صفحة الكاتب : عدنان عبد الله عدنان

مع سماحة السيد كمال الحيدري في مشروعه من اسلام الحديث الى اسلام القرآن ( 2 )
عدنان عبد الله عدنان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إضاءة:

في شهر رمضان المبارك لسنة 1434هـ (2013م)، أطل سماحة السيد كمال الحيدري، عبر شاشة قناة الكوثر الفضائية، في لقاءات عديدة، متحدثا عن مشروع قال عنه بانه يهدف الى تصحيح عقائد الفكر الشيعي، (أو: قراءة اخرى لها)، وقد تناول ذلك تحت عنوان: " من إسلام الحديث الى اسلام القرآن"، ولابد لي من البيان أولا، بان سماحة السيد، قد عنى بـ"الاسلام"، و "القرآن"، معناهما الاصطلاحي المعهود والمعروف لدى كافة المسلمين، وأما لفظ "الحديث"، فلم يعن به خصوص ما نقل الينا من قول المعصوم فحسب، بل عنى به ما يرادف السنة، ليشمل به كل ما نقل الينا من قول المعصوم وفعله وتقريره، وهو خلاف الاصطلاح، ولكن الامر هين، خصوصا مع احتمال ان سماحته اراد ان يحاكي جورج طرابيشي في عنوان كتابه..
ولا بد لي أيضا من التأكيد، على ان سماحته لم يقصد من مفردة السنة (أو: الحديث)؛ السنة الواقعية، وانما يقصد السنة المنقولة الينا عبر الرواة، والتي قد يعبر عنها بـ"السنة المحكية" أيضا.
وسوف احاول ان اناقش ـ بايجاز ـ بعض ما ذكره سماحته في هذه الحلقات.
 
ملخص الحلقة الثانية:
تحدث سماحة السيد الحيدري، في هذه الحلقة، حول عدة عناوين أو محاور، سأتناول ما يهمنا منها، وهي أربعة:
1 ـ ففي بداية هذه الحلقة، أكد سماحته ما كان قد ذكره في الحلقة الاولى، من انه يرفض رفضا قاطعا، الاتجاهين اللذين ذكرهما هناك، بشأن كيفية التعاطي مع القرآن الكريم.
2 ـ ثم نقل سماحته، عن كتاب: "اختيار معرفة الرجال" للشيخ الطوسي، ما رواه الامام الباقر (ع) من قول سلمان المحمدي (الفارسي)، بشأن ميل الناس للهروب من القرآن الى الحديث، طلبا للتوسعة.
3 ـ ثم ذكر بعض مصاديق الهروب من القرآن الكريم، لدى الشيعة، ناقدا وناقما.
4 ـ ثم تحدث سماحته عن الاقصاء الذي يمارسه المراجع، ضد آخرين، وعن القداسة التي يحيطون بها مواقعهم، لئلا ينالهم النقد، مدعيا بانهم يقولون ان الامام الحجة عليه السلام، هو الذي يعينهم في تلك المواقع.
وقد تحدث حول هذه النقطة، انطلاقا من حديثه عما تعرض له الامام علي [وهو باب مدينة علم النبي (ص)]، وأهل البيت (ع) من مظالم وحصار واقصاء، بعد رحيل النبي (ص)، ما أدى الى حصول فراغ كبير في المعارف الدينية في كل المجالات، فبرزت الحاجة الى ملء ذلك الفراغ بتشجيع التحديث، ووضع الاحاديث، ما فسح المجال للتحريف والدس والاختراق والوضع، خصوصا في عهد معاوية، الذي أنشأ جهازا خاصا من الصحابة والتابعين للقيام بهذه المهمة، وأغدق عليهم الاموال.
وقد تطرق سماحته الى امور اخرى، لست بصدد مناقشتها، إما لعدم الاشكال فيها، واما لانه ذكرها استطراداً.
وسأتناول هذه العناوين الأربعة تباعا، ذاكرا بعض عبارات سماحته التي ساناقشها.
 
وهذا هو رابط الحلقة:
 
http://www.youtube.com/watch?v=K4MIKuYzZHA
 
أولا: حول كيفية التعاطي مع القرآن:
رفض سماحته رفضا قاطعا، اتجاه الاخباريين وأهل الحديث، الذين قال عنهم بانهم اسقطوا القرآن عن الاعتبار، مطلقا، وعزلوه عن عملية الاستدلال على المعارف الدينية واستنباطها، كما ان سماحته رفض الاتجاه الاصولي في التعاطي مع القرآن أيضا، وذلك لأنه ـ حسب رأيه ـ لم يزد على اتجاه الإخباريين، الا باعطاء صبغة [قرآنية] للبحث الروائي، إذ انه لم يدخل البحث القرآني الى عمق عملية الاستدلال والاستنباط، وانما اكتفى به في حالة تعارض الاحاديث، فيرجع الى القرآن من أجل الترجيح بينها، ليس الا.
ثم أشار سماحته، الى ان الحالة العامة للعقل الاصولي الشيعي، المتكون منذ زمن الشيخ الانصاري، وإن كان اصوليا وعقليا في الفروع، ولكنه على مستوى الفقه الاكبر والعقائد، فانه إخباري، إذ ان المدار عنده على الرواية وليس على القرآن !!!.
 
المناقشة:
أما بالنسبة للاخباريين، فانهم لا يقولون بعدم حجية القرآن، كما قد يوهم كلام سماحة السيد الحيدري، وانما يقولون بعدم حجية فهم غير المعصوم للقرآن، لأنه غير مخاطب به، فمشكلتهم تكمن في حجية فهمهم هم للقرآن، وليس في حجية القرآن وحجية مراده، فيما لو علموا به، ولذا فانهم حينما يطمأنون الى مراده، من خلال ما يرون صحته من كلام المعصوم المفسر له، فانهم لا يترددون أبدا في تقديمه ـ في حال التعارض المستقر ـ على الحديث مطلقا.
وأما بالنسبة للاصوليين، فقد ذكرنا في الحلقة الاولى، بان نسبة هذا الكلام اليهم، ليس دقيقا، وقد ذكرنا هناك عدة موارد من كلام الامام الخوئي (قده)، تثبت بان الامام الخوئي (قده) يجعل الاولوية والمحورية للقرآن الكريم، وانه يأخذ بنظر الاعتبار عدم مخالفة الحديث للقرآن، قبل مرحلة تعارض الاحاديث، وانه (قده) يدخل البحث القرآني الى عمق عملية الاستدلال، ولم يحصر دور القرآن في حالة تعارض الاحاديث فقط، فالمسألة عنده، ليست مسألة "صبغة" فقط، وإنما هي منهج يقوم على أساس ان كل ما خالف القرآن من الاحاديث فهو زخرف وباطل، حتى وإن كان صحيحا في نفسه، ولم يعارضه حديث آخر.
وهنا اود أن أتقدم الى سماحة السيد الحيدري، بسؤال بسيط، فأسأله فيما اذا كان بامكانه، ان يأتينا ولو بمورد واحد، خالف فيه السيد الخوئي (أو غيره من الاصوليين)، القرآن الكريم، بناءا على رواية أو حديث، مع استقرار التعارض بين القرآن وذلك الحديث.
فلو كان منهج الامام (قده)، هو عدم محورية القرآن، كما يقول سماحة السيد، لاصبحت موارد مخالفته للقرآن الكريم ليست بعزيزة، وقد ألف العشرات من الكتب، وألقى آلاف الدروس.
أما بالنسبة، لقول سماحته، ان الاصوليين، ليسوا عقليين في العقائد، بل إخباريين، وان مدارهم في ذلك على الرواية، وليس على القرآن، فهو ـ على اطلاقه ـ كلام غير صحيح جزما، وذلك لان الركون الى النقل ـ قرآنا كان أم سنة ـ في باب العقائد، سوف يؤول الى عدم ثبوت شيء من العقائد رأسا، كما هو واضح.
نعم، في بعض التفصيلات العقدية، لا بد من الرجوع الى النقل.
ولما كان كلام سماحته، مجملا وعاما في هذه النقطة، إذ لم يذكر ولو مثالا واحدا على مدعاه، فان مناقشته تكون غير ممكنة.
 
ثانيا: حول كتاب اختيار معرفة الرجال:
في سياق حديثه عن التحديث والوضع، قرأ سماحته، رواية وردت في كتاب " أختيار معرفة الرجال"، للشيخ الطوسي / ج1ص71، وهي: "...عن العلاء عن محمد بن حكيم، قال ذكرعند أبي جعفر عليه السلام سلمان، فقال: ذلك سلمان المحمدي، ان سلمان منا أهل البيت، انه كان يقول للناس: هربتم من القرآن إلى الأحاديث، وجدتم كتابا رقيقا [دقيقا] حوسبتم فيه على النقير والقطمير والفتيل وحبة خردل، فضاق ذلك عليكم وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم ."
وفي معرض تعقيب سماحته على الرواية، تساءل، مستغربا ومستنكرا: هل يمكن ان يهرب أحد من كلام الخالق الى كلام المخلوق، حتى لو كان ذلك المخلوق هو رسول الله (ص)؟ّّ!!
 
المناقشة:
انني لست بصدد مناقشة مدى إعتبار كتاب اختيار معرفة الرجال، أو مدى صحة الرواية، أو صحة سندها، ولكنني اقول ان سماحة السيد، قبل ان يقرأ الرواية، قال عن الكتاب: " كم هو معتبر، أو غير معتبر، فله بحثه في الموضع المناسب.".
فالسيد، لم يقل بان الكتاب معتبر عندي، وعمد الى ترك الامر عائما. وعلى الرغم من ان سماحته يكرر في مثل هذه الموارد، قوله: "العرش ثم النقش"، نراه هنا "ينقش"، قبل ان يشيد "العرش"، وكأنّ سماحته، ينتقي ما يناسبه من الروايات، أينما وجدها، دون أن يعتني بمدى إعتبار الكتاب الذي يحتوي عليها، وأما إذا وجد بعض الروايات التي لا تناسب رؤيته، في كتاب ما، فانه ربما لا يكتفي برد تلك الروايات فقط، وانما قد يحاول رد الكتاب كله، كما حاول ذلك ـ في بعض حلقات برنامجه هذا ـ بخصوص كتاب سليم، على الرغم من ان القائلين بنسبته الى سليم أقوى حجة وأشهر قولا.
ومثل هذا المنهج، إضافة الى كونه ليس علميا، فانه لا يفضي الى حل معضلة، ولا يؤدي الى إصلاح عيب، ولا يكون قادرا على بناء منظومة فكرية متينة ومتماسكة، كما يروم سماحة السيد ذلك.
أما ما صدمني حقا، فهو تساؤله: هل يمكن ان يُهرب من كلام الخالق الى كلام المخلوق، حتى لو كان ذلك المخلوق هو الرسول الأعظم (ص) ؟؟!!
إذ لا أدري كيف سمح سماحته لنفسه، ان يتفوه بمثل هذه العبارة، ولا أدري إذا كان سماحته يتصور، بان مثل هذا القول أهون عقديا من القول بسهو النبي، او نومه عن الصلاة، الذي طالما شن الهجوم العنيف عليه وعلى قائليه، بأدنى مناسبة.
فإذا كان الهروب من القرآن الى الحديث، لا يتحقق إلا في حالة مخالفة الحديث للقرآن، فانني لا أدري، كيف استطاع سماحته ان يسوغ صدور ما يخالف القرآن الكريم، من رسول الله (ص)، ليجد الناس فيه سعة ـ كما في قول سلمان ـ فيهربوا من القرآن اليه.
والاعتذار عن ذلك بان فرض المحال ليس بمحال، غير مقبول هنا، كما انه لا مجال لسماحته، ان يقول هنا، بانه كان يعني الرواية المحكية، وذلك لأن عبارته تدل بوضوح على ان كلامه كان في ما هو يقيني الصدور والدلالة، من الاحاديث.
 
ثالثا: حول مصاديق الهروب من القرآن
وفي معرض استعراضه، لبعض موارد الهروب من القرآن الى الحديث، قال سماحته: فالقرآن يقول "من يعمل سوءا يجز به"، ولكنه عندما نأتي الى الحديث، نجده يقول "حب علي حسنة لا تضر معها سيئة"، يعني: افعل ما تشاء .. فاحبب عليا وانتهت القضية .. طبّر ليلة العاشر من المحرم الحرام، واغسل كل ذنوبك .. وامشِ للحسين، وافعل ما تشاء في باقي أيام السنة.... وهذا مخالف للمنطق القرآني.
 
المناقشة:
من الواضح هنا ان سماحة السيد، يرد نفس الرواية، وليس تفسيرها، وهو ـ من حيث المبدأ ـ حق لكل مجتهد، وفق ضوابطه الاجتهادية في ذلك، أما السخرية فلا.
غير انني سمعت، أحد المتصلين بالبرنامج، في بعض الحلقات المتأخرة عن هذه الحلقة من حلقات هذا البرنامج، قد عاتب سماحة السيد على ما اعتبره سخرية منه بهذه الرواية، حينما ذكرها في هذه الحلقة، فأجاب سماحته، بانه لم يسخر من الرواية، وانما سخر من تفسيرها.
فسماحته، لم ينكر أصل السخرية، وانما أنكر كونها سخرية من الرواية.
ولكن الاتيان بالرواية، في سياق موضوع حديثه، يدل على انه بصدد ردها، لمخالفتها للقرآن، والا لما استقام ذكره لها في هذا الموضع، ولكان ذكرها يعد خروجا عن الموضوع، ومع رده للرواية، فالسخرية ـ التي اعترف بها ـ لا تكون الا منها، وليس من تفسيرها، وذلك لأن سقوطها عن الاعتبار يعني سقوطا لمعناها، ولا معنى للسخرية من معناها، مع سقوطه بسقوط اعتبار الرواية.
 
كما انه لو كان قاصدا السخرية من التفسير، على الرغم من انه يبقى غير لائق، لكان ذلك مؤشرا على اعتباره للرواية، وكان عليه ـ حينئذ ـ ان يأتي بتفسير آخر مقبول لديه، ولكنه لم يفعل، وبما انه لم يفعل، فهو إذن كان يقصد السخرية من الرواية نفسها، وليس من تفسيرها.
ومع ذلك، فسأترك الحكم في هذه النقطة، الى القارئ الكريم، بعد ان يرجع الى هذه الحلقة، ليشاهد ويسمع كلام سماحته بنفسه، وهو يبدأ عند الدقيقة العشرين تقريبا من الحلقة الثانية.
 
رابعا: حول دعوى تعيين المراجع من قبل الامام الحجة (ع)
وعندما تطرق سماحته، الى ما حصل من إقصاء لأهل البيت (ع)، عن مواقعهم التي وضعهم الله فيها، عرّج الى ما يُمارَس من إقصاء في أيامنا هذه، فقال ضمن ما قال: لا فرق ان يكون الاقصاء سياسيا أو فكريا أو دينيا أو مرجعيا، ومن أجل إضفاء قدسية على الكيان، لا بد من الاستناد الى شيء ما، ولذا فان السياسي يقول ان الشعب انتخبني، ويقول المرجع: ان الامام الحجة بن الحسن (ع) هو الذي عينني .. وحينئذ من يستطيع ان يتكلم أو يعترض على تعيين الامام؟؟!!
ثم راح يصرخ: "ان هذه النظرية اصولها اموية.. اصولها اموية.. اصولها اموية"
ثم اضاف، انهم يفعلون ذلك، من أجل ان يقطعوا الطريق على أي نقد على المرجع، في حين ان التاريخ يقول بان كبار أصحاب أمير المؤمنين والامام الحسن عليهما السلام، قد دخلوا على الامام الحسن (ع)، واعترضوا عليه وقالوا له ما قالوا.
ثم قال، واتحداكم ان تقدموا الدليل على ان الامام الحجة يتدخل في تعيين المرجع.
وقال، صحيح ان المرجع قد يكون مؤهلا، ولكن من الصحيح أيضا ان الاعلام والمال قد يخلق المرجع.
 
