ذكر القرآن والمصطفى في كتاب زيارة الأربعين للشيخ السند (ح 3)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هذه الحلقة ضمن ثلاث حلقات أحدها هذه الحلقة والبقية منشورة في مواقع اخرى.
جاء في کتاب أسرار زيارة الأربعين للشيخ محمد السند عن الحسين هو القرآن المتجسد في واقعة كربلاء: ان نشر حقائق واقعة الحسين، هذا كله يفرح قلوبنا بصدق الوعد الإلهي "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (التوبة 22-23). فإن العدالة الحسينية لا توجد في كتاب ولا في رسالة أو أطروحة الجامعات ولا توجد في مراكز الدراسات ولا المختبرات ولا في أطروحة عقول البشر، بل نظام العدالة موجود فقط في علوم الحسين عليه السلام. عن أبي عبد الله عليه السلام سأل عن الرجعة أحق هي؟ قال: نعم فقيل له: من أول من يخرج؟ قال: الحسين عليه السلام يخرج على أثر القائم عليه السلام، فقلت: معه الناس كلهم؟ قال: لا بل كما ذكره الله تعالى في كتابه: "يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً" (النبأ 18) قوم بعد قوم. فإن عقيدة الرجعة هي فهم أعمق لمعرفة الحسين عليه السلام ف- (من زاره عارفاً بحقه) أحد درجات معرفة الحسين عليه السلام هو الحسين المستقبل وليس الحسين الماضي فقط. أن العدالة لم ولن ولاتتحقق إلا على يد قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بيته عليهم السلام المطهرين: "ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" (الحشر 7). واللام هنا أي في الآية الكريمة هي لام ملكية الإدارة والولاية في التصرف وليست الملكية الشخصية بل ملكية الإدارة لتصرف على الطبقات المحرومة (كي لا يكون دولة بين الأغنياء). فالعدالة لا تتم في كل أرجاء الأرض إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ولذلك هذا البرنامج برنامج العدالة مودع في الإمام المهدي عجل الله فرجه ومودع بشكل أعظم في الإمام لحسين عليه السلام.
وعن السؤال لماذا لم يخرج الحسين بمفرده يقول الشيخ محمد السند: هناك إثارة تطرح بين الحين والآخر، وهي أنه لماذا خرج الإمام الحسين عليه السلام بمعية عياله من الأطفال والنساء ولم يخرج بمفرده وهو يعلم بأن الشهادة لا محال منها. إن فلسفة وسر ذلك أكثر من وجه كما ذكر أكثر من واحد، وقد أجاب عن ذلك الإمام الحسين عليه السلام نفسه عندما سأله محمد بن الحنفية فأجاب عليه السلام: (إن الله قد شاء أن يراهن سبايا). ولكن أحد الأسباب المهمة هو أن سيد الشهداء عليه السلام يجسد للبشرية عبرة وقدوة وأسوة، فإن كل إنسان له تعلقات عديدة في حياته الدنيوية من قبيل التعلق بالزوجية والتعلق بالأولاد والتعلق بالأخوان والتعلق بالأصحاب وبالأحبة وبالعشيرة، كما في قوله تعالى "قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ" (التوبة 24) فكل هذه التعلقات كانت موجودة في واقعة الطف ومع هذا يقدم الحسين على الشهادة ولا تعيقه أبداً بل جندها وعبدها ووظفها وفداها لطريق الدين. فأخذ عيالاته وكل حرمه عليه السلام في عرصة كربلاء وعرصة المواجهة، واضح أن كل هذه الأمور لا تقف جبل أو عقبة أمام استبسال سيد الشهداء عليه السلام بل وظفها في سبيل الله، وهذا غير أنه يستشهد بنفسه فقط، فهناك فرق كبير بين أن تستشهد بنفسك وبين أن تأتي بكل شؤون نفسك الأخرى وما لديك وتفديه وتخاطر به إلى آخر لحظة من حياتك.
وعن الحور العين من نور الحسين عليه السلام يقول الشيخ السند في كتابه: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وفتق نور الحسين عليه السلام وخلق منه الجنان والحور العين، والحسين والله أفضل من الجنان والحور العين). . فهناك تناسب في عالم الخلقة والتكوين، فحور العين مما تزين بالجمال وهذا يعني أن رشحة من رشحات جمال نور الحسين خلقت منه الحور العين بل كل جمال عالم خلقة الآخرة، وهذا الجمال خزنه الله في الحسين وكما في بعض الروايات أن الحسن والحسين قرطي العرش. وفي بيان لسيد الأنبياء يضيف أن الحسن والحسين أكرم الناس نسباً حيث روى الأعمشي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى باب المسجد فقال: يا بلال هلم عليّ بالناس فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة فاجتمع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد فقام على قدميه فقال: يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جداً وجدة، قالوا بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين فإن جدهما محمد وجدتهما خديجة بنت خويلد، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس أباً وأماً، فقالوا بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين فإن أباهما علي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وأمهما فاطمة بنت رسول الله. يا معاشر الناس ألا أدلكم على خير الناس عماً وعمة، قالوا بلى يارسول الله، قال: الحسن والحسين فإن عمهما جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة مع الملائكة، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس خالًا وخالة، قالوا بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين فإن خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أشار بيده هكذا يحشرنا الله، ثم قال: اللهم إنك تعلم أن الحسن في الجنة والحسين في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة، اللهم إنك تعلم أن من يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار. وهذا يعني أن التعلق بالحسين عليه السلام فوق قدرة التكليف العادي وفوق قوة قدرة العقل ولذلك من أعظم صفات سيد الأنبياء أنه (حبيب الله) وهذا لم يناله أحد من أولي العزم وغيرهم.
وعن قتل الحسين حرارة يقول الشيخ محمد السند: فلا نجد أي عزوف عن الحسين عليه السلام بل تجدد لا يبلى، وهذا كما مر شبيه القرآن الكريم فإن الحسين عليه السلام عدل القرآن، فكما أن القرآن لا يبلى لأنه يانع أكثر فأكثر فهكذا قضية الحسين عليه السلام فإنها تزداد اشتعالًا ونوراً في الأجيال القادمة، وهذا ما صرح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً. إن هذه الحرارة لا توجد عند قلوب المؤمنين الصالحين فحسب بل حتى عند غير الصالحين، وهذا برهان واضح على علو روحي ومخزون لديه عليه السلام ترتوي منه هذه القلوب، وهذا ليس تعبيراً عاطفياً أو تعبيرا نثريا أو شعريا بل بمعنى فلسفي، عقلي، منطقي، بحسب العلوم الروحية، بأعتبار أن هناك نوع من ارتباط الأرواح تطلع وترائي بين الروح والروح، ونوع من الاتصال، وهذه المصطلحات باتت واضحة لدى البشر في العلوم الروحية في شرق الأرض وغربها، وليس قولنا هذا من قبيل اصطلاحات وسفسطات وهلوسات باطنية بل هذه الأمور أصبحت من الأمور العلمية الواضحة لدى البشر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat