على ضفاف الانتظار(60)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السفير الرابع: علي بن محمد السمري (رضوان الله عليه).
أبو الحسن، السفيرُ الخاصُّ الرابعُ للإمامِ المهدي، لُقّبَ بالسمري؛ نسبةً إلى مدينة (سمّر)، قالَ الحموي: سِمّر:... بلدٌ من أعمالِ كسكر، وقد دخلَ الآن في أعمالِ البصرة، وهو بين البصرة وواسط .
ولم يحفظْ لنا التاريخُ الكثيرَ عن حياته، سوى بضعِ معلوماتٍ نُلخِّصُها بالآتي:
أولًا: ثبتتْ سفارتُه بوصيةٍ من السفيرِ الثالثِ الحسينِ بن روح، وبالتسالمِ عليها عندَ الطائفة الحقة.
ثانيًا: كان هو آخرَ السفراء، وقد صرّحَ بأنّه لم يؤمَرْ بتنصيبِ أحدٍ بعده.
فقد رويَ عن أبي عبدِ الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: أوصى الشيخُ أبو القاسم (رضوان الله عليه) إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري (رضوان الله عليه) فقامَ بما كانَ إلى أبي القاسم.
فلمّا حضرته الوفاةُ حضرتِ الشيعةُ عنده وسألته عن الموكّلِ بعده ولمن يقوم مقامه، فلم يُظهِرْ شيئًا من ذلك، وذكر أنّه لم يؤمَرْ بأنْ يوصيَ إلى أحدٍ بعده في هذا الشأن .
وفي ما نقله الشيخُ الطوسي بسنده عن عتاب أنه قال:... فَلَمَّا حَضَرَتِ اَلسَّمرِيَّ اَلْوَفَاةُ سُئِلَ أَنْ يُوصِيَ، فَقَالَ: لِله أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ.
ثالثًا: رويتْ عنه بعضُ المواقف التي تدلُّ على أنَّ عنده علمًا ببعضِ المغيبات، وهذا يكشفُ عن صحةِ سفارته عن الحُجّةِ بن الحسن، وأنّ ما أخبرَ به كانَ بتعليمٍ منه، فقد رويَ عن أبي عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال: حضرتُ بغدادَ عند المشايخ، فَقَالَ اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيٌّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلسَّمُرِيُّ اِبْتِدَاءً مِنْهُ: رَحِمَ اَللهُ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ اَلْقُمِّيَّ.
قَالَ: فَكَتَبَ اَلمَشَايِخُ تَأْرِيخَ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ، فَوَرَدَ اَلْخَبَرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ.
ومضى أبو الحسن السمري (رضوان الله عليه) بعد ذلك في النصفِ من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة .
وفي روايةٍ أخرى عن أَبِي عَبْدِ اَلله اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ اَلْقُمِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ قُمّ -مِنْهُمْ عَلِيٌّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ اَلصَّفَّارُ وَقَرِيبُهُ عَلَوِيَّةُ اَلصَّفَّارُ وَاَلْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ-، قَالُوا: حَضَرْنَا بَغْدَادَ فِي اَلسَّنَةِ اَلَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا أَبِي عَلِيٌّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَىٰ بْنِ بَابَوَيْهِ، وَكَانَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيٌّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلسَّمُرِيُّ (رضوان الله عليه) يَسْأَلُنَا كُلَّ قَرِيبٍ عَنْ خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ ;، فَنَقُولُ: قَدْ وَرَدَ اَلْكِتَابُ بِاسْتِقْلَالِهِ، حَتَّىٰ كَانَ اَلْيَوْمُ اَلَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَأَلَنَا عَنْهُ، فَذَكَرْنَا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَنَا: آجَرَكُمُ اَللهُ فِي عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، فَقَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ.
قَالُوا: فَأَثْبَتْنَا تَأْرِيخَ اَلسَّاعَةِ وَاَلْيَوْمِ وَاَلشَّهْرِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَرَدَ اَلْخَبَرُ أَنَّهُ قُبِضَ فِي تِلْكَ اَلسَّاعَةِ اَلَّتِي ذَكَرَهَا اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْحَسَنِ .
رابعًا: صدرَ في أخرياتِ حياته توقيعٌ للإمامِ المهدي على يديه، والذي تضمّنَ عدّةَ أمور:
1 - إخبار السمري بموته خلالَ ستة أيام.
2 - إخباره بوقوعِ الغيبةِ التامة.
3 - إخباره بانقطاعِ السفارةِ الخاصةِ وانتهاءِ المُشاهدةِ بمعنى السفارة، وأمره بعدمِ الوصيةِ لأحدٍ يقومُ مقامه.
4 - إخباره بأنَّ بعضًا سيدَّعي النيابةَ الخاصةَ عنه زمن غيبته الكبرى، وأمره بتكذيبه قبلَ وقوعِ الصيحةِ وخروج السفياني.
فقد روي عن أَبُي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ اَلمُكَتِّبُ، قَالَ: كُنْتُ بِمَدِينَةِ اَلسَّلَامِ فِي اَلسَّنَةِ اَلَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلسَّمُرِيُّ (رضوان الله عليه)، فَحَضَرْتُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ، فَأَخْرَجَ إِلَىٰ اَلنَّاسِ تَوْقِيعاً نُسْخَتُهُ:
«بِسْمِ اَلله اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلسَّمُرِيَّ، أَعْظَمَ اَللهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَاجْمَعْ أَمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَىٰ أَحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ اَلْغَيْبَةُ اَلتَّامَّةُ، فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اَلله تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ اَلْأَمَدِ، وَقَسْوَةِ اَلْقُلُوبِ، وَاِمْتِلَاءِ اَلْأَرْضِ جَوْراً. وَسَيَأْتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي اَلمُشَاهَدَةَ، أَلَا فَمَنِ اِدَّعَىٰ اَلمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ اَلسُّفْيَانِيِّ وَاَلصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ».
قَالَ: فَنَسَخْنَا هَذَا اَلتَّوْقِيعَ، وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلسَّادِسُ عُدْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: لِله أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، وَقَضَىٰ، فَهَذَا آخِرُ كَلَامٍ سُمِعَ مِنْهُ (رَضِيَ اَللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat