز، ذات علم، ذات كرم، إلى غير ذلك من الصفات، فذات كذا، بمعنى صاحبة كذا تأنيث ذو، هذا أصل معنى الكلمة، فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه)، وهل هناك ذات بغير وجود ايها السلف والوهابية!!؟ لأن الذات بغير وجود تكون معدومة، أي لا شيء، فهذا يعني انَّ صفة الوجود مندكّة في الذات فهما شيء واحد، وكذلك بقية الصفات الإلهية، لا انَّها الى جانبها وغير منفصلة عنها كما يزعم السلف والوهابية. فشتّان بين الأمرين.

وانظر لقولهم: (والحاصل: أن القول بأن الصفات عين الذات، قول باطل، وهو نفي للصفات)، فالوهابية يظنون أن القول بأنَّ (الصفات عين الذات) يعني نفي الصفات متوهمين ان الصفات اذا كانت عين الذات المقدسة فذلك يؤدي الى اضمحلال الصفات في الذات فلا تبقى صفات لأنها ذائبة في الذات وتبقى الذات وحدها!! وهذا فهم خاطىء للموضوع، فإن القول بعينية الصفات للذات تفهم من خلال معرفة أن حقيقة الصفة هو نفي ضدها، فالعلم حقيقته نفي الجهل والقدرة حقيقتها نفي العجز، وهكذا لأن البشر لا يمكنهم ان يحيطوا بحقيقة صفات الله تبارك وتعالى، قال تعالى في الآية (110) من سورة طه: ((وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)). وأنَّ الذات المقدسة هي التي تسمع وتبصر وتقدر وتعلم وتحب وتكره، فالذات المقدسة ليست كذات البشر حيث عند البشر تكون صفاتهم منفصلة عن ذاتهم، فهناك انسان قد يكون كريماً والآخر بخيلاً والآخر عليماً والآخر جاهلاً مع أنَّهم جميعاً بشر، فتكون ذاتهم منفصلة عن صفاتهم ولذلك قد تحتلف الصفات من شخص الى آخر. ولا تصح المماثلة ولاالمشابهة بين الخالق والمخلوق. قال تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ)) [الشورى: 11].

السلف لمعنى نفي الصفات: ظن السلف ان معنى نفي الصفات هو القول بعدميتها! أو ربما هم شنعوا على خصومهم بأنَّ معنى نفي الصفات هو القول بعدميتها! وهل يقول مسلم ذلك بعدما وردت الصفات في القرآن الكريم كما في قوله تعالى: ((وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ))[67]، وقوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ))، وقوله تعالى: ((أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً))[68].
وعن نفي الصفات قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: (وَالشُّبْهَةُ الَّتِي فِي مَسْأَلَةِ الصِّفَاتِ نفيها وتشبيهها، وشبه النفي أردأ من شبه التشبيه، فإن شبه النَّفْيِ رَدٌّ وَتَكْذِيبٌ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وشبه التشبيه غلو مجاوزة لِلْحَدِّ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَتَشْبِيهُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ كُفْرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ} [الشُّورَى: ١١]، وَنَفْيُ الصِّفَاتِ كُفْرٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشُّورَى: ١١]. وَهَذَا أصل نَوْعَيِ التَّشْبِيهِ، فَإِنَّ التَّشْبِيهَ نَوْعَانِ: تَشْبِيهُ الْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ، وَهَذَا الَّذِي يَتْعَبُ أَهْلُ الْكَلَامِ فِي رَدِّهِ وَإِبْطَالِهِ، وَأَهْلُهُ فِي النَّاسِ أَقَلُّ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ تَشْبِيهِ الْمَخْلُوقِ بالخالق، كعباد المشايخ، وَعُزَيْرٍ، وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالْأَصْنَامِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّارِ، وَالْمَاءِ، وَالْعِجْلِ، وَالْقُبُورِ، وَالْجِنِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أُرْسِلَتْ لَهُمُ الرُّسُلُ يَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ)[69]!

فأما قوله: (فإن شبه النَّفْيِ رَدٌّ وَتَكْذِيبٌ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ)! إنْ كان يقصد بتكذيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجود أحاديث نبوية تثبت صفات لله تبارك وتعالى غير ذاته فهذا لم يرد في كتب أحاديث المخالفين من اهل السُنّة، وإن كان يقصد بالتكذيب ما جاء به من آيات القرآن من رب العالمين، فالقرآن الكريم لم يذكر أنَّ صفات الله غير ذاته بل هو فهم السلف للآيات الكريمة وهو فهم مغلق وموقوف عليهم، غير مرفوع ولا له صلة بتعاليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام).

فهؤلاء السلف لا يفهمون أنَّ القول بنفي الصفة لا يعني عدم وجودها بل يعني انَّ حقيقة الصفة هو نفي ضدها، مثلا حقيقة صفة الحياة هو نفي الموت، وحقيقة صفة العلم هو نفي الجهل وحقيقة صفة القدرة هو نفي العجز، لأن الله تبارك وتعالى ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))[70]، فلا حياة له كحياة البشر ولا علم له كعلم البشر ولا قدرة له كقدرة البشر، بل هي حياة وعلم وقدرة إلهية لا نعلم كنهها ولذلك لا نعتقد الا بما هو بالضد منها بحسب مفاهيمنا لكي لا يكون قولنا كذباً على الله تبارك وتعالى.

فخوض المخالفين ولاسيما الوهابية وسلفهم في موضوع الصفات بغير ما انزل الله تبارك وتعالى هو بمثابة القول بغير علم، وينطبق عليها قوله تعالى: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً))[71]. فالعلم عند آل البيت الأطهار (عليهم السلام) ولو رجعوا اليهم لبينوا لهم ما بينوه لشيعتهم من حقائق المعارف الدينية.

المطلب الثاني – شرح مواطن الخلل في الصفات الذاتية والفعلية عند السلف والوهابية:

ولفهم الصفات الذاتية والفعلية عند الوهابية نقرأ ما كتبه ابن عثيمين في شرحه للعقيدة الواسطية، حيث قال وهو يشرح كلام ابن تيمية: (عموم كلام المؤلف يشمل كل ما وصف الله به نفسه من الصفات الذاتية المعنوية والخبرية والصفات الفعلية.

فالصفات الذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متّصفاً بها وهي نوعان: معنوية وخبرية.

* فالمعنوية مثل: الحياة والعلم والقدرة والحكمة .. وما أشبه ذلك، وهذا على سبيل التمثيل لا الحصر.

*والخبرية مثل: اليدين والوجه والعينين ... وما أشبه ذلك مما سماه، نظيره أبعاض وأجزاء لنا)... الى أن يقول: (واصطلح العلماء .... على ان يسموها الصفات الذاتية، قالوا: لأنها ملازمة للذات لا تنفك عنها.

والصفات الفعلية: هي الصفات المتعلقة بمشيئته، وهي نوعان:

* صفات لها سبب معلوم، مثل: الرضا، فالله عزَّ وجل إذا وجد سبب الرضا، رضى، كما قال تعالى: ((إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)) {الزمر:7}.

* وصفات ليس لها سبب معلوم، مثل: النزول الى السماء الدنيا[72] حين يبقى ثلث الليل الآخر)[73].

وذكر بعد ذلك بقليل أنَّ من الأدلة الأخرى على الصفات الفعلية هي:

قوله تعالى: ((وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ))[74].

قوله تعالى: ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ))[75].

قوله تعالى: ((رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ))[76].

قوله تعالى: ((وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ))[77].

قوله تعالى: ((أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ))[78].

فجعلوا ألفاظ الجسم والحركة من صفاته تعالى!!

ثم يقول ابن عثيمين: (أن العقل لا مدخل له في باب الأسماء والصفات: لأن مدار إثبات الأسماء والصفات أو نفيها على السمع، فعقولنا لا تحكم على الله أبداً، فالمدار إذن على السمع)[79]. ومن فمك أدينك، فأين وجدتم في كلام الله تعالى القرآن الكريم أو كلام رسوله الأمين (صلى الله عليه وآله) أنَّ صفات الله غير ذاته؟!!

ويقول ابن عثيمين أنَّ "أهل السُنّة والجماعة" يؤمنون بصفات الله إيماناً خالياً من هذه الأمور الأربعة: التحريف والتعطيل والتكييف والتمثيل[80]، تبعاً لقول ابن تيمية في العقيدة الواسطية: (ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسه[81] في كتابه وبما وصفه به رسوله من غير 1- تحريف 2- ولا تعطيل 3- ومن غير تكييف 4- ولا تمثيل)[82]! وفيما يلي شرح لهذه الأمور الأربعة:

1+2 - فبخصوص التحريف والتعطيل: فهما مرتبطان عند السلفية فيحنما يمارس التحريف ينتج التعطيل! فنجد أنَّ ابن عثيمين يقول أنَّ المقصود بالتحريف هو التحريف المعنوي والذي يسميه غير السلفيين بالتأويل[83]. فهو إذن يرفض تأويل ألفاظ الصفات. فإذا جاء النص بوجود اليد لله تعالى والرجل والقدم والوجه فهذا يعني عند اتباع السلف وجود يد ورجل وقدم ووجه حقيقية لله تعالى ويرفضون تاويلها الى معنى القوة ومعاني أخرى مناسبه بحسب النص، متجاهلاً أنَّ سبحانه وتعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))[84]، وهذا التأويل اللازم لإستقامة العقيدة يسمونه تعطيلاً! فالتحريف يتسبب بالتعطيل عندهم لأن التاويل يغير المدلول الى اتجاه آخر رفضه "السلف" لتمسكهم بالالفاظ بعد أن اعوزهم العلم!

3 - واما التكييف: وهو لفظ مأخوذ من أداة السؤال (كيف)! ويعترف الوهابية ان مصطلح (التكييف) لم يرد في الكتاب والسُنّة، ومع ذلك يتمسكون به بذريعة ورود النهي عن السؤال عما لا يُعلم كما في قوله تعالى: ((وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))[85]. وقوله تعالى: ((إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))[86]. وقوله تعالى: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ))[87]، متجاهلين أنَّ نقص العلم عند "السلف" الذين يتبعونهم ليس حجة بعدم العلم به على المستوى البشري! فهناك فرق بين علم يجهله السلف وبين علم تجهله البشرية جميعها! فبخصوص العلم عند البشر قال تعالى: ((وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ))[88]، وقال تعالى: ((وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ))[89]. والملاحظ في تاريخ السلف انَّهم كانوا في اغلب الاحيان بل بصورة معتادة يتجنبون اخذ العلم من آل البيت الأطهار (عليهم السلام) في تلك القرون الاسلامية الاولى، ولو انَّهم رجعوا إليهم لزادت مساحة العلم المعروضة عليهم ولما احيطوا بالجهل الذي عليه السلفية والوهابية اليوم!

و(اهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله)[90] كما يقول ابن عثيمين، وهو لا يقصد بذلك الصفات الذاتية بشقيها (المعنوية والخبرية) بل يقصد النوع الثاني من الصفات الفعلية والتي قال عنها انها (ليس لها سبب معلوم)! كاستواء الله على العرش ونزوله الى السماء الدنيا، فهذه هي المقصودة بالامتناع عن السؤال عنها بـ (كيف؟)!

ويقول ابن عثيمين: (قال بعض العلماء جواباً لطيفاً: ان معنى قولنا: "بدون تكييف" ليس معناه ألا تعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية لكن المنفي علمنا بالكيفية، لأن استواء الله على العرش لا شك ان له كيفية، لكن لا تُعلم، نزوله الى السماء الدنيا له كيفية لكن لا تُعلم، لأنه ما من موجود إلا وله كيفية لكنها قد تكون معلومة وقد تكون مجهولة)[91]! وهو بذلك يرتكب مخالفتين الاولى مخالفته للآيات الكريمة التي تنهى عن القول بغير علم – والتي اشرنا إليها آنفاً - كما في قوله تعالى: ((وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))[92]. وقوله تعالى: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ))[93]، فليس في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية انَّ لصفات الله الفعلية كيفية لا نعلمها، فمن أين جاء السلف بهذه العقيدة المتنطّعة؟!

والمخالفة الثانية التي ارتكبها ابن عثيمين وعموم الوهابية تبعاً للسلف الذي يتبعونه هو قوله: (ما من موجود إلا وله كيفية)!! وهو بذلك يماثل الله سبحانه وتعالى الذي ليس كمثله شيء بالكائنات الموجودة المخلوقة، مخالفاً قوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ))[94].

وفي الكافي نقرأ ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني بسند عن الامام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) انه قال: (إن يهوديا يقال له سبحت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله! جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه وإلا رجعت، قال: سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان وليس في شئ من المكان المحدود: قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين يا سبحت إنه رسول الله. صلى الله عليه وسلم فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمرا أبين من هذا، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله)[95].

أنظر الى علوم آل البيت الأطهار (عليهم السلام)، التي اعرض عنها السلف والوهابية من بعدهم، كيف تميّز بين الحق والباطل، فتنقل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهيه عن وصف الله تبارك وتعالى بالكيف لأن (الكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه)، وليس كما يقول ابن عثيمين والوهابية أنَّ لله كيفاً ولكن لا نعلمه!! أستغفر الله ربي من قولهم الشنيع هذا.

4 – واما التمثيل: قال ابن عثيمين: (فأهل السنة يتبرءون من تمثيل الله عزَّ وجلَّ بخلقه لا في ذاته ولا في صفاته. والتمثيل: ذكر مماثل للشيء)... الى أن يقول: (وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عزَّ وجلَّ الصفات بدون مماثلة، يقولون: إن الله عزَّ وجلَّ له حياة وليست مثل حياتنا، له علم وليس مثل علمنا، له بصر وليس مثل بصرنا، له وجه وليس مثل وجوهنا، له يد وليست مثل أيدينا ... وهكذا جميع الصفات، يقولون: إن الله عزَّ وجلَّ لا يماثل خلقه فينا وصف به نفسه ابداً)[96]. ونحن نتفق معه فيما يخص صفات الذات (التي اصطُلِحَ عليها بالمعنوية)، اما ما اطلق عليه بالصفات الخبرية كاليد والوجه ونحوها من التسميات الجسمية فالقول بها باطل. لأنه ليس لله تبارك وتعالى صفات جسمية وليس هو بجسم تعالى الله عمّا يصفون.

ولاحظوا كيف انَّ قول ابن عثيمين بالامتناع عن التمثيل يتناقض مع قوله السابق بوجود كيفية لا يعلمونها لله تعالى! لأن قول ابن عثيمين (ما من موجود إلا وله كيفية) يعني الاشتراك بوجود الكيفية بين الخالق والمخلوق فهما متماثلان بوجود الكيفية! بينما هنا يقول ان المماثلة بين الخالق والمخلوق باطلة، فأبطل نفسه بنفسه!!

ويقول الشيخ العثيمين: (أن نفي التشبيه على الإطلاق بين صفات الخالق وصفات المخلوق لا يصح، لأنه ما منا من صفتين ثابتتين إلا وبينهما اشتراك في أصل المعنى وهذا الاشتراك نوع من المشابهة: فالعلم مثلاً، للإنسان علم، وللرب سبحانه علم، فاشتركا في أصل المعنى، لكن لا يستويان، أما التمثيل فيصح أن تنفي نفياً مطلقاً)[97]!

إذن وهو يمنع التمثيل في العقيدة نجده يقبل بدرجة من التشبيه! وهي درجة الاشتراك في أصل المعنى! فالوهابية تبعاً للسلف يكونون مشبهين بدرجة ما!

ولذلك في عقيدة الشيعة الامامية أنّه حتى الاشتراك في اصل المعنى مرفوض، فليس القول بانَّ لله سبحانه علم وللبشر علم ولكنهما لا يستويان بل يشتركان في اصل المعنى بصائب، بل الصائب هو القول بأنَّ حقيقة العلم الإلهي هو نفي الجهل عن الات المقدسة، وحقيقة الصفات الإلهية هو نفي اضدادها عن الذات المقدسة، بخلاف الانسان الذي لديه صفات هي ليست عين ذاته بل منفصلة عنها.

سفسطة قول ابن تيمية بـ "نزول الإله ولا يخلو منه العرش"!

ويقول السلفيون تبعاً لشيخهم أبن تيمية بنزول الله الى السماء الدنيا مع بقاءه على العرش!! وكأنما الإله تعالى يتمدد او يتوسع وكأنما العرش كائن مادي والإله جالس عليه!! يقول ابن تيمية: (والصواب: قول السلف أنه ينزل، ولا يخلو منه العرش) [98]!! ما يعكس ذهنية تجسيمية لا تشفع لها منعهم الخوض في الكيفية!!

أخرج اللالكائي في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) بسنده قال: (أن عبد الله بن طاهر، قال لإسحاق بن راهويه ما هذه الأحاديث التي يحدث بها: أن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا، والله يصعد وينزل؟ قال: فقال له إسحاق: تقول إن الله يقدر على أن ينزل ويصعد ولا يتحرك؟ قال: نعم، قال: فلم تنكر؟)[99]!

وعبد الله بن طاهر (متوفى 207هـ) هو الامير من قبل المأمون العباسي على خراسان وإسحاق بن راهويه والسلفية يستشهدون بجوابه "ان الله يقدر أن ينزل ويصعد ولا يتحرك" بانه الجواب العقائدي الذي يعبر عن العقيدة الاسلامية!! وهذه السفسطة السلفية والوهابية مماثلة لسفسطة أخرى نجدها عند النصارى حينما نعترض عليهم كيف يرتضون ان ينسبوا للإله أنَّه يخلق جسداً بشرياً ويتجسد فيه - هو جسد عيسى فيما يزعمون - فيكون محدوداً فقيراً محتاجاً لذلك الحد، ويكون في جهة فهو فقير محتاج للجهة ليكون فيها، ويكون فقيراً محتاجاً لذلك الجسد الذي خلقه ليتجسد به فيكون محتاجاً لمخلوقاته!! فيقولون أليس الإله عظيم القدرة؟ هل تنكرون أنه على كل شيء قدير!!؟ وهي سفسطة واضحة لأولي الألباب.

نعم الإله على كل شيء قدير ولكن هناك أمور ممتنعة الحدوث بحد ذاتها لأفتقارها الذاتي الى الحدوث. على سبيل المثال:

· هل يمكن للإله أن لا يكون إلهاً!!؟

· هل يمكن للإله أن يخلق إلهاً!!؟

لا يمكن ذلك، ليس لقصور في قدرة الإله بل لأنه أمر ممتنع الحدوث ذاتاً.

يقول السيد عبد الله شبّر: (ولا يلزم العجز أيضاً بعدم وجود الممتنع كشريك الباري واجتماع الضدين، ولا ينافي ذلك عموم قدرته تعالى لأن ذلك ممتنع لذاته عن قبول الوجود وعدم قابليته واستعداده لتعلق القدرة، لا لأنه تعالى ليس بقادر على ذلك قإنه تعالى لا يوصف بالعجز)[100]. ثم يذكر رواية الشيخ الصدوق في كتابه (التوحيد) عن الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن يصغر الدنيا أو يكبر البيضة؟ قال: إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون)[101].

وهذا جوابنا للنصارى وللسلفية في عقيدتهم السفسطية، فعدم تحرك الإله وامتناع صعوده ونزوله ليس لكونه غير قدير بل لكون الحدوث ممتنع على الذات الإلهية فهل سبحانه قديم، والحدوث من صفات المخلوقات. ولكن السلفية والوهابية تشبثوا بجواب ذلك الأمير الجاهل واعتبروه ديناً وعقيدة يعتقدونها!!؟

وضمن نفس السياق نفهم الاسألة التالية:

هل يمكن ان يخلق الإلهُ ولا يكون خالقاً!!؟

هل يمكن أن يرحم الإله ولا يكون رحيماً!!؟

هل يمكن أن يكون الإله حياً ولا يكون موجوداً!!؟

هل يمكن أن يخلق الإله كائنات ولا تكون موجودة؟!

فإن قلت هذه سفسطة فنعم هي سفسطة كسفسطة القائل بالصعود والنزول بدون حركة!!

ابو حنيفة والصفات الجسمية:

جاء في شرح العقيدة الطحاوية: (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي "الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ": لَهُ يَدٌ وَوَجْهٌ وَنَفْسٌ، كَمَا ذَكَرَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالنَّفْسِ، فَهُوَ لَهُ صِفَةٌ بِلَا كَيْفٍ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّ يَدَهُ قُدْرَتُهُ وَنِعْمَتُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ الصِّفَةِ، انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثَابِتٌ بِالْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزُّمَرِ: ٦٧]. وَقَالَ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [الْقَصَصِ: ٨٨]. {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرَّحْمَنِ: ٢٧]. وَقَالَ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦])[102]!!

فإذا كان ابو حنيفة هو احد السلف الذين يرجعون إليهم فلماذا لم يرجع ابو حنيفة الى إمام زمانه جعفر الصادق (عليه السلام) ليسأله عن صفات الله تبارك وتعالى وعن معاني الألفاظ الجسمية الواردة في الآيات القرآنية وهل يتوجب تأويلها أم لا؟!! لماذا هذه القطيعة مع آل البيت الأطهار (عليهم السلام) وهم بإعتراف الرواية في صحيح مسلم (الثقل) الذي اوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!!

العقيدة الحقة في الصفات:

إنَّ العقيدة الحقّة في موضوع الصفات الذي اختلف فيه المسلمون منذ القرن الاسلامي الاول - وما اختلفوا فيه الا لإبتعادهم عن الثقلين: الكتاب والعترة الطاهرة (عليهم السلام) - هي ما كان أئمة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) يذهبون إليه من القول بأن الله عزَّ وجلَّ قادر بذاته وعليم بذاته وسميع بذاته، وهذا بعض كلامهم المروي عنهم (صلوات الله عليهم):

* عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): (لم يزل الله عزّ وجلّ ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم، وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور)[103].

* وعن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قوله تعالى: "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم" فقال: (هو واحد واحدي[104] الذات، بائن من خلقه، وبذاك وصف نفسه، "وهو بكل شئ محيط" بالاشراف والإحاطة والقدرة "لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" بالإحاطة والعلم لا بالذات لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية)[105].

* وعن الإمام أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) أنّه قال في صفة القديم: (إنّه واحد صمد أحدي المعني، ليس بمعاني كثيرة مختلفة). قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنّه يسمع بغير الذي يبصر، يبصر بغير الذي يسمع. قال: (كذبوا وألحدوا وشبّهوا، تعالى الله عن ذلك، إنّه سميع بصير يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع) إلخ الرواية[106].

* وجاء في حديث الزنديق الذي سأل الإمام أبا عبدالله (عليه السلام): أنّه قال له: أتقول: إنّه سميع بصير؟ فقال أبو عبدالله (عليه السلام): (هو سميع بصير، سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي: إنّه سميع بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر، ولكنّي أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً، وإفهاماً لك إذ كنت سائلاً، فأقول يسمع بكلّه لا أنّ كلّه له بعض لأنّ الكل لنا [ له ] بعض، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك كلّه إلاّ أنّه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى)[107].

* نقرأ في خطبة عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) أنَّه قال: (دليله أياته، ووجوده إثباته، ومعرفته توحيده، وتوحيده تمييزه من خلقه. وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة. إنّه ربّ خالق غير مربوب مخلوق. كل ما تصوّر فهو بخلافه)[108].

* روى الشيخ الصدوق في كتابه (التوحيد) بسنده عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله: (أول الديانة معرفته، وكمال المعرفة توحيده، وكمال التوحيد نفى الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة).

وحيث انَّ الدعاية الأموية كانت تسير بإتجاه معارضة الإسلام الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصبح الأمناء عليه من بعده أئمة آل البيت الأطهار (عليهم السلام)، فقد اوجدوا لهم صنائع بثّوا في الأمة آراءً عقائدية وفقهية تغاير وتضاد كل ما يصدر عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام)! وواحدة من تلك التغييرات التي احدثتها السياسة الأموية في فكر الأمة وعقيدتها هو موضوع الصفات الذي تبناه بعض "السلف" وسار عليه الوهابية من بعدهم!! فقالوا ان الصفات غير الذات خلافاً لعقيدة آل البيت الأطهار (عليهم السلام) بان الله سبحانه وتعالى عالم بذاته وقادر بذاته وسميع وبصير وحليم بذاته، تبارك وتعالى.

ونستعرض الآن أقوال علمائنا الأبرار (رضوان الله عليهم) تبعاً لما تلقوه من كلام آل البيت الأطهار (عليهم السلام):

* قال الشيخ المفيد في كتابه (اوائل المقالات): (إن الله - عز وجل اسمه - حي لنفسه لا بحياة، وأنه قادر لنفسه وعالم لنفسه لا بمعنى كما ذهب إليه المشبهة من أصحاب الصفات ولا الأحوال المختلفات كما أبدعه أبو هاشم الجبائي وفارق به سائر أهل التوحيد وارتكب أشنع من مقال أهل الصفات، وهذا مذهب الإمامية كافة والمعتزلة إلا من سميناه وأكثر المرجئة وجمهور الزيدية وجماعة من أصحاب الحديث والمحكمة)[109].

* وقال الشيخ الطوسي في رسالته (ثلاثون مسألة في معرفة الله تعالى)[110]: (مسألة {18}: الله تعالى لا يتّصفُ بصفةٍ زائدةٍ على ذاته، لأنها إنْ كانت حادثةً كان محلاً للحوادث، وهو محال)[111]. وقول الشيخ: (لأنها إنْ كانت حادثةً) تعني أنَّ الشيخ الطوسي نظر للموضوع في هذه النقطة من جهة كونها حادثة فأبطل هذا الاحتمال من هذه الجهة. ولم ينظر لنفس النقطة من جهة كونها قديمة غير حادثة لأن هذا يعني تعدد القدماء وهو واضح البطلان. فالمحصلة تكون أنَّ الله تعالى لا يتصف بصفة زائدة على ذاته المقدسة لا حادثة ولا قديمة.

* وقال الشيخ قطب الدين السبزواري (القرن السابع الهجري) في كتابه (الخلاصة في علم الكلام) ما نصّه: (هذه الصفات التي اثبتناها صفات إضافية نسبية ليست زائدة على ذاته المنزّهة، لأنه لو كانت زائدة فلا يخلو: اما أن تكون واجبة أو ممكنة، وهما محالان. ويستحيل أن تكون زائدة. وإنّما قلنا أنها لم تكن واجبة لأنها محتاجة الى الغير وما كان محتاجاً الى الغير لا يكون واجباً. وإنّما قلنا أنها لا تكون ممكنة لأنها لو كانت ممكنة لكانت محتاجة الى الغير والمحتاج الى الغير محدَثٌ لما مرّ، وإذا لم تكن واجبة ولا ممكنة لم تكن زائدة على ذاته، فحصل المرام)[112].

* وقال الشيخ نجيب الدين أبو طالب محمد بن محمد بن مدك الأسترآبادي (القرن 8 هـ) في رسالته (المقدمة في علم الأصول) ما نصّه: (وتعلم انّه قادر للذات، عالم للذات، موجود للذات، يعني لا يحتاج في كونه قادراً عالماً حياً الى قدرة وعلم وحياة. بل لو لم يكن في الوجود غيره تعالى، كان قادراً عالماً، لأنه لو كان قادراً بقدرةٍ عالماً بعلمٍ حياً بحياةٍ لكان محتاجاً الى جميع ذلك. والمحتاجُ لا يكون إلهاً)[113].

* وقال الشيخ أبو عبد الله جمال الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني، الشهيد الأول (متوفى 786هـ) في رسالته (الطلائعية تستطلع بمعتقدها المرتبة العليّة) ما نصّه: (ويجب كونه تعالى سميعاً بصيراً بمعنى علمه بالمسموع والمُبصَر، لإستحالة الحواس عليه، لأنّه عالم بكل معلوم، فيدخل المسموع والمُبصّر)[114].

وقال الشهيد الأول أيضاً في رسالته الاعتقادية الرابعة: (واستَدِلُّ على كونه سميعاً بصيراً بعموم علمه بهما)[115].

* وقال العلامة الحلي (توفي 726 هـ) في رسالته (الباب الحادي عشر) ما نصّه: (لو كان قادراً بقدرة أو عالماً بعلم وغير ذلك، لافتقر في صفاته الى ذلك المعنى فيكون ممكنناً، وهذا خلفٌ)[116].

** وقال العلامة الحلي في رسالته الاعتقادية الثانية: (وعلى سمعه وبصره: بمعنى علمه بهما، لعموم علمه)[117].

** وضمن نفس المعنى قال العلامة الحلي في رسالته الاعتقادية الثالثة: (ويجب ان يعتقد انه تعالى سميع بصير، لأنه عالم بكل معلومات، ومن جملتها المسمع والمُبصر فيكون عالماً بهما، وهو معنى كونه سميعاً بصيراً)[118].

** وقال العلامة الحلي في رسالته الاعتقادية الرابعة (الابحاث المفيدة في تحصيل العقيدة) ما نصّه: (في ان هذه الصفات غير زائدة على الذات: والأقرب الى الحق ذلك، وهو مذهب ابي الحسين والفلاسفة وباقي المعتزلة. والأشاعرة قالوا: إنها زائدة، وهؤلاء: إن أرادوا بالزيادة الزيادة في العقل والتصور بحيث يكون كونه قادراً في التصور يغاير كونه عالماً، فهو حق. وإن أرادوا التغاير في الوجود، بحيث يجعلون لهذه الصفات وجوباً بالذات فهو ممنوع. والأشاعرة أثبتوا لها معاني قديمة كالقدرة والعلم والحياة وغيرها من الصفات، والحق نفيها، وإلا افتقر في كونه عالماً الى مؤثر، فيكون الله تعالى مفتقراً الى التغير، تعالى الله عن ذلك)[119].

* وقال المحقق محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلي (متوفى 771هـ) في رسالته (العقائد الفخرية): (وانّ صفاته عين ذاته كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «تمام توحيده نفي الصفات عنه»)[120]. وهو أول نص عند الشيعة في كتبهم العقائدية يذكر عبارة (صفاته عين ذاته)!! وهي من تعابير الصوفية، وجدناها بكثرة في كلام ابن عربي وغيره. مما يعني انهم قبل ذلك لم يكونوا يتكلمون عن وجود صفات لله هي عين ذاته، ولم يرد ذلك في كلام أهل البيت الأطهار (عليهم السلام). والعبارة مضطربة فمن جهة تقول ان الصفات عين الذات ومن جهة تقول تمام التوحيد نفي الصفات عنه سبحانه!! ولذلك ينبغي التحقق من نسبة هذه العبارة الى العلامة الحلّي وأنَّها لم تمسها اخطاء النسّاخ! ويقوي ذلك ما ذكره في كتابه (إرشاد المسترشدين) الآتي:

** قال المحقق الحلي في كتابه (إرشاد المسترشدين): (ويجب ان يعتقد: أنّه تعالى سميع بصير، أي عالم بالمسموعات والمبصرات، لأنه عالم بكل المعلومات، ومن جملتها المسموعات والمبصرات، فمعنى قولنا: (سميع بصير) هو انّه عالم بالمسموعات والمبصرات، لا معنى زائد على العلم)[121].

* وقال الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي (القرن 9 هـ) من تلاميذ الشيخ ابن فهد الحلّي (متوفى 841هـ): (والدليل العقلي على كونه تعالى مدرِكاً: ثبوت العلم له، لأنّ إدراكه تعالى ليس بآلة جسمانيّة، لكونها ممتنعة عليه لما يأتي في باب الصفات السلبية، فتعيّن أنّ علمه بالمدركات يسمّى إدراكاً ويسمّى باعتباره مدركاً، وباعتبار علمه بالمسموعات يسمّى سميعاً، وباعتبار علمه بالمُبصرات يسمّى بصيراً، بخلاف بعض المخلوقات كالإنسان فإنّه لا يُسمّى بهذه الأسماء إلا بإعتبار الآله الحسيّة)[122].

اننا نذكر صفات الله تعالى على سبيل المجاز باعتبارها مفاهيم على الصعيد الذهني والاعتباري لا مصداق لها سوى نفي ضدها عن الذات الإلهية المقدسة. فكل ما نتحدث به عن صفات الله تعالى إنما نقصد به هذا المعنى. وأمرنا الله سبحانه وتعالى أن ندعوه بالأسماء الحسنى، لا بالصفات!

قال تعالى: ((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[123]. وصدق الله العزيز الحميد القائل: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[124]))[125].

وفي هذا الصدد كتب الشيخ حيدر الوكيل بعد ذكره لرواية الامام الرضا (عليه السلام) التي رواها الشيخ الصدوق في التوحيد والتي ذكرناها آنفاً، ما نصّه: (هذا غاية ما يدركه العقل اما أن الصفة عين الموصوف فهذا ما لا يدركه العقل بل المدرك المغايرة كما عرفت ومن هذه القاعدة العقلية انطلق الائمة الهداة (صلوات الله عليهم) لتأسيس المعرفة بالله تعالى وصفاته وقد تمثلت بأن الصفات كالذات لا يمكن ادراكها ولم يذكروا ان الصفات عين الذات الالهية المقدسة، والنصوص الشريفة اشارت الى أمرين:

الاول: عدم امكان معرفتها معرفة حقيقية وان عقولنا لا تنال الا سلب صفاتنا عنه تعالى سواء في ذلك صفات الكمال فينا او صفات النقص فكل صفاتنا وما يوجد فينا لا يوجد في الباري سبحانه {خلو من خلقه وخلقه خلو منه}.

الثاني: نفي الإثنينية ومنها زيادة الصفات على الذات. ومن هنا نشأت فكرة العينية حيث حكموا بالعينية لما راوا ان الاخبار تنفي الزيادة، فتوهموا ان نفي زيادة الصفات يعني عينيتها للذات وجعلوا هذا حكما للعقل ناسين ان العقل يحكم بالمغايرة بين الصفة والموصوف ثم يقف ولا يحكم بهذه العينية.

والصحيح ان نلتزم بمضمون البيانات الإلهية ولا ندخل فيها لا تصله العقول بل نصيبها التيه فيه والابتعاد عنه كلما جد العقل في طلبه. فالعينية المذكورة ان كانت بمعنى نفي الاثنينية تكون اصطلاحاً لبيان العقيدة الحقة اما لو تجاوز ذلك فهو خطأ وابتعاد عن السلوك المعرفي الصحيح في العقيدة الدينية)[126].

صفة اليدين المزعومة: نقلنا آراء الوهابية في وجود صفات ذاتية خبرية كالوجه واليد والرجل إلخ. ونسلط الضوء الان على صفة اليد المزعومة حيث يذهب السف والوهابية تبعاً لهم الة مزاعم أنَّ لله تعالى صفة (اليدين)!! لكون هذه المزاعم تبيّن الخلاف بين السلفية وبين الاشعرية والمعتزلة وهم جميعاً من أهل السُنة[127].

قال ابن حجر في فتح الباري: ((قوله باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي) قال ابن بطال في هذه الآية اثبات يدين لله وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين خلافا للمشبهة من المثبتة وللجهمية من المعطلة ويكفي في الرد على من زعم انهما بمعنى القدرة انهم اجمعوا على أن له قدرة واحدة في قول المثبتة ولا قدرة له في قول النفاة لانهم يقولون إنه قادر لذاته)[128].

فهؤلاء انحرفوا لدرجة ان جعلوا "اليدين" من صفات الله متجاهلين انَّ لكل صفة أسم، كما في القدرة وأسمها القدير، والرحمة وأسمها الرحيم، والعظمة واسمها العظيم، فما هو أسم "اليدين" إنْ كانت حقاً صفة؟!! واضح انها ليست كذلك.

ويعتبر ابن حجر ان القول بان الله تبارك وتعالى قادر لذاته هو نفي لصفة القدرة! فكيف تكون نفياً وهم يعترفون بأنَّه القدير!!؟ مما يؤكد على أنَّه يعتبر صفة القدرة غير الذات الإلهية!!

تدليس وهابي وقح!!: ولأن هناك العديد من الاحاديث النبوية الشريفة تتحدث عن الاستعاذة بصفات الله والتوسل اليه بصفاته ودعائه بصفاته مما جعل الرؤية العقائدية الوهابية محرجة من وجود هذه الاحاديث التي تخالفها لكونها تتوسل وتستغيث بالصفات وهي غير ذات الله تبارك وتعالى بحسب معتقدهم الفاسد، ولذلك اضطروا الى نوع من التدليس فابتدعوا القول بأن هذه الاحاديث تحتوي على التوسل الى الله بصفاته لا دعاء الله بصفاته!!!؟

كما روى الترمذي في سننه بسنده: (عن أنس بن مالك قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث")[129]. فهي استغاثة بصفة الرحمة التي هي غير الذات المقدسة عند الوهابية!! ومن يقول ان الاستغاثة غير الدعاء فهل يقبلون للمسلمين أن يستغيثوا بغير الله تبارك وتعالى؟!!

وحاول موقع (الاسلام سؤال وجواب) وهو بإشراف الشيخ الوهابي محمد صالح المنجد التدليس على كون دعاء الصفة أو الاستعاذة بها هو دعاء او إستغاثة بغير الله بحسب متبنياتهم الفكرية، فقال: [قد يشكل على البعض ما جاء في النصوص من الاستعاذة بكلمات الله التامات، وبرضاه من سخطه، ونحو ذلك، والجواب أن هذا من الاستعاذة بالله مع التوسل إليه بهذه الصفات. قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البرّاك.....: " قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "برحمتك أستغيث" هذا من قبيل التوسل لا من قبيل دعاء الصفة، مثل: أسألك يا الله برحمتك، وفي دعاء الاستخارة: "أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك". صحيح البخاري (1166)]!! ولكن الشيخ يدلس لأنه يعلم جيداً انَّ قول (برحمتك أستغيث) هو استغاثة بالرحمة التي هي غير الذات عندهم، أي استغاثة بالصفة، وكل ذي عقل يعرف أنَّ عبارة: {برحمتك أستغيث} لا تعطي نفس معنى عبارة: {أسألك يا الله برحمتك} لأن الأولى تفيد معنى الاستغاثة بالصفة التي هي (الرحمة)، اما العبارة الثانية فهي دعاء لله تبارك وتعالى على سبيل التوسل إليه سبحانه بصفة رحمته. واذا اردنا ان نجعل معنى العبارتين متطابق مع التوسل بالصفة فيجب ان نقول: {برحمتك استغيثك يا رب} و{برحمتك اتوسل اليك يا رب}. فالحديث (برحمتك أستغيث) هو استغاثة بصفة الرحمة لا إستغاثة بالذات لأنها غير الذات بحسب عقيدتهم.

كما ان ما جاء في بعض الاحاديث التي اشار الى مضمونها وفيها الاستعاذة برضاه من سخطه ونحو ذلك هي انما استعاذة بصفة من صفة، فكيف يزعم انه من الاستعاذة بالله مع ان الصفات هي غير الذات عندهم؟! فليس فيها سؤال لله تبارك وتعالى.

وضمن نفس الإطار نقرأ قول البرّاك: [ومثل الاستعاذة بالصفة، قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك". صحيح مسلم (486). وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أعوذ بكلمات الله التامات". صحيح مسلم (2708). كل هذا من نوع التوسل إلى الله بصفاته، وهو من التوسل المشروع]!! فالاستعاذة بالصفة التي هي غير الذات جائز عندهم!!! ولكن دعاء الصفة كفر عندهم!!! فما هو الفرق بين دعاء الصفة والاستعاذة بها وهي في جميع الاحوال غير ذات الله وإن كانت جزءً[130]من الإله عندهم!!! ثم يستمر بالهذيان فيقول: [وأما دعاء الصفة فلم يرد في الأدعية المأثورة، ولا يمكن أن يكون مشروعاً)

ويقول الوهابي البراك كاشفاً عن حقيقة عقيدته: [بل صفات الله قائمة به، وليس شيء منها إله يدعى، بل الله بصفاته إله واحد]!!!فهو ينظر الى الصفات كأداة لتتمكن الذات الإلهية المقدسة من التفاعل مع ما هو مطلوب! كالرحمة والعزّة والسمع والكلام، فهو تشبيه تام بالانسان وجوارحه حيث وضعوا الأنف والاذن والعين محل الادوات التي تنقل الصفات ووضعوا العقل محل الذات الذي يتعقل الصفات!! فالوهابية مشبهة بإمتياز، وعقيدة ضالة الى أبعد الحدود مهما حاولوا ان يجحدوا ذلك ويدفعوه عن عقيدتهم!!

وننتقل الى ابن عثيمين لنجده يقول: [وأما ما جاء في الأحاديث التي ذكرها شارح الطحاوية مثل: أعوذ بعزتك أعوذ بعظمتك، أعوذ برضاك، أعوذ بكلمات الله التامة فحقيقته أنه استعاذة بالله متوسلًا إليه بهذه الصفات المقتضية للعياذ". انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/ 165)]!! لاحظ قوله: (متوسلًا إليه بهذه الصفات) والذي يعني بوضوح ان الصفات غير الذات!! فينطبق عليه ما ذكرناه عن كلام البراك، فالوهابية يتداولون الافكار بينهم ولا تجد فيهم عاقلاً ينتبه لمساوء كلامهم!!

اما قوله: (وأما دعاء الصفة فلم يرد في الأدعية المأثورة) فلا فرق بين دعاء الصفة والاستعاذة بها، لأن الاستعاذة هي نوع من الدعاء كما هو معلوم. فإن كانت الاستعاذة ليست بدعاء بزعمهم فليعلِمونا ما هي إذن؟!!

والوهابية في عقيدتهم حول منع دعاء الصفات وانها غير الذات المقدسة انما يتبعون كلام ابن تيمية الذي قال كما في النصين التاليين:

· (سؤال الله بصفاته والقسم بها جائز أما دعاء الصفة فكفر بالله[131] (إن الحلف بصفاته كالحلف به، كما لو قال: وعزة الله تعالى! أو: لعمر الله! أو: والقرآن العظيم! فإنه قد ثبت جواز الحلف بهذه الصفات ونحوها عن النبي (ص) والصحابة، ولأن الحلف بصفاته كالاستعاذة بها - وإن كانت الاستعاذة لا تكون إلا بالله في مثل قول النبي (ص): «أعوذ بوجهك» و «أعوذ بكلمات الله التامات» و «أعوذ برضاك من سخطك» ونحو ذلك -، وهذا أمر متقرر عند العلماء). (إن مسألة الله بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث، وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين ؛ فهل يقول مسلم: يا كلام الله! اغفر لي وارحمني وأغثني أو أعني، أو: يا علم الله، أو: يا قدرة الله، أو: يا عزة الله، أو: يا عظمة الله ونحو ذلك ؟! أو سمع من مسلم أو كافر أنه دعا ذلك من صفات الله وصفات غيره، أو يطلب من الصفة جلب منفعة أو دفع مضرة أو إعانة أو نصرا أو إغاثة أو غير ذلك ؟!)[132].

· (الدعاء والعبادة هو للإله الخالق لا لشيء من صفاته فالناس كلهم يقولون يا الله يا ربنا يا خالقنا ارحمنا واغفر لنا ولا يقول أحد يا كلام الله اغفر لنا وارحمنا ولا يا قدرة الله ويا مشيئة الله ويا علم الله اغفر لنا وارحمنا، والله تعالى يخلق بقدرته ومشيئته وكلامه وليست صفاته هي الخالقة[133])[134].

تعالى الله عمّا يقول ابن تيمية علواً كبيراً.

وقد يكون دعاء الصفة غير وارد في الآيات القرآنية والروايات المعتبرة لكون بلاغة لغة العرب تعتمد دعاء الأسماء وليست الصفات، ولذلك قال تعالى: ((وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا))[135]، وليس الامر متعلقاً بكون الصفة غير الذات المقدسة كما يزعم ابن تيمية وانه يكفر من يدعوها بحسب مزاعمه وما تعوده من تكفير المسلمين لأسباب شتى!!

رابعاً. عقيدتهم بأن الإله خالق منذ القديم ولذلك تتسلسل الحوادث!

اعتقاد ابن تيمية والوهابية بالحوادث المتسلسلة: وقد ذهب الى هذا المذهب ابن تيمية القائل بوجود حوادث متسلسلة لا اول لها فقال: (والقولُ الثاني: أنَّ المؤثِّرَ التامَّ يَستلزِمُ أَثَرَهُ؛ لكنَّ في معنى هذا الاستلزامِ قولَيْنِ: أحدُهما: أنْ يكونَ معه؛ بحيثُ يكونُ زمانُ الأَثَرِ المُعَيَّنِ زمانَ المؤثِّرِ؛ فهذا هو الذي تقولُهُ المتفلسفةُ؛ وهو معلومُ الفَسَادِ بصريحِ العَقْلِ عندَ جمهورِ العُقَلاءِ. والثاني: أنْ يكونَ الأَثَرُ عَقِبَ تَمَامِ المؤثِّرِ؛ وهذا يُقِرُّ به جمهورُ العُقَلاءِ؛ وهو يَستلزِمُ ألَّا يكونَ في العالَمِ شيءٌ قديمٌ، بل كُلُّ ما فعَلَهُ القديمُ الواجبُ بنفسِهِ، فهو مُحْدَثٌ. وإنْ قيلَ: إنَّه لم يَزَلْ فَعَّالًا، وإنْ قيلَ بدوامِ فاعليَّتِهِ، فذلكَ لا يُناقِضُ حدوثَ كلِّ ما سواهُ، بل هو مُستلزِمٌ لحدوثِ كلِّ ما سواهُ؛ فإنَّ كلَّ مفعولٍ، فهو مُحْدَثٌ؛ فكلُّ ما سواه مفعولٌ؛ فهو مُحْدَثٌ مسبوقٌ بالعَدَمِ؛ فإنَّ المسبوقَ بغيرِهِ سَبْقًا زمانيًّا لا يكونُ قديمًا، والأَثَرُ المُتعقِّبُ لِمُؤَثِّرِهِ الذي زمانُهُ عَقِبَ زمانِ تَمَامِ مؤثِّرِهِ، ليسَ مُقارِنًا له في الزمانِ، بل زَمَنُهُ مُتعقِّبٌ لزمانِ تَمَامِ التأثيرِ؛ كتَقدُّمِ بعضِ أجزاءِ الزمانِ على بعضٍ، وليسَ في أجزاءِ الزَّمَانِ شيءٌ قديمٌ، وإنْ كانَ جِنْسُهُ قديمًا، بَلْ كلُّ جزءٍ مِنَ الزمانِ مسبوقٌ بآخَرَ؛ فليسَ مِنَ التأثيراتِ المعيَّنةِ تأثيرٌ قديمٌ؛ كما ليسَ مِنْ أجزاءِ الزَّمَانِ جزءٌ قديمٌ. فمَنْ تَدَبَّرَ هذه الحقائقَ، وتَبيَّنَ له ما فيها مِنَ الاشتباهِ والالتباسِ، تَبَيَّنَ له مُحَارَاتُ أكابِرِ النُّظَّارْ، في هذِهِ المَهَامِهِ التي تَحَارُ فيها الأَبْصَارْ، واللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مستقيمٍ)[136].

فإبن تيمية يتصور أنَّ هناك فرقاً بين عبارة (يكونُ زمانُ الأَثَرِ المُعَيَّنِ زمانَ المؤثِّرِ) وبين عبارة أن (يكونَ الأَثَرُ عَقِبَ تَمَامِ المؤثِّرِ)! وكلاهما واحد، فالعبارة الاولى تعني ان الاثر والمؤثر في زمان واحد[137]ولكنهم يقولون أيضاً بأن وجود الأثر حدث بعد وجود المؤثر (الحدوث الذاتي)، أي إن الأثر هو معلول للمؤثر، ووجود المؤثر قديم فيكون الحدوث الذاتي للأثر قديم أيضاً. أما العبارة الثانية فالمؤثر قديم وعقب وجوده تماماً كان وجود الأثر المخلوق، أي أَّنه بعد صدور الفعل من المؤثر تماماً انفعل الأثر وتكوّن، فهو نفس المسألة السابقة - وإنْ كان هذا الكلام غير منطقي! ولكن فرض المحال ليس بمحال - غير أنَّ الفلاسفة يقولون بأن الأثر قديم لكي ينفوا التعطيل، بينما ابن تيمية يقول الأثر مخلوق مسبق بعدم لكي ينفي القِدَم عن الأثر، ولكي يخرج عن التعطيل بحسب ظنّه قال أن الأثر مسبوق بأثر آخر قبله مخلوق ومعدوم وهذا بآخر مخلوق ومعدوم!! وهكذا تتسلسل المسألة ما دام المؤثر قديم! فكلام الفلاسفة وابن تيمية مؤداه واحد من جهة أخرى وهي أنَّ الإله فاقد للاختيار وبتعبيرهم "موجَب" أي يجب عليه الخلق، وما دام هو قديم فيتوجب عليه الخلق منذ القدم بحسب رأي الفلاسفة أو يتوجب حدوث تسلسل بالمخلوقات وتتالي لخلقها بدون إختيار من الإله بل وبإرادة مسلوبة عنه، لأنه لا يتمكن بحسب لوازم قولهم من التوقف عن الجود والعطاء والخلق! فبدلاً من قولهم أن الإله مريد وهي صفة قديمة كما هو شأنه سبحانه، أصبحت لوازم عقيدتهم هي أنَّ الإله فاقد لإرادة الإختيار! وبمعنى آخر كلام أبن تيمية مجرد تعميّة على بؤس وتهافت تلك الأفكار و"ضحك على الذقون" الوهابية!

بعبارة أخرى: الفلاسفة لا يقولون بالحدوث الزماني للعالم الذي يتضمن العدم المسبق بل بالحدوث الذاتي أي أنَّه ما دام الإله موجود وإرادته صفة لذاته وخالقيته صفة لذاته فلا يمكن أن يكون معطلاً عن فعل الخلق ولذلك فطالما هو موجود ووجوده أزلي فمخلوقاته موجودة دون ان يكون هناك فاصل بين وجوده ووجود مخلوقاته سوى التتابع بين وجوديهما! لأنه لا يمكن أن يتوقف عن فعل الخلق لأنه ليس معطّلاً، وما دام لم يصح تعطيله في القدم فلا يصح تعطيله في الحاضر أو المستقبل! وكذلك أبن تيمية يقول بالأثر عقب تمام المؤثر وهو نفس مفهوم أن الإله لا يمكن ان يكون معطلاً فما دام موجود فمخلوقاته موجودة، سوى ان ابن تيمية يقول بتتابع المخلوقات وكل منها مسبوق بعدم يسبقه مخلوق آخر مسبوق بعدم ويسبقه مخلوق آخر وهكذا تتسلسل المسألة! وتسلسلها الى ما لا نهاية لكون الخالق قديم فهو لا يجرؤ ان يصرح كما صرح الفلاسفة لأنه يعلم ان ذلك قول بقِدَم تسلسل المخلوقات في مقابل قول الفلاسفة بقِدَم العالم! ولذلك ذهب الى القول الى التسلسل وأنَّ كل مخلوق مسبوق بالعدم يظن انّه بقوله هذا يخرج من إشكال قِدَم العالم باعتبار ان كل حادثة لها بداية ونهاية فلا تكون قديمة ولكن تسبقها حادئة اخرى بصورة متسلسلة وعذره في ذلك أيضاً هو الهروب من التعطيل! والنتيجة تكون مماثلة لقول الفلاسفة بقِدَم العالم وهي أنَّه ما دام الله سبحانه موجود فهناك حادثة مخلوقة فيكون بذلك حدوث الحوادث قديم!! لأن قوله هذا يعني أنَّ الحدوث قديم بقدم الإله!! وهو يعني أنَّ الإله موجَب (أي واجب عليه) ليس له قدرة على عدم الخلق ولا قدر على الإختيار في أفعاله!! تعالى الله عمّا يصفون.

فإيمان الوهابية بعقيدة أبن تيمية بتسلسل الحوادث الى ما لا نهاية وهو ما يجعل الإله موجَباً أي مضطراً للخلق منذ القديم فحيثما كان الإله كان هناك خلق يوجد ثم يفنى في سلسلة غير منتهية، وهو أشنع من قول الفلاسفة بقدم العالم فهؤلاء جعلوا الإله مجبراً ومضطراً لخلق واحد هو العالم واولئك جعلوه مضطر باستمرار لخلق مستمر يوجد ثم يفنى ويليه آخر كذلك منذ القديم!

يقول عبد الرحمن البراك محاولاً تجميل فساد كلام إبن تيمية: (وشبهة القائلين بامتناعِ حوادثَ لا أول لها (ويعبر عنه بتسلسل الحوادث، ودوام الحوادث) هي اعتقادهم أنه يلزم من ذلك قِدَمُ العالم مع الله، وهو الذي تقول به الفلاسفة، فَرَدُّوا الباطلَ بباطلٍ حين قالوا بامتناع دوام الحوادث، فإنه يستلزم أن الله كان غيرَ قادر ثم صار قادرًا)! والشيخ البرّاك توهّم في هذه النقطة بلا شك لأنَّه لا يستلزم القول بأنَّ الامتناع عن تسلسل الحوادث أنَّه سبحانه لم يكن قادراً، لأن القدير هي صفة ذات فكما أنّه حي وقيّوم وعليم فهو قدير، سواء كانت هناك مخلوقات أم لم تكن، فهي صفات لا يمكن سلبها عن ذاته المقدسة. وليست كصفة الخلق التي هي من صفات الأفعال. ثم يضيف الشيخ البرّاك: (والحق أنه لا يلزمُ مِن دوامِ المخلوقات في الماضي (الذي معناه: ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق، إلى ما لا نهاية) لا يلزم منه قدم شيء من المخلوقات مع الله، بحيث يكونُ مقارنًا لوجوده في الأزل؛ لأنَّ المخلوقَ متأخرٌ عن الخالق ضرورة، وعلى هذا؛ فكل مخلوق يُفْرَضُ فإنَّهُ مسبوقٌ بعدَمِ نفسه؛ لأنه حادثٌ بعد أَنْ لم يكن، فالقِدَمُ المطلقُ -الذي لا بداية له- لله وحده. فعُلِم مما تقدم أنَّ كلَّ ما تقتضيه أسماؤه - سبحانه- وصفاتُهُ مِنْ أفعاله ومفعولاته فإنما يكون بمشيئته، والجزْمُ بوقوعه أو عدَمِ وقوعه يتوقَفُ على الدليل، فإن النَّافي في مثل هذا عليه الدليل كما على المثبت. وظاهر كلام شيخ الإسلام .... أن تسلسل المخلوقاتِ في الماضي واقعٌ، ويَبْني ذلك على أنَّ الله لم يزل على كل شيءٍ قديرًا وفعالًا لما يريد، ولكنَّه لا يُعَيِّنُ جنسًا ولا نوعًا من المخلوقات، ولا نوعًا من الأفعال)[138]!! فقول الشيخ البرّاك (فإنما يكون بمشيئته) و(أنَّ الله لم يزل على كل شيءٍ قديرًا وفعالًا لما يريد، ولكنَّه لا يُعَيِّنُ جنسًا ولا نوعًا من المخلوقات) يريد منه التغطية على شناعة عقيدته لأنه سبحانه وفق متبنياته ما دامت هناك حوادث متسلسلة معناها أنَّ هناك خلق متسلسل أيضاً، فتكون فكرته هي أنَّ الإله ملزم بالخلق لكي لا يكون معطّلاً عن الفعل، وهي نفس النتيجة التي ذهب اليها الفلاسفة فكلاهما يقول بوجوب الخلق على الإله وأنَّ الإله لا ينفك عن الخلق ولا مختار في أن يكون خالقاً أو لا يكون!! تعالى عمَّا يصفون، غير أنَّ الفلاسفة قالوا بأنَّ الإله كان مجبراً على خلق شيء واحد هو العالم المحدّث في قديم وجوده أمّا جماعة ابن تيمية فقالوا بأنَّ الإله مجبر من قديم وجوده على خلق مخلوقات محدثة الواحدة تلو الأخرى بعد اعدامها!! فابن تيمية والوهابية افترضوا بأنَّ كل مخلوق يخلقه الإله يفنى فيليه مخلوق جديد، وكأنما الإله عاجز عن إبقاء مخلوق واحد بلا فناء، لأن ذلك عندهم أيضاً تعطيل عن الخلق!! فيكون الإله عندهم واجب عليه الخلق المتسلسل والإفناء المتسلسل لمخلوقاته بدون إرادة منه على الخلق او الإفناء يقولون بذلك هرباً من شبهة التعطيل عن الفعل!!

تحريف السلف لموقف النبي (صلى الله عليه وآله) الرافض للتجسيم:

تتلخص القصة أنَّ يهودياً قال بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله) انَّ الله تعالى يمسك كل من السموات والارضين والجبال والشجر والخلائق كل منها على أصبع فضحك النبي (صلى الله عليه وآله) وقرأ الآية الكريمة التي تبيّن أنَّ الناس ما عرفوا قدر الله حق قدره وهي قوله تعالى: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ))[139].

غير انَّ هناك من نقل عن الفضيل بن عياض[140]أنَّه نقل عن نفس رواة الحديث أنَّ ضحك النبي (صلى الله عليه وآله) واستشهاده بالآية الكريمة التي تنقض عقيدة اليهودي "الأصبعية"[141] هو "تعجباً وتصديقاً"!!

وفيما يلي استعراض لبعض الروايات في المصادر السُنيّة المهمة:

* روى البخاري قال: (حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله ان يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول انا الملك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره * قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا له)[142]!

* وقال البخاري: (حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش سمعت إبراهيم قال سمعت علقمة يقول قال عبد الله جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال يا أبا القاسم ان الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول انا الملك انا الملك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره)[143].

* وقال مسلم في صحيحه: (حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال سمعت إبراهيم يقول سمعت علقمة يقول قال عبد الله جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم ان الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول انا الملك انا الملك قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره)[144].

* وقال أحمد بن حنبل في مسنده: (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان الله يمسك السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والجبال على أصبع والخلائق على أصبع والشجر على أصبع ثم يقول أنا الملك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال وما قدروا الله حق قدره قال يحيى وقال فضيل يعنى ابن عياض تعجبا وتصديقا له)[145]!

* وقال الترمذي في سننه: (حدثنا بندار أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا سفيان حدثني منصور وسليمان الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال "جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والجبال على إصبع والأرضين على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك . قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . قال وما قدروا الله حق قدره" هذا حديث حسن صحيح)[146].

والرواة الواردة أسماؤهم في الاسانيد هم: يحيى بن سعيد القطان ، و سفيان هو الثوري ، ومنصور هو ابن المعتمر ، وسليمان هو الأعمش ، و إبراهيم هو النخعي ، و عبيدة بفتح العين هو ابن عمرو السلماني أسلم في حياة النبي ، و عبد الله هو ابن مسعود[147].

ولا نريد ان نبحث في كيفية تسلل هذه العبارة (تعجبا وتصديقا له) الى السند وهل هي من كلام عبد الله بن مسعود كما في رواية البخاري، أم من كلام الفضيل بن عياض كما في رواية احمد بن حنبل! أم من كلام غيرهما من المسكوت عنه!! بل المهم مناقشة مضمون الحديث، وهل تتناسب هذه العبارة مع استشهاد النبي (صلى الله عليه وآله) بالآية الكريمة!

فالاحاديث تشير الى ضحك النبي (صلى الله عليه وآله) من كلام اليهودي، وهذا الضحك يمكن أن يُفسّر على أحد نحوين:

الأول: أن يكون تأييداً لكلام اليهودي كما هو رأي السلف الذي نقلناه آنفاً!! فإن كان تأييداً له فلماذا ليست هناك روايات صريحة من النبي (صلى الله عليه وآله) بأن الله تبارك وتعالى له أصابع؟!! وهل ينتظر النبي (صلى الله عليه وآله) يهودياً ليُذكّر المسلمين بعقيدتهم!!

الثاني: أن يكون نقضاً لكلام اليهودي وضحكاً من قلة تدبره ومعرفته بخالقه وهم الذين يزعمون انَّهم شعب الله المختار، فكيف من يختاره الله تبارك وتعالى لا يعرف صفات مختاره!!؟ ولكون الذين لديهم هذه العقيدة المتهافتة لا يمكنهم ان يقفوا بالضد من الدعوة الاسلامية وانتشارها، قال تعالى: ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ))[148]. والذي يؤيد هذا الاتجاه الثاني استشهاد النبي (صلى الله عليه وآله) بالآية الكريمة: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)). وهذه الآية الكريمة وردت في موضعين في القرآن الكريم هما:

* قوله تعالى في الآية (91) من سورة الانعام: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)).

* قوله تعالى في الآية (67) من سورة الزمر: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)).

وأي الآيتين الكريمتين كان يقصدهما النبي (صلى الله عليه وآله) فهي تؤيد ذكرها لغرض نقض كلام اليهودي. قال القرطبي: (ضحكه تعجبا من جهل اليهودي فلذلك قرأ هذه الآية: {{وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}} أي: ما عرفوه حق معرفته وما عظموه حق عظمته)[149].

******* إنتهى بحمد الله *******

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] نسبة الى "القديس" بولس صاحب الرسائل المنسوبة اليه في الكتاب المقدس عند النصارى. وفي المقابل هناك "قديسون" بلفظ "الصحابة" و"التابعين" في القرن الاسلامي الأول من بني امية واتباعهم برعوا في معاداة آل البيت الأطهار (عليهم السلام) ومخالفة تعاليمهم!!

[2] فالحب ما استقرَّ في القلب امّا الود فهو الحب الظاهر في السلوك. ولذلك قال تعالى في الآية (23) من سورة الشورى: ((قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى))، ولم يقل المحبة في القربى!

[3] مستوحى من قوله تعالى في سورة هود (عليه السلام) الآية (92): ((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)).

قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة: [(قال ياقوم أرهطي أعز عليكم من الله) يقول: أتتركوني لأجل قومي، ولا تتركوني إعظاما لجناب الله أن تنالوا نبيه بمساءة . وقد اتخذتم جانب الله (وراءكم ظهريا) أي: نبذتموه خلفكم، لا تطيعونه ولا تعظمونه، (إن ربي بما تعملون محيط) أي: هو يعلم جميع أعمالكم وسيجزيكم بها].

فالوهابية من نفس نمط اولئك المشار اليهم في الآية الكريمة حيث لديهم "السلف" اعزُّ عليهم من ترك "الإساءة للنبي (صلى الله عليه وآله) بالإساءة لآله (عليهم السلام)"، بدلاً مما هم مأمورون به من مودتهم!

[4] سورة آل عمران (عليهم السلام)، الآية (31).

[5] واحدة من الأمثلة على إعراض السلف عن آل البيت الأطهار (عليهم السلام) ما كتبه الذهبي وهو أحد ائمة السلفية قال: (وعن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين. قد رأيته واقفا عند الجمرة يقول: {سلوني، سلوني}. وعن صالح بن أبي الأسود، سمعت جعفر بن محمد يقال: {سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي})! المصدر: سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٧.

فماذا كان يفعل السلف في عصر الامام جعفر الصادق (عليه السلام) سوى الإعراض عنه وعن علمه؟!

أنظر كيف كان السلف يتعاملون مع روايات الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كما ذكره الذهبي في نفس المصدر السابق:

· قال مصعب: كان مالك يضمه إلى آخر. أقول: يعني بذلك انه لا يروي الحديث عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) منفرداً حتى يجد راوٍ آخر يروي نفس الحديث في إشارة واضحة الى عدم ثقة مالك بن أنس بروايات الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) منفرداً!!

· وقال علي عن يحيى بن سعيد، قال: أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل، يعني في الحج، ثم قال: وفي نفسي منه شئ، مجالد أحب إلي منه. أقول: فهذا يحيى بن سعيد القطان يجد مجالداً أحب إليه في رواية الحديث من الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)!!

· قال أحمد ابن أبي مريم: كنت لا أسأل يحيى ابن سعيد عن حديثه. فقال: لم لا تسألني عن حديث جعفر؟ قلت: لا أريده. أقول: أليس هذا إعراض عن آل البيت (عليهم السلام) وهم الثقل الذي أمرهم رسول الله بالتمسك به!!

· قال يحيى بن معين: وخرج حفص بن غياث إلى عبادان وهو موضع رباط، فاجتمع إليه البصريون، فقالوا: لا تحدثنا عن ثلاثة: أشعث بن عبد الملك، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن محمد. فقال: أما أشعث فهو لكم، وأما عمرو فأنتم أعلم به، وأما جعفر فلو كنتم بالكوفة لأخذتكم النعال المطرقة. أقول: البصريون في ذلك الزمان يتركون ويعرضون عن حديث الامام جعفر الصادق (عليهم السلام) تأثراً بالدعاية السلفية آنذاك! وهؤلاء المعرضون فعلاً ليس لهم الا كما قال في الرواية.

ونقل ابن حجر في تهذيب التهذيب كلام ابن سعد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (وقال ابن سعد كان كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف)!! المصدر: تهذيب التهذيب / ابن حجر - ج٢ ص٨٩.

[6] سورة الحج، الآية (8).

[7] وغيرها من الأوصاف التي وردت في القرآن الكريم، ولا يُعمِلُونَ فيها لغة العرب التي تحملها على نوع من المجاز.

[8] سورة يوسف (عليه السلام)، آية (18).

[9] لأن السلف والوهابية يقولون ان العرش غير الكرسي وان الله تعالى يضع رجليه على الكرسي وجالس على العرش!! تعالى الله عما يصفون.

[10] الفتوى رقم: 193249، منشورة في الموقع الالكتروني اسلام ويب https://www.islamweb.net، بعنوان [مسألة (الله في السماء) و (الله يحد) و(نزول الله)]، منشورة بتاريخ 27 محرم 1434هـ - 10-12-2012م، والموقع تابع لإدارة الدعوة والإرشـاد الديني بـوزارة الأوقاف والشــؤون الإسلامية بدولة قطر. عبر الرابط: https://tinyurl.com/3255h3rv

[11] فمن أين افتريتم على الله سبحانه انَّ له حداً وباعترافكم ان هذا المصطلح لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية عندكم!!

[12] فلماذا إذن اقترف السلف والوهابية هذا الامر؟!!

[13] الفتوى رقم: 193249، منشورة في الموقع الالكتروني اسلام ويب https://www.islamweb.net، بعنوان [مسألة (الله في السماء) و (الله يحد) و(نزول الله)]، منشورة بتاريخ 27 محرم 1434هـ - 10-12-2012م، عبر الرابط:

https://tinyurl.com/3255h3rv

[14] الكافي / الشيخ الكليني - ج١ ص١٢٧.

[15] كما يقال انَّ الملائكة مخلوقة من مادة لطيفة.

[16] سورة الشورى، الاية (11).

[17] نستعمل هذا المصطلح لتقريب الفكرة ولكونهم يؤمنون بمثل هذه المصطلحات والا فنحن في عقيدتنا انه سبحانه ليس كمثله شيء فذاته المقدسة غيب مطلق لا يصح ان نسميه الا بما ورد في الثقلين الطاهرين الكتاب والعترة (عليهم السلام).

[18] وهو ما ورد في حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا. ومن ألفاظه: "أن محمدًا رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ، قدميه، أو قال: رجليه في خضرة". - «رأيت ربي جعدًا أمرد عليه حلة خضراء». - «رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد عليه حلة خضراء». وهذا الحديث من هذا الطريق صحَّحه جمعٌ من أهل العلم، منهم: - الإمام أحمد قي (المنتخب من العِلل للخلال، ص: [282]، وإبطال التأويلات لأبي يعلى: [1/139]). - وأبو زرعة الرازي في (إبطال التأويلات لأبي يعلى: [1/144]). - والطبراني في (إبطال التأويلات لأبي يعلى: [1/143]). - وأبو الحسن بن بشار في (إبطال التأويلات: [1/ 142-143]، [222]). - وأبو يعلى في (إبطال التأويلات: [1/ 141-143]). - وابن صدقة في (إبطال التأويلات: [1/144]) (تلبيس الجهمية: [7/225]). - وابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية: [7/ 290-356]، طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - 1426هـ).

المصدر: الموقع الالكتروني: (طريق الاسلام)، منشور بتاريخ 29/3/2014م، عبر الرابط: http://iswy.co/e11qpn

[19] سورة التوبة، الآية (30).

[20] الموقع الالكتروني المشار اليه، موضوع تحت عنوان (ما هو الفرق بين عرش الربّ وكرسيه)، منشور بتاريخ 29/7/2000م، عبر الرابط: https://tinyurl.com/27tfnpz5

[21] الموقع الالكتروني (شبكة اهل السنة والجماعة دليل كل مسلم)، عبر الرابط:

https://sunnafiles.com/2011/12/10/2011-12-10-13-16-46

[22] في المحصول للرازي ما نصّه: (أن عثمان رضي الله عنه أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض ارزاقها فغضبت ثم قالت يا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل. فقال عثمان رضي الله عنه ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية فكانت عائشة رضي الله عنها تحرّض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً). لاحظوا في كلام الرازي انَّ المقتول والمحرّض على قتله: "رضي الله عنه"!!؟ وهذا ديدن جميع المتسمّين بأهل السُنّة!!

المصدر: المحصول في علم أصول الفقه / فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي (متوفى 606هـ) / تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني / مؤسسة الرسالة في بيروت / الطبعة الثالثة، 1418هـ، 1997م - ج4 ص343.

[23] وقال احمد بن حنبل في مقاتل بن حيان: «كان لا يعبأ به». وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: «لا أحتج به». وحتى لو وثقه آخرون فالجرح عندهم مقدم على التعديل. فضلاً عن أنه من تابعي التابعين فمتى كان لرأيه حجة على المسلمين؟!

[24] ذكر الذهبي في تاريخ الاسلام عن مصعب بن عبد الله الزبيري ما يخص موقف مالك بن أنس من الامام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (سمعت الدراوردي يقول: لم يرو مالك عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس، ثم قال مصعب: كان لا يروي عن جعفر بن محمد حتى يضمه الى آخر من أولئك الرقعاء ثم يجعله بعده)!! المصدر: تاريخ الاسلام / الذهبي / تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري / دار الكتاب العربي في بيروت، 1407هـ، 1987م - ج9 ص90.

[25] قال ابن ابي الحديد المعتزلي وهو من أهل السُنّة باعتراف ابن تيمية - راجع هامش رقم 127 -: (فأما أحمد بن حنبل فلم يثبت عنه تشبيه ولا تجسيم أصلا ، وإنما كان يقول بترك التأويل فقط ، ويطلق ما أطلقه الكتاب والسنة ، ولا يخوض في تأويله ، ويقف على قوله تعالى : (وما يعلم تأويله إلا الله)، وأكثر المحصلين من أصحابه على هذا القول)! علماً انَّ أحمد بن حنبل (164-241)هـ كان معاصراً للإمام موسى بن جعفر الكاظم والإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد بن علي الجواد والإمام علي بن محمد الهادي (صلوات الله عليهم) ولم يستفد منهم شيئاً بل كان معرضاً عنهم!! ((ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ)) [الحج:11]، ((قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى *قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى)) [طه: 123-126].

[26] عبد الله بن المبارك المروزي (118-181)هـ، من كبار علماء أهل السنة، عاصر الإمامين جعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) ولم يستفد منهما شيئاً!!

[27] محمد بن إدريس الشافعي ((150-204هـ)هـ، والشافعي هذا يتهم امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمخالفة السُنّة!! ففي السنن الكبرى للبيهقي ج 8 ص 34، ما نصّه: (قال الشافعي في القديم وفي حديث أبى جحيفة عن علي رضى الله عنه ما دلكم ان عليا لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويقول بخلاف)!! وهو قد عاصر الإمامين موسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام) ولم يستفد منهما شيئاً!!

[28] عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، من كبار رواة الحديث عند أهل السنة، توفي سنة 221هـ، ايضا كان معاصراً لأئمة آل البيت الأطهار (عليهم السلام) ولم يستفد منهم شيئاً!!

[29] اسحاق بن راهويه (161- 238)هـ عاصر أربعة من الأئمة المعصومين عليهم السلام وهم: الإمام موسى بن جعفر الكاظم والإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد بن علي الجواد والإمام علي بن محمد الهادي (صلوات الله عليهم)، ولم يستفد منهما شيئاً!!

[30] عثمان بن سعيد الدارمي (ت ٢٨٠ هـ) احد ائمة اهل السنة وعلماؤهم، عاصر الامامين علي بن محمد الهادي والحسن بن محمد العسكري (عليهما السلام) ولم يستفد منهما!!

[31] هو محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري الشافعي (223 هـ - 311 هـ)، عاصر الامامين علي بن محمد الهادي والحسن بن محمد العسكري (عليهما السلام) ولم يستفد منهما!! كتب الرازي في تفسيره عنه {ج27 ص150}: (واعلم أن محمد بن إسحاق بن خزيمة أورد استدلال أصحابنا بهذه الآية في الكتاب الذي سماه "بالتوحيد"، وهو في الحقيقة كتاب الشرك، واعترض عليها، وأنا أذكر حاصل كلامه بعد حذف التطويلات، لأنه كان رجلا مضطرب الكلام، قليل الفهم، ناقص العقل)!! ومع ذلك فهو من ائمة السلفية والوهابية!!

[32] فتح الباري / ابن حجر / دار المعرفة للطباعة والنشر في بيروت / الطبعة الثانية – ج5 ص70.

[33] سورة الإخلاص، الآية (2).

[34] كتاب السنة - عمرو بن أبي عاصم - ص 300.

[35] كتاب السنة - عمرو بن أبي عاصم - ص 303

[36] المعجم الكبير - الطبراني - ج 2 - ص 22.

[37] مقدمة فتح الباري - ابن حجر - ص 142

[38] تحفة الأحوذي - المباركفوري - ج 9 - ص 211

[39] تحفة الأحوذي - المباركفوري - ج 9 - ص 342.

[40] المواقف - الإيجي - ج 3 - ص 311.

[41] المواقف - الإيجي - ج 3 - ص 323.

[42] الجامع الصغير - جلال الدين السيوطي - ج 2 - ص 117.

[43] كنز العمال - المتقي الهندي - ج 2 - ص 15.

[44] فيض القدير شرح الجامع الصغير / المناوي - ج 4 ص 318.

[45] زاد المسير / ابن الجوزي - ج 8 ص 331.

[46] فتح القدير / الشوكاني - ج 5 ص 516

[47] فتح القدير / الشوكاني - ج 5 ص 517

[48] أي لا يجوز ان يكون له جوف.

[49] لسان العرب / ابن منظور - ج 3 ص 258

[50] تاج العروس / الزبيدي - ج 5 ص 67

[51] تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج 4 ص 610.

[52] تفسير الواحدي / الواحدي - ج 2 ص 1241.

[53] تفسير البغوي / البغوي - ج 4 ص 544

[54] تفسير العز بن عبد السلام / الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي - ج 3 ص 507.

[55] تفسير القرطبي / القرطبي - ج 20 ص 245

[56] تفسير الآلوسي / الآلوسي - ج 30 ص 274

[57] الإتقان في علوم القرآن / السيوطي - ج 2 ص 538.

[58] الدر المنثور / جلال الدين السيوطي - ج 6 ص 410

[59] التوحيد / الشيخ الصدوق / تصحيح وتعليق السيد هاشم الحسيني الطهراني / منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة – ص152.

[60] حذفت الترحم عليه، ومثل ذلك في جميع المواضع الاخرى التي تحمل نفس الاشارة ....، فالنفس لا تطيق الترحم على المخالفين جهاراً لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولتعاليمهم الطاهرة.

[61] ما أشبه هذا الكلام بقول النصارى أن الإله عندهم واحد متكون من اقانيم ثلاثة (الأب = صفة الوجود، والأبن = صفة العلم، والروح القدس= صفة الحياة)! ومع ذلك فإن تلك الأقانيم الثلاثة هي واحد!! وهؤلاء السلف يقولون بأن الصفات ليست هي ذاته المقدسة ولا هي غيرها، فيكون لديهم 99 أقنوماً وربما اكثر!! ورغم تعددها فجميعها إله واحد احد!!

[62] وهذا يدل على انَّهم يعتقدون بأنَّ الله تعالى مركب من ثنائية الذات والصفات!

[63] قال تعالى في سورة القصص الآية (41): ((وَجَعَلْنَٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ)).

[64] شابهوا بذلك قول النصارى بان الأب والابن والروح القدس إله واحد!!

[65] الموقع الالكتروني الوهابي (الاسلام سؤال وجواب)، المشرف العام محمد صالح المنجد. صفحة بعنوان (بطلان القول بأن الصفات عين الذات)، عبر الرابط: https://bit.ly/3mJ6Y0C

[66] ولأن التركيب يستلزم الحدوث وهذا خلاف كونه سبحانه وتعالى قديم.

[67] سورة الأعراف، آية (156).

[68] سورة البقرة، آية (165).

[69] شرح العقيدة الطحاوية / ابن أبي العز الحنفي / بتخريج الألباني / المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة التاسعة ١٤٠٨هـ، ١٩٨٨م – ص216 و217.

[70] سورة الشورى، الآية (11).

[71] سورة الاسراء، الآية (36).

[72] يظن ابن عثيمين انَّه إذا قال بأنَّ النزول الذي يزعمونه ليس له سبب معلوم يخرجهم من الإشكال! وقد بيّن الفخر الرازي وجهاً آخر من لا معقولية النزول المزعوم حتى لو كان مجهول السبب فقال: (أنهم يقولون إنه ينزل كل ليلة من العرش إلى السماء الدنيا ، فنقول لهم حين نزوله: هل يبقى مدبرا للعرش ويبقى مدبرا للسماء الدنيا حين كان على العرش ، وحينئذ لا يبقى في النزول فائدة ، وإن لم يبق مدبرا للعرش فعند نزوله يصير معزولا عن إلهية العرش والسماوات). فبين انَّ السبب المعقول للنزول هو التدبير، وربما يردون بأن السبب غير معلوم وليس هو التدبير! فنقول انَّه سبحانه هو القدير فلأي سبب كان هل يمكنه وهو القدير أن ينجز ذلك السبب وهو على العرش بدون نزول فإن قالوا نعم يمكنه فيكون نزوله عبثاً - وحاشاه - وإن قالوا لا يمكنه أداء السبب الا بالنزول فيكون – وحاشاه – عاجزاً!! ففي أي حال من الأحوال يكون النزول المزعوم غير معقول حتى لو كان مجهول السبب.

[73] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية / شرحها: العلامة محمد خليل هراس، العلامة محمد صالح العثيمين، العلامة محمد صالح بن فوزان الفوزان / دار ابن الجوزي في القاهرة، 1425هـ، 2004م – ص50.

[74] سورة الفجر، الآية (22).

[75] سورة الانعام، الآية (158).

[76] سورة المائدة، الآية (119).

[77] سورة التوبة، الآية (46).

[78] سورة المائدة، الآية (80).

[79] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص51.

[80] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص55.

[81] كل المسلمين يؤمنون بما وصف الله سبحانه وتعالى به نفسه، ولكن يختلفون بمدلولات الوصف، فقوله سبحانه وتعالى (يد الله) هو قول مجازي يؤول فكلام ابن تيمية هنا كذر الرماد في العيون.

[82] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص(46-66).

[83] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص55.

[84] سورة الشورى، الآية (11).

[85] سورة الاعراف، الآية (33).

[86] سورة البقرة، الآية (169).

[87] سورة الاسراء، الآية (36).

[88] سورة يوسف (عليه السلام)، الآية (76).

[89] سورة البقرة، الآية (255).

[90] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص63.

[91] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص63 و64.

[92] سورة الاعراف، الآية (33).

[93] سورة الاسراء، الآية (36).

[94] سورة الشورى، الآية (11).

[95] الكافي / محمد بن يعقوب الكليني – ج1 ص94.

[96] شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية – ص66.

[97] مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات – ج1 ص181.

[98] الفتوى رقم: 193249، منشورة في الموقع الالكتروني اسلام ويب https://www.islamweb.net، بعنوان [مسألة (الله في السماء) و (الله يحد) و(نزول الله)]، منشورة بتاريخ 27 محرم 1434هـ - 10-12-2012م، عبر الرابط: https://tinyurl.com/3255h3rv

[99] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة / اللالكائي - ص371.

[100] حق اليقين السيد عبد الله شبّر / دار انوار الهدى / الطبعة السابعة، 1440هـ – ج1 ص45.

[101] التوحيد / الشيخ الصدوق / صححه وعلق عليه السيد هاشم الحسيني الطهراني / منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة - ص١٣٠.

[102] شرح العقيدة الطحاوية / ابن أبي العز الحنفي / بتخريج الألباني – ص219.

[103] الكافي / الشيخ الكليني - ج١ ص١٠٧.

[104] في رواية الشيخ الصدوق في كتابه (التوحيد): (احدي الذات).

[105] الكافي / الشيخ الكليني - ج١ ص١٢٧.

[106] الكافي / الشيخ الكليني - ج١ ص١٠٨.

[107] الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٨٣ و84.

[108] الاحتجاج / أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي / تعليقات وملاحظات السيد محمد باقر الخرسان / طبع في مطابع النعمان النجف الأشرف حسن الشيخ إبراهيم الكتبي، 1386هـ، 1966م – ج1 ص299.

[109] اوائل المقالات / الشيخ المفيد / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت / طبعت بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد / الطيعة الثانية، 1414هـ، 1993م - ص52 و53.

[110] الظاهر انها من كتب الوجادة، فقط جاء في الذريعة لأغا بزرك الطهراني (ج5 ص9): ((31: ثلاثون مسالة) كلامية للشيخ أبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى (460) ضمن مجموعة في مكتبة السيد راجه محمد مهدي في ضلع فيض آباد ذكر في فهرسها المخطوط أنه ضم حديث عربي في نمرة (92)، وتوجد في مكتبة الميرزا محمد الطهراني في سامراء). فلست متيقنا من صحة صدور هذا النص عن الشيخ الطوسي.

[111] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج1 ص349.

[112] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج1 ص398.

[113] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص533.

[114] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص544.

[115] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص568.

[116] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص592.

[117] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص600.

[118] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص605.

[119] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص637.

[120] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص653.

[121] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص668.

[122] عقيدة الشيعة / جمع وتحقيق وتقديم الشيخ محمد رضا الانصاري القمّي – ج2 ص756.

[123] سورة الأعراف، الآية (180).

[124] نقضاً لكلام الفلاسفة الذين يقولون ان الله تعالى في السماء معزول عن خلقه ولا يعلم بوجودهم، كما في كلام أبن رشد وأرسطو! فجاء قوله تعالى بأنه السميع البصير أي يسمع عباده ويبصرهم فلا يخفى عليه شيء في السموات ولا في الأرض.

[125] سورة الشورى، الآية (11).

[126] اصول العقيدة / الشيخ حيدر الوكيل – ص65 و66.

[127] اعترف ابن تيمية بكون المعتزلة من أهل السنة. قال: (وأهل السنة في هذا الموضع من يقر بخلافة الثلاثة فالمعتزلة داخلون في أهل السنة)! أنظر: منهاج السنة المحمدية / ابن تيمية – ج6 ص320.

فضلاً عن انَّ المعتزلة ليس لديهم فقه خاص بهم بل هم يتبعون الفقه السني ويتدينون به.

[128] فتح الباري - ابن حجر - ج 13 - ص 331.

[129] سنن الترمذي / تحقيق وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان / دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت / الطبعة الثانية، 1403هـ، 1983م - ج 5 - ص 201

[130] القول بجزئيتها للإله باطل لأن الإله لا يمكن أن يكون مركباً لأنه قديم فإذا كان مركبا لاحتاجت اجزاؤه بعضها الى بعض فلا تكون قديمة، ولأن التركيب يستلزم الحدوث وهذا خلاف الحق لأن الله قديم سبحانه وتعالى.

[131] أي عند ابن تيمية من الكفر أن تقول: يا رحمة الله ادركيني!!! أو ان تنادي: يا عزّة الله!!! أو: يا قدرة الله انجديني!!! بلا مستند له من الثقلين في تكفر المسلمين على هذا النحو! ((سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ))[الانعام: 100].

[132] المنتخب من كتب ابن تيمية / الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف / ردود علماء المسلمين على الوهابية والمخالفين، انتخبه وخدمه علوي بن عبد القادر السَّقَّاف - ص 26 و 27.

[133] أي أنَّ الصفات عند ابن تيمية هي وسائل تستعملها الذات المقدسة للخلق فهو هنا يقول ان الله تعالى يستعمل صفة القدرة للخلق!! فتكون الذات الإلهية محتاجة الى صفاتها لتقوم بالأفعال!! ((سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ))[المؤمنون:91].

[134] دقائق التفسير / ابن تيمية / تحقيق د. محمد السيد الجليند / مؤسسة علوم القرآن في دمشق / الطبعة الثانية، 1404هـ - ج2 ص102.

[135] سورة الأعراف، الآية (180).

[136] درء تعارض العقل والنقل / ابن تيمية / تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم - ج1 ص366.

[137] استخدام مفهوم (الزمان) هنا مجازي لأن الإله خارج الزمن وهو الذي خلق الزمن.

[138] الموقع الالكتروني (المسلم)، قسم الفتاوى تحت عنوان (تسلسل الحوادث والصفات الفعلية لله عزوجل)، بقلم الشيخ عبد الرحمن البرّاك. عبر الرابط:

https://almoslim.net/node/222329

[139] سورة الزمر، الآية (67).

[140] وهو شيخ إسحاق بن راهويه صاحب نظرية ان الله تعالى ينزل ويصعد ولا يتحرك!! كما ذكر ذلك اللالكائي في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)، وقد ذكرناه آنفاً. وعن إسحاق بن راهويه قال: (إن الله سميع بسمع بصير ببصر قادر بقدرة). المصدر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة / اللالكائي – ص334. وهو خلاف تعاليم آل البيت الأطهار الذين كانوا يرشدون الناس الى انَّ الله تبارك وتعالى سميع بذاته وبصير بذاته. فقد روى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني بسنده حديثاً نذكر موضع الحاجة منه وفيه يسال زنديقٌ الإمامَ جعفر الصادق (عليه السلام) ودار بينهما هذا الحوار: (فقال له السائل: فتقول: إنه سميع بصير؟ قال: هو سميع بصير: سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك الا إلى أنه السميع). المصدر: الكافي / الشيخ الكليني - ج١ ص٨٣.

وابن راهويه هو شيخ البخاري ومسلم واحمد بن حنبل والترمذي والنسائي!

[141] ورد في التوراة المتداولة اليوم عند اليهود والنصارى، نقرأ في سفر التثنية (10:9): (ثم اعطاني الرب لوحي الحجر المكتوبين باصبعه).

[142] صحيح البخاري - البخاري - ج 8 ص174.

[143] صحيح البخاري - البخاري - ج8 ص174.

[144] صحيح مسلم - مسلم النيسابوري - ج8 ص125 و126.

[145] مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل - ج1 ص429.

[146] سنن الترمذي - الترمذي - ج 5 - ص48 و49.

[147] عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني - ج25 ص107.

[148] سورة الحج، الآية (40).

[149] عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعيني - ج 25 ص108.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/10



كتابة تعليق لموضوع : نقد "آيقونة التوحيد" السلفية والوهابية ولوازمها الشركية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net