المناقشة:
ان سماحة السيد ينسب الى المرجع ـ واللام هنا للجنس ـ قوله أن الامام الحجة هو الذي عينه كمرجع، ثم يتحداهم ان يقدموا دليلا على ذلك.
ولكن، على سماحة السيد ان يقدم هو الدليل على ان المراجع يقولون ان الامام عليه السلام قد عينهم كمراجع الى الامة، قبل أن يطالبهم بالدليل على اثبات ذلك، إذ لم يُعرف عن مرجع انه قال ذلك، فهذه كتبهم متاحة للجميع، واستخراج مثل هذه العبارة من مظانها ليس صعبا لأمثال سماحته.
ولا شك ان سماحته، يعلم ان أساس أدلة التقليد (أو: الرجوع الى المجتهد)، دليل عقلي، لا نقلي، فمن أين يأتي ادعاؤهم التعيين من قبل الامام الحجة (ع)، مع كون الدليل الذي يعتمدونه في الرجوع اليهم ليس نقليا؟
ومع وجود الدليل النقلي التام، فانه لا يعدو ان يكون ارشاديا.
وقد فات سماحة السيد، ان رد الروايات التي يعنيها بكلامه، سوف لا يؤثر على المراجع بعنوان انهم مراجع، وانما يؤثر عليهم بعنوان انهم اولياء، وبالتالي فهو يؤثر فقط على اولئك القائلين بولاية الفقيه من المراجع، فما يرتبط بالتعيين ويحتاج الى الروايات هي مسألة الولاية، لا المرجعية، التي هي بمعنى رجوع غير المختص الى المختص.
ومع رد تلك الروايات، باعتبارها اموية اموية اموية، هل يلتزم سماحته ـ وعلى غرار تعليله لما نسبه الى المراجع في مسألة تعيينهم من قبل الامام الحجة (ع) ـ بان القائلين بولاية الفقيه من المراجع، انما لفقوا تلك الادلة من أجل اضفاء القدسية على انفسهم، والتسلط على رقاب الناس، والتحكم بثرواتهم ومصائرهم، والتمترس بالحصانة ؟؟!!
كما انني لم اسمع ان احدا من المراجع ادعى لنفسه القدسية، فلا قدسية الا للمعصوم، ولكن عدم القدسية لا يمكن ان تكون ذريعة لعدم التوقير والاحترام، حتى لو كانوا من عموم المؤمنين، لتباح الاساءة اليهم، والافتراء عليهم، وتوهينهم.
وما تفضل به سماحته من تعليل، بشأن ادعائهم لتعيينهم ـ كمراجع ـ من قبل الامام عليه السلام، لا يخلو من كل ذلك
هذا كله، فيما اذا كان سماحة السيد بصدد الرد على المراجع والمجتهدين، وأما اذا كان بصدد الرد على غير المجتهدين، فهو شأنه، ولكن لا تصح نسبة الدعوى الى المراجع حينئذ.
ومن الغريب حقا، ان يذكر سماحته، ما تعرض له الامام الحسن عليه السلام، من غلظة ووقاحة من قبل بعض اصحابه واصحاب أبيه عليهما السلام، كدليل على جواز النقد (أو: نقد المراجع)، دون ان تمنعه قدسية الامام، وكونه إنسانا كاملا، من "استنباط" ذلك الجواز من تلك الواقعة، ليقوم بتسريته الى المراجع، وكأنّ سماحته لا يرى في ذلك اي تعارض مع إمامتهم أو خدش لقدسيتهم عليهم السلام، ولا يعتبر ان موقفهم من الامام (ع)، كان موقفا سيئا ومحرما، بل هو من أشد الكبائر واقبحها.
ويكأنّ سماحته مستعد لأن يتصرف مع الامام عليه السلام، كما تصرف اولئك النفر، فيما لو اتيح له ذلك !!
والنقاش هنا ليس في مسألة جواز النقد ضمن ضوابطه الشرعية، فهو مما لا إشكل في جوازه، بل هو مطلوب وضروري، ولكن الاشكال في الاستدلال على ذلك، بتلك الواقعة، وكأنها مما يجوز التعامل بمثله مع المعصوم، ومما يصلح للاستدلال به لإثبات جواز مثل تلك الافعال في حق غيرهم بالاولوية.
والاعتذار عنهم، بافتراض انهم لم يكونوا مؤمنين بعصمة الائمة عليهم السلام، وقتذاك، لا يرفع الحرمة الواقعية للتصرف، التي تمنع الاستدلال بالواقعة.
 
أما قوله، بان المال والاعلام قد يخلق مراجع، فهو ينطبق على غير مراجع الطائفة الحقيقيين الذين نعرفهم، وهو أكثر انطباقا على سماحته، حيث أتاح له الاعلام الكثير من فرص الظهور والشهرة، أما مراجعنا الذين نعرفهم، فقد أصبحوا مراجع ضمن الآليات والطرق التقليدية المعهودة، ولم نعهد من أحد منهم انه عشق الاضواء، أو اشتهى الظهور على أي وسيلة من وسائل الاعلام.
وأما الشياع، فهو ليس من الاعلام، الذي يعنيه سماحة السيد، في شيء، والا لكان التواتر من الاعلام، ولكانت الشهرة (رواية أو فتوى)، من الاعلام (المذموم)، وستأتي مناقشة هذا الامر بشيء من التفصيل، في موضعه المناسب من هذه الحلقات، إن شاء الله تعالى.
 
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان عبد الله عدنان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/09



كتابة تعليق لموضوع : مع سماحة السيد كمال الحيدري في مشروعه من اسلام الحديث الى اسلام القرآن ( 2 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net